التوقيع على ثلاث اتفاقيات وعقود لمشاريع منجمية وتعدينية بين شركات وطنية وشركاء أجانب    إطلاق القافلة الوطنية "شاب فكرة" في طبعتها الثالثة    بنوك عمومية: وزارة المالية تطلق قريبا دعوة للترشح لتعيين أعضاء مستقلين في مجالس الإدارة    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر القيادات النسائية لدعم المرأة والطفل الفلسطيني يوم السبت المقبل بالدوحة    طاقم طبي مختص تابع لمنظمة أطباء العالم في مهمة تضامنية في مخيمات اللاجئين الصحراويين    العاب القوى/ البطولة العربية لأقل من 20 سنة:تسع ميداليات للجزائر، منها ذهبيتان    دورات تكوينية لفائدة وسائل الإعلام حول تغطية الانتخابات الرئاسية بالشراكة مع المحكمة الدستورية    تلمسان … الإطاحة بشبكة منظمة يقودها مغربيان وحجز أزيد من قنطار كيف    الوزير الأول يستقبل السفير الإيطالي بقصر الحكومة    الجالية الوطنية بالخارج: الحركة الديناميكية للجزائريين في فرنسا تنوه بالإجراءات التي اقرها رئيس الجمهورية    صورية مولوجي تفتتح الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة بالجزائر العاصمة    التزام السلطات العمومية بترقية الخدمات الصحية بالجنوب    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    أولاد جلال: انطلاق الأيام الوطنية الأولى لمسرح الطفل    البطولة المحترفة الأولى "موبيليس": نقل مباراتي إ.الجزائر/م. البيض و ش.بلوزداد/ ن. بن عكنون إلى ملعب 5 جويلية    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    توقيف 289 حراقاً من جنسيات مختلفة    الحملة الوطنية التحسيسية تتواصل    قالمة.. وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور عددا من الهياكل الثقافية والسياحية والمواقع الأثرية بالولاية    توقرت: أبواب مفتوحة حول مدرسة ضباط الصف للإشارة    مسيرة حاشدة في ذكرى مجازر 8 ماي    بوغالي: عار المُستدمِر لا يغسله الزمن    بن طالب: الزيادات التي أقرها رئيس الجمهورية في منح المتقاعدين لم تعرفها منظومة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها    انطلاق لقافلة شبّانية من العاصمة..    تقديم أول طاولة افتراضية ابتكارية جزائرية    بن سبعيني على خطى ماجر ومحرز..    بداني يشرف على انطلاق حملة للتبرع بالدم    دربال: قطاع الري سطر سلم أولويات لتنفيذ برنامج استعمال المياه المصفاة في الفلاحة والصناعة وسيتم احترامه    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف حول استخدام تقنية ال"فار" في الجزائر    رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان    رئيس الجمهورية: السيادة الوطنية تصان بالارتكاز على جيش قوي واقتصاد متطور    شبكة الموزعات الآلية لبريد الجزائر ستتدعم ب 1000 جهاز جديد    "الأونروا": الاحتلال الصهيوني هجر قسريا نحو 80 ألف فلسطيني من رفح خلال 3 أيام    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    العاب القوى/ البطولة العربية لأقل من 20 سنة: الجزائر تفتك خمس ميداليات، منها ذهبيتان    إحياء ذكرى ماي الأسود: تدشين مرافق صحية وسياحية بقالمة    ساهمت في تقليل نسب ضياع المياه: تجديد شبكات التوزيع بأحياء مدينة البُرج    المطلوب تحقيق دولي مستقل والوصول للمقابر الجماعية بغزة    المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة: انطلاق عملية الحجز الإلكتروني للغرف للحجاج    أكاديميون ومهنيون يشرحون واقع الصحافة والرقمنة    زحافي يؤكد أن حظوظ التأهل إلى الألعاب قائمة    قافلة شبانية لزيارة المجاهدين عبر 19 ولاية    استزراع صغار سمك "الدوراد" بسواحل العاصمة    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    ليفركوزن يبحث عن بطاقة نهائي البطولة الأوروبية    أولمبيك مرسيليا يبدي اهتمامه بضم عمورة    نساء سيرتا يتوشحن "الملايا" و"الحايك"    تراث حي ينتظر الحماية والمشاركة في مسار التنمية    وفد وكالة "ناسا" بجامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب التركي يزلزل الدبابات: لا يحكمنا العسكر بعد اليوم
نشر في الحوار يوم 16 - 07 - 2016


كرونولوجيا الانقلاب الفاشل على أردوغان
* محاولة الانقلاب هكذا بدأت وهكذا انتهت
عاشت دولة تركيا ليلة أمس أحداثا فاجأت الجميع حيث أعلنت وحدات من الجيش انقلابها على نظام الحكم الشيء الذي ولد فزعا محليا وعالميا نظرا لوزن تركيا على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وبعد ساعات من البيانات المتضاربة والأنباء المتناقضة استطاع الجيش والشعب والمعارضة والرئيس المنتخب وقف زحف الانقلابيين وإليكم كرونولوجيا الأحداث.
