استقبلت الجمعية الثقافية لبلدية أولاد ابراهم (برج بوعريريج)، الدكتور خليل شايب من جامعة "الأمير عبد القادر" بقسنطينة، والدكتور يوسف روباش من جامعة "عبد الرحمان بن خلدون" بتيارت، لتنشيط ندوة تاريخية فكرية حول الشيخ محمد العربي بن التباني الواحدي السطيفي، الذي يعدّ واحدا من أعلام الإصلاح الحديث في الجزائر والعالم الإسلامي. ركّز الدكتور خليل شايب في المحور الأوّل من مداخلته على السيرة الذاتية للمترجم، الذي ولد بمنطقة "الشّلخة" بقرية راس الواد بسطيف حوالي 1897-1898م، وعندما أتم تعليمه الأوّل في قريته سافر إلى تونس ثم إلى مكة المنوّرة ثم إلى الشام للاستزادة العلمية والتتلمُذ على كبار العلماء في عصره؛ ليستقرّ به المقام بمكّة المكرّمة وبها اشتغل مدرّسا بمدرسة "الفلاح" لمدّة تربو على خمسين عاما، وعيّن خلالها أيضا مُدرّسا بمدرسة المُطوِّفين بمكةالمكرمة، كما كانت له حِلق علم في مختلف الفنون بالحرم المكّي. وأضاف المحاضر أنّه نظير براعته وكفاءته العلمية، لّقب بن التباني بإمام الحرمين ومُعلّم الأجيال وخادم العلم بأمّ القُرى، كما ظلّ يجاهد علميا إلى أن توفي في السابع والعشرين ماي عام 1970 بمكة، وصُلّي عليه بالمسجد الحرام، ودُفن بمقبرة المعلاة، ودُفن بجوار قبر أسماء بنت أبي بكر. من جهته، وجّه مدير الجلسة الدكتور يوسف روباش في المحور الثاني محاوره إلى المنجز القلمي الذي خلّفه محمد العربي رحمون، وفي هذا أشار إلى ترك بن التباني الكثير من المؤلفات لعلّ أبرزها "براءة الأشعريين من عقائد المُخالفين"، "إتحاف ذوي النّجابة بما في القرآن من فضائل الصحابة"، "تحذير العبقري من محاضرات الخضري" وكذا "نُزهة الفتيان في تراجم بعض الشّجعان".. كما له عناوين أخرى لا تزال مخطوطة لم تُطبع بعد. أما عن مشروعه الإصلاحي، فأكّد الدكتور شايب أنّه ارتكز على مجموعة من النقاط أهمّها الإصلاح العقدي، ففي مبحث الإلهيات نقض عقيدة التجسيم، وردّ على الوهابية الحشوية في تقسيم التوحيد إلى توحيد ربوبيّة وتوحيد ألوهية، وفصّل في مفهوم الكفر ومفهوم الشّرك؛ أما مبحث النبوات فقد حاول التأسيس لاحترام الجناب النبوي من خلال التأثيث لجواز تسويده صلّى الله عليه وسلّم، وجواز التوسّل به وزيارة قبره والاحتفال بمولده.. والردّ على الوهّابية في كلّ تلك المسائل التي قالوا بتحريمها من النقل والعقل. أما مبحث السّمعيات فكتب في مختلف مواضيعه لكن أبرز ما ركّز عليه هو التأكيد على نزول نبي الله عيسى في آخر الزمان..؛ هذا في مجال أصول الدّين أو الفقه الأكبر، أما في الفروع الفقهية فقد كانت ركيزة مشروعه الإصلاحي التأكيد على ضرورة التزام أدب الاختلاف، وأنّ العلماء الربانيين كانوا يتتلمذون على بعضهم، ويعترفون لمن خالفهم بالفضل والعلم دون تعصّب وتزمّت، بالإضافة إلى أنّ اختلاف العلماء فيه رحمة وتوسعة على المُكلّف. من ركائز مشروعه الإصلاحي أيضا التصدّي للتوجيهات الخاطئة للنصوص الدينية لتتلاءم مع ما توصّل إليه العقل الغربي؛ كما عمل خلال تواجده بالحرم المكّي على تكوين نخبة من العلماء لعلّ أبرزهم العلاّمة علوي بن عباس المالكي، ومحمد نور بن سيف بن هلال، والعلاّمة عبد الفتّاح أبو غدّة، والشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي والسيّد محمد أمين كتبي. واختتمت هذه الندوة التي تندرج ضمن الندوات الشهرية التي تنظمها الجمعية في جوّ نقاشي عميق، أثراه الحضور المتنوّع، حيث شهد المركز الثقافي "محمد البشير الابراهيمي" إقبالا معتبرا من الأساتذة والباحثين من جامعات مختلفة كجامعة سطيف2، جامعة المسيلة، جامعة برج بوعريريج، جامعة البليدة2، جامعة تيارت، جامعة قسنطينة، وجامعة الجزائر.