لاعبون جزائريون مطلوبون في الميركاتو    قضايا الشعوب تشكل المبدعين وتعيد تكوين مشاعرهم    وزير الداخلية يؤكّد القطيعة الجذرية    اتصالات الجزائر تتكيّف    شهداء الجوع يتزايدون    غنائم الحرب: الاعتراف الأوروبي الجنايات طرد السفراء المظاهرات...    جامعة جنت .. برافو    الرئيس فتح أبواب العمل السياسي أمام الشباب    الجزائر حققت خطوات عملاقة    مُترشّحون للبيام والباك يطرقون أبواب الرقاة    تحقيق في حريق وادي ميزاب    الدبلوماسية الجزائرية استعادت فعاليتها    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    خنشلة.. شاهد على الوفاء بالوعود    الدعوة الى إعداد مدونات النصوص القانونية للشباب    الإيداع الفوري للمتلاعبين بنزاهة "البيام" و"الباك"    نظرة "حماس" ايجابية لخطاب بايدن    على المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته لوقف إبادة أطفال فلسطين    الدبلوماسية الجزائرية استعادت بقيادة الرئيس فعاليتها ومكانتها التاريخية    1,5 مليون هكتار عقار مؤهل للاستصلاح الزراعي في الجنوب    ولفرهامبتون الإنجليزي يسعى إلى ضم بديل أيت نوري    "المحاربون" يدخلون أجواء التحضيرات بسيدي موسى    قندوسي ينتظر قرار مدرب الأهلي المصري    هذه كيفيات منح امتياز تسيير المناطق الحرّة    تسجيل 133 مشروع مؤسسة ناشئة بجامعة قسنطينة (2)    زيارات الرئيس إلى الولايات.. تسريع وتيرة التنمية    الجزائر الجديدة.. تدابيرٌ لمرافقة الأطفال في الابتكار والإبداع الرقمي    تزيين المنازل وبحث عن كبش سمين    تحسيس بمخاطر الغرق الجاف    معرض "الوريدة" يستقطب 130 ألف زائر    توسيع المشاركة الشعبية من أجل بناء حزام وطني    الرئيس تبون.. وفاء بالالتزامات وتوفير أدوات التنمية الشاملة    وصول أزيد من 11300 حاج جزائري إلى مكة المكرمة    رغم العقبات.. ستمطر يوما ما"    هوية وتاريخ بتقنية "البيسكال"    دعوة إلى إنشاء مخبر للبحث حول منطقة الونشريس    انطلاق الطبعة 12 لمهرجان "القراءة في احتفال"    مراد: ملتقى النعامة يرسي أسس السياسة التنموية الجديدة    خلال 48 ساعة الأخيرة..وفاة 06 أشخاص وإصابة 474 آخرين بجروح في حوادث مرور    معسكر.. عروض مسرحية للطّفل طيلة جوان    نحو تسجيل "قصر لندن" في قائمة الجرد الإضافي    وزير الفلاحة : تحويل نحو450 ألف هكتار إلى ديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية    البطولة الوطنية للصم للشطرنج فردي بتيسمسيلت : تتويج كيزرة عطيفة وكلباز محمد    غيابات بارزة في تصفيات مونديال 2026.."الخضر" يلتحقون بمركز سيدي موسى    "لكل طفل كل حقوقه" شعار احتفالية اليوم العالمي للطفولة ببومرداس    لإحياء ذكرى وفاته.. معرض للكتب وآخر تشكيلي محاضرة حول " الشيخ الابراهيمي مهندس لفظ وفيلسوف معنى"    محرز يرد بشأن غيابه عن المنتخب الوطني: " لست المذنب"    تمويل التنمية في افريقيا : اديسينا ينوه بمساهمة الجزائر النشطة    غريزمان قد يرحل عن النادي في الصيف القادم    الهلال الأحمر الفلسطيني: ارتفاع عدد شهداء الطواقم الطبية في غزة جراء العدوان الصهيوني إلى 33    أرضية رقمية للتكفل بحجّاج الجزائر    248 حاجاً يغادرون بشار    افتتاح الطبعة الثانية من الصالون الدولي للصحة والسياحة العلاجية والطبية بالجزائر    حج 2024 ..تخصيص 8أطنان من الأدوية للرعاية الصحية بالبقاع المقدسة    فضل الأضحية وثوابها العظيم    هذا حُكم الاستدانة لشراء الأضحية    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جملوكية بلا أصول
نشر في الخبر يوم 01 - 05 - 2014

الكلام الذي بين طيات هذه المقال يخرج من رحم التشاؤم والإحباط، ولا أطمع فيه أكثر من “إحقاق الحق”، وهو موقف يبدو سهلا في التناول، ولكنه في جزائر “الفساد والإفساد” بمثالة مغامرة مكلفة وغير مأمونة العواقب. وهناك “متحفظون” كثيرون يعزفون عن إحقاق الحق الذي هو موقف “نوفمبري أصيل”، اعتصاما بالحكمة، وإيثارا للسلامة: وشتان بين الثمن الذي يدفعه في هذه الملابسات التي تريد أن تغتصب “النظام الجهوري” وتحوّله إلى “نظام ملكي” والداعي إلى فضح ذلك، وذلك الذي يقبضه الساعون إلى إغماد الحق والتستر على تأسيس جملوكية الفساد.
