الإحصاء العام للفلاحة.. التنمية على أسس صلبة    تجسيد التّكامل الصّناعي بين الدّول العربية    برنامج بحث واستغلال لتثمين إمكانات المحروقات    قال بسبب الظروف الجوية القاسية،وزير الداخلية الإيراني: أرسلنا فرق الإنقاذ إلى المنطقة لكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت    قسنطينة: مشاريع معتبرة منتهية وأخرى في طور الانجاز بالخروب    أولاد رحمون في قسنطينة: أزيد من 16 مليار سنتيم لرفع التغطية بالكهرباء والغاز    الفرقة الهرمونية للحرس الجمهوري.. إبداع في يوم الطالب    "فينيكس بيوتك"..أهمية بالغة للإقتصاد الوطني    الجيش الصحراوي يستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع السمارة    الطّلبة الجزائريّون..الرّجال أسود النّزال    سكيكدة - عنابة..تنافس كبير منتظر في المرحلة التّاسعة    تتويجنا باللّقب مستحق.. ونَعِد الأنصار بألقاب أخرى    نقاط مباراة اتحاد العاصمة أكثر من مهمّة    مستعدون لتعزيز التعاون في مجابهة التحديات المشتركة    رئيس الجمهورية: سنة 2027 ستكون حاسمة للجزائر    الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بباتنة توقيف مسبوقا قضائيا وحجز 385 قرصا مهلوسا    تعزيز التكفّل بجاليتنا وضمان مشاركتها في تجسيد الجزائر الجديدة    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    تعزيز المجهودات من أجل تطوير برامج البحث العلمي    سكيكدة.. نحو توزيع أكثر من 6 ألاف وحدة سكنية    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    رئيس الجمهورية: القطب العلمي والتكنولوجي بسيدي عبد الله مكسب هام للجزائر    تحسين التكفل بالمرضى الجزائريين داخل وخارج الوطن    الإحتلال يواصل سياسة التضييق و الحصار في حق الفلسطينيين بقطاع غزة    قسنطينة: إنقاذ شخصين عالقين في صخور الريميس    العدوان على غزة: هناك رغبة صهيونية في إستدامة عمليات التهجير القسري بحق الفلسطينيين    اعتقال 18 فلسطينياً من الضفة بينهم أطفال    الطارف : مديرية السياحة تدعو المواطن للتوجه للوكالات السياحية المعتمدة فقط    إبراهيم مازة موهبة جزائرية شابة على أعتاب الدوري الإنجليزي    نادي الأهلي السعودي : رياض محرز يقترب من رقم قياسي تاريخي    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي..أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    اختتام الطبعة ال9 للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة    الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" الفنزويلية يبدعان في ثالث أيام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    بن قرينة يرافع من أجل تعزيز المرجعية الفكرية والدينية والموروث الثقافي    الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الأولى    نقل بحري : ضرورة إعادة تنظيم شاملة لمنظومة تسيير الموانئ بهدف تحسين مردودها    إضافة إلى فضاء لموزعات النقود: 9 عمليات لإنجاز وتأهيل مراكز بريدية بتبسة    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الإشتراكية من تيزي وزو: يجب الوقوف ضد كل من يريد ضرب استقرار الوطن    سيساهم في تنويع مصادر تمويل السكن والبناء: البنك الوطني للإسكان يدخل حيز الخدمة    بتاريخ 26 و27 مايو: الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر 36 للاتحاد البرلماني العربي    رئيس الجمهورية يهنّئ فريق مولودية الجزائر    ميلة: استلام 5 مشاريع لمكافحة حرائق الغابات قريبا    بمشاركة مستشفى قسنطينة: إطلاق أكبر قافلة طبية لفائدة مرضى بين الويدان بسكيكدة    ميدالية ذهبية للجزائرية نسيمة صايفي    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    الجزائر عازمة على أن تصبح مموّنا رئيسيا للهيدروجين    هذا موعد أول رحلة للبقاع المقدسة    مباراة متكافئة ومركز الوصافة لايزال في المزاد    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    إعادة افتتاح قاعة ما قبل التاريخ بعد التهيئة    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام المصري ''مات إكلينيكيا''
ميدان التحرير استقبل خبر الوفاة برقم قياسي من النكت
نشر في الخبر يوم 21 - 06 - 2012

مبارك سيّر مصر 10 سنوات وبعدها أصبح جمال الحاكم الحقيقي
شكوك حول مصدر إشاعة وفاة مبارك
لم تستطع وسائل الإعلام المصرية والعربية أن تذهب بعيدا بكاميراتها عن مئات الآلاف الذين تجمّعوا بميدان التحرير، اعتراضا على الإعلان الدستوري المكمل، حتى القنوات الموالية للنظام السابق، التي يتحكم فيها رجال أعمال مبارك، والتلفزيون الرسمي المصري لم تستطع تجاهل أصوات المحتجين في معظم المحافظات المصرية.
