لا يخلو شارع من شوارع وهران الرئيسية و لا زقاق صغير و لا مسجد و لا مرفق من المرافق و لا مكان عام إلا ووجدت عددا غير محدود من المتسولين يتسابقون مع غيرهم من الأفارقة و السوريين على استعطاف و استرحام و استجداء المارين و المصلين. و بسبب المنافسة الشرسة بين هؤلاء فإن كل واحد منهم يبدع في إيجاد الطريقة الأكثر تأثيرا في نفسية المواطن ليضع هذا الأخير يده في جيبه و يجود بما عنده. و من دون شك فإن الوتر الحساس الذي يعزف عليه هؤلاء هو الأطفال و الرضع و المعاقين حركيا و ذهنيا فلا يمكن لأحد تشتعل بداخله جذوة من إنسانية و مروءة أن يمر مرور الكرام أمام امرأة يبكي رضيعها في حجرها ألما أو أمام معاق يذرف الدمع الحارق لتهميشه و ضياع مستقبله أو شاب في العشرينات يحكي بإسهاب عن معاناته مع داء مدمر يحتاج ترياقا بالعملة الصعبة حتى لا ينهي رصيده من العمر ، كل هذه السيناريوهات ستنتهي إلى طريق واحد حتما هو جيب ذاك المواطن .