مسيرة حاشدة بمدينة "بلباو" شمال إسبانيا تضامنا مع الشعب الصحراوي    المرصد المرصد الأورو متوسطي : تحذير من فرض "نكبة" جديدة ونشر المجاعة في غزة    نادي الأهلي السعودي : رياض محرز يقترب من رقم قياسي تاريخي    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 18 فلسطينيا من الضفة الغربية بينهم أطفال    القطب العلمي والتكنولوجي سيدي عبد الله: رئيس الجمهورية يشرف على مراسم الاحتفال باليوم الوطني للطالب    اليوم الوطني للطالب: إقامة عدة نشاطات بغرب البلاد    اختتام الطبعة ال9 للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي..أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    عبد الوهاب بن منصور : الكتابة علاج تقاسم للتجربة الشخصية مع الآخرين    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي.. أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" الفنزويلية يبدعان في ثالث أيام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    طواف الجزائر للدراجات: الجزائريون في مهمة استعادة القميص الأصفر بمناسبة المرحلة الثامنة بمسلك سكيكدة-قسنطينة    بن قرينة يرافع من أجل تعزيز المرجعية الفكرية والدينية و الموروث الثقافي    ربيقة يشرف بالبويرة على فعاليات إحياء الذكرى ال 67 لتدمير الجيش الاستعماري لقرية إيغزر إيوقورن    الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الأولى    مشروع "فينيكس بيوتك" لتحويل التمر يكتسي أهمية بالغة للاقتصاد الوطني    نقل بحري : ضرورة إعادة تنظيم شاملة لمنظومة تسيير الموانئ بهدف تحسين مردودها    الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية يجتمع بباريس مع رؤساء المراكز القنصلية    الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الإشتراكية من تيزي وزو: يجب الوقوف ضد كل من يريد ضرب استقرار الوطن    رئيس الجمهورية يهنّئ فريق مولودية الجزائر    ينطلق اليوم تحت شعار ''معلومة دقيقة.. تنمية مستدامة'': الإحصاء العام للفلاحة أساس رسم السياسة القطاعية    ميلة: استلام 5 مشاريع لمكافحة حرائق الغابات قريبا    بمشاركة مستشفى قسنطينة: إطلاق أكبر قافلة طبية لفائدة مرضى بين الويدان بسكيكدة    تزامنا وبداية ارتفاع درجات الحرارة بالوادي: التأكيد على التخلص من النفايات للوقاية من التسمم العقربي    سيساهم في تنويع مصادر تمويل السكن والبناء: البنك الوطني للإسكان يدخل حيز الخدمة    إضافة إلى فضاء لموزعات النقود: 9 عمليات لإنجاز وتأهيل مراكز بريدية بتبسة    بتاريخ 26 و27 مايو: الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر 36 للاتحاد البرلماني العربي    وزير الشؤون الدينية من بومرداس: المساجد والمدارس القرآنية خزان روحي لنبذ التطرف    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    ميدالية ذهبية للجزائرية نسيمة صايفي    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    رمز الأناقة والهوية ونضال المرأة الجزائرية    تسليم شهادات تكوين وتأهيل وتكريم باحثين    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    المولودية تُتوّج.. وصراع البقاء يتواصل    اتفاقية شراكة بين الجزائر وبلجيكا    الجزائر عازمة على أن تصبح مموّنا رئيسيا للهيدروجين    كارثة حقيقية تهدّد رفح    تأمين خاص يغطي مخاطر الكوارث الفلاحية قريبا    مراتب جديدة للأئمة أصحاب الشهادات العليا    بالتفاصيل.. المسموح والممنوع في بكالوريا 