شهدت مصر مليونية لم تشهدها منذ عدة أشهر، واجتمعت القوى الثورية من جديد حول هدف واحد هو إسقاط الإعلان الدستوري، ووقف الإخوان بجوار السلفيين وشباب الثورة واليسار والليبيراليين يهتفون ''يد واحدة''.
سوزان مبارك في مستشفى المعادي
تحوّلت القنوات التلفزيونية المصرية إلى منتديات تستضيف المحللين والسياسيين يتحدثون فيها عن مستقبل مصر في ظل رئيس بلا صلاحيات، وفجأة توقف كل هذا وتحولت الكاميرات إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، فقد تم تسريب أخبار من وزارة الداخلية المصرية إلى الصحف تؤكد على أن الرئيس المخلوع أصيب بجلطة في المخ، وفشل ثمانية أطباء من مستشفى سجن طرة في إنعاشه.. الأخبار بدأت في التداول في الحادية عشرة مساء أول أمس، وتم نقله على جناح السرعة إلى مستشفى القوات المسلحة بمنطقة المعادي، جنوب العاصمة المصرية القاهرة. والصدف كثيرة في هذا الخبر لدرجة تجعلك تشعر بالشك، فالصدفة الأولى أن كاميرا إحدى القنوات الخاصة كانت تقف أمام مستشفى المعادي والتقطت صورا من زاوية بعيدة لدخول سيارة الإسعاف المستشفى، ولم توضح الصور وجه مبارك لأنها التقطت من بعيد، شكك الكثيرون في الخبر وقتها، قائلين إنه من المستحيل طبيا نقل مريض في سن مبارك بسيارة إسعاف وهو مصاب بجلطة في المخ، وهذا يعني طبيا انتشار الجلطة في مناطق أخرى، وربما تؤدي إلى وفاته، ففي مثل هذه الحالات يفضل الأطباء عدم نقل المريض وإسعافه بحقنة مذيبة للجلطة خلال ساعتين من الإصابة بها، ويتم وضعه في أجهزة التنفس الاصطناعي، وكل هذه الإمكانيات متوفرة في مستشفى سجن طرة، لكن هذه الأصوات لم تجد من يستمع لها في هذه اللحظات، فالكل كان يلهث وراء الخبر، وتركت الكاميرات ميدان التحرير لتذهب إلى مستشفى المعادي، وبعد دقائق خرج الإعلامي عمرو أديب في برنامجه وعلى مسؤوليته الشخصية، ليؤكد نبأ وفاة مبارك، ومن بعده أصدرت وكالات أنباء الشرق الأوسط خبرا يفيد بأنه مات إكلينيكيا، لتبدأ وكالات الأنباء في العالم تهتم، وأبرزت ''السي أن أن'' خبر وكالات أنباء الشرق الأوسط.
إلا أن إحدى كبرى مراسلات ال''سي أن أن''، كتبت على حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي ''تويتر'' أن مبارك لم يمت إكلينيكيا، وأنه في حالة نفسية سيئة، من هنا بدأ الشك في مدى دقة هذا الخبر، فقد كتبت صحيفة ''نيويورك تايمز'' في صدر موقعها على الأنترنت (مبارك.. يقال إنه مات إكلينيكيا).