في البداية أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن "مجموعة صغيرة بالجيش حاولت التمرد على الشرعية" تلاها مباشرة تصريح الرئيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قناة سى إن إن التركية عبر سكاي بي، ويدعو الشعب التركي إلى النزول للشارع ضد هذا الانقلاب، مؤكدًا أن هذه المحاولة فاشلة وستفشل، وكل المحاولات الماضية فشلت وتم محاكمة القائمين عليها، وسأذهب إلى أنقرة وأدعو الشعب للاحتشاد، وأنني ذاهب إلى مطار أسطنبول للذهاب إلى أنقرة مباشرة" تصريحات رد عليها الانقلابيون بقصف البرلمان التركي أكثر من مرة وسط محاصرة دبابات الجيش له والسيطرة على مبنى التلفزيون الرسمي.
وفي خضم بحث مكثف عن الرأس المدبر أعلن وزير العدل التركي بأن جماعة فتح الله غولن وراء محاولة الانقلاب وأغلب قادة الجيش وقفوا ضد الانقلاب وكذلك فعل الشعب التركي، في حين نفى غولن أي علاقة له بالأحداث الأخيرة في تركيا، وبعدها بساعات "هبطت طائرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت مبكر السبت في مطار اسطنبول"، مصرّحا "إن الإرادة الشعبية التركية وما يريده الشعب منا قد تحقق، مجددا دعوته للشعب التركي النزول للميادين ومؤكدا لن نقف ساكتين أبدا متوعدا من خطط للانقلاب ومن نفذه بأنه سيدفع الثمن".
وبعدها "تمت السيطرة على مدينة اسطنبول بشكل شبه كامل من قبل القوات الأمنية التابعة للحكومة، بعد نزول الجماهير التركية للشارع تلبية لدعوة أردوغان" حسب ما جاء في موقع عرب 21 لتواصل الحكومة "سيطرتها على معظم مناطق أنقرة، لتنسحب القوات الانقلابية من مطار أتاتورك وغيره من المناطق الحيوية تحت ضغط القوات الحكومية الأمنية والجماهير التركية، وبعدها أعلن أهم قادة الجيوش التركية (الجيش الأول- البحرية- القوات الخاصة) رفضهم للانقلاب، ودعوة قائد الجيش الثالث قواته إلى المشاركة بالمحاولة الانقلابية العودة إلى ثكناتهم. كما خلصّ رئيس هيئة الأركان خلوصي آركان بعملية أمنية بعد ساعات من اعتقاله لدى الانقلابيين، وإعلان الجيش أن رئيسه عاد لمزاولة عمله كالمعتاد، لتنتهي فصول الانقلاب "بإلقاء القبض على مئات الضباط المتورطين بالمحاولة الانقلابية" أعقبه إعلان الدول الكبرى كافة، بما فيها الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية دعمها للحكومة الديمقراطية بعد أن استقر الأمر لأردوغان.

