يصادف الفاتح جوان عادة يوما مشمسا يناسب الجولات النزهات لصالح عشرات الأطفال من الأولياء أصحاب الدخل الجيد بولاية أدرار، الذين التحقوا رفقة أوليائهم بالمدن الساحلية للراحة والاستجمام بعيدا عن حرارة أدرار. يلتزم الطفل في المناطق الريفية ببساطة أوليائه، حتى أنه يواصل اللعب بقارورات ماء فارغة بدل كرة قدم حقيقية وفي حقائبه المثقلة بالأدوات المدرسية وهو يحلم بالخروج من عزلته في صمت إلى مكان فسيح وبعيد فيه كل ما يرغب. لا يسمع لصدى الاحتفالات دوي هنا في قصور ولاية ادرار. حيث أنه أضحى من الضروري تسليط الضوء على هذه الشريحة التي تحتاج بولاية ادرار حسب الأخصائيين إلى استراتيجية واضحة المعالم لحماية هذه الفئة من ظواهر جديدة طفت مؤخرا على سطح المجتمع، كتفشي ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، الاختطاف والاحتجاز، ناهيك عن انتشار عمالة الأطفال والإدمان على المخدرات في أوساط الأطفال وحتى الانتحار، والتسول وكذلك هروب عدة أطفال ومراهقين سنويا من عائلاتهم ليتخذوا من الشوارع مأوى لهم. كما تشير الإحصائيات إلى وجود عدة أطفال يستغلون في سوق الشغل، فيما يرتفع العدد مع حلول فصل الصيف، حيث يكثر عدد الباعة من الأطفال في الشوارع ، تدفعهم الظروف الاجتماعية إلى المتاجرة ، كبيع المطلوع والأكياس البلاستيكية وغيرها مقابل الحصول على مبلغ زهيد. تفكك أسري فقر وإهمال... ناهيك عن ارتفاع ظاهرة التسرب المدرسي التي تكشف عن تسرب 50 بالمائة من مجموع تلاميذ السنة الرابعة متوسط سنويا. وانتشرت بمدن الولاية خلال السنوات الأخيرة ظاهرة غريبة عن المجتمع التواتي ، وهي ظاهرة استغلال الأطفال في التسول، فهؤلاء الأطفال يتعرضون إلى انتهاك حقوقهم ، و مثل هذه الظواهر تؤدي بالطفل إلى تدهور الجانب النفسي والسلوكي لديه فضلا عن تعرضه إلى المخاطر والأمراض.ويعيش آلاف الأطفال بالقصور والمناطق النائية معاناة حقيقية، بسبب استفحال مظاهر التفكك العائلي والفقر والإهمال، بحيث تفتقر كل بلديات الولاية، لمرافق الترفيه والتسلية حتى تلك الموجودة بعاصمة الولاية غير كافية لتلبية رغبات كافة أطفال ادرار، ولا يجد هؤلاء سوى اللعب في الشوارع والتزحلق على كثبان الرمال والبحث في النفايات المتراكمة أو العمل في ظروف سيئة. كما يحرم عشرات الأطفال من الدراسة بسبب عدم تسجيلهم في سجلات الحالة المدنية، ويتعلق الأمر ببعض أبناء عائلات قبائل التوارق بحي بني وسكت بادرار والمناطق الحدودية بتيمياوين وبرج باجي مختار وبعض أبناء قصور شمال ولاية ادرار، رغم جهود اللجنة الولائية الاستشارية للحالة المدنية.ويشكل أطفال البدو الرحل الفئة الأكثر من الأطفال غير المتمدرسين بولاية ادرار، ضمن مرحلة التعليم الإلزامي بين 6 و 16 سنة ، حسبما علم من مسؤولي مديرية التربية بالولاية. وتسعى المديرية الوصية من خلال كافة التدابير التي اتخذتها من أجل إدماج هذه الشريحة التي تخص أكثر من 2.960 طفل في مسار التمدرس بشتى الآليات. وقال الأمين العام لمديرية التربية السيد محمد حروز، أن أغلب هذه الفئة تتمثل في الأطفال الذين لايحوزون على وثائق، نتيجة عدم تسجيلهم في الحالة المدنية لظروف خاصة. وأوضح أن أسباب هذه الظاهرة التي تنتشر لدى البدو الرحل، تعود بالأساس إلى تنقل الأطفال مع أبائهم لممارسة نشاط الرعي في البادية ، مما يتسبب في عدم التحاقهم بمقاعد الدراسة أو مغادرتها بعد انطلاق الموسم الدراسي، وبالرغم من ذلك يتابع المتحدث، فإن المديرية الوصية تمنح فرصة لتمدرس هؤلاء الأطفال من خلال منح رخص التمدرس للأطفال غير المسجلين بالحالة المدنية ، خاصة أولئك القاطنين بالقرب من المؤسسات التربوية، إلى جانب