في الداخل، ذهبت مجموعة ''إحنا آسفين يا ريّس'' التي تدين بالولاء للمخلوع إلى المستشفى، وتجمّع العشرات منهم أمام الأبواب، ودخلوا في مشادات كلامية مع الشرطة، مطالبين بإغلاق الطريق المؤدي إلى المستشفى كاملا، لأنهم يخشون من هجوم شباب الثورة عليهم، لكن الشرطة رفضت، وتحوّل المستشفى في الثانية صباحا إلى ثكنة عسكرية، احتشد حولها العشرات من جنود الشرطة العسكرية والجيش والمدرعات، إلا أن هذه الحشود اختفت فجأة مثلما ظهرت فجأة صباح أمس، بعد ثماني ساعات فقط، وحسب التسريبات، فإن سوزان مبارك توجهت إلى المستشفى رفقة حماة ابنها جمال، ودخلتا عبر الباب الخلفي في حراسة مشددة، خوفا من أن يلحظهما أحد، ومثلما صعد الخبر بقوة الصاروخ وغزا الفضائيات هبط بنفس القوة، بعدما أنكر اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكري في تصريح ل''سي أن أن'' وفاة مبارك إكلينيكيا، وقال المسؤولون بوكالة أنباء الشرق الأوسط، جاء الخبر من أحد المراسلين ولم يتم تأكيده بشكل كبير، هذه النقطة تحديدا تعود بنا إلى ميدان التحرير.
''التحرير'' يصف خبر الوفاة ب''الإشاعة''
استقبل مئات الآلاف خبر موت مبارك إكلينيكيا، بهتاف ''إشاعة'' وظلوا يهتفون نفس الهتاف الذي رج الميدان، وكتب بعض شباب الثورة لافتات قالوا فيها ''من يقول لك إن مبارك مات إكلينيكيا رد عليه وقل، أرفض الإعلان الدستوري المكمل''، ولافتة أخرى كتب عليها ''من يقول لك إنني أشعر بالتعاطف مع مبارك، فقل له وأنا أيضا أشعر بالتعاطف مع آلاف المصريين الذين ماتوا على أبواب المستشفيات دون أن يدخلوها، لأن ليس لديهم المال الكافي لتغطية تكاليف العلاج''.
الميدان لم يصدق خبر الوفاة واعتبره ورقة جديدة لصرف انتباه الرأي العام عن مطالب المعتصمين، خاصة أنه تم ترويج أكثر من عشرين إشاعة أول أمس، أطلقتها جهات بعينها بهدف إبعاد الأضواء عن ميدان التحرير، ومن أهم هذه الإشاعات القبض على خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين والرجل الأقوى بها، والدكتور محمد البلتاجي، القيادي بالجماعة وأقرب أعضائها إلى شباب الثورة، والتحقيق مع العاملين بالمطابع ''الأمرية'' بتهمة تزوير مليون بطاقة انتخابية لمحمد مرسي، وهروب شفيق من مصر بعد هزيمته في الرئاسيات، ولقاء سري بين رئيس مجلس الشعب المحل، سعد الكتاتني، وسامي عنان، نائب رئيس المجلس العسكري لعقد صفقة، وتم نفي هذه الإشاعات.. كثرة الإشاعات جعلت البعض يقول إن الصحفيين ماتوا إكلينيكيا من كثرة اللهث وراء هذه الأخبار الخاطئة، من هنا تبدأ خفة دم المصريين.
عندما يتحوّل خبر الموت إلى نكتة
لو أن هناك أرقاما قياسية عالمية حول العدد الأكبر من النكت التي صدرت في يوم واحد عبر التاريخ، لحققها خبر وفاة مبارك دون منازع، فلم تتوقف النكت والعبارات الساخرة لحظة واحدة، ومنها ''عاجل: مبارك يعقد مؤتمرا صحفيا بعد دقائق يعلن فيه خبر وفاته''، و''مرسي الرئيس الإكلينيكي لمصر''، و''السرير في تصريحات لوكالات الأنباء العالمية ينفي مسؤوليته عن وفاة مبارك''، و''الجميع يشعر بالسعادة في مصر، أنصار مرسي يحتفلون بفوزه وأنصار شفيق يحتفلون بفوزه، وكارهو مبارك يحتفلون بموته، ومحبو مبارك يحتفلون ببقائه على قيد الحياة''، ''الإخوان يحتفلون بفوز مرسي والفلول يحتفلون بفوز شفيق.. مبروك مصر ولدت توأما''.
