الحوادث المأساوية التي تشهدها طرقنا من حوادث مرور، وانزلاقات تربة، وتساقط الصخور بالمناطق الجبلية سببها الرئيسي نقص الوعي وغياب الردع القانوني. أما الوعي الغائب فيتحمله السائقون أنفسهم لأنهم لا يعطون اهتماما لقوانين المرور ولا يحسبون لعواقب التهور في السياقة حسابها إلا عندما تحصل الكوارث، فكم من سائق متهور تسبب في مأساة عائلة بريئة لا ذنب لها إلا أنها أو أحد أفرادها كان بالصدفة في طريق هذا المتهور. وأما الجانب الردعي فتتحمله السلطات على اختلاف مستوياتها بدءا من فرض احترام القانون وانتهاء بمتابعة مشاريع الطرق من حيث هي محل دراسة إلى مرحلة الإنجاز انتهاء بالاستلام النهائي لهذا المشروع أو ذاك. ولعل الغش في إنجاز المشاريع وعلى رأسها مشاريع الطرق مرده إلى عدم المتابعة والمراقبة الصارمتين، فنجد المشروع محل إصلاح وإعادة تهيئة فور تسلمه، حيث يتعرض لتشققات وانزلاقات واهتراء للإسفلت إلى درجة يخيل للمرء أنها أنجزت منذ عقود ولم تتم صيانتها. وأخطر من ذلك أن الأشغال التي تباشرها السلطات المحلية ومؤسسات الخدمات كالماء والكهرباء والهاتف تعمد إلى شق الطرقات ومنها الوطنية وتتركها دون إعادة إصلاحها ليدفع السائق ثمنها إما بحياته أو بأمواله لما تلحقه بمركبته من أضرار. ورغم أن القانون يفرض على كل من يجري أشغالا بالأماكن العامة عدم مغادرة ورشته المكان حتى يعيده إلى حاله الأصلي لكن لا شيء من ذلك يتم ولا أحد يتحرك لفرض القانون، وبالتالي السهر على سلامة هذه الفضاءات وراحة المواطن وسلامة أملاكه. وهكذا ضاعت المصالح مع نقص الوعي وغياب الردع.