انتظرت أن تميل الكفة لجهة ما قبل التصريح
* القوى العظمى تساند المنتصر بعد تردد كبير
أحدثت محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس التركي الطيب رجب أردوغان هزّة عنيفة على المستوى الدولي، ولقد لوحظ ترقّب وحذر من طرف القوى الكبرى التي لم تهرع لمساندة الشرعية في أول وهلة بل انتظرت في سكون تام إلى من تؤول إليه الكفة ومباشرة بعد خروج الشعب التركي رافضا محاولة الانقلاب وتصريحات كل أطياف المعارضة بالإضافة إلى الجزء الأكبر من الجيش التركي فهمت القوى العظمى بأن الانقلاب فاشلا لا محالة فأطلقت العنان لبيانات التنديد وبرقيات المساندة للرئيس المنتخب الطيب رجب أردوغان.
دعا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما كل الأطراف إلى "إبداء ضبط النفس وتجنب العنف وإراقة الدماء" كما أعلن مساندته "للحكومة المنتخبة ديمقراطيا".
وأعرب جون كيري عن أمله في أن تحل تركيا، وهي حليف استراتيجي رئيسي لواشنطن في التحالف الذي يحارب ما يطلق عليها الدولة الإسلامية، أزمتها وتحافظ على السلام والاستقرار واحترام "الاستمرارية".
ومن جانبه، دعا لافروف إلى تجنب "إراقة الدماء"، قائلا "إنه يجب حل المشكلات في تركيا وفقا للدستور. وقال متحدث باسم الكرملين عن "قلق موسكو العميق" إزاء الأنباء الواردة من تركيا، قائلا إن أولوية روسيا هي ضمان أمن المؤسسات الروسية والمواطنين الروس في تركيا. وقال:" موسكو تأمل أنه مهما كانت التطورات في تركيا، فإنه سيتم ضمان أمن المواطنين الروس." كما رفضت كل من فرنسا وألمانيا محاولة الانقلاب في صد الرئيس أردوغان.
من جهته أعرب الاتحاد الأوروبي على لسان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن دعمه الكامل للحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا، داعيا العودة إلى النظام الدستوري بأسرع وقت، كما دعت فيديريكا موغيريني، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، في حسابها على تويتر إلى احترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا.
وكتبت موغيريني التي تشارك في أعمال قمة "أوروبا – آسيا" في العاصمة المنغولية، تعليقا على الأنباء حول محاولة انقلاب في تركيا: "أنا على اتصال مستمر مع وفد الاتحاد الأوروبي في أنقرة وبروكسل من منغوليا، أدعو إلى ضبط النفس واحترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا". وغرد متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلا إنه يجب احترام النظام الديمقراطي في تركيا كما يجب حماية الأرواح بكل الوسائل.
من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في وقت سابق إن "تدخل الجيش في شؤون أي دولة غير مقبول، ومن المهم أن يتم وبسرعة وبشكل سلمي تأكيد نظام مدني دستوري وفقا للمبادئ الديمقراطية في تركيا". وقال بان كي مون: "في هذه اللحظة من عدم اليقين في البلاد (تركيا)، أدعو إلى الهدوء ونبذ العنف وضبط النفس والحفاظ على الحقوق الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع".
إلى ذلك عبرت الصين عن أملها في عودة الهدوء والاستقرار إلى تركيا في أقرب وقت. كما رحّبت المملكة العربية السعودية بعودة الأمور إلى نصابها، وفي نفس النهج سار أمير الكويت الذي هنأ أرودغان بانتصار الشرعية. وأعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن قلق بلاده إزاء تطور الوضع في تركيا، وغرد على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:" استقرار وديمقراطية وأمان الشعب التركي أمر أساسي، والوحدة والتعقل أمر واجب".


أردوغان يستعرض وسط الشارع والمتهم الأبرز فتح الله غولن
* ليلة مجنونة في تركيا ..وإحباط سريع لمشروع الانقلاب في إسطنبول
الجزئية الأبرز التي لفتت الأنظار في مشروع الانقلاب المفاجيء في تركيا تتمثل في "غموض" موقف سلاح الجو وازدحام سيل من المعلومات التي تتحدث عن مظاهر الانقلاب العسكري وفشله دون شرح التفصيلات والخلفيات.