المدير السابق لمكتب الرئيس المخلوع، اللواء شفيق البنا ل''الخبر''
مبارك سيّر مصر 10 سنوات وبعدها أصبح جمال الحاكم الحقيقي
جنازة مبارك ستكون عسكرية محدودة من دون مشيّعين
الرئيس المخلوع طرد خادما له لأنه أكل موزة في المطبخ
تحدث اللواء شفيق البنا، الذي أدار مكتب الرئيس المصري المخلوع، وعاش 25 سنة في قصر مبارك، عن علاقته بهذا الأخير والتحوّل الكبير الذي حدث في حياته بعد محاولتي الاغتيال اللتين تعرض لهما في أديس أبابا وبور سعيد، واللتين ترك على إثرهما الحكم لنجله جمال، ليستقر في قصره بشرم الشيخ، وقال البنا في حوار مع ''الخبر'' إن مبارك كان يعتز بمصريته ويأكل ويلبس من إنتاج محلي.
بحكم معرفتك وعلاقتك بمبارك، كيف استقبلت خبر دخوله في غيبوبة، وما صحة أخبار موته إكلينيكيا؟
مبارك مصاب بصدمة عصبية شديدة جدا، وبحالة اكتئاب حادة تسببت في إصابته بجلطات مستمرة، فهو حتى الآن في مرحلة الإنكار ولا يريد أن يصدق بأنه مسجون مثله مثل أي أحد ارتكب جريمة ونال العقاب، لكنه في المقابل يدرك جيدا بأنه مسجون، ومبارك طيّار، ومعروف عن الطيارين أنهم لا يحبون إلا أنفسهم.
وما سبب إثارة خبر الوفاة في هذا التوقيت بالذات ومصر على أعتاب الإعلان عن رئيس جديد؟
أعتقد أن إشاعة وفاة مبارك هي تمهيد لفوز أحمد شفيق بكرسي الرئاسة، حتى ينشغل الرأي العام بقضايا أخرى، ويبتعد عن قضيته الرئيسية، وربما يكون تصوري خاطئا، لكن هذه اجتهاداتي الشخصية، وأعتقد أن الإعلان عن فوز شفيق بالرئاسيات هو الوسيلة الوحيدة لحماية مصر من الأعداء الذين يتربصون بها، خاصة بعد أن نشرت إسرائيل دباباتها على الحدود مع مصر وأعلنت حالة التأهب القصوى، مباشرة بعد الإعلان عن النتائج غير الرسمية التي منحت الفوز لمرشح الإخوان بمنصب الرئيس، أضف إلى ذلك كمية الأسلحة المهولة التي دخلت مصر منذ يومين.
كيف سيكون وقع إعلان خبر وفاة مبارك على الأحداث اليومية الملتهبة التي تعيشها مصر؟
وفاة مبارك لن تهدئ من روع أهالي الشهداء والشارع الساخط، فوجوده مثل عدمه، لأنه ترك الحكم منذ حوالي 15 سنة لنجله جمال، وبوجوده سيتمسك أهالي الشهداء بالثأر والقصاص لذويهم.
هل لك أن تحدثنا عن الانقلاب في حياة مبارك وظهور فكرة التوريث؟
كان مبارك متابعا جيدا لكل ما يجري في مصر خلال العشر سنوات الأولى من الحكم، وكان يهتم بالبنية التحتية للبلد، ومشاريع الاستثمار من أجل توفير فرص العمل، وكان يعتز بمصريته ولا يلبس أو يأكل إلا ما يصنع في مصر، حتى أثاث بيته كله صناعة محلية، وبعد مرور عشر سنوات بدأ يتحول تدريجيا نحو قبول أشياء خارجية، بعد تعرضه لمحاولتي اغتيال، الأولى في أديس أبابا سنة 1995، والثانية في بور سعيد في سبتمبر 1999، بعدها ترك مبارك الحكم لابنه جمال واستقر في قصره بمدينة شرم الشيخ، وأصبح جمال الحاكم الحقيقي لمصر، ففعل بها ما يشاء دون مراقبة أو مراجعة من أحد، ووصل بنا إلى هذا الحال المؤسف، ومبارك لم تكن له علاقة بالأحداث في مصر طوال الخمسة عشر عاما الأخيرة، وكان يقضي يومياته في شرم الشيخ ويمارس البروتوكولات الرسمية التي يجب أن يظهر فيها فقط.
