اجتماع لتقييم السنة الأولى من الاستثمار المحلي في إنتاج العلامات العالمية في مجال الملابس الجاهزة    حوادث المرور: وفاة 44 شخصا وإصابة 197 آخرين خلال الأسبوع الأخير    التزام ثقافي مع القضايا الإنسانية العادلة في دورته الرابعة : حضور نوعي لنجوم الجزائر والدول المشاركة بمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    معسكر : "الأمير عبد القادر…العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: خطوة نحو تعزيز السيادة الرقمية تحقيقا للاستقلال التكنولوجي    السيد مراد يشرف على افتتاح فعاليات مهرجان الجزائر للرياضات    بحث فرص التعاون بين سونلغاز والوكالة الفرنسية للتنمية    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    جامعة بجاية، نموذج للنجاح    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    بطولة وطنية لنصف الماراطون    سوناطراك توقع بروتوكول تفاهم مع أبراج    الجزائر تحيي اليوم العربي للشمول المالي    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قاطرة الرياضة الجزائرية في مفترق الطرق
المختصون يشرحون الوضع المتردي لألعاب القوى:
نشر في المساء يوم 25 - 10 - 2016

هل انطفأت إلى الأبد شعلة ألعاب القوى الجزائرية التي كنا نسميها بقاطرة الرياضة الوطنية أم أن ما تعيشه من أوضاع صعبة هي مجرد فترة فراغ؟ تساؤل قد لا نجد له أجوبة مقنعة بسبب الغموض الذي يكتنف تسيير هذا الفرع منذ عدة سنوات، غابت خلالها التتويجات العالمية لرياضييها في مختلف الاختصاصات. اليوم ألعاب القوى الجزائرية تتواجد فعلا في مفترق الطرق، ليس بسبب تراجع مستواها فقط، بل بسبب الشرخ الكبير الذي يسود في علاقات أوساطها المؤثرة في الفرع، التي كثيرا ما نعتت نفسها بالأطراف التي لا يمكن الاستغناء عنها، وهي الآن تبحث عن مواقع جديدة لها تحاول من خلالها السطو على مستقبل هذه الرياضة على مقربة من تنظيم الجمعية الانتخابية. نراها اليوم تتبادل التهم عبر الصحف وشبكات التواصل الاجتماعي من أجل إظهار نفسها على أنها المنقذ لهذه الرياضة في زمن الإخفاقات المتواصلة، مع أنها تدرك تمام الإدراك أن الغسيل الذي تنشره في العلن يساهم في تعفن الوضع وسط هذه الرياضة التي ليست بحاجة إلى الانتقادات والانتقادات المضادة، بل هي بحاجة إلى حلول تخرجها من النفق المظلم الذي تتواجد فيه منذ عدة سنوات.
غير أن أنظار متتبعي أوضاع هذا الفرع متجهة إلى الهيئة الفيدرالية المسيرة له، حيث ينتظر الجميع حصيلتها الأدبية والمالية التي سيطبع نقاشاتها مشاركة نخبة هذه الرياضة في الألعاب الأولمبية التي جرت مؤخرا بالمدينة البرازيلية ريو دي جانيرو. مهمة المكتب الفيدرالي الحالي بقيادة رئيسه عمار بوراس لن تكون سهلة للدفاع عن حصيلة عهدته التي انتقدتها الأغلبية الكبيرة من أوساط الفرع، التي ترغب في أن تحدث قطيعة نهائية مع المشاكل التي ميزت هذه العهدة.
المعارضة التي تطالب برأس عمار بوراس ليست لوحدها التي تطالب بالتغيير للاستلاء على الفرع، فهناك أطراف أخرى ليست لها طموحات شخصية بقدر ما يهمها إعادة تنظيم رياضة ألعاب القوى على أسس جديدة، خالية من كل العقبات التي ساهمت في عرقلة تطور الفرع. وقد ارتأت "المساء" في هذا الشأن التحدث إلى بعض الأشخاص المعروفين في هذه الرياضة من أجل معرفة آرائهم وتصوراتهم لخروج ألعاب القوى الجزائرية من أزمتها العميقة، حيث كانت لنا في هذا الشأن لقاءات مع كل من سي محمد بغدادي (رئيس سابق لاتحادية ألعاب القوى) ومخلوفي لعزيز (صحافي مختص في هذه الرياضة) وجمال قاصد (عداء سابق ومدرب) ورابح أيت الطاهر (رئيس سابق لاتحادية ألعاب القوى). ودعا الجميع إلى ضرورة بلورة ووضع إستراتيجية جديدة لهذه الرياضة تقيها من التوترات التي حالت دون تطورها في السنوات الماضية.
سي محمد بغدادي رئيس اتحادية ألعاب القوى وإطار رياضي سابق: يجب فتح الحوار مع القاعدة وترك الجمعية العامة تلعب دورها
لا يزال سي محمد بغدادي إلى اليوم يعتبر من بين الإطارات الرياضية التي خدمت الرياضة الجزائرية على كل الأصعدة، وكان لدوره الفعال تأثير إيجابي في تسييرها وتطورها. فقد كان إطارا في وزارة الشباب والرياضة وتحول فيما بعد إلى مسؤول عن اتحادية ألعاب القوى، التي ترك فيها بصماته، نظرا لدوره الكبير في تطور هذه الرياضة التي خدمها بوجدانه وبكل طاقاته الفكرية والبدنية. وهو الآن لا يزال يتابع تطوراتها ويحن إلى ذلك الزمان الذي ازدهرت فيه مختلف اختصاصاتها، وقد ارتأت "المساء " استجوابه في الأزمة العميقة التي تعرفها هذه الرياضة، فكان لنا معه هذا الحديث.
