عين عبيد في قسنطينة : مديرو الابتدائيات يلوحون بوقفة احتجاجية للمطالبة بالسكنات الالزامية    تسخير كافة الإمكانيات لاستحداث قاعدة بيانات دقيقة : والي خنشلة يعطي إشارة انطلاق الإحصاء العام للفلاحة    بمناسبة "يوم الطالب" : والي سكيكدة تكرم طلبة متميزين بجامعة 20 أوت 1955    فلسطين: التوغل العسكري الصهيوني في رفح سيؤدي إلى "كارثة محققة"    سوق أهراس: الوالي يعاين عدة مشاريع في أولاد إدريس وعين الزانة    قسنطينة : تنظيم يوم دراسي علمي تحت شعار "نحو تقديم أحسن خدمة للمريض"    التنظيمات الطلابية تشيد ب"النقلة النوعية" التي حققها قطاع التعليم والبحث العلمي خلال السنوات الأخيرة    حج 1445ه /2024 م: "حجاجنا الميامين مدعوون لأن يكونوا خير سفراء لوطنهم"    إيران: وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    بمشاركة وزير الري.. افتتاح المنتدى العالمي ال10 للماء ببالي    زيتوني: مشروع "فينكس بيوتيك" سيشرع في تسويق منتجاته الصيدلانية في غضون 18 شهرا    الجزائر تواصل الضّغط على مجلس الأمن    الذكرى ال 51 لاندلاع الكفاح المسلح : تأكيد على فشل المقاربة الاستعمارية في الصحراء الغربية    السيتي بطلا للدوري الإنجليزي لرابع مرّة توالياً    تعرّضت لحملة حقد وكراهية لا تطاق بفرنسا    عرقاب في زيارة عمل إلى الكونغو لبحث توسيع آفاق التعاون الطاقوي    اختتام المهرجان الوطني لإبداعات المرأة    حرفة عريقة بحاجة إلى تثمين    الجزائر العاصمة: حجز أزيد من 25 ألف قرص من المؤثرات العقلية    جهود لتثمين الموقع الأثري لرجل تيغنيف القديم    جامعة الجزائر 1 تنظم احتفالية    الطالب.. بين تضحيات الماضي ورهانات المستقبل    جيتور ستصنع سياراتها في الجزائر    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي    عطّاف: إفريقيا تمرّ بمنعطف حاسم    إطلاق مشروع فينيكس بيوتك    السيد دربال يستعرض حالة العلاقات الثنائية مع رئيس سلطة المياه الفلسطينية    السيد دربال يتحادث ببالي مع الوزير السعودي للبيئة و المياه و الفلاحة    طواف الجزائر للدراجات : الجزائريون أمام حتمية الاستفاقة لاستعادة القميص الأصفر بعنابة    طواف الجزائر للدراجات    لتوفره على مرافق عصرية تضمن تكوينا نوعيا للطلبة،الرئيس تبون: القطب العلمي والتكنولوجي بالمدينة الجديدة يعد مكسبا هاما للجزائر    تفعيل تواجد الجزائر في منظمة الأمن والتعاون بأوروبا    مرافقة الطلبة في إنشاء مؤسّساتهم ومشاريعهم الابتكارية    هيئة إفتاء مصغرة لمرافقة الحجاج إلى البقاع المقدسة    ربط سكيكدة بالطريق السيار "شرق-غرب" مشروع مستعجل    بحث فرص رفع المبادلات المقدرة ب700 مليون دولار سنويا    قوات الاحتلال تحاصر مستشفى "العودة" شمال غزة    الآفات الزراعية محور يوم دراسي ببسكرة    برنامج استعجالي لتهيئة محطات القطار الكبرى عبر الوطن    كلوب بروج وأندرلخت البلجيكيَين يتنافسان لضم قادري    اللباس الفلسطيني.. قصة مقاومة يحاول المحتل طمسها    صور بهية ومتنوعة عن "ميموزا الجزائر"    إبراز دور الشيخ الإبراهيمي في الثورة التحريرية    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    أندية إنجليزية تراقب اللاعب الواعد مازة    تتويجنا باللّقب مستحق.. ونَعِد الأنصار بألقاب أخرى    نحو إصدار مؤلف جديد يجمع موروث سكان "الوريدة"    دورة تكوينية لفائدة مسيري الجمعيات واعضائها ببسكرة    محرز "الغاضب" يردّ على شائعات خلافاته مع مدرب الأهلي    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    قتيل و5 جرحى في اصطدام تسلسليّ    حجز آلاتي حفر بعين الذهب والنعيمة    الصحراويون يُحيُون الذكرى ال 51 لاندلاع الكفاح المسلح    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركت النقد لأهله
مرايا
نشر في الخبر يوم 10 - 01 - 2013

يطلب مني قرّاء هذا الركن، وفي كثير من المرّات، أن أكتب عن الروايات الجزائرية الجديدة التي تصدر من حين لآخر. لكن، في كل مرة، أعتذر لهم، وأفضل الكتابة عن هواجسي الأدبية الخاصة.
والحقيقة أنني أرفض أن أتحوّل إلى ناقد، لأنني أفتقد لثقافة النقد الأدبي حتى أحكم على كتابات غيري. ومن الكتب التي أنفر منها غالبا، وقلّما أقرأها، كتب النقد الأكاديمي. ثم إنني أرفض أن أستولي على مهنة غيري، أنا الذي تسلل إلى فضاء التاريخ خلسة، فوصفني أساتذة التاريخ، منذ أن صدر لي كتاب حول فرحات عباس، بالمتسلل. وأعتقد أن هذا يكفي، ولا أريد أن أغضب النقاد، وأزاحمهم في أمور تستعصي عليّ.