ما هي المواقف التي تتذكرها لمبارك؟
مبارك شأنه شأن أي إنسان، كانت له مواقف إيجابية وأخرى سلبية، أتذكر مرة، كان أحد العاملين في القصر يعاني من مشاكل في السمع، وكان يحتاج لجهاز طبي يوضع في الأذن لمساعدته على السمع، فعرضت القضية على الرئيس، واتصل مباشرة بمدير الإدارة بقصر الرئاسة وأحضر له سماعة على الفور، وعلى النقيض، أكل أحد العاملين بالقصر الرئاسي موزة، فقام مبارك بعزله وطرده من القصر، ولما حاولت احتواء الوضع، قال لي لن يعود إلى العمل ''ليه هو كل واحد ياكل بمزاجه''.
كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن مراسم تشييع جنازة مبارك، وتباينت الآراء بين أن تكون عسكرية أو عادية، ما رأيك؟
جنازة مبارك ستكون عسكرية محدودة في سرية تامة وفي مكان بعيد، ومن دون مشيعين حتى لا تحدث مشاكل مع أهالي الشهداء الذين سقطوا أثناء الثورة، والراغبين في الانتقام من قتلة ذويهم، حيث سيصعب السيطرة عليهم واحتواء الموقف، وأعتقد أنه سيدفن في المدافن التابعة للجيش.
القاهرة: حاورته مراسلة ''الخبر'' سهام بورسوتي
تأرجحت بين الإستراتيجية والقطيعة والبرودة
العلاقات الجزائرية المصرية من عبد الناصر إلى مبارك
العلاقات الجزائرية المصرية كانت إستراتيجية في عمومها، ولكنها كانت عاصفة في بعض الأحيان..أما أزهى أيام هذه العلاقات فكانت في عهد عبد الناصر، وعرفت قطيعة في عهد السادات وتميزت بالبرودة في عهد مبارك.
بدأت توترات العلاقات الجزائرية المصرية في عهد عبد الناصر، عندما حاول فتحي الذيب، المكلف بملف الثورة الجزائرية في المخابرات المصرية، حشر أنفه في قضايا الثورة الجزائرية في الخمسينات.. فقررت قيادة الثورة نقل القيادة من مصر إلى تونس لكف يد الأمن المصري عن اللعب داخل الثورة الجزائرية.. وقد فهم ناصر وقتها أن علاقة مصر بالثورة الجزائرية لا يعطيها الحق في حشر الأنف فيها أكثر مما يريد الجزائريون، وحادثة العقداء في الحدود خير دليل.
مناوشات بين بومدين وعبد الناصر
وتطورت العلاقات مع وصول بن بلة إلى الرئاسة سنة .1962 لكن عادت العلاقات إلى خانة العلاقات العادية بعد 19 جوان 1965 ومحاولة عبد الناصر حشر أنفه فيما حدث.. لكن سرعان ما عادت العلاقات إلى حالة العلاقات الإستراتيجية بعد هزيمة 1967 والموقف الذي وقفته جزائر بومدين إلى جانب مصر.
وكان بومدين وعبد الناصر وراء قرارات مؤتمر الخرطوم سنة 1968 ولاءاته الثلاث، ولكن مناوشات حصلت بين بومدين وعبد الناصر في مؤتمر الدار البيضاء في الجلسة المغلقة عندما طالب بومدين وفيصل الرئيس المصري بتقديم كشف الحساب عن الأوجه التي صرف فيها المبالغ المالية التي وضعها الرؤساء والملوك العرب تحت تصرف مصر في مؤتمر الخرطوم.. فغضب عبد الناصر واتهم أصحاب هذا الطلب بالرجعيين.. فما كان من بومدين إلا أن حمل كرسيه وجلس بجانب فيصل قائلا لعبد الناصر: ها أنا ذا أيضا من الرجعيين.. وعندما مات عبد الناصر أحس بومدين أن ظهر العرب قد كشف للعدو.