2024    هذا موعد أول رحلة للبقاع المقدسة    صادي و"الفاف" يهنّئان المولودية بعد التتويج    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    مباراة متكافئة ومركز الوصافة لايزال في المزاد    استعراض العلاقات التاريخية بين الجزائر وصربيا    ليلة بيضاء في العاصمة وزملاء بلايلي يحتفلون مع الأنصار    إعادة افتتاح قاعة ما قبل التاريخ بعد التهيئة    610 تعدٍّ على شبكات الكهرباء والغاز    وفاة ستيني في انقلاب سيارة    الدرك يطيح ببارون مهلوسات    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفريقيا ''حلبة تنافس كبير'' بين باريس وبكين
نشر في الحوار يوم 02 - 05 - 2010

في زيارة هي الرابعة منذ دخوله الاليزيه وصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني ساركوزي إلى الصين لتكريس المصالحة بين باريس وبكين اثر الخلاف الذي جرى في 2008 بشأن التبت والدالاي لاما، وهي زيارة الدولة الثانية لساركوزي إلى الصين، وهو أمر ''استثنائي'' على حد تعبير الاليزيه.. فالتوترات ''هدأت إلى حد كبير''، مما جعل ساركوزي يصرح في حديث لوكالة أنباء الصين الجديدة ''لقد جعلت تعزيز الشراكة الفرنسية الصينية أولوية في سياستنا الخارجية'' مؤكدا أن ''الصين أصبحت لاعبا فاعلا لا يمكن تجاوزه على الإطلاق على الساحة الدولية''، وموضحا ان العالم ''في حاجة إلى الصين لمواجهة التحديات الكبرى للقرن الحادي والعشرين''.
وقد برز جليا خلال زيارته أن تركيزه انصب على استمالة الصين، وهي لاعب رئيسي في النزاعات الدبلوماسية الكبرى كما أنها أحد المنافسين الرئيسيين لفرنسا في إفريقيا في سعيها للحصول على المواد الخام. ..فقد أصبحت القارة الإفريقية خلال الفترة الأخيرة مسرحاً لمنافسة شرسة بين قوى دولية كبرى تسعى لأن يكون لها النصيب الأكبر من ''كعكة'' الموارد والثروات الأفريقية ''البكر''، وارتفاع الأرقام الدالة على حجم التبادل التجاري والاستثمارات الأجنبية في إفريقيا التي يزداد يوما بعد يوم بريقها وتلألؤها بذهبها وألماسها ونفطها ومعادنها وموقعها الجغرافي وشعوبها المستكينة التي يأكلها الجوع والفقر والمرض والحروب، فالصين باتت لاعباً عملاقاً في إفريقيا، تخطت مرحلة ''الدخول البطيء'' ونشر النفوذ بهدوء، إلى مرحلة تطوير علاقاتها استراتيجياً مع مختلف الدول، وبهذه القوة والقدرة الاقتصادية المتسارعة، ليبدأ نمط جديد من الصراع على إفريقيا، يعيد تشكيل التوازنات الدولية، حيث تتقلص مساحة المناطق الخاضعة للنفوذ الغربي لمصلحة الصين...
صرح الرئيس الصينى هو جين تاو الأربعاء الماضي بان العلاقات الصينية - الفرنسية '' فتحت صفحة جديدة '' مع قيام الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بزيارة الدولة الثانية له للصين .
وفى مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس ساركوزى فى الصين ، قال هو للصحفيين انه قبل دعوة ساركوزى لزيارة فرنسا '' في الوقت الذي يناسب الجانبين ''.و أجرى هو وساركوزى محادثات خاصة استمرت حوالي 50 دقيقة قبل بدء محادثاتهما الرسمية واسعة النطاق، التي وصفها هو بأنها '' صريحة، وودية، ومثمرة '' ، وتوصلا إلى '' العديد من الاتفاقيات الهامة ''..
و تعد هذه الزيارة الرابعة للرئيس ساركوزى للصين، وثاني زيارة دولة له كرئيس فرنسا . وكانت أول زيارة دولة له بعد 6 أشهر من توليه الرئاسة فى ماي 2007 .
وحضر مراسم افتتاح دورة الألعاب الاوليمبية فى بكين، وشارك في اجتماع آسيا - اوروبا السابع الذي عقد في بكين عام 2008 .
