هجرة غير نظامية: مراد يشارك بروما في اجتماع رفيع المستوى يضم الجزائر، إيطاليا، تونس وليبيا    لعقاب : الانتهاء من إعداد النصوص التطبيقية المنظمة لقطاع الاتصال    أكثر من مليون ونصف مترشح لامتحاني شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط دورة يونيو 2024    الجزائر/موريتانيا : افتتاح الطبعة السادسة لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط بمشاركة 183 عارضا    الجزائر تؤكد من نيويورك أن الوقت قد حان لرفع الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي ويكشف: نحو تنظيم دورات تكوينية لصحفيي الأقسام الثقافية    "تحيا فلسطينا": كتاب جديد للتضامن مع الشعب الفلسطيني    سليمان حاشي : ابراز الجهود المبذولة لتسجيل عناصر ثقافية في قائمة الموروث الثقافي غير المادي باليونسكو    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران 2024: الدراج أيوب صحيري يفوز بالمرحلة الأولى    وفاة 8 أشخاص تسمما بغاز أحادي أكسيد الكربون خلال شهر أبريل الماضي    وزير الصحة يشرف على افتتاح يوم علمي حول "تاريخ الطب الشرعي الجزائري"    قسنطينة..صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 مايو    مجمع الحليب "جيبلي": توقيع اتفاقية اطار مع وكالة "عدل"    اجتماع الحكومة: الاستماع الى عرض حول إعادة تثمين معاشات ومنح التقاعد    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    اليوم العالمي لحرية الصحافة: المشهد الإعلامي الوطني يواكب مسار بناء الجزائر الجديدة    معادن نادرة: نتائج البحث عن الليثيوم بتمنراست و إن قزام ايجابية    السيد عطاف يجري بكوبنهاغن لقاءات ثنائية مع عدد من نظرائه    معرض الجزائر الدولي ال55: نحو 300 مؤسسة سجلت عبر المنصة الرقمية الى غاية اليوم    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 251 آخرين خلال أسبوع    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : مشاركة 35 سائقا اجنبيا وعدد معتبر من الجزائريين    اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحفيون الفلسطينيون قدموا مئات الشهداء وهزموا رواية الاحتلال الصهيوني الكاذبة    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و 596 شهيدا    منظمة العمل العربية: العدوان الصهيوني دمر ما بناه عمال غزة على مر السنين    المصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة بقسنطينة: استرجاع أزيد من 543 مليار سنتيم من عائدات تبييض الأموال    في انتظار التألق مع سيدات الخضر في الكان: بوساحة أفضل لاعبة بالدوري السعودي الممتاز    رئيس الجمهورية يحظى بلقب "النقابي الأول"    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    بخصوص شكوى الفاف    تدعيم الولايات الجديدة بكل الإمكانيات    بداية موفّقة للعناصر الوطنية    العلاقات بين البلدين جيدة ونأمل في تطوير السياحة الدينية مع الجزائر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    الجزائر في القلب ومشاركتنا لإبراز الموروث الثقافي الفلسطيني    اجتياح رفح سيكون مأساة تفوق الوصف    إطلاق أول عملية لاستزراع السمك هذا الأسبوع    تكوين 500 حامل مشروع بيئي في 2024    حملة وطنية للوقاية من أخطار موسم الاصطياف    البطولة الإفريقية موعد لقطع تأشيرات جديدة لأولمبياد باريس    المجلس الشّعبي الوطني يشارك في الاجتماع الموسّع    الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني    أوغندا تُجري تجارب على ملعبها قبل استضافة "الخضر"    بولبينة يثني على السعي لاسترجاع تراثنا المادي المنهوب    دعم الإبداع السينمائي والتحفيز على التكوين    تتويج إسباني فلسطيني وإيطالي في الدورة الرابعة    روما يخطط لبيع عوار للإفلات من عقوبات "اليويفا"    دعوة للتبرع بملابس سليمة وصالحة للاستعمال    263 مليون دينار لدعم القطاع بالولاية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    خنشلة: الوالي محيوت يشرف على إحياء اليوم العالمي للشغل    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب طائفية ب"الوكالة"
نشر في الخبر يوم 13 - 04 - 2015

أكدت الحرب في اليمن الدائرة حاليا بين جماعة الحوثيين والسعودية وحلفائها أن العالم الإسلامي دخل الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، وأن فكرة منع الحرب الطائفية باتت من الماضي. فما الذي يجري في اليمن الذي كان يعرف ب«السعيد”؟ وكيف ستنتهي الأمور في هذا البلد الشقيق، وفي العالمين العربي والإسلامي؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا الملف.
