الانتخابات الرّئاسية تُحرّك السّاحة السّياسية    شنقريحة يشرف على تمرين بالذّخيرة الحية    عطاف يتلقى اتصالاً من دجوريتش    الإحصاء العام للفلاحة ينطلق اليوم    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    بنك للسكن.. لأوّل مرّة في الجزائر    جباليا في مواجهة الصّهاينة    المولودية تُتوّج.. وصراع البقاء يتواصل    ميدالية ذهبية للجزائرية نسيمة صايفي    الجزائر تضيّع القميص الأصفر    رمز الأناقة والهوية ونضال المرأة الجزائرية    تسليم شهادات تكوين وتأهيل وتكريم باحثين    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    اتفاقية شراكة بين الجزائر وبلجيكا    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الهمم: ذهبيتان وفضية للجزائر في اليوم الثاني    سادس فريق يتوج في عهد الاحتراف    تعبد تزكيتها من قبل أعضاء اللجنة المركزية..لويزة حنون تترشح لرئاسيات 7 سبتمبر المقبل    خنشلة: استرجاع سلاحين ناريين وذخيرة بتاوزيانت    بسكرة: يحاولون نقل ممنوعات على متن حافلة    عون يبرز الأهمية الاقتصادية لمشروع "فينيكس بيوتك"    تأمين خاص يغطي مخاطر الكوارث الفلاحية قريبا    الفلاحون والمهنيون مطالبون بالتجند لإنجاح الإحصاء العام    الجزائر.. وجهة مفضّلة لكبرى الشركات العالمية    بالتفاصيل.. المسموح والممنوع في بكالوريا 2024    كارثة حقيقية تهدّد رفح    ممثل البوليزاريو يفضح الأساليب الملتوية لمندوب المخزن    برج بوعريريج.. ألواح شمسية لتنويع النسيج الغابي    مرافعات لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في الاستقلال    الجزائر تتمسّك بإصلاح جامعة الدول العربية    مراتب جديدة للأئمة أصحاب الشهادات العليا    الجزائر عازمة على أن تصبح مموّنا رئيسيا للهيدروجين    هذا موعد أول رحلة للبقاع المقدسة    الجزائر تحتضن المؤتمر 36 للاتحاد البرلماني العربي    "بريد الجزائر" يعلن عن مدة حفظ بريد الزبائن    نستحق التتويج بالبطولة وأعد الأنصار ب"الدوبلي"    صادي و"الفاف" يهنّئان المولودية بعد التتويج    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    ليلة بيضاء في العاصمة وزملاء بلايلي يحتفلون مع الأنصار    جلسة عمل ببراغا بين الوفد البرلماني الجزائري ورئيسة الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا    استعراض العلاقات التاريخية بين الجزائر وصربيا    النيران تلتهم مسكنا بتمالوس    "رباعي" ألمانيا و"سوتشو" الصين يوقعان السهرة الثانية    إعادة افتتاح قاعة ما قبل التاريخ بعد التهيئة    سنوسي يقطف الجائزة الأولى بتلمسان    تراث وإبداع.. سفر في رحاب الكلمة الشاعرة..    610 تعدٍّ على شبكات الكهرباء والغاز    الاحتلال يُصعّد عدوانه ويواصل استهداف المدنيين    الدرك يطيح ببارون مهلوسات    أوتشا يعلن عن نفاد جميع مخزوناته الإغاثية في قطاع غزة    أوبرا الجزائر: افتتاح الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية    قافلة تضامنية لفائدة المسنين    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعيدا عن دماره .. دروس كورونا في الحرية والاقتصاد
نشر في الخبر يوم 11 - 06 - 2020

اقتحم فيروس كورونا المستجد الدول دون تأشيرة ولا جواز سفر، وأذاق المجتمعات شتى أنواع العذابات النفسية والويلات المالية والآلام الاجتماعية، لكن من الإجحاف ألا نلتفت لبعض دروسه للمجتمعات والحكومات، ولو أنها ليست مجانية، من قواعد النظافة ومكانة علوم الطب والصناعات المحلية وضرورة التخلي عن اقتصاد الريع وغيرها من العبر المستخلصة.