ليلة ساخنة جدا ودموية حصريا في العاصمة أنقرة شهدتها تركيا حتى فجر السبت بعد "تمرد" غامض وسط ظروف ملتبسة لقوات الدرك المعروف عنها عدم الموالاة للرئيس التركي رجب طيب آردوغان في الوقت الذي استطاعت فيه طائرة الرئيس أردوغان الهبوط في مطار إسطنبول استمر الغموض يحيط بثلاث عمليات قصف جوية تعرض لها مبنى البرلمان التركي في أنقره وبصورة توحي بأن اشتباكات في السماء بين المنشقين وغيرهم داخل سلاح الجو وهو ما لاحظه المراسل الميداني لمحطة الجزيرة في أنقرة وهو يحاول قراءة الموقف الجوي بعد فشل وإحباط الانقلاب بكفاءة على الأرض.
"رأي اليوم" علمت ومن مصدر مطلع جدا بأن القوة المركزية التي اعتمدها أردوغان في التصدي لمحاولة التمرد العسكرية من قوات الدرك العاملة أصلا بأمر الجيش هي قوات الشرطة الخاصة، الأمر الذي يفسر صور الشرطة الخاصة وهي تتمكن من اعتقال وإخضاع بعض المتمردين خصوصا في العاصمة إسطنبول.
قوات الشرطة الخاصة حديثة التشكيل ومزودة بمدرعات وبقوات نخبة وتدين بالولاء المطلق لأردوغان ولا تأتمر بأمر الأركان، كما علمت "رأي اليوم" في وقت سابق وهي نفسها القوات التي شكلها أردوغان بنفسه لمواجهة ما يسمى بالكيان الموازي حيث المتهم الرئيسي والعلني بإدارة وتوجيه الانقلاب خصم أردوغان العنيد فتح الله غولن، الذي سارعت حركته لإدانة ما سمته بالمحاولة الانقلابية.
صورة أردوغان رغم الأحداث الغريبة والدموية وهو يشارك الحشود التي استقبلته في مطار إسطنول بدت مغرية جدا لوسائل الإعلام، وأبرزت عنصر الجرأة خصوصا وأن الرجل كان قد استغاث بالشارع وطلب من الشعب النزول للساحات العامة لإرباك خطة الانقلاب.
وحصل ذلك فعلا كما يوحي مسار الأحداث فقد برز بأن قوات الجيش خارج سياق المحاولة الانقلابية والقوات الأمنية تنقض على الانقلابيين والشارع يواجههم مباشرة في ظروف ملتبسة.
أردوغان تعهد وبعد بعض الاعتقالات بتعقب المخططين والمنفذين للانقلاب وألمح لوجود جهات خارجية في تلميح مباشر لخصمه غولن قبل أن يحسم الأمر فجرا في إسطنبول وتستمر المواجهة في أنقره مع المتمردين المسلحين.
6 انقلابات جرت على مدار 56 سنة
* تركيا والانقلابات..القصة التي أنهاها أردوغان
شهدت تركيا في تاريخها الحديث العديد من الانقلابات طيلة الخمسة عقود المنقضية، كان أولها في 27 ماي 1960، حين وقع انقلاب عسكري أطاح بالحكومة الديمقراطية المنتخبة ورئيس البلاد، وباحتساب الانقلاب العسكري الذي حاول تنفيذه بعض العسكريين ضد الرئيس رجب الطيب أردوغان ليلة أول أمس، يكون التاريخ التركي قد عرف 6 انقلابات عسكرية من سنة 1960 إلى سنة 2016.
وخلال الانقلاب الأول في التاريخ الحديث لتركيا، قام 38 ضابطا برئاسة الجنرال "جمال جورسيل" بالسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد، وأحال الانقلابيون وقتها 235 جنرال و5000 ضابط بينهم رئيس هيئة الأركان إلى التقاعد، كما تم وقف نشاط الحزب الديمقراطي واعتقل رئيس الوزراء "عدنان مندريس" ورئيس البلاد آنذاك "جلال بايار" مع عدد من الوزراء وأرسلو إلى سجن في جزيرة "يصي أدا".