عاشت أوروبا في عقود سابقة مرحلة مظلمة من تاريخها تسمى “الحروب الدينية”؛ فهل دخل العالم الإسلامي لتوّه هذه المرحلة؟ وهل سيتواصل الاقتتال الطائفي الذي دُفع إليه المسلمون من قِبل قوى كونية؟ في هذا السياق يقول الدكتور أبو بكر عنتري: “لا يمكن التنبؤ بمستقبل الخلافات الطائفية المذهبية بسبب زيادة نفوذ ما يعرف ب«التكفيريين” في الجانبين: السني والشيعي”.
لمحافظون الجدد ونبوءة صدام حسين
أطلق الرئيس العراقي الراحل صدام حسين تسمية “أم المعارك” على حرب تحرير الكويت عام 1991، وتحوّل الاسم إلى مثار للسخرية وسط المعلقين السياسيين بسبب عدم وضوحه، على الأقل آنذاك. لكن حرب الخليج الثانية أنجبت عدة أحداث، أبرزها ولادة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بقيادة أسامة بن لادن، الذي رفع شعار “إخراج المشركين من جزيرة العرب”، ثم جاءت حرب احتلال العراق عام 2003، والتي يرى الباحث المصري عبد الخالق عوض سلمان أن هدفها الأساسي كان تحويل طاقات الحركات الجهادية في العالم الإسلامي من مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية إلى مواجهة الشيعة؛ فخلال أشهر بعد الغزو الأمريكي للعراق، صار العدو الأول لتنظيم القاعدة، الذي سُمح له بالتسلل إلى العراق، هو الشيعة وليس الأمريكان، وبهذا زرع المحافظون الجدد بذور الحرب الطائفية التي تشتعل في عدة جبهات في العالم الإسلامي.
التخطيط الإيراني والورطة السعودية
تتناقل وكالات الأنباء المختلفة عبر العالم صورة واحدة للنزاع الحوثي– السعودي، تعتمد على ما تقدّمه وزارة الدفاع السعودية من معلومات ومواد تسجيلية للغارات الجوية ضد القوات الحوثية وجزء من الجيش اليمني الموالي للرئيس اليمني السابق علي عبد اللّه صالح، وما تحصل عليه وكالات الأنباء من تصريحات وصور من الجانب الحوثي. لكن الصورة الحقيقية للحرب مختلفة تماما، حسب الباحث المصري في الشؤون الإستراتيجية عبد الخالق عوض سلمان، حيث يقول: “تخطط قيادات عسكرية وأمنية إيرانية في طهران لتسيير الورطة السعودية في اليمن بأقل التكاليف”، ويرى الدكتور عبد الخالق أن الحرب اليمنية هي إحدى جبهات الحرب الطائفية الثلاث: سوريا والعراق واليمن.
أطراف النزاع
يقول الأستاذ أبو بكر عنتري الباحث في العلاقات الدولية: “قبل الحديث عن الحوثيين لابد من الحديث عن توجههم الفكري”؛ فالحوثيون مقيمون شمال اليمن، ويعد زعماء الحركة الحوثية من أكثر الشيعة معارضة للمذهب الحنبلي، الذي تتبعه العربية السعودية ومعظم دول الخليج. وتأثرت حركة الحوثيين بأطروحات بدر الدين الحوثي، وهو أحد فقهاء المذهب الزيدي الشيعي، المناهض للمذهب السني الحنبلي في اليمن. وكان بدر الدين الحوثي قد ألّف عدة كتب لنقد المذهب الحنبلي.
