ألسنا في حاجة إلى مؤتمر وطني أو دولي نعالج من خلاله إشكالية التعريب والفرنسة في التعليم عموما والتعليم العالي على وجه الخصوص؟ إذ نلاحظ من خلال تجربتنا في التعليم، تعليم طرق ونظريات الترجمة ومن خلال التعاطي مع الترجمة ممارسة منذ أكثر من ربع قرن، في ميدان الترجمة القانونية والإدارية والبيداغوجية ، أن من أساسيات التعريب العلمي الجيد، المعرفة العلمية الدقيقة والمعرفية اللغوية الدقيقة كذلك. فكثيرا ما قرأنا كتابا أو مقالا علميا لعالم متخصص في هذا الميدان أو ذاك، فنلمس ضعفا لغويا وأسلوبا مهلهلا وركيكا مما يؤثر سلبا على الكتاب أو المقال، فنجد العالم يتيه ويبتعد عن المعنى الذي يريد إيصاله إلى المتلقي. وضمن هذه الكتابات تدخل بعض الترجمات والكتابات التي يقوم بها أشخاص لا علاقة لهم بالعلم، أو غير علميين على حد تعبير بعض منظري الترجمة، ظانين أن امتلاك اللغة وحده كاف لترجمة نص علمي، وتضيع بعض دقائق معاني العلم الذي يكتبون أو يترجمون فيه، فتصبح كتاباتهم ضعيفة وضحلة في مضامينها العلمية أولا، فالقاعدة الأولى للنقل العلمي هو النظر وبدقة علمية إلى المصطلح في لغته الأصلية [المصطلح الأجنبي] قبل أن ينظر إلى معناه الدلالي اللغوي، فكثيرا ما حاد واضع المصطلح عن الدلالة الدقيقة، وعند نقله إلى اللغة المستهدفة سيفقد تماما المعنى، أي سيقع ناقله في الخطأ نفسه وأكثر. ولهذا وجب في النقل العلمي أن يدرس المصطلح، أولا، في لغته الأصلية دراسة دقيقة بفهم مدلوله العلمي، ثم بعد ذلك يختار له المصطلح [العربي] المناسب. من هنا يمكننا أن ننبه إلى خطورة مثل هذا النقل أو الترجمات أو الكتابات العلمية، لأن ضررها أكبر كثيرا من نفعها، ولهذا يوصي المنظرون وأصحاب الشأن في الميدان الترجمي إلى توخي الحذر حيث على العالم أن يكتب نصا صحيحا بلغة سليمة وواضحة ودالة دلالة دقيقة على المعنى، وعلى المترجم الناقل أن يعي هذا النص في لغته الأصلية وعيا تاما وأن يصحح ما يمكن تصحيحه عند النقل. إن اعتقاد بعضهم، ممن لا يتقنون اللغة العربية بنحوها وصرفها وتراكيبها ومستوياتها اللغوية وممن لم يمارسوا الترجمة العلمية، بسهولة الترجمة، فالقاعدة تقول إنه كلما تمكن العالم من اللغة تمكن [بتشديد الكاف وضمه] النحوي والصرفي والتركيبي كلما ازدادت صعوبة اختياره للمصطلح العلمي المناسب للدلالة أو الشحنة المعنوية التي يحملها، من جهة، وتطورت ونمت قدرته على التعاطي مع اللغتين الناقلة والمنقول إليها، من جهة ثانية.، فمن منظور علمي، ودون مزايدات خارج علمية، فإننان في الجزائر، سلكنا طريقا لا علميا في مسار التأسيس للغة العربية، الشيء الذي أدى إلى هذا اللغط اللغوي على مستوى المناهج الدراسية في السنوات الأخيرة. أعتقد، أننا لم نقم دورات في تكوين المكونين في أساسيات قواعد اللغة العربية وخصائصها الصرفية والقياسية والمجازية والاشتقاقية وغيرها من الأسس التي بنى عليها غيرنا لغته. وأبعدنا، بقصد أو دون قصد، بعض الراغبين والمتمرسين من الجامعيين والمهتمين من ذوي الخبرة العلمية الذين يشتغلون في مجال تعريب المصطلح العلمي. اشتغلنا دون منهج علمي وبعصبية مقيتة تجاه اللغات الأخرى، خاصة اللغة الفرنسية، فربطها بالاستعمار وقولنا لغة الاستعمار، رغب بعضهم فيها ونفر الكثيرين منها. ومن هنا دخلت الأيديولوجية في تسيير العلمية، وأصبحت القضية اللغوية تسير سياسيا [فترة التعريب / مباشرة بعد استقلال الجزائر 1962... يتبع