ومادة هذه المساهمة تدور حول ملابسات عدة، وتمثل كلها محاولة في بحر الهموم الحضارية التي تبدو في ظاهرها عربية، وما يدور في دول الجوار الحضاري، أبلغ من أي تعليل، ولكنه في حقيقته جزائري بإطلاق، والدلائل على ذلك كثيرة، والمشاهد ساطعة، وتحويل الجمهورية إلى مملكة هي العنوان الأبرز في هذه الانتخابات الرئاسية، التي ولدت الصدمة والخيبة، وتأدية الرئيس الأزلي واجبه الانتخابي مع أفراد أسرته التي ستحافظ على هذه الأزلية؟! ليس مجرد تأدية واجب وطني، وإنما هو صدمة شعب استغفل وضلل تحت شعارات “جزائر العزة والكرامة؟! المصالحة الوطنية؟! والمحافظة على الاستقرار؟! وغيرها من التضليلات التي سوّقها “وصفان المملكة”، وهم سبعة، وثامنهم الذي يحركهم من “وراء الستار”، بأوامر من ال«كيدورسي” مقر وزارة الخارجية الفرنسية، طيلة الحملة الانتخابية، التي شهدت “إنزالا من القوى الخارجية”، ظاهره دبلوماسي وباطنه عسكري، من أجل إلغاء “الجمهورية وترسيم المملكة”: مملكة الفساد والأحقاد، واحتقار هذا الشعب الذي أفرغ من محتواه عن طريق نظرية الملء والإفراغ.
فلقد أفسدت “الفاحشة الحضارية” التي أشاعها جلالة الملك منذ مجيئه إلى قصر المرادية صواب هذا الشعب، وحمل شبابنا إلى الميوعة والتخنث والجبانة، أمام كل ما يتطلب صرامة في الموقف، وتصميما على مواجهة “جملوكية الفساد والأحقاد”. وأيّا يكن، نحن نعيش الآن وسط “جملوكية” بمعنى أنها أصابت عناوين وجودنا النوفمبري، ومرجعيات تاريخنا الملحمي، هذه الوضعية الوجودية نتحمّل المسؤولية عنها، ومعنى ذلك أن ما حدث يوم 17 أفريل هو من صنعنا، وبما كسبت أيدينا. لنتعرف بذلك إذا شئنا أن نقاوم هذه الجملوكية مقاومة واعية: فالجملوكية ليست مصدرها الغير، بل بما كسبت أيدينا وصفقت لجزائر العزة والكرامة. هنا يكمن الخلل والعطب. والمؤدى المعرفي لهذا الاعتراف بهذه الجملوكية التي ستقضي على وجودنا الحضاري هو التخلي عن الخصومات الوهمية بين جميع التيارات الوطنية بكل أطيافها وتوجهاتها، وإعادة النظر في مفهوم “المقاومة الواعية وآلياتها”. فلنرتفع إلى مستوى التحدي لمقاومة هذه الجملوكية، لأن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية، ولا يمكن لنا أن نفهم ملابسة هذه الجملوكية ما لم نرتفع بوعينا إلى مستوى هذا التحدي: تشريح شخصية الملك المقعد، ومن سيخلفه، وما ما لم نتعمق في فهم محيطه الذي نشط حملته “الانتحابية”، هذا المحيط الذي رجم في جميع الولايات، وطرد شر طردة، والأمر لا شكّ خطير، ويستوجب الصراخ العالي والواعي وذلك لتنبيه الأمة النوفمبرية من غفوتها، وإعادة وعيها إليها، بعد أن نومها مخدّر جزائر العزة والكرامة، وخدّرها المخدّرون بالمآسي الدموية والخطب النفاقية وتواطؤ ذوي العاهات الخُلقية والخِلقية.