وعندما ذهب السادات إلى إسرائيل شعر بومدين بغضب شديد وقال: أنا قلت للسادات أنتم أدرى بتسيير أموركم، ولكن لم أقل له اذهب إلى تل أبيب؟!
ولعب بومدين دورا أساسيا في حكاية ميلاد جبهة الصمود والتصدي وتجميد عضوية مصر في الجامعة العربية، بل ونقل الجامعة من مصر إلى تونس. وكان بومدين يقول دائما: إن مصر حوتة كبيرة وقد اصطادها الغرب والسادات كان هو طعم الاصطياد!
مبارك في الجزائر لاستعادة ''ميغ 41''
وعندما جاء مبارك إلى الحكم كان بومدين قد انتقل إلى رحمة الله.. كانت العلاقات الجزائرية المصرية مقطوعة، ولم يكن مبارك شخصية قوية يمكن أن تؤثر على الشاذلي، لذلك بقيت العلاقات على حالها.
كان لمبارك موقفه الخاص من الجزائر.. وكان للجزائر موقفها أيضا من مبارك.. فمبارك هو الذي أرسله عبد الناصر في سنة 1965، عندما أطيح ببن بلة من الحكم، لاستعادة طائرات الميغ 14، الرابضة في قاعدة ورفلة الجوية التي انسحبت منها القوات الفرنسية، وهي الطائرات التي أهداها عبد الناصر لبن بلة سنة 1963 إثر الهجوم المغربي على الحدود الجزائرية الغربية.. وحدث أن أقام مبارك في الجناح المخصص لضباط القاعدة الجوية، وطلب إحضار الأكل له في الغرفة باعتباره ضابطا ساميا، ولا يمكنه النزول إلى المطعم، ولكن المجاهدين في القاعدة آنذاك لا يعترفون ب''البيه''، فقالوا له إما أن تنزل إلى المطعم أو أن تتحمّل الجوع، فالمجاهد لا يمكن أن يخدمك في الغرفة!
يخاطب الجزائر عبر باريس
مبارك أيضا ونتيجة احتكاكه بالجزائريين في الطيران تكوّنت له فكرة عن الجزائر والجزائريين، فكرة مفادها أن هذه البلاد قطعة من فرنسا.. وأنه بإمكانه أن يخاطب الجزائر والجزائريين عبر باريس.. ولذلك كان مبارك دائما عندما يزور الجزائر يذهب منها إلى باريس، وعندما يزور باريس ينتقل منها إلى الجزائر.. فكان دائم التنسيق مع باريس بخصوص المسائل التي تخص العلاقات الجزائرية المصرية، وهذا التصور أزعج الجزائريين كثيرا وترك العلاقات الجزائرية المصرية تترنح دائما.
وكان الرئيس مبارك في الشأن العربي ينسق مع السعودية والمغرب ودول الخليج أكثر مما ينسق مع الجمهوريات، مثل الجزائر وتونس والعراق وسوريا، وهو ما جعل الجامعة العربية تتورط في قضايا خطيرة وحساسة، لعب فيها مبارك مع الملوك دورا كارثيا.. مثل قضية معالجة ملف غزو العراق للكويت وملف لبنان وملف السودان.
كانت الجزائر منزعجة من تصرفات مبارك في الجامعة العربية، حيث كان يجتمع بالسعودية والأردن، وفي بعض الأحيان سوريا، ويعد القرارات ثم يدعو بقية الدول الأخرى ومنها الجزائر للمصادقة عليها، وهذا التصرف هو الذي أدى إلى انتفاضة الجزائر ضد ممارسات مبارك والمطالبة بإصلاح الجامعة العربية عبر نظرية تدوير الأمانة العامة.
التوريث على حساب ''الخضر''
ووصل الحال بمبارك، ذات مرة، عندما استقبله بوش الابن في مزرعته بأمريكا ولامه على أنه لم يبذل جهدا في إقناع الجزائر بالاعتراف بإسرائيل، أن قال لبوش ''إذا أردت أن تعترف الجزائر بإسرائيل، عليك بإقناع الرئيس شيراك بالضغط عليها.. فهو بالغ التأثير على بوتفليقة''.