إعادة استقبال الأطفال المغادرين بسبب تلك الظروف المعيشية في حال عودة التحاقهم بمقاعد الدراسة قبل أن يتجاوزوا سن 16 سنة . وبشأن هذه الظاهرة ، ثمن رئيس الفيدرالية الولائية لجمعيات أولياء التلاميذ بادرار عبد الرحمان الضب، الجهود المبذولة من طرف المديرية الوصية لتمكين الأطفال من الاستفادة من التمدرس خاصة في مرحلة التعليم الإلزامي، والتي عززها الوعي المتنامي للأولياء بأهمية تمدرس أبنائهم . وأضاف الضب، ان الفيدرالية على تواصل وتنسيق دائم مع مسؤولي القطاع و تم عقد العديد من اللقاءات والندوات التحسيسية مع الأولياء .وقد لفتتنا مشاهد وجود عشرات الأطفال المهاجرين الأفارقة ، في مختلف شوارع وأزقة وساحات عمومية مختلفة لعاصمة الولاية وتيميمون ورقان وغيرها من مدن وحتى قصور الولاية ، و بعض الأطفال أتقنوا وبصعوبة اللغة العربية وحتى اللهجة المحلية من أجل التواصل مع من يستجدي منهم إحسانا ، والبعض الأخر فضل استعمال لغة الإشارة مع المارة. وعلى صعيد آخر، يستغل بعض سكان منطقة الصحراء ، مجموعة من الأطفال غير الشرعيين كشريحة من الخدم داخل المنازل ، حسب ما أكدته لنا مصادر موثوقة ، وأنهم يسخرونهم أيضا ، للمغتربين. وتنتشر هذه الظاهرة بولايات ، تمنراست ، تندوف ، وأدرار بشكل كبير ، إذ تستغلها شبكات المتاجرة بها واستغلال الأطفال غير الشرعيين من مختلف المناطق ، فهم لايجدون خيارا أمامهم سوى الرضوخ إليهم بالشروط التي يفرضونها عليهم . *3800 حصة للمخيمات الصيفية مقابل 80 ألف طفل ومن أهم شروطهم حسب ما علمه مصدرنا ، تطبيق كل ما يطلب منهم في أي وقت وعدم المطالبة براتب ، لان مجمل حقوقهم هي الأكل والشرب ما بين المبيت وتقديم كسوتي الشتاء والصيف أو التخلى عنهم ، ومن يختار حياة أخرى يكون مصيره العودة إلى الشارع ، وتستعمل الفتيات بشكل أكبر من الذكور للاستفادة أكثر من خدماتهن ، وأشارت نفس المصادر أنهن يقمن بكل أنواع العمل دون استثناء ، من طبخ وشراء وتنظيف و أشياء أخرى ... ويبقى عدد الأطفال المسعفين في تزايد بالولاية حيث يصل عددهم إلى أزيد من 200 طفل منهم حوالي 170 طفل يستفيدون من المنحة وآخرين من إعانات أخرى ، فيما تتكفل الأسر بالعدد الباقي من بينهم12 عائلة من بلدية تيميمون حسب ممثلة مصلحة الشؤون الاجتماعية بذات الجماعة المحلية السيدة بحيري زوينه .هذه الظواهر دفعت الجمعيات المحلية المهتمة بحقوق الطفل والمراهق ، إلى دق ناقوس الخطر والالتفات بجدية إلى مشاكل جيل الغد وإلقاء الضوء على أوضاع الطفولة بولاية ادرار . وفي مجال المخيمات الصيفية تستفيد الولاية سنويا من حصص توجه للأطفال والشباب في إطار موسم الاصطياف، إلا أن عدد الحصص المخصصة للولاية قليل جدا مقارنة مع عدد أطفال الولاية . حيث استفادت ادرار في الصائفة الماضية من 3800 حصة للمخيمات الصيفية في حين يفوق عدد أطفال ادرار 80 ألف طفل حسب الإحصائيات. وتعتبر المخيمات الصيفية فرصة ومساحة للنشاط والمتعة ، والتي تعطي للطفل دفعة لإبراز الذات و اكتشاف اتجاهات الطفل الإبداعية في مثل هذه الدورات الصيفية. كما أصبح من الضروري فتح أبواب المؤسسات التعليمية خلال العطل ودعمها ببرامج وأنشطة ترفيهية ، يقضي بها الصغير فراغه بعيدا عن التسكع في الشوارع والفراغ . ونحن نحتفل بعيد الطفولة اليوم الأربعاء المصادف للفاتح جوان من كل عام . وبما أن عملية البناء الحقيقي تبدأ بنواة المجتمع وهي الأسرة أي المحيط الذي يحتضن الطفل و يرعاه ويوفر الحماية لهم ، إذن لابد من توفير كافة متطلبات الحياة الكريمة للأسرة لتستطيع تربية الأطفال والمساهمة في تنشئتهم تنشئة سليمة. وهي مسؤولية الجميع ، وليست منوطة بفرد دون الآخر.