ويعتنق الحوثيون المذهب الزيدي؛ والزيدية هم فرقة من الشيعة. وتاريخيا الزيدية اسم يطلق على عشرين مذهبا، لم يبق منها سوى أربعة: الهادوية والسالمية والجارودية والصالحية. لكن المذهب السائد في شمال اليمن هو الهادوية. وغير معروف لأي مذهب ينتمي الحوثيين، لكن قيادة الحوثيين يعتقد أنها تنتمي للمذهب “الجارودي”، وهو مذهب شيعي مستقل عن الزيدية، وقد انقرض في اليمن. ويحاول قادة الحوثيين نشر المذهب الجارودي في اليمن تحت مسمى “الزيدية”. ويرى قادة الحوثيين أن الزيود (الزيدية القبلية) أصبحوا “سنة/ وهابية”، وخرجوا عن المذهب الزيدي. والمذاهب الزيدية تكفّر المذهب الجارودي الشيعي، ويرون أن أتباعه فرقة منحرفة وليست من الزيدية.
السعودية تحارب 5 بالمائة من اليمنيين
وتتشكل “حركة أنصار اللّه” المتحالفة مع بعض الأطراف السياسية في اليمن في الأساس من شيعة اليمن الزيدية. وتشير إحصاءات رسمية يمنية إلى أن تعداد الحوثيين إلى مجموع سكان اليمن لا يتعدى 5 بالمائة، بينما ترفعها إحصاءات أخرى إلى 10 أو 15 بالمائة على العموم، وبهذا فإن ميزان القوى الديموغرافي لا يساعد كثيرا الحوثيين، ورغم هذا، حسب الأستاذ أبو بكر عنتري، فإن التحالفات القبلية والسياسية تساعد كثيرا الحوثيين في رفع تعداد المقاتلين الخاضعين لسيطرتهم.
ويضيف الأستاذ عنتري أن “الإعلام يقدّم “حركة أنصار اللّه” أو جماعة الحوثيين في اليمن على أنها جزء من المخطط الإيراني للسيطرة على المنطقة العربية. وأرى أن التعريف يحمل الكثير من المغالطة، فحركة الحوثيين التي تأسست قبل 23 سنة كرد فعل على التهميش الذي يعاني منه سكان منطقة صعدة في اليمن، تم دعمها في البداية من المملكة العربية السعودية، والأدلة كثيرة على ذلك من أجل إقلاق نظام علي عبد اللّه صالح الذي عارض في عام 1991 الحرب الأمريكية لتحرير الكويت. وقد تسبب الصراع الذي تواصل 20 سنة بين نظام علي عبد اللّه صالح والحوثيين في مقتل 20 ألف جندي من الجيش اليمني ومقتل 30 ألف مدني، ونصف مليون من المهجرين والنازحين قسراً الذين شردتهم حروب الحوثيين الذين أطلقوا على حركتهم اسم “حركة أنصار اللّه”. وهذه الأخيرة حركة سياسية دينية مسلحة تنشط بشكل أساسي في إقليم صعدة باليمن، عرفت باسم “الحوثيين” نسبة إلى مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي الذي قُتل على يد القوات اليمنية عام 2004، وهو الأب الروحي للجماعة، وكل أعضاء الحركة من أتباع المذهب الزيدي الشيعي، وهو مذهب شيعي معتدل نسبيا.