وجاءت أحداث التوريث في مصر على حساب فريق كرة القدم الجزائرية لتزيد من متاعب العلاقات الجزائرية المصرية، بسبب موقف عائلة مبارك من الأحداث، وتطور هذا الموقف إلى حد أن الرئيس مبارك نفسه هدد الجزائر أمام البرلمان المصري، وهو ما أدى إلى رد فعل جزائري عملي طال العديد من المصالح المصرية في الجزائر.
وبعد رحيل مبارك تم ترميم التصدعات الكبيرة التي أحدثها وعائلته ورجال إعلامه في العلاقات الجزائرية المصرية.
الجزائر: سعد بوعقبة
عمل دون هوادة للحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل
حسني مبارك الراعي الرسمي لاتفاقية كامب ديفيد
قضى الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك، قرابة ثلاثين عاما على رأس الحكم، سعى خلالها إلى الحفاظ على التوازنات الإقليمية التي تحافظ على دور مصر الريادي في قيادة المنطقة العربية، وأكثر الملفات التي تجلى فيها ذلك العلاقة مع إسرائيل، لكون مصر الدولة العربية الوحيدة التي أقرت التعامل مع الدولة العبرية من منطلق الاعتراف بسيادتها.
والحال أن حسني مبارك ورث بتوليه الرئاسة سنة 1981 اتفاقية السلام كامب ديفيد، التي وقعها سابقه محمد أنور السادات، وعمل على الالتزام بها بالرغم من المعارضة الشديدة للشارع المصري والطبقة السياسية بمختلف تياراتها في مصر، وتميزت فترة تولي مبارك الحكم بدخول حيز التنفيذ لبنود معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل سنة 1979، إذ بدأ التمثيل الدبلوماسي بين البلدين رسميا وفتح السفارات رسميا قبيل جلوس مبارك على كرسي الرئاسة.
وكان من المنتظر أن يستمر الرئيس المصري في تنفيذ بقية بنود اتفاقية السلام، على اعتبار أنها تقضي بأن يمتد التعاون إلى كل المجالات بما في ذلك التجاري والثقافي، غير أن مكانة مصر بين الدول العربية حالت دون قدرتها على فك الارتباط بالقضية الفلسطينية، ما جعل العلاقة بين مصر وإسرائيل تقتصر على الجانب الرسمي دون غيره.
وما زاد تعقيد المسألة بالنسبة للرئيس حسني مبارك، الذي لم يتمكن من بعث العلاقة مع إسرائيل بكل ما تتضمنه اتفاقية السلام من بنود، الرفض الشعبي للاعتراف بالدولة العبرية، على اعتبار أن مفهوم السلام مع إسرائيل لم يكن يعكس حالة من التقبل بقدر ما يحيل إلى الرغبة في عدم العودة إلى حالة الحرب مع إسرائيل.
ومن بين البنود التي أثارت استياء شعبيا وسياسيا وضع صحراء سيناء، إذ تنص الاتفاقية على حظر نشر قوات مصرية مسلحة، الأمر الذي رأت فيه المعارضة المصرية انتقاصا من سيادة الدولة، غير أن الرئيس التزم باحترام البند القاضي بعدم نشر قوات مسلحة، ما زاد السخط عليه.
وقد عمل الرئيس حسني مبارك، طيلة فترة حكمه، على الالتزام ببنود اتفاقية السلام، حتى عند اندلاع النزاع حول منطقة ''طابا'' الحدودية، فضّل مبارك اللجوء إلى المحكمة الدولية لاسترجاع ''طابا'' بدلا من خوض نزاع مباشر ولو سياسي مع إسرائيل، فكان الحكم الدولي لصالح مصر سنة 1988، وسعى مبارك إلى الحفاظ على هدوء العلاقة بين الدولتين بمعية الراعي الرسمي لهذا السلام، الولايات المتحدة الأمريكية.
ويبدو أن مبارك أدرك أن العلاقة مع إسرائيل لن تتجاوز الحفاظ على التوازن، ما جعله يمسك العصا من الوسط، من خلال الاستمرار في لعب دور الوساطة في مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما يفسر رمزية الزيارة الوحيدة التي قام بها إلى إسرائيل سنة 1995 لتقديم العزاء في رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين باعتباره من دعاة السلام.