يتّمت الجائحة مئات الآلاف من الأطفال ورمّلت الأزواج وأغلقت المساجد ودور العبادة بمختلف عقائدها، وهدمت الإقتصادات، وقطعت أوصال العالم، غير أن لها جوانب إيجابية برزت أو نشأت معها.
أرسى الفيروس التاجي ثقافة طبية وتمريضية لدى قطاع واسع من الجزائريين حول حياة الفيروسات وأسرارها وأضرارها، وجعلهم ملمّين بأساليب تجنبها والقضاء عليها، من فرط المضامين الإعلامية التي تلقوها بكثافة في ظرف أشهر، وحولتهم إلى أفراد حريصين على أدق تفاصيل النظافة، في حين كان الغالبية قبل زمن كورونا، لا يكترثون بشروط النظافة اليومية وأهمية غسل الأيدي في خفض نسب الأمراض الخبيثة. ففي الماضي القريب كان غسل القطع النقدية المعدنية وتعقيم مقابض الأبواب والاجتهاد لتطوير سوائل معقمة منزلية وغيرها، سلوكات مجنونة، لكنها صارت اليوم مع جائحة "كورونا"، تعد أعلى درجات الوعي .. وإن كان أغلب البشر لم يصابوا بالعدوى، إلا أن رعبها هز كيانهم، فراحوا يتبنون تصرفات ومعاملات حذرة ومتباعدة ومحافظة على "مسافة الأمان"، واختفت منها تلك الحميمية المعتادة والقبلات الصباحية وغيرها من التحيّات التقليدية، بحسب ما لاحظت "الخبر" في جل الفضاءات العمومية والخاصة.

نعمة الحرية
"الملك التاجي" كورونا علمنا أيضا أن الحرية نعمة، لم نشعر بقيمتها إلا والجميع في الحجر الصحي.. حجر أصبح أشبه بسجن منزلي ولكنه جعلنا نجتمع بالعائلة أكثر من أي وقت مضى. حسن إدارة الوقت، ومحاسن العمل عن بعد وإمكانية تقنينه وكذا محامد العيش والتعايش في حيّز عائلي محدود، كلها مناهج برزت مع الأزمة الصحية واستفاد منها الآلاف ممن وجدوا أنفسهم في المنازل الضيقة تحت وطأة الملل القاتل. مناهج كورونا اقتصادية كذلك، كونها لقّنت صانع القرار ومهندس السياسات دروسا في فقه الأولويات، فعبرها، ربما، سيدرك، أن مقاربة الاعتماد على الريع النفطي كحبل سري وحيد لمداخيل الخزينة هي انتحار اقتصادي، مقدمة له مثالا واقعيا حول انهيار تاريخي لأحد أنواع النفط الأمريكي، وبلوغه عتبة الصفر لدرجة صارت الشركات تعرضه وتمنحه مجانا حتى تخفف من فائضها.
أصحاب المآزر البيضاء أثبتوا أنهم لا يستحقون الهراوات عندما يرفعون مطالب سوسيومهنية، مثلما جرى قبل سنوات، وإنما الاستماع لهم بهدوء وتنظيم قطاعهم ليكون جهاز مناعة المجتمع، يجنبه الانقراض في مثل هذه الأزمات الوجودية، بدليل أنهم كانوا في الصفوف الأمامية خلال معركة "كوفيد 19".
وعلى الصعيد المجتمعي، تناول موقع المجلس العربي للعلوم الاجتماعية المسألة وكتب أن الحجر الصحي جعل من تدبيرنا للوقت وللمجال وللعلاقات اليومية يشهد عدة تغيرات. "فتقسيم الوقت مثلا أصبح يخضع لمعايير جديدة مرتبطة بتنظيم العمل والدراسة عن بعد... وما نقوم به كل يوم بطريقة آلية ورتيبة قد يسترعي انتباهنا ويحيلنا على تساؤلات جديدة" ما يعني أن السلوكات الجديدة التي برزت مع الأزمة، يمكن تأطيرها وتقنينها حتى نستفيد منها ونتحصن بها في حال ما إذا استمرت الأزمة أو انتهت وعادت لا قدر الله.