وجر ذلك الانقلاب بعده ثلاثة انقلابات عسكرية أضرت بالحياة السياسية والاقتصادية بالبلاد، وكبدتها خسائر غير مسبوقة، وعززت الخلافات الداخلية لتسود حالة القمع والظلم كما يصفها المراقبون للشأن التركي، حيث تلا ذلك محاكمة شكلية للرئيس والحكومة، أين تم سجن رئيس الجمهورية مدى الحياة فيما حكم بالإعدام على "مندريس"، ووزيري الخارجية "فطين رشدي زورلو"، والمالية "حسن بلاتقان" وجرى التنفيذ في أواسط سبتمبر 1960.
وعقب الانقلاب الأول ب 11عاما جرى تنفيذ انقلاب عسكري ثان في 12 مارس 1971، وعُرف باسم "انقلاب المذكّرة"، وهي مذكّرة عسكرية أرسلها الجيش بدلا من الدبابات كما فعل في الانقلاب السابق.
كما حصل انقلاب "كنعان إيفرين" في 12 سبتمبر 1980 الذي أعقبته حالة قمع سياسي غير مسبوقة، وهو من أشهر الانقلابات في التاريخ التركي لما تبعها من قمع ودموية أشد من سابقيها، وبالدستور الذي قدم للاستفتاء الشعبي في 7 نوفمبر 1982، أصبح "إيفرين" رسميا الرئيس السابع للجمهورية التركية، في التاسع من نوفمبر من العام ذاته، وذلك حتى التاسع من الشهر ذاته عام 1989.
أما في سنة 1997 حدث ما سمي بالانقلاب الأبيض على حكومة "نجم الدين أربكان" أو ما عرف ب"الانقلاب ما بعد الحداثة" بعد وصول حزب الرفاه إلى السلطة سنة 1995 ووصل وحليفه الطريق القويم ليصبح الزعيم الإسلامي الراحل "أربكان" رئيسا للوزراء، أول رجل ذي توجّه إسلامي صريح يصل إلى السلطة، وهو الأمر الذي أغضب العلمانيين ودعاهم إلى تحريك الأذرع العسكرية ضد الحكومة المنتخبة.
مذكرة 1997 العسكرية أو عملية 28 فيفري وتسمى أيضا "ثورة ما بعد الحداثة"، تشير إلى القرارات الصادرة عن قيادة القوات المسلحة التركية في اجتماع مجلس الأمن القومي يوم 28 فيفري 1997 والتي بدأت إثرها عملية 28 فيفري التي عجلت باستقالة رئيس الوزراء نجم الدين أربكان من حزب الرفاه وإنهاء حكومته الائتلافية، كما أجبرت الحكومة على الخروج دون حل البرلمان أو تعليق الدستور، فقد وصف الحدث بأنه "انقلاب ما بعد الحداثة" من قبل الأميرال التركي سالم درفيسوجلو، وهي التسمية التي تم إقرارها.
وتم تشكيل حزب العدالة والتنمية كرد فعل على الانقلاب، وحقق فوزا ساحقا في انتخابات عام 2002 بعد 5 أعوام من الانقلاب.


* لأجل هذا نجح انقلاب مصر وفشل انقلاب تركيا!؟
إن المقارنة المباشرة بين التجربة الانقلابية في مصر وفي تركية ستوقع بِنَا في خطأ جسيم وستسير بِنَا في طريق جزئي لا يمكننا أن نصل من خلاله إلى الفروق الحقيقية بين التجربتين.
لكن بنظرة شمولية سريعة يمكن أن نؤكد بأن فشل الانقلاب في تركيا يعود إلى سبب رئيسي وهو دور رجل تركيا الأول الزعيم كمال أتاتورك في بناء عقلية تركية قومية محبة للتطلع ولبناء مستقبل زاهر، قريبة جدا من الثقافة الأوروبية رغم ما عرف عليه من عدائه لمبادئ الدين الإسلامي، وذلك من خلال تكريسه للعلمانية بكل صرامة وقوة في المجتمع..وعزمه الثابت والقوي على إحداث قطيعة مع الرجل المريض الذي لم يعد له سبب في الوجود في ذلك الوقت.