وإن شئنا متابعة التركيع والتطويع، الذي تعرضت له الأمة النوفمبرية منذ 15 أفريل 1999، والذي يعتبر بمثابة وعد بلفور، ونقطة البداية أو تاريخ الميلاد للجملوكية، التي أحبها فخامته في أول لقاء تلفزيوني لبناني، عندما سئل أي نظام تحبذه؟ فردّ قائلا على المنشطة التي غازلها بإجابة: “لا تحرجيني، فأنا أقرب إلى قلبي النظام الملكي”، ولقد كان له ما أراد، ولكنه ملك على كرسي متحرك.
والذي فجأ الأمة النوفمبرية، وهي تفتح عينها لأول مرة على الألفية الثالثة، وهي تحبو على أنهار من الدماء لترى جحيما من الخطابات الملكية، تلتهم ثوابتها وكيانها الحضاري والتاريخي ورأت حربا على إسلامها لسانها تحت رايات زائفة، ولم يفسر لها أحد أنها زائفة، وطيلة العهدات الثلاث وضعت الأمة أصابعها العشرة بين الشعارات والوقائع، فسقط البريق على العزة والكرامة في أوحال الذل والمهانة.
إن هدفي من هذه السياقات المأساوية هو تلمس حالة الأمة النوفمبرية وهي تتجه نحو الجملوكية، وطبيعة اختلاف أبنائها في تفسير هذا المصير الدرامي والمخزي والمؤلم، الذي كان يبث على المباشر، مع استهزاء بعض القنوات الفضائية وخاصة “كنال+”، فتفسير هذا المصير قد يتناقض مع تفسير وفهم “الوصفان السبعة” وثامنهم الذي يستعد ليتوّج ملكا تحت الرعاية السامة لمخابر الغرب المتصهينة، بقيادة أمريكا رائدة الانحطاط، ورغبة ال«كيدورسي”، ومصحة المشلولين التي أعدّت هذا الملف مند شهور. وهكذا فقد صار حجم المؤامرة على النظام الجمهوري أكبر بكثير مما نتصور نتيجة تواطؤ الأضداد في سدرة منتهى الفساد والتآمر، ويكاد لا يوجد جانب واحد من حياتنا لم يتأثر بهذا التواطؤ. كما انقلبت الأمة النوفمبرية في كل شيء، في تاريخها، في ثورتها، في رفضها لانتهاك ملحمتها الحضارية؛ وهذه في أصلها مؤامرة القصد منها تعميق الهوة بين الأمة ومرجعيتها قصد وضعها في غياهيب الجملوكية التي تفتقر إلى أصول، وتحتمي بقوى أجنبية حاقدة. لقد برمجت منذ وعد بلفور المشؤوم من أجل أن تصل إلى هذه الوضعية، الوضعية العدمية، فقد صار اتجاهها مضادا، وصار أخطر ما فيه أن جلالته! المقعد على كرسي، يريد أن يتجه بالأمة وجهة أخرى، لا ترجع أبدا إلى الطريق الأصيل.. بزعم أنه منبع الداء وأن البعد عنه هو الدواء.
تلك هي الجملوكية.. مؤامرة ال«كيدورسي” والاستقواء بكيري، والإشهار بالإبراهيمي، الشاهد على تدمير العواصم الحضارية للدول العربية “دمشق وبغداد”.. مؤامرة واضحة لملمحنا النوفمبري المتنوع والمتعدد في إطار المبادئ الإسلامية الذي سيتحول بفعل أفعال وتواطؤ أضداد.. حقيقة إنها مؤامرة شرسة، مؤامرة تجمع في نسجها كل لسان ودولة، فما يفهم النساج إلا التراجم. هلموا نخرج دائرة المؤامرة، نبكي بعين، ونقرأ بعين أخرى.. نقرأ تاريخ المؤامرة، لنفلت من دائرتها.
إن العلم بالمؤامرة وحده لا يكفي، كما أن العمل على إبطالها لا يكفي، فالعلم بلا عمل عقم ولغو، والعمل بلا علم تدمير وتعميق لدائرة المؤامرة.
وأختم هذه المساهمة بقوله تعالى: “قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون”.
فما أقرب وضعنا إلى هذه المقاربة القرآنية، “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.