ويضيف المجلس في موضوعه الذي صيغَ على نحو إشكالية علمية تحتاج إلى نتائج ومقاربات نظرية أن إجراءات الحجر قادت إلى إعادة اقتسام مسؤولية البيت بين أفراد الأسرة كلهم، إلى جانب أدوار ووظائف أخرى.

حلم نشطاء البيئة يتحقق
لم يكن أكبر المتفائلين في المؤتمرات المناخية التي تنعقد سنويا في العواصم العالمية من أجل المناخ، أنه قد يأتي يوما وتنخفض فيه انبعاثات الغازات السامة والتلوث البيئي لهذا المستوى في ظرف وجيز، وأن ما يفكر فيه مجرد أضغاث أحلام ومزاج بيئي إيجابي عابر. لكن نشطاء البيئة لم يصدقوا عيونهم وهم يشاهدون قنديل البحر يتجول في مياه مدينة البندقية التي كانت قبل شهر معكره وملوثة بزيوت محركات السفن، وأن مستوى التلوث في العواصم الصناعية كالهند وريو ديجانيرو وبكين وغيرها هبط إلى أدنى مستوياته. هذه الوضعية يمكن إسقاطها على كل العواصم العالمية والمناطق الصناعية، بما يجعل الأرض ترتاح من بطش هذا التوجه الاقتصادي الذي يراه البعض شر لابد منه، بينما يعتبره آخرون أنانيات متصاعدة مريضة بالتفوق والمنافسة والمصالح.

نتعلم من الأزمات
قال الدكتور ابراهيم بوزيد، أستاذ محاضر بجامعة في علم النفس المرضي الاجتماعي بجامعة أم البواقي، أن الأشخاص يتعلمون حتى وهم في أعلى درجات الخوف والتهديد، سلوكات وعادات جديدة.
وذكر الأكاديمي، في اتصال ب"الخبر"، أن الأزمة غيرت الكثير من المفاهيم السلبية التي كانت سائدة إلى ممكنة وإلى إيجابية، حيث كان البقاء في البيت لأوقات طويلة سلوكا مكروها من قبل الكثير من المواطنين، غير أن ذلك بات مقبولا بعدما مر بظرفية حتمية خلال الحجر الصحي، وصار هؤلاء قادرين على البقاء في المنزل والجلوس مع الأهل وعدم ترك الأبناء ورميهم في الشارع.
ويفسر المتحدث، أن استخلاص الدروس من الأزمة وتطويها وجعلها قابلة للتعميم والتقنين، حسا مدنيا واستراتيجيا ويشكل حصنا مستقبليا في مثل هذه الأزمات، مشيرا إلى أن هذه الأزمة قلّصت من الهوة التي أحدثتها الظروف السياسية بين المجتمع والدولة، حيث صار الكثير من المواطنين يشعرون أكثر بحاجتهم إلى دعم الدولة ومدى حرص الدولة على تلبية مطالبه وحركة العمل الجواري في جميع الجوانب الصحية الأمنية وغيرها.
وأثرت الأزمة على طبيعة مفهوم المسؤولية الاجتماعية، برأي الأستاذ، جعلت من المسؤول يعمل من أجل النجاح في تقديم الخدمة المناسبة للمواطن دون هوادة وبروح مسؤولية عالية.
أما من جانب احترام القانون، يضيف بوزيد، فقد يتعلم من خلالها المواطن الجزائري كيف يكون ملتزما أكثر بالقانون وكيف يغلب سلطة القانون على سلطة التقاليد الأعراف، مشيرا إلى أن قيمة العلم في الذهنية الجمعية تعززت في الذهنية الجمعية، كونها القيمة التي تُبنى بها الأمم القوية، وهو ما سيدفعنا، يواصل المتحدث، إلى إعادة النظر في أهدافنا وسياساتنا.
دروس كورونا على الصعيد السيكولوجي، أعادت إلى الأولويات القيم الدينية والحضارية والنظر فيها بعمق وتمعن، وجعلها محرك لعملية التأثير وتجاوز مفهوم العجز الذي حاول الاستدمار الفرنسي زرعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.