كيف تفسرون تركيز الانتقادات على ألعاب القوى الجزائرية دون سواها، بعد انتهاء الألعاب الأولمبية الأخيرة التي جرت بريودي جانيرو؟ وهل الضعف الذي تشهده هذه الرياضة له علاقة بتراجع الرياضة الجزائرية بصفة عامة؟
❊❊ لقد تعودنا في نهاية كل دورة أولمبية، البحث عن الشجرة التي تغطي الغابة، وأعني هنا ألعاب القوى الجزائرية التي لم نتوقف منذ الإصلاح الرياضي في السبعينات عن محاولة البحث عن مجدها الضائع منذ سنوات عديدة، وإذا كان هناك تراجع، فقد مس جميع الرياضات بما فيها ألعاب القوى، لذلك يجب الرجوع دوما إلى الأشياء المنطقية والأساسية والتفكير بجد في ما يحدث من مساويء لرياضتنا المطالبة بالرجوع بسرعة إلى صواب جادتها، فبدون تربية بدنية ورياضية قوية ومنظمة أحسن تنظيم على مستوى المدارس لا يمكن لنا الحصول على خزان متكون من مواهب شابة، بل لن نتمكن من تجديد نخبتنا الرياضية الضعيفة التي تمثلنا في المحافل الدولية الرياضية، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن المعايير التي كانت متواجدة في السبعينات والثمانينات، التي صاحبها تطبيق الإصلاح الرياضي من أجل التكفل بشروط ضمان حياة وتدريب الرياضيين لم تعد موجودة اليوم، وأن الدولة هي الوحيدة التي بإمكانها أخذ على عاتقها التكفل برياضة النخبة التي تمثلنا في المواعيد الدولية الرياضية. هناك سؤال يجب التمعن فيه جيدا: لماذا تنجح الجزائر في الألعاب شبه الأولمبية وتخفق في الألعاب الأولمبية للأصحاء؟
- هناك من يردد أيضا أن انسحاب قدامى المسيرين والمدربين والرياضيين ساهم في خلق هذا الوضع الصعب الذي تعرفه الرياضة الجزائرية، ما رأيكم؟
-- بشكل عام، الإقصاء أصبح عادة سيئة في بلادنا وهذا التصرف يضر بالأوساط العمومية والسياسية، ويبدو أنه أضر حتى بالهيئات الرياضية، وهذا ما يساهم في هروب الأدمغة وممارسي الرياضة.
لا أدري لماذا لا نريد أو لا نعرف كيف نستغل التجربة التي اكتسبها الآخرون، ومنهم بشكل خاص القدامى، في حين أن المعروفين بتسمية "الجدد" نراهم اليوم يحبذون العمل بمفردهم، بينما العمل سويا هو الذي يسمح لنا بتسجيل نتائج جيدة، لهذا هناك ضياع كبير في الطاقة وفي المعرفة لا يمكن إحصاؤه ولا ندرك مدى أهميته وتأثيره السلبي على مجال التطور.
انسحاب أو إقصاء كل هذه الجموع وبشكل خاص المدربين الذين يتلقون مرتبات ضعيفة من السلطات العمومية الرياضية أو من الأندية تزايد بشكل كبير. البعض منهم انتقل للعمل في أندية جزائرية أخرى أو أجنبية من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية، كيف تفسر هذه الحالة؟
❊❊ لقد تولد عن تطبيق الإصلاح الرياضي في السبعينات ظهور نوع من الاحتراف، حيث دخلت الأموال بكثرة، بصفة منظمة ومعقولة، لكن بمجرد تعثر الإصلاح الرياضي وانسحاب المؤسسات العمومية الاقتصادية من تسيير الأندية، وقع هروب جماعي لنخبة المدربين، وكانت الدول العربية الأولى من استغلت هذا الوضع، فانتقل إليها العديد من تقنيينا، لاسيما المختصون في رياضة ألعاب القوى.
هذا للقول بأنه إذا رغبنا في الحصول على الميداليات والنتائج، يجب أن ندفع الأموال للمدربين والرياضيين القادرين على تشريف الجزائر، مثلما يتم فعله في كرة القدم، بالرغم من أن رياضة ألعاب القوى هي دائما الأولى على سبورة الميداليات، يجب أيضا تكوين المدرب ذوي المستوى العالي ومنحهم الأموال نظير مجهوداتهم في العمل وما يأتون به من نتائج مميزة، مثلما يتم في كثير من بلدان العالم التي تريد مكانا لها بين الأمم في المجال الرياضي. ويتعين بشكل خاص تفادي التناقضات، ومن هذا المنظور أجد أنه من غير المفهوم القيام باستقدام مدرب أجنبي لمنتخب كرة القدم تدفع له أموال طائلة، بالرغم من أن مؤهلاته ومهمته لا تتناسب مع مثل هذا المنصب (فهو بحاجة إلى مترجم للقيام بالحصص التدريبية وتوجيه فريقه)، في حين أن العديد من المدربين الجزائريين لم يجدوا شيئا للعمل على هذا المستوى ويشاهدون مرور القطار دون أن يستخدموا مؤهلاتهم لصالح كرة القدم الجزائرية.
