الاجتماعات السنوية للبنك الإفريقي للتنمية: إطلاق عملية تمويل موجهة للمشاريع المناخية في 37 بلدا    السيد عون يبحث مع وزير الاقتصاد والمالية الموزمبيقي سبل تعزيز التعاون بين البلدين    معنية بتفقد مشاريع فندقية بولاية الجزائر..قوجيل يعقد اجتماعا تنسيقيا مع وفد البعثة الاستعلامية المؤقتة    بتكليف من رئيس الجمهورية …عطاف يصل بكين للمشاركة في منتدى التعاون العربي الصيني    بوغالي يستقبل رئيس الوفد الصومالي المشارك في أشغال الاتحاد البرلماني العربي    خلال جلسة نقاش عالية المستوى في منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات : عرض الاستراتيجية الجزائرية في تطوير البنية التحتية للاتصالات بجنيف    "سيال" تنجح في تجربة "الكرة الذكية" للكشف عن تسربات المياه    السياسة الوطنية للأرشيف محور يوم دراسي بالجزائر العاصمة    المحافظة السامية للأمازيغية تحتفل بالذكرى ال29 لتأسيسها    تعزيز الشراكة بين الشركات الدولية وإفريقيا    إرساء معالم طريق جديدة تقود نحو تعاون مثالي    رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات إلى 30 مليار دولار    عون يبحث تقدم أشغال مشروع "فيات" في الجزائر    المجتمع المدني مدعو للمساهمة في نجاح رئاسيات 7 سبتمبر    الشرطة توقف سارق محولات الكهرباء    حماية الطفل من الجرائم السيبرانية والاستعمال الآمن للأنترنت    الكشافة الإسلامية الجزائرية.. مدرسة رائدة في الوطنية    خلال ترأسه اجتماعا توجيهيا للتحضير لامتحان البكالوريا،بلعابد: تحسيس جميع المؤطرين بالعقوبات المترتبة عن الغش بكل أنواعه    سوناطراك تسلّم أول شحنة غازية لكرواتيا    أغلب من يكتبون للأطفال لا يملكون أدوات الكتابة    الجزائر تضمن التلقيح لأكثر من 13 جنسية أجنبية على حدودها    ألعاب القوى/ تجمع أوسترافا : الجزائري جمال سجاتي يفوز بسباق 800م ويحقق أحسن نتيجة عالمية لهذه السنة    احتضنته دار الثقافة محمد بوضياف ببرج بوعريريج : يوم دراسي حول مكافحة جرائم الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط والثانوي    الاحتلال يوسّع اجتياحه لرفح ويستهدف مجددا خيام النازحين    اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بدولة فلسطين يدخل حيز التنفيذ    الموت أهون من التعذيب في سجون الاحتلال    تيسمسيلت: معركة "باب البكوش" رافد حقيقي لأخذ الدروس واستلهام العبر    بيتكوفيتش في ندوة صحفية يوم غد الخميس    أمال كبيرة للتتويج بلقب رابطة أبطال أوروبا    المنتخب الوطني يفوز بالميدالية البرونزية    السيد عون يستعرض مع ممثلي مخابر "أبوت" مشروع إنتاج لقاح الانفلونزا الموسمية بالجزائر    محادثات موسعة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول السلوفيني    تلمسان: إنطلاق فعاليات الطبعة الرابعة للصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية    زيتوني: تأسيس مجلس ثلاثي لرجال الأعمال جزائري تونسي ليبي لتوطيد العلاقات الاقتصادية المشتركة    الاتحاد البرلماني العربي يحيي الدور البارز للجزائر من أجل إيقاف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    مكة: وصول 1621 حاجاً جزائرياً في انتظار التحاق 1288 آخرين هذا الثلاثاء    الإسلام والديمقراطية .. معالم المدرستين في التعددية السياسية    باتنة: مغادرة أول فوج من الحجاج نحو البقاع المقدسة    العدوان على غزة : انتشال جثث ودمار كبير بالفالوجا بعد تراجع محدود لقوات الاحتلال الصهيوني منها    متحدث الأونروا: "لا مكان آمن في غزة" والحرب الحالية "بلا قيم ولا تحترم القانون الدولي"    موسم الاصطياف : إطلاق قريبا عملية