وقد حدّثني المرحوم الطاهر وطار ذات يوم بمقر الجاحظية، وقال إنه يرفض الكتابة عن الأعمال الروائية الجديدة، من منطلق أنه روائي وليس ناقدا. فالروائي، حسبه، يملك نظرة ذاتية للإبداع، ويقرأ الرواية أو القصة من زاوية ضيّقة، وهو الخطأ الذي ينأى عنه الناقد، صاحب النظرة الأكثر اتساعا. وقد أخذت منه هذه الحكمة، وقرّرت ترك النقد لأهله.
لكن هذا لا يعني أنني لم أمارس الكتابة عن الإصدارات الروائية والقصصية الجديدة. بالعكس، فقد كتبت إلى غاية، نهاية التسعينيات تقريبا، مقالات كثيرة عن أعمال روائية كتبها الجيل الجديد. وأعترف أنني كنت أكتب وفق نظرتي الخاصة للأدب، فقد كنت صاحب نظرة للرواية والقصة القصيرة، نبعت من قراءاتي العديدة آنذاك للأدب اللاتينو أمريكي، ومن تأثري بالسينما الإيطالية، وبالضبط تيار الواقعية الجديدة الذي حملني إلى الاعتقاد بأن الفنان لا ينتج إلا ما يلتصق بالواقع. فحصرت نفسي في أدب الواقعية وهوس السياسة، إلى حدّ أنني كنت أقيس كل الأعمال الإبداعية بهذا المقياس. فإن كانت واقعية وفيها اهتمام بالسياسة، أعجبتني، أما إذا خالفت هذا وجانبت معتقداتي، قلت حينها إنها رواية سيّئة. وهنا يكمن الخطأ الذي وقعت فيه، وأعترف أن هذا التصوّر حمل لي كثيرا من العداء.
ولا بد أن أشير هنا إلى تأثير عميق مارسه عليّ كتاب لن أنساه أبدا، وهو كتاب الدكتور رشاد رشدي حول ''القصة القصيرة''. تعلمت من هذا الكتاب الذي قرأته مرات عديدة وأنا دون العشرين، مسألة في غاية الأهمية، وهي مسألة ''المعادل الموضوعي'' في الأدب، أي تلك اللحظة التي تخلق توافقا بين الواقع ونفسية شخصية الرواية أو القصة.
لكن ما أود الإشارة إليه هو أنني أنتمي إلى جيل فتح أعينه على تحوّلات جيل الايديولوجيا، وبالأخص الطاهر وطار وهو يكتب ''تجربة في العشق''، ويحفر في ذاته، وبن هدوفة وهو يصبح ناقدا غير راض عن تحوّلات ما بعد أكتوبر. كما فتحت عينيّ على بدايات جيل ''الوضعية البشرية'' التي يمثلها جيل الثمانينيات. بدأت بقراءة ''نجمة الساحل'' لعبد العزيز بوشفيرات (وقد تبناه بوجدرة)، وبعض أعمال محمد مفلاح (وقد تبناه وطار)، وهي الأعمال الغارقة في الواقعية، والتي كانت تذكّرني ببؤس الروايات الأمريكية، من جون شتاينبك إلى ارسكاين كالدويل. وعلى المستوى السياسي، التزمت بقيم الحداثة السياسية والديمقراطية وروح الجمهورية، ودافعت عن هذا الخيار، وعرّضت حياتي للخطر، في الوقت الذي كان فيه دعاة تيار الذاتية في الأدب (وهم خصومي الأدبيين في تلك المرحلة) لم يكتشفوا بعد هذا التوجه، بل كانوا منخرطين في رابطة ''إبداع'' المقرّبة من التيار الإسلاماوي، والتي كانت تنادي بالأدب الإسلامي، وتدعو إلى حرق روايات رشيد بوجدرة، ومحاربة الشيوعية. وبعد أن كتبت دراسة مطولة نشرت بجريدة ''الخبر'' يوم 3 نوفمبر 1990 حول ''نقد الأدب الإسلامي''، تموقعت في خانة التيار الحداثي، فكانت روايتي الأولى ''الانزلاق'' تعبيرا عن أفكاري.
حملتني هذه الخيارات إلى الوقوف موقف المعارض لطروحات الإسلاميين والسلطة، على حد سواء. وكنت أكتب للتعبير عن قناعاتي الأدبية، في زمن كان فيه النقاش وإبداء الرأي ظاهرة منتشرة. ولا بد أن يعرف الجيل الحالي أن ذلك الزمن الذي شهد بداياتي الأدبية، كان زمنا يغلي بالأفكار والخصومات الأدبية، ولم يكن زمنا مسطحا وراكدا مثلما هو الحال اليوم. لكن الذي حدث أن الخصومات الأدبية كانت عبارة عن انعكاس للمعركة السياسية. من هذا المنطلق، كتبت مقالات كثيرة عن روايات لم تعجبن، وقصص قصيرة كتبها أصحابها بغير تصوّري للقصة ولتيار الواقعية، فقلت إنها سلبية. لكن بعد مرور السنين، أدركت حجم الخطأ الذي وقعت فيه. أصبحت أؤمن بأن الروائي لا يجب أن يتحوّل إلى ناقد، وعليه أن يكتفي بالقراءة والكتابة عن هواجسه، ويترك نقد الرواية للنقاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.