اقتراح من أربع نقاط حول العلاقات الثنائية
طرح الرئيس الصيني اقتراحا من أربع نقاط خلال محادثاته مع ساركوزى من اجل زيادة تعزيز الشراكة الصينية - الفرنسية الإستراتيجية الشاملة . وقال أن الصين تأمل في العمل مع فرنسا من اجل الحفاظ على التبادلات ،والحوار ، والمشاورات رفيعة المستوى في القضايا الرئيسية محل الاهتمام المشترك .كما اقترح الرئيس الصيني على الجانبين تدعيم التعاون البراغماتى .
وقال انه بالإضافة إلى التعاون في المجالات التقليدية ، يجب أن يقوم الجانبان بتعزيز التعاون بنشاط في مجالات الاقتصاد في الطاقة، والحماية البيئية، والطاقة الجديدة، والزراعة وتجهيز المنتجات الزراعية ، وكذا التعاون بين الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم سعيا لتحقيق تنمية مشتركة متبادلة ، طويلة الأجل ، ومستقرة. وأضاف هو انه يتعين على الدولتين تدعيم التبادلات الثقافية، وتسهيل تعليم اللغات ، والسياحة بين الجانبين، والحوار بين وسائل الإعلام وبيوت الخبرة في بلد كل منهما الأخرى
. وقال أن الصين وفرنسا يتوقع منهما التصدي معا للتحديات المحلية والعالمية، من أجل تحقيق بيئة دولية سلمية ومستقرة ، مستشهدا بإصلاح النظام المالي العالمي، وتحسين هيكل الحكومة الاقتصادية العالمية، والتعامل مع التغيرات المناخية .وقال هو في المؤتمر الصحفي انه اتفق مع ساركوزى على الحفاظ على اتصالات وثيقة بينهما بشأن القضايا العالمية، والقيام بتعاون نشط لحل النزاعات الدولية والإقليمية بالوسائل السلمية .
وأضاف ان الجانب الصينى يقدر عالي الدور الذي يلعبه الاتحاد الاوروبى في الشئون الدولية، وكذا الموقف البناء الذي اتخذه الجانب الفرنسى في تعزيز العلاقات بين الصين والاتحاد الاوروبى.وخلال المؤتمر، أشار هو إلى أن فرنسا كانت صاحبة مبادرة إصلاح آلية الحكومة الاقتصادية العالمية.
وأضاف ان الصين تدعم رئاسة فرنسا لقمة مجموعة العشرين العام المقبل .تتولى فرنسا رئاسة قمة مجموعة العشرين في نوفمبر القادم، وتستضيف قمة المجموعة عام 2011 .ن جانبه قال ساركوزى أن فرنسا ترغب في العمل بشكل وثيق مع الصين لضمان نجاح القمة .
وأضاف أن الصين تعد شريكا استراتيجيا بالغ الأهمية بالنسبة لفرنسا،وان الدولتين بحاجة الى التعاون بشكل وثيق في القضايا العالمية الرئيسية مثل دفع النمو الاقتصادي قدما ، والحفاظ على السلام العالمي. وقال ساركوزى أن هناك الصين الواحدة فى العالم وان تايوان والتبت جزءان من الصين .
وهذه هي السياسة التي تلتزم بها فرنسا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية - الصينية عام 1964.
ولا يوجد تغيير في هذه السياسة .وقال ان فرنسا مستعدة للعمل مع الصين من اجل زيادة تدعيم التعاون والتبادلات فى مجالات الاستخدام السلمي للطاقة النووية، والطيران المدني ، والنقل، وحماية البيئة، والشؤون المالية، والزراعة، والثقافة .
عودة العلاقات الصينية- الفرنسية إلى فلكها الطبيعى
يصادف العام الحالي ذكرى مرور 46 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بين الصين وفرنسا وكانت الصداقة التقليدية والتفهم المتبادل بين البلدين استمرتا فى التعمق بينما وتطورت علاقات التعاون ذات المنفعة المتبادلة بينهما بالسرعة . والمعاملات الحالية بين البلدين لا يمكن ان يضاهيها ما كان قبل 46 عام .