كما أن تركيا عرفت انقلابات عديدة والرئيس أردوغان نفسه عاش انقلابا فاشلا في الماضي القريب، ولهذا عمل منذ ذلك الوقت على بناء جهاز قوي يعمل على حماية مؤسسات الدولة وعلى مكتسبات واستحقاقات الشعب، والملاحظ أن هذا الجهاز وهو جهاز المخابرات والأمن هو من أعاد الأمور إلى نصابها وحمى الدولة من الانهيار والدخول في حرب ضروس بين مختلف القوى السياسية.
كما أن الشعبية الحقيقية التي يتمتع بها الرئيس أردوغان ساهمت بنسبة كبيرة في إفشال هذا الانقلاب، كما أن الوعي السياسي واحترام قواعد اللعبة الديمقراطية والسياسية من طرف جميع الأحزاب المعارضة بما في ذلك الأحزاب الأشد معارضة وكرها لأردوغان كل هذا ساهم في انهيار الانقلاب وفشله فشلا ذريعا.
كما لا يجب أن ننسى مختلف المعاهدات والاتفاقات الدولية وخاصة مع الطرف الإسرائيلي والأريحية التي وجدها هذا الأخير في تعامله مع تركيا ساهم بشكل مباشر في دعم الرئيس التركي وهذا في حقيقة الأمر ذكاء سياسي يحسب للرئيس وهذه من عناصر القوى التي تعتمد عليها توجهات أردوغان منذ وصوله للسلطة حيث لم تسجل أي تهديد له لدولة أوروبية وخاصة للطرف الإسرائيلي.
أما دور الإعلام والطبقة المثقفة فهو لا يخرج في حقيقة الأمر عن الإطار العام الذي تتميز به العقلية التركية..فالمثقفون والإعلاميون الأتراك متشبعون حقا بثقافة الدولة المدنية العصرية ومن خلال كتاباتهم تستنتج بأن لهم رغبة قوة واستعداد للالتحاق بركب الحضارة الغربية بل وكثيرا ما يصفون أنفسهم بأنهم أقرب إلى العقلية الغربية من العقلية المشرقية.
أما في الحالة المصرية التي نجح فيها الانقلاب فيعود ذلك لأسباب عديدة..وقبل التطرق لبعض هذه الأسباب لابد وأن نؤكد أولا بأن الإخوان في مصر كانوا ناجحين ديمقراطيا لكنهم كانوا فاشلين سياسيا.
وأول نقطة نبدأ بها هي أن التجربة الديمقراطية في مصر قصيرة جدا وغير ثرية مقارنة بالتجربة التركية..لكن رغم ذلك تصرف الإخوان وكأن الشعب المصري له عشرات السنين من الديمقراطية والحريات..فترتب عن ذلك أخطاء جسام من خلال التصريحات بداية بالعداء والتهديد لإسرائيل.
كما يمكن وصف تجربة إخوان مصر بالتسرع ولهذا خرجوا سريعا من المشهد..فَلَو لم يطلبوا الرئاسة وواصلوا العمل السياسي مع الشعب لحققوا إنجازات كبيرة في المستقبل..كما أن نسبة المصوتين للرئيس مرسي لم تكن بالفارق الكبير بينه وبين منافسه.
أما دور الدولة العميقة من مؤسسات النظام والأمن والجيش فكان كبيرا لإنجاح الانقلاب حيث عملت هذه المؤسسات منذ اليوم الأول على عرقلة كل مشاريع الرئيس وخلق الفوضى في كل الميادين وذلك للزيادة في احتقان الشعب وكرهه للرئيس..فمن الأخطاء الفادحة التي وقع فيها الرئيس مرسي هو عدم تطهيره لمؤسسات الجيش والأمن وبناء جهاز قوي لحمايته في أوقات الشدة.
أما إعلاميا فالإخوان لم تكن لهم القدرة ولا القنوات الكافية التي تقف معهم..فالإعلاميون والفنانون وبعض أشباه السياسيين المصريين لعبوا دورا كبيرا في تهييج الشعب حتى يكون ذريعة لتحرك العسكر.
كما لعبت المؤسسات الدينية المختلفة وخاصة فكر السلفية المدخلية وتصريحات بعض الإخوان أنفسهم ودورهم في تزكية العمل الانقلابي وهذا الذي أعطى ذريعة دينية وقوة معنوية للعسكر حتى يواصل في تقتيل الناس والزج بالآلاف من الناس في السجون.
