رافقت الجمهورية طيلة يومين كاملين مراقبين معتمدين ومحلفين تابعين للوكالة الولائية للضمان الاجتماعي بتيارت للتقرب أكثر من عمل هؤلاء الموظفين الذين يسهرون على متابعة كل المخالفين للقوانين المعمول بها في إطار عدم تصريح العمال ومن فئات مختلفة من قبل العديد من أرباب العمل وأصحاب الشركات الخاصة أو حتى المقاولات والذين يرفضون أن يتقدموا لوكالة الضمان الاجتماعي والتصريح بعمالهم حفاظا على حقوقهم التي تكفلها الدولة. فالضمان الاجتماعي بالجزائر حسب ما فهمناه من إطارات الوكالة المعروفة بالكناس يعد من أفضل الأنظمة المعمول بها في الوطن العربي فهي الدولة الوحيدة التي أولت اهتماما كبيرا بالضمان الاجتماعي ومن التشريعات والقوانين التي تصب في صالح العامل وحتى من الطبقة البسيطة من خلال الاجراءات الجديدة التي اتخذتها مؤخرا وزارة العمل والضمان الاجتماعي. موظفون يهددون مفتشي العمل البداية كانت نحو دائرة قصر الشلالة على بعد 150 كلم عن عاصمة الولاية رفقة السيدة بلحسين ميمونة ومفتشي العمل فالمهمة كانت صعبة للغاية فبعد ساعة من الزمن توجهنا إلى إحدى المقاولات المختصة في بناء سكنات فقابلنا العمال بكثير من الغضب بعد أن أطلعتهم السيدة بلحسين ميمونة عن مهمتها الرسمية ووصل الحد بهم إلى التهديد والوعيد في حال إن لم نغادر المكان إلا أن المراقبة المعتمدة لم تبد أي قلق جراء ما سمعناه بل حاولت وفي هدوء أن توضح للعمال مدى أهمية حصولهم على الضمان الاجتماعي الذي يحمي حقوقهم المشروعة من قبل رب العمل لكن لم تجد آذانا صاغية ليقوم مجموعة من العمال بتهديدنا وغادرنا المكان مرغمين على ذلك وقد أوضحت المراقبة المعتمدة لدى الضمان الاجتماعي أن العديد من أرباب العمل يضغطون على العمال بطريقة أو بأخرى لتفادي أية عمليات مراقبة من قبل الضمان الاجتماعي أي بمعنى أن الطبقة الشغيلة من البنائين أو كل ما له علاقة بإنجاز السكنات أغلبيتهم مضطرون للعمل وبأجر لا يتجاوز أحيانا 10 آلاف دج وفي أكثر تقدير 18 ألف دج لكن العامل داخل ورشة البناء يفضل أن يتقاضى في اليوم الواحد 1500دج وبهذا يستغني عن أجرته الشهرية ولا يفكر في الحصول على الضمان الاجتماعي بل كسب لقمة العيش وما يصاحبه من ضغوط لا تتوقف من قبل رب العمل لكن تبقى مصالح الضمان الاجتماعي بالمرصاد لهؤلاء فعمل المراقبين لا يتوقف عند هذا الحد وهو متواصل . **عمال بمحطات البنزين غير مؤّمنين منذ 1994 وقد أوضحت محدثتنا أنها يوميا وبرفقة مفتشي العمل يتلقون الكثير من الصعوبات خلال خرجاتهم الميدانية فالمشكل الآن الواقع تحديدا يكون خارج عاصمة الولاية أي بمعنى بباقي البلديات والدوائر فالعديد من أرباب العمل وأصحاب المؤسسات تظهر عندهم الكثير من التجاوزات فهم دائما يفكرون أن المراقبين التابعين للضمان الاجتماعي لا يمكن أن يصلوا إليهم على غرار مركز الولاية حيث تكثر عمليات المراقبة فيما أكدت أن بعض العمال بهذه المناطق يفضلون الاتصال بهم خوفا من فصلهم عن العمل . وبعدها توجهنا إلى إحدى محطات البنزين فتفاجأنا أن هناك عمالا لم يستفيدوا من الضمان الاجتماعي منذ 1994 والقانون يجبر على المراقب التدخل للنظر في ملفاتهم إلا في فترة 4 سنوات فقط فقد أوضحت في هذا الإطار أن محطات البنزين والمقاولين والنجارين هم أكثر من يتجاوزون القانون ولا يصرحون بعمالهم لدى الضمان الاجتماعي فيما هناك بعض الأعمال الحرة كالأطباء الخواص هم كذلك معنيون بهذا التجاوز الفاضح. وخلال عودتنا من قصر الشلالة كانت لنا دردشة مع إطارات الضمان الاجتماعي والمفتشين للعمل الذين تحدثوا عن قصص غريبة ففي إحدى المرات اضطروا للهرب بعد أن قام عمال لإحدى ورشات البناء بإحدى البلديات بتهديدهم بواسطة الكلاب فيما قامت طبيبة خاصة بغلق الباب في وجه المفتشين كما أن أحد أرباب العمل قابلهم بالسب والشتم لكن هل في هذه الحالات هم مضطرون لإيداع شكوى فأجابت مرافقتنا السيدة بلحسين ميمونة أنه تلجأ في أقصى الضرورة إلى مصالح الأمن للإبلاغ عن أي تهديد خطير فالخبرة المكتسبة طيلة سنوات في هذا المجال الشائك تلزم المراقب المعتمد والمحلف أن يتعامل برزانة وحكمة مع مختلف الحالات فالمهمة تقتضي التدخل وإقناع العمال وبما في ذلك رب العمل وبقوة القانون أن يصرح عدد العمال المدمجين في البناء والسكن حسب مدة المشروع أو التجار وأصحاب المؤسسات الخاصة. 