ويشار إلى أن فرنسا أول بلد كبير في الغرب أقام علاقات دبلوماسية مع الصين ، وكانت المعاملات الرفيعة المستوى بينهما متكررة بينما كانت المعاملات الشعبية نشطة ،واتفاقيات التعاون الموقعة بينهما متعلقة بمجالات متعددة مثل العلوم والتكنولوجيا والثقافة والتعليم .
وقد أصبحت فرنسا ثالثة الدول الكبرى للاستثمار في الصين تماشيا مع الروابط الاقتصادية
والتجارية الوثيقة الأكثر ، وأما العلاقات السياسية بينهما فقد ارتفعت من علاقات الشراكة الشاملة إلى علاقات شراكة إستراتيجية شاملة .
ولكنه في العام ما قبل الماضي ظهرت انتكاسة فى العلاقات الصينية الفرنسية والمسؤولية من ذلك ليست على عاتق الجانب الصينى حسب الخبراء بل على الجانب الفرنسي الذي ارتكب الخطأ بشأن الملف التبتي الصينى والأسباب في ذلك عديدة والاهم منها هو لأنه في غياب النظرة الإستراتيجية البعيدة المدى والخالية من مفهوم الوضع الكلى مما احدث إضرار خطيرا على مصلحة الصين حتى أدى إلى تورط العلاقات الصينية الفرنسية فى مأزق.
و عملية تطور العلاقات الصينية الفرنسية تخبرنا انه يمكن لهذه العلاقات ان تتطور بصورة مستقرة وسريعة نسبيا طالما أن الجانبين يثابران على استخدام المنظور الاستراتيجي الرفيع المستوى والبعيد المدى لمعالجة العلاقات الثنائية بينهما واحترام ومراعاة ما يهم كلا منهما من مصالح وعلى النقيض من ذلك المبدأ فانه يمكن ظهور انتكاسة أو أكثر فى هذه العلاقات حتى انحرفت عن فلكها الطبيعي .
وظلت الصين تهتم بالعلاقات الصينية الفرنسية وتحرص على الصداقة التي تجرى تربيتها على ايدى قادة البلدين وشعبيهما وترى ان المحافطة على هذه العلاقات الصحية والجيدة تتفق مع المصلحة الصينية الفرنسية المشتركة وفى صالح السلام والاستقرار العالميين .
ويؤكد الخبراء في هذا الشأن ان العلاقات الصينية الفرنسية تقع الآن فى مرحلة مهمة وحماية العلاقات السياسية الجيدة والثقة المتبادلة سياسيا لهو أمر بالغ الأهمية لدفع عجلة التعاون البرغماتى الثنائي فى شتى المجالات .
ساركوزي يتناول الملف النووي الإيراني في الصين
هدفت زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الصين لدفن توترات الماضي مع بكين، وكسب تأييدها لقضايا عالمية مثل القضية النووية الإيرانية والإصلاحات النقدية في زيارته بكين هذا الأسبوع. ومقابل التهديدات الفرنسية بفرض عقوبات صارمة على إيران قالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية جيانغ يو ان ''الصين كانت تقول على الدوام ان الحوار والتفاوض هما السبيل الأفضل لإيجاد حل لهذه المشكلة الضغوط والعقوبات لا يمكنهما حلها بشكل جوهري'', لكنها أضافت ''يفترض أن تساعد العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن على قلب الوضع وحل المسألة بطريقة ملائمة عبر الحوار والتفاوضس.
ووفقاً لمراقبين, فإن الصين لاتعارض فرض عقوبات جديدة لكنها ترفض أن تكون مشددة وبالتالي فإن فحواها هو محور المحادثات التي ستجري خلال الأيام المقبلة كما أن بكين تريد تمرير القرار في مجلس الأمن قبل نهاية ماي المقبل حيث من المقرر أن يجتمع كبار المسؤولين الصينيين والأميركيين لإجراء ''حوار إستراتيجيس.
بدورها نفت إيران وجود أي مؤشر على دعم الصين للموقفين الفرنسي والأمريكي حيث قال الناطق باسم خارجيتها رامين مهمانباراست'' لا نعتبر التعليقات لصينية مؤشرا على اتفاق مع المسؤولين الأميركيين ودعم للولايات المتحدة لكل إجراء جائر''.وإذ كرر موقف إيران مؤكدا أنها لن توقف برنامجها النووي المدني فرضت عليها ''عقوبات جديدة وقرارات غير عادلة وغير عقلانية .