العملية الحربية “عاصفة الحزم”
منذ أكثر من سنة والساحة اليمنية الداخلية تغلي بسبب النزاع بين الحوثيين من جهة والرئاسة اليمنية من جهة ثانية، وفي الظاهر يبدو الأمر على أنه خلاف داخلي، أما في الباطن فقد كان صراعا خفيا بين إيران والسعودية في اليمن، كما يقول أغلب الباحثين في الشؤون الإستراتيجية، حيث بدأ كل شيء بسيطرة الحوثيين عبر “حركة أنصار اللّه” على العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر 2014، بمساعدة من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة اليمنية المرتبطة بعلي عبد اللّه صالح، وجاء ذلك بعد “انسداد” كبير في العلاقة بين الرئيس الشرعي في اليمن عبد ربه منصور هادي وبين الحوثيين، بسبب اعتقاد الزعيم الحوثي بدعم مقربين من الرئيس لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حسب تقارير إعلامية صادرة عن الحوثيين، وتطورت الأمور إلى حد هجوم الحوثيين على منزل الرئيس هادي في جانفي 2015 بعد اشتباكات مع الحرس الرئاسي، حيث حاصروا القصر الجمهوري واقتحموا معسكرات للجيش ومجمّع دار الرئاسة.
في يوم 22 جانفي 2015 استقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه، وأصدر الحوثيون بيانا أسموه “الإعلان الدستوري” في 6 فيفري، وأعلنوا بعدها حل البرلمان اليمني، وعن تشكيل لجنة ثورية بقيادة محمد علي الحوثي لقيادة اليمن. وفي الوقت الذي أيّد حزب المؤتمر الشعبي العام “الإعلان الدستوري”، أعلنت شرائح واسعة من الطبقة السياسية في اليمن عن رفضها الإعلان، بل ووصفته بأنه انقلاب. وتمكن الرئيس اليمني الشرعي منصور هادي من الفرار من الإقامة الجبرية، واتجه إلى عدن في 21 فيفري، ثم تراجع عن استقالته في رسالة وجهها للبرلمان، وأعلن أن انقلاب الحوثيين غير شرعي، ثم طلب تدخل دول مجلس التعاون الخليجي في 24 مارس 2015، حيث “لبّت” السعودية نداء الرئيس اليمني بهجوم كبير نفذته 100 طائرة حربية سعودية ساندتها في ما بعد 100 طائرة أخرى من دول خليجية وعربية وإسلامية.
موازين القوى
تتفق تقديرات وسائل الإعلام المختلفة في أن تعداد القوات الجوية التي تضرب الحوثيين تتعدى 200 طائرة أعلن رسميا عن مشاركتها. وتتشكل من 100 طائرة مقاتلة وقاذفة من السعودية و150 ألف جندي على أهبة الاستعداد من الأسطول الغربي السعودي، و30 طائرة من الإمارات العربية المتحدة، و15 طائرة من الكويت، و15 طائرة من البحرين، و10 طائرات من قطر، و6 طائرات من الأردن ومثلها من المغرب، و16 طائرة من مصر.
ويقول العقيد طيار الجزائري المتقاعد بنفين محمود بهذا الخصوص إنه “لا يمكن لأية دولة أو قوة عسكرية تقديم معلومات دقيقة حول الحجم الحقيقي للقوات المشاركة في أية حرب أو عملية عسكرية، من ذلك عملية عاصفة الحزم”، ويضيف “لابد أن تتم العملية بعدد أقل من الطائرات، خاصة من جانب العربية السعودية”. ويعتقد، من جانبه، العقيد المتقاعد فيني مسعود أن عدد الطائرات التي تشارك في العملية يتراوح بين 80 و150 من جميع الدول، والسبب، حسب المتحدث، هو أنه من غير المعقول شن حرب ضد قوات الحوثيين وهي مجموعة عسكرية غير نظامية تتحالف مع جزء من الجيش اليمني بأكثر من 150 طائرة، لأن هذا يعد هدرا للقدرات العسكرية.
وفي الجانب الآخر يقدر مجموع القوات التي تتحالف مع الحوثيين بين 110 و140 ألف مقاتل من قوات الجيش اليمني الموالية للرئيس السابق علي عبد اللّه صالح وقوات الحوثي، ويمتلك هؤلاء أسلحة ثقيلة، وقوة جوية مشلولة بسبب سيطرة القوات السعودية على أجواء اليمن في اليوم الأول للحرب. وأما عدد المقاتلين من “حركة أنصار اللّه” فيقدر بنحو 10 آلاف مقاتل، بحسب التقرير الصادر عن لجنة الدفاع والاستخبارات الأمريكية بمجلس الشيوخ في أكتوبر 2014، كما يبلغ عدد القوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد اللّه صالح المتحالف مع الحوثيين نحو 100 ألف مقاتل أغلبهم من قوات الحرس الجمهوري اليمني الذي يقوده، أيضا، ابن الرئيس اليمني السابق.