بماذا تفسرون غياب السباقات الرياضية في ألعاب القوى، والتي كانت في الماضي منبع اكتشاف المواهب الشابة، وما هي مسؤولية الاتحادية والرابطات في هذا المجال؟
❊❊ مثلما أشرت إليه سابقا، أصبحنا لا نستغل تجارب الماضي ليس فقط في رياضة ألعاب القوى بل حتى في الرياضات الأخرى. اتحاديتنا وضعت في الماضي حيز التطبيق عدة أشكال تنظيمية رياضية، فأين هي المنافسات بين الأندية ودورة الجزائر الدولية وغيرها من المنافسات الأخرى؟ اليوم أصبحت اتحادية ألعاب القوى تجد صعوبات جمة لتمويل برنامجها الرياضي، بالرغم من أن اللجنة الأولمبية كانت متفهمة ومتفتحة من أجل إعانة الاتحاديات عبر سلفيات مالية معتبرة لضمان مشاركة الاتحاديات الأولمبية في دورة ريودي جانيرو.
لقد قمتم رفقة آخرين بتقديم اقتراحات وأفكار لإخراج ألعاب القوى الجزائرية من الفترة الصعبة التي تمر بها، فهل تم أخذها بعين الاعتبار؟
❊❊ موقفنا كان واضحا بعد الصورة السوداء التي قدمها رئيس الاتحادية في الجمعية العامة للاتحادية عن الوضع السائد داخل الفرع، حيث أشار إلى تراجع عدد رياضيي النخبة وقلة الاهتمام بالمواهب الشابة بسبب نقص الإمكانيات بشتى أنواعها، ونقص الإطارات المكلفة بتكوينها وقاعدة ممارسة قل حجمها بشكل كبير، أي حوالي تسعة آلاف ممارس، ورابطات وأندية تفتقر لأدنى وسائل العمل.
نحن قدماء هذه الرياضة تشكلنا في مجموعة قدمت توصيات واقتراحات لم تنل رضى مسؤولي الاتحادية، لأن ما اقترحناه كان يهدف إلى خلق حوار مع القاعدة، وقد أكدنا في مقدمة توصياتنا على ضرورة استرجاع الدور الحقيقي للجمعية العامة كأداة فعالة في ترسيم الحوار داخل الهيئة الفيدرالية، كونها تمثل مساحة حوار ديمقراطي يسمح لكل ممارسي رياضة ألعاب القوى بتقديم اقتراحاتهم والمشاركة في تطوير هذا الفرع بما يقدمونه من اقتراحات بناءة يتعين أخذها بعين الاعتبار، فلا يمكن للجمعية العامة أن تبقى مجرد هيكل تسجيل المراسلات والتقارير الخاصة بنهاية الموسم الرياضي.
فالجمعية بالنسبة لنا، تحدد أدوارها القوانين الأساسية للاتحادية، فهي التي تحدد أهداف الهيئة الفيدرالية وتسهر على تطبيقها، كما اقترحنا إنشاء مجلس وطني لبعث نشاط رياضة ألعاب القوى على مستوى واسع، ويندرج هذا الاقتراح في ضرورة تواجد إرادة تبادل الأفكار وإطلاق حوار منتج وفتح آفاق التكوين وتنوير الذهنيات، فضلا عن ضرورة إبعاد كل طموحات شخصية ونوايا تضر بالاتحادية.
وثيقة توصياتنا تتضمن إثنى عشر اقتراحا لإعادة النظر في تنظيم استشارة القاعدة وسلسلة أخرى من الأفكار التي تمس تنظيم الاستشارة مع القاعدة والتمويل، لتطوير الممارسة الجماهيرية لهذه الرياضة وتكوين المواهب الشابة الرياضية وإعادة رسكلة المدربين.
بعض الأشخاص المعروفين في الوسط الرياضي لألعاب القوى يتبادلون فيما بينها التهم وتحاول التنصل من مسؤولياتها، فيما يقع من مساوئ لهذا الفرع، فمن له الحق ومن هو المخطئ؟
❊❊ لست قاض حتى أحكم بين هذه الأطراف المتصارعة أو أدلي برأي في ما يقولون، لأن ذلك يرجع بالأساس إلى الوصاية التي تتبع لها هذه الأطراف التي شرفت مسؤولياتها وتحملت كل ما قيل بشهادة الاتحاديات المشاركة في الألعاب الأولمبية الأخيرة، والتي عينت فرعنا كمصدر ومسؤول عن الأحداث التي تناولتها الصحافة الرياضية بإسهاب كبير، لهذا أتأسف عن هذه المواقف كونها تنعكس سلبا على تربية أولادنا.
مخلوفي لعزيز صحافي مختص في رياضة ألعاب القوى: الاتحادية مسؤولة عما يحدث من مساوئ في الفرع
لقد اخترنا أخذ رأي لعزيز مخلوفي في هذا الموضوع لأنه صحافي سابق ضمن أسبوعية الهدف الناطقة بالفرنسية، كانت تصدر في قسنطينة، كونه اختصاصيا في كل المسائل التي تخص رياضة ألعاب القوى الجزائرية، فضلا عن أنه عداء سابق في هذه الرياضة التي اكتشفها في فرنسا، حيث رأى النور ومارسها من خلال مشاركته في عدة سباقات سمحت له بالفوز بلقب بطل سباق الأكاديمية الرياضية الفرنسية في صنف الأواسط، ونائب بطل سباق بين الأكاديميات الرياضية بنفس البلد في صنف الأواسط دائما.