قلت في بداية المقال سنخطئ كثيرا إذا قارنا مباشرةً بين التجربتين..لأن مصر تختلف عن تركيا ولأن إخوان مصر يختلفون كثيرا عن إخوان تركيا هذا إن فرضنا على أنهم من الإخوان..كما أن النظام الدولي لا تهمه أحداث مصر إذا كانت تخدم الكيان الصهيوني مقارنة بتركيا التي يهمها كثيرا استقرارها خاصة وأنها البوابة الكبيرة للولوج إليها هذا نظرا لما تعرفه المنطقة خاصة الحرب في سوريا والعراق وليبيا ودخول أكثر من ألف جهادي إلى أوروبا وكذا تنظيم دولة داعش الذي يحاول زعزعة استقرار أوروبا وعمله المتكرر للولوج إلى الجزائر عن طريق ليبيا..فسقوط تركيا في حرب طويلة يعني ذلك الكارثة على كل أوروبا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.


* الطبقة السياسية الجزائرية تندد بمحاولة الانقلاب في تركيا
أجمعت الطبقة السياسية في الجزائر على التنديد بمحاولة الانقلاب العسكري في تركيا التي استهدفت المؤسسات الدستورية للجمهورية التركية، حيث أكدت كل من حركة حمس والأرسيدي والإصلاح والعدالة والتنمية وجبهة التغير على رفضها استخدام القوى للوصول إلى السلطة مشددة على ضرورة احترام المؤسسات الدستورية المنتخبة.

* الأرسيدي: نرفض أي انقلاب يستهدف مؤسسات الدولة المنتخبة
أكد المكلف بالإعلام بحزب الأرسيدي عثمان معزوز أن حزبه يستنكر بشدة محاولة الانقلاب العسكري التي استهدفت شخص الرئيس التركي اوردوغان ليلة أول أمس، ويضيف قائلا "إننا نرفض جملة وتفصيلا أي انقلاب عسكري يستهدف مؤسسات الدولة المنتخبة والشرعية التي تمارس نشاطها في إطار ديمقراطي، فهو بالنسبة لحزب الأرسيدي "موقف ثابت" فالانقلاب على الشرعية الديمقراطية في قاموس الحزب "مرفوض" إطلاقا، كما تأسف المتحدث من مثل هذه الأفعال غير الشرعية التي تمس بمبادئ الديمقراطية وبسيادة الشعوب في أي دولة كانت عن طريق استعمال العنف والقوة للسيطرة على زمام الحكم، ومصادرة الإرادة الشعبية. واكتفى معزوز بعدم الخوض في أعماق الحدث الذي يحمل في طياته الكثير من الضبابية حسبه بالنظر إلى المعادلة التركية في علاقاتها الخارجية وما يحيط حولها من توترات.

* حمس: الشرعية الديمقراطية تهزم الانقلاب العسكري في تركيا
استنكرت حركة مجتمع السلم محاولة الانقلاب العسكري الفاشل الذي حدث في تركيا، معتبرة ما أقدم عليه الانقلابيون أنه اعتداء على الشرعية الديمقراطية وعلى المؤسسات الشرعية المنتخبة، التي أسفرت على رئيس وحكومة منتخبين من قبل الشعب التركي الذي خرج إلى الميادين دفاعا على بلده وأمنه وصونا لديمقراطيته ومؤسساته المهددة من قبل أطراف في الداخل والخارج وحماها من كيد الكائدين وتربص الحاقد حسب المكلف بالإعلام بالحركة بن عبد الله بن عجيمة.

* عريبي: انتصار الديمقراطية وفشل الانقلاب العسكري
أدان البرلماني حسن عريبي محاولة الانقلاب العسكري المدبرة من خصوم تركيا وفي شخص رئيسها رجب طيب أوردغان الذي استطاع حسبه أن يطور اقتصاد شعبه ويعيد بعث هويته الإسلامية من جديد وهو ما بات حسبه يقلق قوى الاستكبار العالمي وفي مقدمتها أمريكا الداعمة للكيان الصهيوني الهائجة والمحتارة في كيفية التعامل مع الرئيس التركي سوى عن طريق تحريك عملائها بالداخل التركي حسب المتحدث، داعيا إلى مناصرة الديمقراطية بعد فشل الانقلاب العسكري اليائس من لحظة انتصار الشعب التركي في تجسيد خياراته الديمقراطية وتجديد الثقة في حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أرودغان الذي تمكن مرة أخرى التصدي لمحاولة تنحيته من على رأس تركيا.