أما على الصعيد الداخلي، فقد اكتفى محمد حسني مبارك بمنح هامش من الحرية لكل معارضي الكيان الصهيوني في التعبير عن آرائهم كنوع من المتنفس، على أن تستمر السياسة الرسمية في احترام الاتفاقية الموقعة، وزاد في تعميق السخط الشعبي ضده من خلال ما أصبح يعرف في مصر بصفقة الغاز سنة 2005، إلى جانب إقدامه على تكريس حصار قطاع غزة سنة 2009، وهي أمور يرى المراقبون أنها ساهمت في تأكيد القناعة الشعبية بضرورة رحيله.
الجزائر: سامية بلقاضي
مبارك.. ''الزعيم'' الذي ألقى به شعبه في السجن
محمد حسني مبارك، أو كما لقّب بآخر فراعنة مصر، حكم المصريين بيد من حديد طيلة 30 سنة، جعل كل السلطات بين يديه، وجعل مصر، التي كانت القلب النابض للوطن العربي والمدافع عن قضاياه والقضية الفلسطينية بشكل خاص، دولة تطبق الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وحليفها وحليف إسرائيل الأول، لتفقد مصر دورها الإستراتيجي ونفوذها الإقليمي لصالح دول إقليمية أخرى على غرار إيران وتركيا وحتى قطر. لكن فرعون مصر الأخير الذي كان يحضّر لتوريث الحكم لابنه جمال، وجد نفسه في مواجهة لعبة القدر، التي حكمت عليه أن يقضي آخر أيام عمره وراء قضبان السجن بمزرعة طرة.
ولد مبارك في 4 ماي 1928 في قرية كفر المصيلحة في محافظة المنوفية، بمنطقة الدلتا شمال القاهرة. وعقب انتهائه من تعليمه الثانوي التحق بالكلية الحربية في مصر، في سلم القيادة العسكرية ليصبح سنة 1972 قائدا للقوات الجوية ونائبا لوزير الدفاع.
وفي عام 1973، اشترك في التخطيط لحرب 6 أكتوبر، حيث بدأ الهجوم المصري على القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل شبه جزيرة سيناء، ساعد في دعم عبور القوات المصرية لقناة السويس واقتحام خط بارليف، ما كان له أثر كبير في تحويل مبارك إلى بطل قومي، وقد رقي مبارك في العام التالي للحرب إلى رتبة فريق، ثم اختاره الرئيس المصري السابق أنور السادات نائبا له في عام .1975 كان دور مبارك أساسيا أيضا في التفاوض مع إسرائيل حتى التوصل إلى اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، ومعاهدة السلام التي وقعت عام .1979 وبعد اغتيال السادات في 6 أكتوبر 1981، أدى مبارك القسم كرئيس للبلاد في 14 من نفس الشهر. أعيد انتخابه رئيسا للبلاد في استفتاءات شعبية، كمرشح أوحد أعوام 1987، و1993و.1999 وفي عام 2005 أقدم مبارك على تعديل دستوري جعل انتخاب الرئيس بالاقتراع السري وأعيد انتخابه بتفوق كاسح.
التزم باتفاقية السلام مع إسرائيل متحديا القوى المعارضة لها، وقد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام .1995
خلال سنوات ولايته الخامسة تعرض لضغوط داخلية متزايدة لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، واعتبارا من 25 جانفي 2011، شهدت مصر انطلاق الثورة الشعبية في إطار ما يعرف بثورات الربيع العربي، ليكون ثاني رئيس بعد الرئيس التونسي الذي يسقط بفعل الثورة. ليعلن نائبه عمر سليمان تخليه عن منصب الرئاسة يوم 14 فبراير وتكليف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد. ليحال بعدها للمحاكمة هو ونجلاه وعدة مسؤولين سامين في نظامه. وفي الثاني من جوان الجاري، قضت محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة مبارك بالسجن المؤبد لمسؤوليته عن قتل المتظاهرين، وهي العقوبة ذاتها التي نالها وزير داخليته، بينما برّأت المحكمة المعاونين الستة، بينما قضت المحكمة بانقضاء الدعوى القضائية ضد مبارك ونجليه في قضية استغلال النفوذ ونهب المال العام.
الجزائر: ر. شنوف / الوكالات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.