يملك مخلوفي لعزيز شهادات جامعية عليا، منها ليسانس في اللغة الفرنسية وليسانس في اللغات وأخرى في علوم الاتصال، إلى جانب امتلاكه لشهادة في الدراسات العليا سمحت له باحتلال مناصب عليا في الإدارة الجزائرية. مخلوفي لعزيز رافق من خلال كتاباته عبر صفحات أسبوعية الهدف المشوار الرياضي لعدة أبطال جزائريين في ألعاب القوى، على غرار حسيبة بولمرقة ونور الدين مرسلي وعزايج يحية وعباوب ميلود وكوحيل كمال.
وفي ظل ركونه إلى التقاعد، ينشط مخلوفي عبر شبكة التواصل الاجتماعي مقالات تتناول نشاط الحركة الرياضية الجزائرية.
كثير من الأقاويل والتعاليق المتشائمة رافقت تحضيرات رياضي ألعاب القوى الجزائرية قبل مشاركتهم في الألعاب الأولمبية الأخيرة، فهل كل هذا يعكس ضعف النتائج التي سجلناها في هذا الفرع؟
— النتائج كانت بطبيعة الحال ضعيفة ومخيبة للآمال وتتحملها كاملة الاتحادية الجزائرية لألعاب القوى، أي الهيئة المكلفة بتسيير هذه الرياضة، ذلك أن رياضي هذا الفرع الذين مثلونا في تلك الألعاب وضعوا في ظروف بسيكولوجية غير مستقرة وغير مساعدة لهم. أنا أتساءل لماذا قامت اتحادية الفرع بإرغام الرياضيين الذين حققوا الحد الأدنى من النتائج المفروض من طرف الاتحادية الدولية واللجنة الأولمبية الجزائرية إلى خوض نفس العملية. وفي منطق الأشياء لدى الهيئات الدولية الرياضية، فإن إرغام الذين حققوا الحد الأدنى إلى معاودة نفس عملية أدخلتهم في إرهاق كبير من الناحيتين البسيكولوجية والبدنية، باستثناء توفيق مخلوفي والعربي بورعدة الذين تم إعفاؤهم من هذه العملية. كما لاحظنا وقوع فارق كبير في التحضيرات بين الرياضيين الذين انتقلوا إلى الألعاب الأولمبية.
المجموعة المتكونة من مخلوفي، بورعدة، سليم قدار، حتحات، بلفرار وبطيش وجدت متسعا من الوقت لتدعيم تحضيراتها، بينما المجموعة الأخرى التي ضمت لحولو، رحماني، متسابقي سباقات الحواجز والمشاركين في سباقات الماراطون لم يكن لها الوقت الكافي للاستعداد للألعاب الأولمبية. وقد تم تحميل لجنة التحضيرات الأولمبية مسؤولية هذا الشرخ الموجود في مجال تحضيرات الرياضيين، غير أن التفسيرات المقدمة من طرف هذه الأخيرة ومن قبل اللجنة الأولمبية الجزائرية بينت أن الاتحادية الجزائرية لألعاب القوى (الاتحاديات الرياضيات بصفة عامة) تسببت في هذا الخلل، لاسيما أنها كانت الوسيط بين اللجنة الأولمبية للتحضيرات والرياضيين -المدربين. وإذا كانت إتحادية ألعاب القوى قد أخلت بمهمتها في هذا الجانب، فذلك ليس بسبب اللجنة الأولمبية أو وزارة الشباب والرياضة.
كيف تقيمون عهدة اتحادية ألعاب القوى التي تأتي على نهايتها، وهل استقالة عمار بوراس من المكتب التنفيذي ل«الكوا" تترجم فشل سياسته على مستوى الهيئة الفيدرالية للفرع؟
— من الواضح أن العهدة الأولمبية كانت ضعيفة من حيث النتائج، بينما العهدة السابقة انتهت بتسجيل ميدالية ذهبية نالها توفيق مخلوفي في دورة لندن الأولمبية، واستمر ضعف نتائج ألعاب القوى الجزائرية ترجمها غياب الميداليات في بطولة العالم بالعاصمة الصينية بيكين، حيث احتل العداء مخلوفي المركز الخامس في سباق 1500م، بالإضافة إلى تسجيل نتائج بعيدة عن توقعات الهيئة الفيدرالية وأمال الشعب الجزائري لم تحد من تأثيرها على العقول الميداليتان البرونزيتان اللتان نالهما توفيق مخلوفي في دورة ريودي جانيرو، بالرغم من بروز بعض الآمال لدى بعض العدائين الشباب، والتي كانت في نظري نتيجة للاستثمار الذي قامت به اللجنة الأولمبية الجزائرية تجاه هؤلاء الشباب، من أجل تحضيرهم لمواعيد رياضية دولية مستقبلية، مثل ألعاب الشباب العالمية.
يظهر بوضوح أن "الكوا" تجاوزت اتحادية ألعاب القوى من حيث الإستراتيجية، وهذا ما يفسر عدم قدرة هذه الأخيرة على إعداد أبطال المستقبل انطلاقا من فئة الأشبال، فأين هي المواهب التي كانت تعد بالكثير منها عنو وطويل؟
أما استقالة عمار بوراس من "الكوا"، فهي تترجم بوضوح فشل الاتحادية التي ترأسها في العهدة تأتي على نهايتها، بوراس اتجه إلى تطبيق سياسة التكتلات عوض أن يختار تلك التي ترتكز على التجمع والوحدة، مما أنتج نظرة مبنية على توفير الأموال ووسائل العمل للعدائين الذين يبرزون على المستوى الدولي دون سواهم وتوفير نفس التسهيلات للمدربين والتقنيين القريبين منها.