تخييم كبرى لفائدة 32000 طفل    حوادث الطرقات: وفاة 24 شخصا وإصابة 1460 آخرين خلال أسبوع    الجزائر تدعو لضغط أكبر لوضع حدّ للجرائم الصهيونية    مساع لتثمين وتطوير الشجرة والاستفادة من    بيع لوحة" المدرسة" في مزاد "سوثبي"    منصوري يطالب مناصري "الخضر" بالصبر على المرحلة الجديدة    جماهير سانت جيلواز تودع عمورة والوجهة "إنجليزية"    مدرب الأهلي المصري يرضخ لعودة قندوسي    "شولوس" تتزين لزوارها    الجزائر الأولى إفريقيا في سوق الدواء    "لاناب" تؤكد على المشاركة النوعية للطبعة السابعة    تبسة تختتم ملتقاها الوطني للفكر الإصلاحي    ضبط قنطار و54 كيلوغراما من اللحوم البيضاء    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    رسالة إلى الحجّاج..    هذه صفة حجة النبي الكريم    الإخلاص لله والصدق مع الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوح الأحداث
فراغ تربوي واجتماعي يترجمه الإجرام
نشر في المساء يوم 17 - 02 - 2008

تستخدم كلمة "جنوح" للدلالة على الهفوات التي يرتكبها الأحداث ضد القانون أو النظام الاجتماعي السائد، كما نعني بها المخالفة التي لا تبلغ درجة الخطورة إلى اعتبارها جريمة، ويختلف انحراف الأحداث عن انحراف البالغين، حيث أن الشاب المنحرف شخص قيْد التكوين والإدماج الاجتماعي، بينما البالغ فرد مكون الشخصية·
ومن الناحية القانونية هي مجمل السلوكات التي يمنعها القانون و النظام و المرتكبة من قبل شباب دون سن الرشد أي 18 سنة، أما من الناحية السيكولوجية فالجنوح سلوك غير إجتماعي و مضاد للمجتمع يقوم على عدم التوافق أو الصراع النفسي بين الفرد و نفسه و بين الفرد و الجماعة التي ينتمي إليها·
ويرى فرويد أن" المنحرف يرتكب أفعاله المعادية للمجتمع بحثا عن العقاب" و يضيف أن "الشخص المرفوض من المحيط ينمو بشكل عدواني اضطهادي، فتحاول إثر ذلك الشخصية بسلوكها التعويضي السلبي، أن تؤكد انتقامها من خلال الإنحراف"·
وقد عرفت سنتا 2003 و2004 حسب إحصائيات مصالح الدرك الوطني" وقوع قرابة 11.000جريمة من قبل الأحداث، أما سنة 2005 فقد سجلت 3485 طفل في خطر منهم 1074 فتاة"، و إذا حلّلنا هذه الإحصائيات تبين لنا أن انحراف الأحداث من أعقد و أخطر المشكلات الاجتماعية لأن جنوحهم ضرر على أنفسهم و على المجتمع، هذه الطاقة البشرية التي بدل أن تقدم للمجتمع إنتاج يسهم في دفع عجلة الرقي و التطور إلى الأمام، تتسبب في خسائر جسيمة من جراء ارتكابهم مختلف الجرائم التي تقع على الأشخاص والأموال، مما جعل منظمة الأمم المتحدة تدعو إلى أول مؤتمر دولي "لمكافحة الجريمة ومعالجة الجانحين" الذي انعقد في جنيف سنة1995وكان جدول أعماله"جرائم الأحداث"·
ويرى الباحثون في مجال علم النفس، الاجتماع والتربية أن إجرام الأحداث وليد جملة عوامل تدفعهم إلى ارتكاب الجريمة والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هي هذه الأسباب التي تدفع الحدث إلى الانحراف؟
إن المؤسسة الأسرية تلعب دورا هاما إلى جانب المؤسسات الاجتماعية الأخرى والمحيط الاجتماعي في تحديد ملامح سلوك الطفل وبناء شخصيته، ثم استقلاليته وتحقيقه لذاته في مرحلة لاحقة (المراهقة، سن الشباب)، حيث ينقل هذا التنظيم الاجتماعي عبر الأجيال مختلف الخبرات والقيم الثقافية، الروحية والأخلاقية التي ينبغي أن يقتدي بها الشاب في مختلف مراحل حياته·