3 أهداف للحملة الجوية
تتلخص أهداف الغارات الجوية، حسب الخبير العسكري الجزائري فيني مسعود في 3 أهداف: الأول هو منع قوات الحوثيين وحلفائهم من الحصول على المزيد من المكاسب العسكرية على الأرض، لكن تطورات العملية منذ 25 مارس كشفت أن الهدف لم يتحقق، حيث ظلت قوات الحوثيين تتحرك. أما الهدف الثاني فهو تدمير البنية التحتية العسكرية للحوثيين، وهذا ما لا يمكن تأكيده أو نفيه حاليا. أما الهدف الثالث فهو تقديم الإسناد الجوي للقوات التي تقاتل الحوثيين على الأرض، لكن القيادة العسكرية السعودية اكتفت بتقديم انتصار “وهمي” لعمليتها العسكرية تمثّل في السيطرة على الأجواء اليمنية، وهذا الهدف دعائي محض، حسب الخبير العسكري الجزائري، والسبب هو أن القوات الجوية السعودية تمتلك التفوق المطلق على القوات الجوية والدفاعات الجوية اليمنية حتى قبل اندلاع القتال.
لابد من كسب الحرب فوق الأرض
ويقول العقيد المتقاعد بنفين محمود إن طريقة إدارة الحرب في الجانب السعودي تشير إلى أنها قد تتواصل لأكثر من سنة، وهو ما سيستنزف القوات الجوية السعودية، وفي حالة التدخل البري فإن الوضع سيختلف تماما، وستواجه السعودية حرب عصابات. والجميع يذكر، حسب المتحدث، المشاركة المصرية في حرب اليمن منتصف الستينيات من القرن الماضي، وما ترتب عنها من كارثة عسكرية على الجيش المصري. ويتفق العقيد مسعود مع ما نُشر في وكالات أنباء غربية من تحليل خبير الشؤون العسكرية لدى شبكة “سي. أن. أن” العقيد الأمريكي المتقاعد ريك فرانكونا، عندما قال إن حجم القوات المملكة السعودية المشاركة في الهجوم يدل على تحرك عسكري واسع وطويل الأمد، واعتبر فرانكونا أن المملكة لا يمكن أن تقبل تمدد إيران على حدودها الجنوبية كما يحدث على حدودها الشمالية في العراق، وتوقع أن يكون هذا التحالف يجرى الإعداد له منذ فترة طويلة.
ويضيف العسكري الجزائري المخضرم “إن التاريخ علمنا أن الحروب لا يمكن أبدا أن تكتسب من الجو، إذ لابد من وجودك على الأرض، وحتى لو دمرت كل الأرض التي يقف فوقها عدوك”، ويرى المتحدث أن حلفاء السعودية في اليمن ضعفاء ومشتتون على عكس الحوثيين وحلفائهم.
ذكاء الإيرانيين
ومن هنا يبرز ذكاء الإيرانيين، كما يقول العقيد بنفين محمود، ف«الإيرانيون رفضوا قبل عدة أشهر التدخل بشكل مباشر وقوات كبيرة في العراق لحماية حلفائهم في الحرب الطائفية التي خاضها الجيش العراقي والمليشيات الشيعية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفضلوا إرسال مستشارين عسكريين إلى العراق وقوات محدودة، بينما ابتلع السعوديون الطعم بسرعة، وقرروا التدخل في اليمن وهذا خطأ جسيم- حسب العقيد-، والسبب هو أن الحوثيين بتعدادهم الضعيف لا يمكنهم في النهاية تهديد الأمن الوطني السعودي، حتى عند السيطرة على اليمن السني حنبلي المذهب”.