لهذا، فإن استقالة عمار بوراس من اللجنة الأولمبية الجزائرية هو تحصيل حاصل لفشل سياسته في الهيئة الفيدرالية وترجمة لكل التأويلات التي كانت تحوم حول هذه الأخيرة، كما أن انسحابه يفسر محاولة منه لتغطية فشله وفشل أقرب مساعديه في الهيئة الفيدرالية. والملاحظ أيضا أن بوراس لم تكن له شجاعة الوقوف إلى جانب زميله رشيد فزوين رئيس اتحادية الدراجات الذي طرد من المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الجزائرية.
هل يمكن تفسير تقهقر ألعاب القوى الجزائرية بانسحاب المسيرين والتقنيين والأطراف الأخرى الذين خدموه لسنوات عديدة؟
— من الطبيعي أن تحدث قطيعة مع الماضي لما يقع انكسار في عائلة ألعاب القوى الجزائرية، سببه انسحاب المسيرين، التقنيين، والعدائين والرسميين الذين خدموه لعقود، لكن لا يجب النظر إلى الفترة التي قضتها هذه الأطراف في الفرع بمثابة معيار عام، بل هو مرور واجب بين مختلف مراحل التاريخ، فالقدماء مطالبون بترك مكانهم للأجيال القادمة لأن البشرية تسير على هذه الخطوات، لكن مع ضرورة وجود وحدة النظر فيما يتعلق بإيصال المعرفة المستوعبة من طرف الأجيال السابقة إلى الأجيال القادمة، ومهما كانت نوعية هذه المعرفة، فإن هذه الأخيرة تبقى دائما مصدر تركيز للحاضر والمستقبل والتحسن والتطور وحتى إلى إحداث ثورة في الميدان.
لكن قدامى ألعاب القوى الجزائرية أحدثوا بسبب انسحابهم، انقطاعا في مجال إيصال التجربة التي تختلف عن المعرفة التي تنتقل إلى الأجيال القادمة عبر الطرق الأكاديمية. لهذا، عادة ما ننسى أن إيصال التجربة تسمح بإسراع حركة اكتساب المعرفة. وعن أسباب تراجع تطور الرياضة، فهي عديدة منها الأهمية الضعيفة التي نوليها للرياضة المدرسية والرياضة الجماهيرية (اختفاء سباقات الحزب الواحد والجماعات المحلية) كوسيلة لاكتشاف المواهب، بالإضافة أيضا إلى تطبيق سياسة عزل معلمي التربية البدنية الذين كانوا يشكلون جسرا حقيقيا بين الرياضة المدرسية ورياضة المنافسة الرسمية.
كما أن مظاهر اجتماعية لها علاقة بمجال التربية الدراسية وسوء الاستقرار وقيام إديولوجية بالاستيلاء على التربية الوطنية، ساهمت في إضعاف مستوى ألعاب القوى الجزائرية.
السبب الثالث في تراجع مستوى الفرع له علاقة بقلة الاهتمام بضرورة تطوير مستوى المدربين العاملين في الأندية، فضلا عن بروز عقلية ضيقة لدى الكوادر خريجة المعهد العالي لتكنولوجيا الرياضة والتمييز الموجود بين فئة المدربين المسماة بالنخبة ومدربي القاعدة، مع ضعف اهتمام الجماعات المحلية الرسمية برياضة ألعاب القوى عند توزيع المساعدات السنوية للأندية والجمعيات الرياضية.
نلاحظ في الوقت الحالي هجرة جماعية لمدربي ألعاب القوى نحو اختصاصات رياضية أخرى، فما السبب في هذا التحول غير المنتظر؟
— لا شك أن أن العامل المالي هو الذي يلعب دورا هاما في سوء استقرار هؤلاء المدربين، لكن ليس الأهم في هذا التحول كون هؤلاء التقنيين لا زالوا مرتبطين برياضة ألعاب القوى ولا يمكنهم التخلي عنها بصفة نهائية، لذلك أعتبر أن انتقالهم للعمل مع رياضات أخرى يحمل في طياته عاملا اجتماعيا، لأن أي إنسان يأمل في الدنيا تحسين أوضاعة الاجتماعية. لأن المدرب بصفته منتج لأحسن النتائج وأحسن الأبطال في شتى الاختصاصات، تراه ينفر من عمله لما يرى أن لم يجن من مجهوداته أي مقابل مادي ولا حتى معنوي، لا سيما عندما لا يعترف مسؤولوه بما حققه على أرض الواقع.
كيف تتطلعون إلى انعقاد الجمعية العامة الانتخابية القادمة للهيئة الفيدرالية؟ هل سيتقدم لها قدامى من الفرع أم سيقع تفاهم على مرشح الإجماع؟
— سؤالكم يحيرني لأن العملية الانتخابية لم يحدد تاريخ انعقادها ولا نعرف أسماء المترشحين، بل لم يتم بعد التعرف على حصيلة العهدة الأولمبية التي انتهت بالمشاركة في الألعاب الأولمبية لريو دي جانيرو.