وبالمقابل قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن ''للصبر حدودا'' في الموضوع الإيراني وان العقوبات بحق القادة الإيرانيين ''قضية (ستبت) خلال الأيام او الأسابيع القريبة المقبلة''.
وأضاف ساركوزي أن ''حصول إيران على السلاح النووي لأغراض عسكرية, إضافة إلى التصريحات المتكررة للقادة الإيرانيين ضد ديمقراطية إسرائيل, تشكل خطرا وغير مقبولة'', مضيفاً ان الرئيس ''باراك اوباما تمنى ان يمد اليد'' لكن ''للصبر حدوداً ونحن في مرحلة ينبغي فيها التصويت على عقوبات, ليس بحق الشعب الإيراني بل بحق المسؤولين الذين يقودون البلد الى مأزق.
إفريقيا ..حلبة تنافس كبير بين بكين وباريس
أثار ساركوزي خلال زيارته مسألة حقوق الإنسان إرضاء للناخبين في بلاده لكن تركيزه انصب على استمالة الصين، وهي لاعب رئيسي في النزاعات الدبلوماسية الكبرى كما أنها أحد المنافسين الرئيسيين لفرنسا في إفريقيا في سعيها للحصول على المواد الخام.
فمنذ تسعينات القرن الماضي شهد الاقتصاد الأفريقي انفتاحا على القوى الاقتصادية الآسيوية خاصة منها الصين.
وقد تجاوز أخيرا حجم التبادل التجاري بين القارة الأفريقية والصين المائة مليار دولار. غداة موجة الاستقلال التي هبت على دول القارة الأفريقية الناطقة بالفرنسية، انعقد مؤتمر لمدة أسبوع ضم 29 بلدا من أفريقيا وآسيا في مدينة باندونغ في اندونيسيا في العام 1955 ، يعرف أيضا بمؤتمر دول عدم الانحياز سُلط الضوء فيه على ''الحاجة الماسة لتشجيع وتطوير الاقتصاد الأفريقي- الآسيوي''.
وبعد مرور خمسين عاما على هذا المؤتمر أصبح الحلم حقيقة.بدأ اقتصاد الدول الأفريقية يتحرر شيئا فشيئا من قبضة الدول المستعمرة السابقة وينظر إلى الجهة الشرقية من العالم. وقد كانت الروابط الاقتصادية متينة بين الشركات والمؤسسات الاقتصادية للدول المستعمرة لأفريقيا سابقا وبين اقتصاد القارة السوداء. وفي ظرف سنوات معدودة أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للدول الأفريقية. في العام 2008 سجل التبادل التجاري بين القارة السوداء والصين قفزة كبيرة في حجمه ليعادل 107 مليار دولار وهذا الرقم وحده يساوي عشر مرات حجم المبادلات التجارية قبل ثماني سنوات خلت بين الصين والقارة الأفريقية.
فقد اتجهت الصين منذ بداية التسعينات من القرن الماضي إلى تعزيز علاقاتها مع القارة الأفريقية نظرا لما تمتلكه هذه القارة من ثروات نفطية ومعدنية هائلة. ومنذ ذلك الحين اهتمت الشركات الصينية بقطاعات أخرى مثل قطاع البناء وذلك بتشجيع من السلطات الصينية. ومنذ وصوله إلى الحكم في 2003 قام الرئيس هو جين تاو بزيارة القارة الأفريقية في أربع مناسبات (في 2004 و2006 و2007 و2009) زار خلالها 18 بلدا من بينها السنغال ومالي والكامرون والغابون ونيجيريا.ولم تكن الصين البلد الوحيد الذي كان يهتم بالقارة الأفريقية. ولكن بكين اختارت إستراتيجية مغايرة وذكية مقارنة مع الدول الغربية.