هل تتحوّل “عاصفة الحزم” إلى “إعصار”؟!
وضعت كل من السعودية وإيران مجموعة من الخطوط الحمراء في إدارة الصراع في اليمن، وأي تجاوز للخطوط الحمراء قد ينجم عنه تحوّل العمليات الحربية في اليمن إلى حرب شاملة بين إيران والسعودية. ويعتقد خبير مصري في الشؤون الإستراتيجية أن الخطوط الحمراء التي أشارت إليها جريدة “هآرتس” الإسرائيلية تتعلق بعدم قيام السعودية بتصفية أي من قيادات الحوثيين أو تدمير مناطق سكنية، مقابل عدم تدخل عسكري إيراني مباشر في اليمن، وهو الخط الأحمر الذي وضعته السعودية التي لن تسمح بتواجد قوات إيرانية عسكرية علنا أو قوات ل«حزب اللّه” في اليمن.
وبرر خبراء إستراتيجيون الحرب السعودية في اليمن بأسباب ثلاثة: الأول هو التصدي للتوسع الإيراني الذي يستهدف المنطقة العربية السنية، والثاني منع حلفاء إيران من السيطرة على خليج باب المندب، وهو ممر مائي استراتيجي يربط آسيا بالبحر المتوسط. أما السبب الثالث فهو منع تواجد حليف جديد لإيران على الحدود الجنوبية للسعودية بعد تحوّل العراق، الجار الشمالي للعربية السعودية، إلى دولة موالية لطهران.
ويرى الباحث المصري عصام بشارة أن كل هذه الأسباب غير كافية، لأن موضوع حماية الممرات المائية الدولية يخضع في النهاية للقرار الأمريكي، أما موضوع التصدي للتوسع الإيراني فهذا غير ممكن الآن، بسبب أن السعودية فقدت الكثير من تأثيرها على العالم العربي السني بسبب سياساتها الموالية لأمريكا من جهة، وفقدانها للسيطرة على الساحة اليمنية بسبب علاقاتها المتوترة مع قوى كثيرة في الساحة اليمنية من جهة أخرى. ويضيف المتحدث أن “السعودية قررت التصدي بشكل مباشر لزيادة نفوذ الحوثيين في اليمن بعملية حربية كبرى، رغم أنها كانت قادرة على التصدي لمحاولة الحوثيين السيطرة على اليمن بوسائل أخرى أكثر نجاعة، مثل دعم معارضي الحوثيين في داخل اليمن”. ويضيف الباحث المصري في الشؤون الدولية الأستاذ عصام محسن بشارة: “إن حكام العربية السعودية يتخوفون من وقوع المساعدات العسكرية في حالة إرسالها إلى أطراف داخلية في اليمن في يد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تزايد نفوذه هو الآخر وسط الفوضى التي تشهدها اليمن، لهذا قررت السعودية توجيه ضربات عسكرية مباشرة للقوات العسكرية للحوثيين وحلفائهم”.
ويشير الباحث محسن بشارة: “يبدو واضحا من خلال التسمية “عاصفة الحزم” أن المقصود بها أحد ألقاب مؤسس الدولة السعودية الحديثة، عبد العزيز آل سعود أبو الحزم، كما يقصد بها من وجهة نظر تحليلية أن السعودية وحلفائها الخليجيين سيتصدون بكل قوة لأية محاولة إيرانية توسيع النفوذ الشيعي، بالإضافة إلى محاولة تصحيح حالة الفشل في إدارة الصراع الطائفي مع إيران في سوريا والعراق ولبنان، حيث فشل حلفاء السعودية ودول الخليج في زعزعة النفوذ القوي لحلفاء إيران على سوريا والعراق، لكن “عاصفة الحزم” قد تتحول إلى مواجهة عسكرية كبيرة بين إيران والسعودية في حالة الإخلال بالخطوط الحمراء الموضوعة قبل اندلاع الحرب”.