كما أننا لم نكتشف بعد القيمة المالية للميداليتين اللتين نالهما توفيق مخلوفي ألعاب يودي جانيرو ولا حتى قيمة الأموال التي خصصتها الهيئة الفيدرالية لتحضيرات الرياضيين للموعد الأولمبي. ولا يمكن التفكير في معيار المسير القديم أو المسير الشاب أو غيرها من المعايير التي نريد العمل بها عندما يتعلق الأمر بعملية إنتخابية.
لذلك أظن أن اتحادية ألعاب القوى بحاجة اليوم إلى مسير رائد يحمل الشهادات العلمية والتجربة التي تمكنه من تسيير جيد لقمة الهيئة الفيدرالية وقاعدتها (الرابطات والأندية)، وبمعنى واضح، فإن اتحادية ألعاب القوى تحتاج إلى مناجير بكل ما يحمل من معاني الوقت المعاصر.
- كيف تنظرون إلى تصريحات توفيق مخلوفي التي أعقبت مشاركته الأولمبية، ولماذا قامت حسيبة بولمرقة بانتقاده؟
— صراحة لم أفهم التصريحات الفجائية لتوفيق مخلوفي وأجدها غير مناسبة، ولا هي حتى مواتية للظرف الحالي الذي تعيشه ألعاب القوى بصفة خاصة، والرياضة الجزائرية بصفة عامة. يقال بأنه يريد الدفاع على الرياضيين الآخرين ونحن نريد فعلا أن نؤمن بذلك مثلما نريد أن نعرف القيمة المالية لتحضيراته والقسمة الأخرى لميداليتيه وما تساويه مقارنة بقيمة الأموال التي صرفتها الاتحادية لتحضيرات رياضييها.
لقد عودنا توفيق مخلوفي على مثل هذه الخرجات الإعلامية التي أدخلته في السابق، في خلافات مع اتحادية ألعاب القوى ووزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الجزائرية، لذلك أجد أن مخلوفي ساهم من خلال تصريحاته في إخفاء الحقيقة حول المشاركة الجزائرية في الألعاب الأولمبية الأخيرة وما تم تبذيره من أموال.
وأصل إلى القول بأن مخلوفي أدخلوه في حملة ترمي إلى إخفاء حقيقية الأهداف المرجوة من المشاركة الأولمبية التي لم تكن في مستوى تطلعات جمهورنا، المبنية على استحقاقات أبطال ألعاب القوى العالمية.
كما أن مخلوفي وقع في المناورة التي بناها أولئك الذين حطموا ألعاب القوى الجزائرية، ومن بينها قيامه باقتسام منحته مع بورعدة وتسليم لهذا الأخير إحدى ميدالياته، بل أن خرجاته عبر شبكة التواصل الاجتماعي تدخل ضمن هذا السيناريو المفبرك. لو كان توفيق مخلوفي يحس فعلا بالصعوبات التي واجهت زملاءه العدائين لقام باقتسام المبلغ المالي الذي تلقاه بريو دي جانيرو معهم.
أما بالنسبة لموقف حسيبة بولمرقة من توفيق مخلوفي، فلم أطلع على تصريحاتها كاملة، لكن قيل بأنها وصفت ميداليات مخلوفي التي فاز بها في ريو دي جانيرو بألعاب الأطفال وغيرها من النعوت التي تحط من قيمة تلك الميداليات.
أظن أن بولمرقة رفضت الاستهزاء بالميداليات الأولمبية، حتى ولو كانت برونزية لمعرفتها الجيدة بقيمتها من حيث الاستثمار فيها من الجهد الفردي أو الجهد الجماعي، كما تعرف أيضا بالتدقيق كل ما حام حول تحضيرات مخلوفي والرياضيين الآخرين الذين شاركوا في الألعاب الأولمبية. لهذا السبب رفضت أن ترى مخلوفي يستخف بميدالياته التي يتمناها كل رياضي يشارك في هذه الألعاب.
ولا شك أن بطلتنا الأولمبية وصفت توفيق مخلوفي طفلا، لاعتقادها أن هذا الأخير اعتبر الميداليات التي فاز بها في البرازيل مجرد لعبة يمكن إهداؤها للأطفال.
جمال قاصد عداء ومدرب سابق: التكتلات وتصفية الحسابات سيدة الموقف في الهيئة الفيدرالية
يعد جمال قاصد من الاختصاصيين البارزين في رياضة ألعاب القوى، يعرف الكثير من أطوارها المتعاقبة بعدما خدمها لفترة طويلة كعداء، تحصل خلالها على ألقاب فردية كثيرة في فترات متعاقبة على المستوى المغاربي والإفريقي والدولي، ثم كمدرب وطني للمسافات نصف الطويلة التي أوصل منتخباتها إلى قمة مجدها.
تساءل قاصد في الدردشة التي جمعتنا به حول الوضعية الحالية لألعاب القوى الجزائرية، عن السكوت غير الطبيعي لهيئة الفرع الفيدرالية منذ إسدال الستار على دورة الألعاب الأولمبية التي جرت بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، حيث قال: «صراحة لم أفهم السكوت الطويل لاتحاديتنا وهروبها من أجل البحث عن أدلة الإخفاق التي لم يعد يؤمن الوسط الرياضي للفرع بها. مضيفا أن حصيلة هذه الرياضة في الألعاب الأولمبية تنبأ بها الاختصاصيون الذين نددوا في عدة مناسبات بتسيير الفرع العشوائي فنيا وماليا وغياب إستراتيجية تتكفل بجميع رياضي النخبة ومدربيهم.