100 مواطن يستفسرون يوميا عن بطاقة الضمان وبالمقابل أيضا يقوم يوميا على مستوى تيارت المراقبين المعتمدين بأكثر من 10 عمليات مراقبة لمختلف النشاطات التجارية وتحرير 20 تقريرا في الشهر لأرباب العمل بعد أن يودعوا ملفاتهم لدى وكالة الضمان الاجتماعي بتيارت للتصريح بعمالهم وهذا أيضا عمل شاق يتطلب الدقة في الأرقام. وخلال اليوم الثاني رافقنا كلا من المراقبة المعتمدة عدة فريدة وشاذلي خالد في مهمة أخرى حول مدى تجاوب أصحاب الأعمال الحرة وحتى البسيطة منها حول الانتساب الطوعي الذي باشرته الوزارة الوصية وتطبقه حاليا كل وكالات الضمان الاجتماعي عبر الوطن والقاضي بانتساب أي تاجر لدى الضمان الاجتماعي مقابل دفع اشتراك يقدر ب6 آلاف دج خلال 3 أشهر وبهذا يستفيد من خدمات الضمان الاجتماعي حيث توجهنا إلى السوق اليومي بحي المنظر الجميل وتقربنا من أبسط مهنة الإسكافي أين وجدنا تجاوبا كبيرا من قبل أصحاب هذا العمل وإن يبدو بسيطا إلا أنه شاق للغاية والمهمة الموكلة لدى المراقبين أخذ المعلومات المتعلقة بالتاجر ثم تحديد موعد لاحق بمقر الوكالة ونشير فقط أنه يوميا يتقدم لدى الوكالة أكثر من 100 مواطن للاستفسار عن كيفية الحصول على بطاقة الضمان الاجتماعي من خلال إنشاء خلية الإصغاء التي تتكفل بذلك فالنتيجة وبفضل الترويج لها أتت بأكلها وسط مختلف المهن وقد أوضح إسكافي أن الأدوية التي يقتنيها باهظة لكن مع هذا الإجراء الجديد يمكن له أن يتخلص من أعباء المصاريف التي أثقلت كاهله مشيرا أن الدولة وضعت تسهيلات أكثر حتى للبطالين يمكن لهم أن يستفيدوا من الضمان الاجتماعي. 38 مؤسسة مطالبة بالتسوية وخلال مهمتنا استوقفتنا السيدة عدة فريدة لتتحدث عن عمل المراقبين الذي ترى فيه الجهود الكبيرة والتوفيق بين الأسرة وعملها الميداني الذي هو بمثابة وسيلة لإنقاذ العمال وإجبار رب العمل على الرضوخ للقوانين المعمول بها فلا يعقل أن يتحايل بعدم دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لعماله أو عدم التصريح بالأجر المعمول به حاليا فالقوانين السارية المفعول أعطت لهم كل التسهيلات وفي حال عدم الالتزام بها تطبق عليه عقوبات صارمة فعمل المراقبين هو بمثابة حماية مباشرة للعمال والمغلوب على أمرهم. وتشير الأرقام الرسمية أن بتيارت 5234 من أرباب العمل أي من أصحاب المؤسسات ومختلف الإدارات وعدد العمال الأجراء يقدر ب268.677 ألف أجير وخلال 2015 تم إنجاز 588 مراقبة من بينها 264 عملية في إطار اللجان المختلطة من صندوق التأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء ومفتشية العمل وسجل خلال نفس الفترة 984 مخالفة من بينها 145 تخص عدم التصريح بالنشاط و369 عدم التصريح بالأجراء. وقد وصل عدد طلبات الجدولة في قانون المالية التكميلي لسنة 2015 حسب المادة 58 ب55 طلب الجدولة الممنوحة ووصل إلغاء زيادات وعقوبات التأخير ل1780 من أرباب العمل المعنيين بها كما أن عدد أرباب العمل قدر ب38 والذين هم مطالبون بتسوية وضعية العمال الأجراء ء والمقدر عددهم ب178 عامل أجير مع تمديد المدة إلى غاية 22 سبتمبر المقبل وفي حال رفضهم أي أرباب العمل تسلط عليهم عقوبة السجن تصل من شهرين إلى 6 أشهر وغرامة مالية تقدر ب10 ملايين سنتيم تحت طائلة عدم الإبلاغ عن العامل.