ويعد التفكك الأسري من أهم العوامل السلبية التي تدفع الشاب إلى أحضان الشارع، فلو ترعرع في كنف الوالدين وكانت تربيتهما له صالحة، تبين ذلك في صقل شخصيته وتوازنها و قدرته الفعالة في مواجهة الصعاب وتحقيق الذات، أما إذا تخلّى الوالدين عن دورهما بسبب انفصالهما أو عدم التوافق بينهما، فذلك يدفع به إلى الهروب من البيت العائلي والبحث عن رفقة أخرى التي غالبا ما تكون سيئة ليعوض الحنان و الفراغ العاطفي الذي افتقده في البيت وتعد المراهقة مرحلة حساسة من الناحية البيولوجية والسيكولوجية، إذ يعبر القاصر من خلالها عن معارضته للواقع عن طريق اقتراف الجريمة أو الجنحة لجلب الانتباه وإرغام الوالدين المنفصلين الالتقاء والتشاور·أما التسرب المدرسي، فهو عامل آخر من عوامل الانحراف، فمراكز التكوين المهني عاجزة عن استقبال الكم الهائل من الراسبين في الدراسة وبالتالي يصعب على هؤلاء الحصول على عمل، لقلة مؤهلاتهم المهنية وتدني مستواهم التعليمي، كما نسجل نقص في الجمعيات والمراكز المتكفلة برعاية الشباب، مما يولد الفراغ التربوي والاجتماعي لدى الشباب وينتج عن ذلك قتل قدراتهم الفكرية وطاقاتهم الجسمية، فالفراغ يدفع إلى الوساوس والأفكار الرديئة وبالتالي يشجعهم البحث عن البديل بالإدمان على المخدرات والكحول، التشرد وارتكاب الجرائم الأخلاقية ، مما يسبب عدم توازنهم الفكري واضطراب شخصياتهم·ومن المؤكد أن لوسائل الإعلام تأثير سلبي على الشباب، فهي سلاح ذو حدين لأنه عندما يتعلق الأمر بالبرامج التربوية، الفكرية والدينية النافعة فلابأس بذلك، أما ما يعرض من رسوم متحركة، أفلام ومسلسلات تحرض على الرعب، العنف، وارتكاب مختلف الجرائم الأخلاقية فذلك انحراف فكري و سلوكي يخاطب عقول شبابنا ويجعلهم يقتدون بنماذج غير صالحة، ضف إلى ذلك مواقع الإنترنت الإباحية التي تشجع الشباب على ممارسة الرذيلة والفسق والفساد، مما يجعلهم يتشبثون بثقافة غير ثقافتهم ومظاهر سلوكية غير لائقة·
هل يمكن الوقاية من التورط في الجنوح أو الانحراف؟
طبعا يمكن تفادي انغماس المراهق أوالطفل في سلوك الانحراف عن طريق توفير فرص النمو السّوي لكل عناصر الشخصية منذ الطفولة المبكرة بتظافر جهود الأولياء، المدرسة، الحي، المنظمات الشبابية والمسجد، إبعاد العوامل المشجعة للجريمة بتوسيع الأماكن الترفيهية، تنظيم الأندية الشبابية وإبعاد الأطفال عن البرامج التلفزيونية مواقع الانترنت المشجعة على الانحراف والجنوح و توجيهه إلى البرامج الفكرية، التربوية وذلك بالعمل مع الأخصائيون النفسانيون، التربويون والاجتماعيون وجمعيات ومؤسسات رعاية الشباب لعلاج الظاهرة·
أما بالنسبة للجانحين الصغار أو المجرمين الجدد المتواجدين بمراكز إعادة التربية والإصلاحات، فمن الأحسن معاملتهم برفق لمحاولة إعادة إدماجهم في المجتمع عن طريق إخضاع برامج التأهيل والإصلاح للمعايير العلمية باشتراك الاجتماعيون، الإداريون ورجال القانون، مشاركة الأحداث كغيرهم من الأطفال والمراهقين في المسابقات الفكرية والرياضية بين المدارس وإعطائهم الجوائز التحفيزية، عرض أفلام وأشرطة بيداغوجية وعلمية بمراكز إعادة التربية وفتح باب المناقشة بعد عرضها لتنمية قدراتهم الفكرية وإعطائهم الفرصة للتعبير عن آرائهم وتوجيه أهدافهم، إعطاء الأحداث فرصة الحصول على شهادات مهنية ومدرسية وتحضيرهم نفسيا لإعادة إدماجهم في المجتمع بعد عهدتهم الإصلاحية، تخفيف العقوبة إذا برهن الحدث عن اجتهاده و تعلمه، فالعبرة هي تعلم الفرد لمهارات جديدة تسمح له بالعيش الشريف في مجتمعه الأصلي·
ولا يمكن إنكار الدور الذي تقوم به المؤسسات والمراكز الإصلاحية في توجيه وإصلاح الحدث ، ولكن من المستحسن الوصول إلى جذور هذه المشكلة الهامة والبحث عن الحلول الكفيلة بالقضاء عليها أو الحد منها، فالحدث المنحرف ليس بمجرم أثيم يستحق العقاب الصارم ولكنه ضحية ظروف إجتماعية أجبرته على انتهاج سلوك الانحراف·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.