العرب يعيشون مرحلة الهيمنة العسكرية السعودية الخليجية
يكرّس التدخل العسكري السعودي في اليمن مرحلة جديدة من تاريخ المنطقة العربية، بدأت بالتدخل العسكري الغربي الخليجي في ليبيا في عام 2011، وبسيطرة دول الخليج بقيادة العربية السعودية على الجامعة العربية، ما جعل بعض المحللين يرفعون العنوان التالي: “الحرب المذهبية تحوّل آل سعود إلى حماة للمسلمين السنة”. يقول الباحث في العلاقات الدولية عبد الكريم زيلي: “تحولت السعودية بالتدريج في ربع القرن الأخير، الذي شهد انهيار العراق والحرب على الإرهاب والربيع العربي، إلى فاعل رئيسي، كما شهدت الفترة الأخيرة صعودا مدويا للعربية السعودية لعدة أسباب، أهمها على الإطلاق التراجع الكبير لدور مصر كزعيمة للعرب وزعيمة للسنة في العالم، وبروز مصطلح “الحرب المذهبية” في منطقة العالم الإسلامي كشعار للمرحلة الجديدة”. ويضيف الدكتور عبد الكريم “منذ أن نشأت الدولة السعودية حرص زعماؤها على إعطائها صفة دينية في مواجهة خصمين أساسيين: الشيعة في إيران، والصوفية التي كانت شعارا دينيا للدولة العثمانية. وبعد قرن من ميلاد الدولة السعودية الثانية، تراجع، بل تلاشى، تأثير الصوفية إلا أن الشيعة ازدادوا قوة وباتوا مصدر تهديد مباشر للمشروع السعودي السلفي”.
بدر الدين الحوثي
وُلد بدر الدين الحوثي في عام 1926، وهو ينتمي لأسرة من الفرقة الجارودية، إحدى الفرق الزيدية التي تختلف عن سائر فرق المذهب، باعتبار أنها أقرب إلى الفكر الشيعي الإمامي الممثل بالشيعة الاثني عشرية، كما هو حال شيعة إيران والعراق ولبنان، في حين أن سائر المدارس الزيدية تبدو أقرب للفكر السني. وتنسب عائلة الحوثي لنفسها الانحدار من نسل النبي عليه الصلاة والسلام، كعادة الكثير من العائلات الدينية الشيعية. وكانت وفاة بدر الدين الحوثي، والد حسين، في نهاية عام 2010، وسط تضارب حول سببها الحقيقي، إذ ذكر الحوثيون أنه قضى جراء نوبة ربو، في حين زعم تنظيم القاعدة أنه قُتل جراء عملية نفذها ضده، الأمر الذي لا يمكن تأكيده. وكان الحوثي أحد أبرز شخصيات “حزب الحق”، قبل أن ينشق عنه مطلع العقد التاسع من القرن الماضي معلنا تشكيل تنظيم “الشباب المؤمن”، لتترسخ لاحقا العلاقات بينه وبين إيران بحكم التقارب المذهبي والسياسي. يقول الباحث محمد مصطفى العمراني، في مقال حول أفكار حسين الحوثي، الذي يُتبِع أنصاره اسمه بتعبير “عليه السلام”، إن الأخير “كان مصمما على مشروعه، وهو بناء حزب إيراني في اليمن على غرار “حزب اللّه” واستعادة السلطة له بزعمهم آل البيت وهم أحق بالسلطة المغتصبة”. ويستعرض الباحث في مقاله العديد من المراجع التي تدل على الموقف الفكري للحوثي من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم شخصيات محورية في المذهبي السني، ويخص الحوثي بالانتقاد الخلفاء أبوبكر وعمر وعثمان، ويشدد على مهاجمة عمر بن الخطاب وتحميله مسؤولية “كل معاناة وقعت للأمة”.
حسين بدر الدين الحوثي
حسين بدر الدين الحوثي (1959-2004): أحد زعماء الزيدية وقائد حركة الحوثيين في اليمن. وُلد في مدينة الرويس بني بحر في محافظة صعدة سنة 1959، رحل مع والده بدر الدين إلى إيران ولبنان، حصل على الماجستير في العلوم الشرعية من السودان.