* جبهة التغيير: وعي الشعب والمعارضة التركية أفشلا الانقلاب
ثمنت جبهة التغيير على لسان رئيسها عبد المجيد مناصرة ما أظهره الشعب التركي والطبقة السياسية بما فيها المعارضة من وعي ونضج وسلوك سياسي حفاظا على استقرار البلاد وشرعية مؤسسات الدولة وسلامة المسار الديمقراطي.
وأدان مناصرة بشدة محاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا التي استهدف من خلالها مجموعة من العسكريين السلطة الشرعية المنتخبة والرغبة في الزج بالجيش في مواجهة ضد الشعب والديمقراطية من أجل منح الفرصة للراغبين في عودة تركيا إلى عهد الانقلابات العسكرية، داعيا بالمقابل الحكومة الجزائرية إلى الإسراع في الوقوف ضد الانقلاب والانقلابيين والانتصار للديمقراطية والشرعية الشعبية والدستورية.

* الإصلاح: العجز على منافسة أردوغان بالصندوق وراء محاولة الانقلاب
أدان رئيس حركة الإصلاح فيلالي غوينى بشدة محاولة الانقلاب العسكري الذي استهدف تركيا، معتبرا ذلك بالتدخل في الشؤون الداخلية التركية، في إشارة منه إلى تلك المناورات الخارجية الراغبة في الإطاحة بنظام أوردغان الذي استطاع على الرغم من كل الجبهات المفتوحة ضده أن يجمع بين الديمقراطية والتنمية في وقت واحد، مؤكدا على شرعية السلطة القائمة التي استمدت قوتها من وعي ووحدة الشعب التركي الذي تمكن من إجهاض محاولة زعزعة كيان دولته.
وقال فيلالي غوينى في اتصال هاتفي مع "الحوار" إن محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي نفذتها مجموعة من العسكريين المدعمة داخليا من طرف بعض الأطراف المنافسة لرئيس التركي المستهدف، دليل عن عجزهم على مواجهة ومنافسة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أرودغان عن طريق الصندوق والاقتراع وفضلت بذلك اللجوء إلى الانقلاب، ويضيف قائلا إن هذه المحاولة تنطلق أيضا من العقدة السابقة لبعض عناصر الجيش التركي الذين يمارسون في أكثر من مرة هذا الفعل الذي يراد منه مصادرة حرية الشعب التركي والسلطة الشرعية للمؤسسات المنتخبة.

* جاب الله: هنيئا لتركيا هذه المحاولة الانقلابية الآثمة
قال رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله بدوره في بيان له: "هنيئا لتركيا قيادة وشعبا إحباطها هذه المحاولة الانقلابية الآثمة التي قامت بها مجموعات من العسكريين المحبطين الذين لايزالون يحنون رغم التقدم المحرز في المسار الديمقراطي للدكتاتورية والواحدية التي عنوانها الحكم العسكري، على العدالة والتنمية والمؤسسات الدستورية والحكومة الشرعية برئاسة الرئيس أردوغان الذي حقق لشعبه خلال فترة حكمه ثبات رائعا في الحقوق والحريات والتنمية الشاملة والعيش الرغيد"، مردفا: "هنيئا للشعب التركي الحر الوفي لدولته وقيادته الذي حقق الآمال وأفرح كل صديق نزيه محب للشرعية، وأغاظ كل متآمر انقلابي جبان، وأعطى للعالم درسا في التحضر والوعي والحفاظ على مقدرات وطنه وأمنه واستقراره، وكتب شهادة وفاة للانقلابات على أرضه وبلارجعة".
متابعة: مناس جمال / ليلى.ع / رياض بن وادن / سقيان.ب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.