استدل محدثنا في هذا المجال بغياب أية تطلعات لدى المديرية الفنية الوطنية قبل حصول العداء توفيق مخلوفي على الميدالية الذهبية في دورة لندن الأولمبية، ويعد ذلك بالنسبة لمحدثنا دليلا على استمرار سياسة البريكولاج على مستوى هذه المديرية التي سارعت إلى التهليل بحصول مخلوفي على ميدالية لندن، مدعية أن ذلك كان نتيجة عمل مسطر من طرفها، يا لها من شجاعة! وتابع جمال قاصد قائلا: إن غياب إستراتيجية وطنية على المديين القصير والبعيد يعد في الأصل سبب الإخفاقات المتواصلة التي تعيشها ألعاب القوى الجزائرية التي أنهكتها عدة عوامل مدمرة، منها بشكل خاص الإقصاء واللامبالاة وضعف المستوى واللجوء إلى المنشطات المحرمة دوليا. كما أن الدور الحالي للمدير الفني ينحصر في تنظيم تربصات المنتخبات الوطنية في الخارج، إذ عادة ما ترافقها أطراف قريبة من الهيئة الفيدرالية، شغوفة بالسفر إلى الخارج على حساب أي اعتبار مهني أو بشري».
أشار جمال قاصد من جهة أخرى، إلى أن ما أضر كثيرا هذه الرياضة هو إفراغها من المسيرين والتقنيين الذين كانوا في الماضي يمثلون القيم الحقيقية لها والمتمثلة في القدرة على التسيير والعمل، فضلا عن المؤهلات الحقيقية التي أصبحت اليوم ألعاب القوى الجزائرية بحاجة ماسة إليها، لكن للأسف الشديد - أضاف محدثنا- تم استخلاف هذه القيم بأخرى منافية للأخلاق الرياضية وحتى الإنسانية. وأضاف قاصد حول هذه النقطة بالذات: «إن الأشخاص المكلفين اليوم بتسيير ألعاب القوى الجزائرية غير قادرين على جمع العائلة الرياضية لهذا الفرع بسبب لجوئهم إلى تصفية الحسابات وتفضيل الحقد على المسامحة وتطبيق سياسة الحسد والتكتلات على حساب المصلحة الجماعية.
أضاف؛ إن كثيرا من زملائنا المدربين الذين لا زالوا يؤطرون الرياضيين يواجهون بمفردهم ظروف العمل القاسية، وأصبحوا ضحية غياب المساواة، بل لا يتم الاعتراف بالمجهودات التي يقدمونها في سبيل تحسين أداء الرياضيين. حاليا يتعرضون للضغط الذي يرمي إلى ضرب معنوياتهم وهي سياسة مقصودة من طرف بعض المسؤولين في الاتحادية لتكسير إراداتهم وإرادة الرياضيين، والهدف من ذلك هو وضع مكانهم أشخاص آخرين لا غير».
تأسف جمال قاصد عن غياب الرؤية في الاتحادية من أجل تطبيق سياسة واضحة المعالم مبنية على التخطيط المدروس والفعال مثلما كان في الماضي، حيث قال في هذا الشأن: « في الماضي كانت الاتحادية مسيرة من طرف مسؤولين لهم نظرة مستقبلية للفرع وتحدوهم دوما إرادة فولاذية لخدمة الفرع. كان همهم الوحيد هو الحفاظ على المصلحة الوطنية والعمل أن تكون الجزائر ممثلة أحسن تمثيل في التجمعات الدولية الرياضية، لكن للأسف الشديد، اليوم أصبح اختيار الرجال لمثل هذه المهمات النبيلة صعبا للغاية، لكن أظن أن الرابطات تستطيع بفضل تجربة مسيريها لعب دور كبير في إعادة هذه الرياضة إلى سكتها الحقيقية، غير أنه يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا، لأن في مجموع ال48 ولاية نجد فقط 25 في المائة في الرابطات من يعمل بصفة حقيقية ويملكون عددا مقبولا من المنخرطين والمواهب الشابة لتدعيم مختلف الفرق الوطنية. أما النسبة الباقية من الرابطات فنجدها غارقة في المشاكل اللصيقة بولايتها، فهي تلعب دورا سلبيا في تطوير رياضة ألعاب القوى ومسيروها لا يأتون سوى مرة في السنة لحضور الجمعيات العادية المبرمجة من طرف الهيئة الفيدرالية».
تأسف محدثنا من جهة أخرى، عن التلاسن الإعلامي والمؤامرات المحاكة بين الأطراف التي لها علاقة بألعاب القوى. مؤكدا أن هذه التصرفات لا تخدم الفرع، فضلا عن أنها لا تشرف من يقوم بمثل هذه التصرفات. وتابع جمال قاصد قائلا: «هذه الوضعية تدوم منذ أكثر من خمسة عشر سنة وتعد في الحقيقة حرب مصالح يغذيها الجري وراء الحصول على مكاسب مالية. ساهمت هذه التصرفات والمواقف في تكسير إرادات الرياضيين والمدربين بشكل خاص، فضلا عن أنها عقدت الأمور في العلاقات بين أفراد من عائلة تابعة لرياضة واحدة، بل أصبح من الصعب معرفة المناور ومن له الحق في هذه الحرب القذرة التي لطخت سمعة ألعاب القوى الجزائرية وجعلتها رهينة التكتلات، والتاريخ سيسجل أسماء الأشخاص الذين ساهموا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في إفساد الوضع داخل صفوف هذه الرياضة».