وقد بدأت هذه الإستراتيجية تعطي ثمارها في القارة السمراء. فالصين التي عرفت وعاشت الاستعمار لم تحاول في علاقاتها الأفريقية فرض شروط سياسية أو إعطاء دروس لزعماء القارة الأفريقية مقابل مساعداتها الاقتصادية لهذه البلدان بل كانت تحاول أن تكون ممثل وسفير الدول الناشئة لدى الأمم المتحدة. وتعول الصين كثيرا على أصوات الدول الأفريقية في حلبة المنظمة الأممية. و''يحلو للصينيين الترديد للأفارقة بأنهم لا يريدون التدخل في شؤونهم مثلما هم لا يريدون أن يتدخل الآخرون في شؤونهم الداخلية''. هذا ما يلاحظه أنطوان غلاسر رئيس تحرير مجلة ''رسالة القارة'' والاختصاصي في أفريقيا الناطقة بالفرنسية.
وباسم الصداقة المتينة بين الصين والقارة الأفريقية، تمنح الصين العديد من البلدان الأفريقية إعانات مالية تقدر بملايين الدولارات. وقد قررت الصين عام 2005 إعفاء المنتجات الأفريقية المصدرة إلى الصين من الضرائب الجمركية. وتعهدت الصين أيضا بمواصلة مساعدتها للقارة الأفريقية ومنح هذه الأخيرة قرضا يساوي 10 مليارات دولار وذلك على مدى ثلاث سنوات.
يبدو قلق الأوروبيين واضحا من تغلغل النفوذ الصيني في القارة الأفريقية واندثار نفوذهم في هذه المنطقة التي كانت في وقت قريب تحت سيطرتهم. وقد صرح باتريك لوكا رئيس قسم أفريقيا في منظمة أرباب العمل الفرنسية (MEDEF)بأن الشركات الفرنسية لا تستطيع التنافس ''بصورة عادلة'' مع الشركات الصينية في أفريقيا وإن الزيارات المتتالية التي قام بها الرئيس هو جين تاو للقارة الأفريقية قد قلبت المعطيات.
ومن الواضح أن انشغال باريس ولندن بهذه الحالة يعكس في الحقيقة نظرة البلدين حول القارة الأفريقية. فقد كانت باريس ولندن تعتبران أن العلاقات مع المستعمرات السابقة ونظرا للروابط التاريخية ستبقى حسنة وأن هذه البلدان ستكون دائما تحت نفوذهما. ''أنها الهفوة الأساسية التي قامت بها فرنسا وبريطانيا'' تجاه القارة الأفريقية، هذا ما يستنتجه أنطوان غلاسر الذي يعتبر أن ''الصينيين دخلوا القارة الأفريقية بصورة مباشرة وبدون وساطة''.وحتى منتصف التسعينات من القرن الماضي كانت الشركات الفرنسية تسيطر على أكثر من نصف صفقات التسويق في الدول التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي.
وبعد مرور عشرين عاما على سقوط جدار برلين تواصل شركات فرنسية كبيرة مثل ''توتال'' و''أريفا'' توقيع عقود مغرية تدر أرباحا كثيرة إلا أن الوجود الفرنسي في القارة بدأ يتقلص نظرا لتراجع مكانة وصورة فرنسا في أفريقيا. ونلاحظ أيضا أن بعض الشركات الفرنسية بدأت تتخلى عمدا وبصورة تدريجية عن الأسواق الأفريقية مثل شركة ''بويغ'' التي تستغل قطاع المياه والكهرباء في أفريقيا الغربية و شركة ''فيولا'' التي غادرت تشاد.
إذن، فالصين باتت لاعباً عملاقاً في إفريقيا، تخطت مرحلة ''الدخول البطيء'' ونشر النفوذ بهدوء، إلى مرحلة تطوير علاقاتها استراتيجياً مع مختلف الدول، وبهذه القوة والقدرة الاقتصادية المتسارعة، ليبدأ نمط جديد من الصراع على إفريقيا، يعيد تشكيل التوازنات الدولية، حيث تتقلص مساحة المناطق الخاضعة للنفوذ الغربي لمصلحة الصين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.