أسهم مع شخصيات زيدية بتأسيس “حزب الحق” في 1990، وفاز في الانتخابات البرلمانية عام 1993 بمقعد في البرلمان اليمني ممثلاً للدائرة (294) في محافظة صعدة لمدة أربع سنوات كمرشح ل«حزب الحق”. تلقى الحوثي دعماً اشتراكياً في انتخابات 1993، وكان موقفه وموقف حزبه مؤيداً للحزب الاشتراكي خلال الأزمة السياسية التي سبقت حرب صيف 1994. اتهم حسين بدر الدين الحوثي بمساندة الانفصال ومناصرة قوات الحزب الاشتراكي اليمني في حرب صيف 1994. وبعدها ترك “حزب الحق”، ولم يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية عام 1997، وترشح شقيقه يحي بدر الدين الحوثي، وفاز بالمقعد عن حزب “المؤتمر الشعبي العام”. أما هو فقد تفرغ ل«حركة الشباب المؤمن” التي باتت تحمل تسمية “الحوثيين”، وتكوين نواتها ونشر فكر الثقافة القرآنية حسب اجتهاداته وتأسيس مدارسه في محافظة صعدة. واتهمته الحكومة اليمنية بتأسيس مراكز دينية غير مرخصة.
دأب هو وأتباعه على شحن الآراء المعادية لكل من أمريكا وإسرائيل، وتجلى ذلك في خطب الجمعة للحوثيين، كما اتهمته الحكومة اليمنية بعمالته ل«حزب اللّه” اللبناني، إلا أن “حزب اللّه” اللبناني نفى أن تكون له صلة بالحوثيين، إضافة لنفي الحوثيين تلك التهم. ورغم كل تلك الاتهامات إلا أنه في الحادي والعشرين من أوت 2013 اعترفت الحكومة اليمنية، اعترافا رسميا، بأن الحروب التي شنها نظام علي عبد اللّه صالح على حسين بدر الدين الحوثي وجماعته كانت “حروبا ظالمة” و«غير مشروعة”، وقدمت اعتذارا رسميا لهم، وأعلنت الحكومة اليمنية اعتذارها الرسمي لكل أبناء محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها. أعلن الجيش اليمني أنه قضى على حسين بدر الدين الحوثي في الحرب الأولى عام 2004، إلا أن جثته لم تسلم لذويه. ويقال بأن من قتله هو عميد في الجيش اسمه ثابت جواس. بعدها قامت 5 حروب أخرى، قاد فيها المعارك أخوه الأصغر عبد الملك الحوثي، بينما قدّم الأخ الثالث يحي بدر الدين الحوثي طلب اللجوء السياسي في ألمانيا. سُلّم جثمانه لجماعته بتاريخ 5 جوان 2014، وأقاموا له تشييعا لجنازته وحضر العديد من أتباعه من مختلف محافظات الجمهورية اليمنية لتشيع جنازته وقُبر بمران.
عبد الملك بدر الدين الحوثي
ولد عبد الملك بدر الدين الحوثي في محافظة صعدة. في منتصف التسعينيات انتقل من محافظة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر حسين مؤسس جماعة “الشباب المؤمن” (التي عُرِفت فيما بعد بجماعة أنصار الله)، وهناك اقترب منه كثيراً فثأثر به كثيراً حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له. كان أحد القادة الميدانيين البارزين أثناء الحرب الدائرة بينهم مع الحكومة اليمنية وكان حينها لا يزال في العشرينات من عمره.
منذ أن تولى عبد الملك الحوثي قيادة جماعة أنصار اللّه حدث تطور نوعي في أداء الحركة عسكريًا وتنظيميًا وسياسيًا وإعلامياً، فبعد أن كانوا شبه محصورين في محافظة صعدة حتى عام 2011 أصبحوا اليوم يسيطرون على أجزاء كبيرة من محافظات اليمن. ويصنف اليوم كأقوى رجل في اليمن والحاكم الفعلي للبلاد بحسب ما يراه العديد من المراقبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.