أوضح محدثنا أن كثرة التكتلات وغياب تغليب المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية لن يخدم في المستقبل القريب ألعاب القوى الجزائرية، موضحا أن الجمعية الانتخابية القادمة للفرع لن تستطيع إبعاد المشاكل عن الفرع ولن تأتي بأية حلول عاجلة، اللهم -كما قال- إلا في حالة عودة الهدوء والتعقل لدى الأطراف التي سيتم الاتكاء عليها لإخراج هذه الرياضة من نفقها المظلم، وتوفير الوسائل المادية التي تسمح بتسيير الفرع على قواعد صحيحة، عكس ما يحصل في الاتحادية الحالية التي قال عنها بأنها صرفت أموالا طائلة لم تأت بأية فائدة للفرع والرياضيين بقدر ما عادت بالفائدة على المسيرين أنفسهم، الذين استغلوا توفير الأموال لخدمة مصالحهم الفردية. وتساءل محدثنا كيف سيعمل مسؤولو الهيئة الفيدرالية الحالية لتقديم حصيلة أدبية ومالية خالية من الفساد المالي ومن سوء التسيير الإداري، فضلا عن غياب نتائج مقبولة على المستوى الوطني والدولي.
وبسبب كل هذه الأوضاع السيئة السائدة في الهيئة الفيدرالية، قال المدرب جمال قاصد بأنه ينصح المسيرين الأكفاء بالتفكير جيدا قبل الترشح للعملية الانتخابية القادمة.
رابح آيت الطاهر رئيس سابق لاتحادية ألعاب القوى: تعثر ألعاب القوى دوليا سببه سياسة الفرع الفاشلة
يعد أيت الطاهر رابح أحد قدماء رؤساء اتحادية ألعاب القوى، ترأسها أثناء العهدة التي امتدت من 1987 إلى 1989، فضلا عن أنه عمل فيها عدة مرات كعضو في مكتبها الفيدرالي.
كما عين أيت الطاهر عضوا في اللجنة التي شكلت سنة 2011 من أجل إيجاد حل للأزمة التي كانت تتخبط فيها آنذاك الهيئة الفيدرالية، لما كان له من تأثير وسمعة كبيرين في أوساط هذه الرياضة التي لا زال يتابع أخبارها، حيث أبدى قلقه الكبير من الأوضاع التي تعيشها هذه الرياضة في أعقاب مشاركتها الضعيفة في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة التي جرت أطوارها بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.
وقد عبر لنا عن أسفه وغضبه الشديدين عن الوضعية التي يعيشها هذا الفرع، حيث قال؛ «تعثر رياضة ألعاب القوى وطنيا ودوليا جسدته السياسة الفاشلة التي طبقتها الهيئة الفيدرالية طيلة العهدة الأخيرة. فهي لم تضع الميكانيزمات التي تسمح بتطوير الفرع على المستوى الوطني من خلال فرض استمرار نشاطها على مستوى الولايات والمناطق.
فلا يمكن للاتحادية أن تدعي ضعف الإمكانيات المادية لأن السلطات العمومية المكلفة بالرياضة خصصت الأموال اللازمة، وكان على الهيئة الفيدرالية تقوية نشاطها عبر استغلال الوسائل المادية والبشرية المتواجدة على مستوى الجماعات المحلية».
إلا أن محدثنا أشار إلى أنه لا يقطع الأمل كلية في القوة الكبيرة التي تملكها رياضة ألعاب القوى الجزائرية. موضحا أن هذه الأخيرة لا زالت تمتلك طاقات رياضية لتحديد الأهداف المرجوة من مشاركتها القادمة في الألعاب الأولمبية القادمة بطوكيو، بل يمكنها تسطير أهداف إلى ما بعد هذه الدورة الأولمبية من أجل التخلص من كل العوائق التي أصبحت تشوب تطور الفرع.
إلا أن محدثنا ربط الخروج من هذه الصعوبات بقيام السلطات العمومية المكلفة بالرياضة بتوفير وسائل مادية ضخمة وتجند الاتحادية القادمة لبعث تطوير الفرع، من خلال تنشيط الرابطات ومنحها دورها الحقيقي، كونها تعتبر القاعدة الحقيقية للفرع ولا يمكن تهميش دورها في تطوير هذه الرياضة التي يجب عليها القيام بدورها الريادي في الرياضة الجزائرية، بعد تسجيلها لأبرز النتائج الرياضية الجزائرية على المستوى العالمي.
وعن رأيه حول التركيبة البشرية التي ستكون عليها الهيئة الفيدرالية القادمة للفرع، رد محدثنا بالقول: «أخشى أن تكون مثل سابقتها في حالة ما إذا لم تقم بتطبيق جانب كبير من الاقتراحات التي ذكرتها آنفا. الاتحادية الجديدة يتعين أن تتصرف بنضج كبير وبرغبة ديمقراطية في الذهاب إلى تنظيم المجالس الوطنية لألعاب القوى، بغية وضع حد للأزمة العميقة التي تمر بها وتحقيق استفاقة عاجلة من أجل العودة إلى تسيير شفاف خال من المناورات.
ورفض الرئيس السابق للهيئة الفيدرالية التعليق على استقالة عمار بوراس من المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الجزائرية، قائلا بأنه يفضل انتظار تصريح بوراس حول هذه الاستقالة للإدلاء برأيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.