شهد معرض الجزائر الدولي في طبعته ال43 بقصر المعارض (صافكس) والمنظم من 2 إلى 7 جوان الجاري، إقبالا منقطع النظير نظرا لتنوّع المعروضات بين المحلية والأجنبية وبين التقليدية والعصرية، حيث شاركت في هذا المعرض الذي وصفه بعض الزوار بالمميّز عدة شركات تنتمي إلى مختلف قارات العالم، ما جعله باقة من المنتجات الطبيعية التجميلية والعلاجية، ومن الإبداعات التي تربط جسور التواصل بين الماضي والحاضر.. وفي نفس الوقت وقفة تأمل أمام منتجات العصر التكنولوجية والصناعية بكل ما تحويه من ابتكارات. وقد شكّل المعرض فرصة لاكتشاف روائع الصناعة التقليدية وإبداع الأنامل الإنسانية وكذا تطورات الصناعة الحديثة التي تتماشى وعصر السرعة.. إفريقيا، آسيا، أوروبا وأمريكا هي قارات التقت مختلف أوجه عطائها الفني الصناعي والتكنولوجي في مختلف أجنحة قصر المعارض الصنوبر البحري، حيث شارك في المعرض الذي يحمل شعار ''الجزائر: فرص لاستثمارات استراتيجية'' أكثر من 40 بلدا تمثلهم 825 شركة، علاوة على أكثر من 368 شركة جزائرية عمومية وخاصة، علماً أن الأردن يعدّ ضيف الشرف لهذه الطبعة. مواد التنظيف، التجميل، الصحة، الأدوات الكهرومنزلية، الأجهزة الإلكترونية، الزرابي العصرية، الأثاث، المواد الصيدلانية، الإكسسوارات والأواني.. وغيرها كانت كلها تغازل الزوار وتدعوهم تارة ليستشفوا عبق التاريخ من خلال إمتاع النظر بلمسات الفنون الأصيلة، وتارة أخرى ليكتشفوا مستجدات عالم الحاضر. استكشاف، ترفيه ولقاءات توافد كبير سجلناه يوم زيارتنا للمعرض، وذلك منذ لحظة وصولنا، إذ جمع المعرض شمل العائلات وشكّل ملتقى للأحبة والأصدقاء.. نساء ورجال، صغار وكبار لم يفوّتوا الموعد مما خلق أجواء من الحركية المتواصلة، والتي تعطي الانطباع بأن قصر المعارض قد تحوّل إلى حي شعبي. تحدثنا إلى بعض العارضين المحليين والأجانب، فكان رأيهم بخصوص المعرض يلتقي عند فكرة أن المعرض فرصة للتعريف بمنتجاتهم وتبادل الخبرات مع بعضهم البعض والاستماع إلى انتقادات الزوار التي تفيد كثيرا في تحسين نوعية المنتجات وفقا لما يلبي احتياجات المستهلكين، في حين جاء البعض من العارضين الأجانب للبحث عن وكلاء جزائريين لتسويق منتجاتهم. ولأن التجارة شطارة، استغل بعض العارضين فرصة الإقبال الهائل لتنظيم طمبولات كأسلوب تجاري إغرائي، وهو ما استحسنه العديد من المواطنين، فكثيرون استهوتهم مغامرة المشاركة أملا في الظفر بهدية. المأكولات والعصائر وكذا حلوى الرقاقات رغم ارتفاع أسعارها، إلاّ أنها لقيت إقبالا كبيرا، مما حوّل الفضاء الخارجي لقصر المعرض إلى ما يشبه مطعما في الهواء الطلق. الإعجاب بمعروضات الصالون الدولي ال43 تجلى من خلال اهتمام الزوار الذين قصدوا معرض الجزائر الدولي بحثا عن ضالات مختلفة. الآنسة ''مريم.س'' تدرس تخصص المحاسبة بأحد مراكز التكوين المهني تقول: ''هذه أول مرة أزور فيها معرض الجزائر الدولي.. أعجبتني هذه التظاهرة لاسيما وأني اطلعت على المنتجات التقليدية المميّزة لبعض الدول العربية''. فتاة شابة أخرى رفقة صديقاتها ذكرت: ''أنا وصديقاتي مهندسات في تقنيات الصناعة، جئنا إلى المعرض رفقة أستاذتنا من أجل الإطلاع على طبيعة منتجات الجزائر الصناعية، وفي نفس الوقت للبحث عن المؤسسات التي يمكن أن نودع لديها الوثائق المتعلقة بسيرتنا الذاتية للالتحاق مستقبلا بعالم الشغل.. ولقد وجدنا فعلا ضالتنا. استوقفنا رجلا شابا كان رفقة زوجته وأطفاله، فعبّر عن رأيه بالقول: ''أنا معتاد على زيارة معرض الجزائر الدولي.. وأجد أنه جد مميّز هذه المرة نظرا للحضور القوي للشركات وللأجواء الخاصة التي صنعها عالم الطمبولات والفضاء المخصص للنشاطات الترفيهية ولمرح الأطفال.. وهذه برأيي التفاتة رائعة لتسلية الصغار وجذب الزوار عموما''. واستطرد محدثنا: ''المشاركة القوية لمختلف الشركات المحلية والأجنبية فسحت لنا مجالا أوسع للاكتشاف خلال هذه الطبعة.. والجدير بالذكر هو أن بعض منتجات الشركات الوطنية بلغت المستوى المطلوب، مما جعلها بارزة وسط هذا الزخم من المعروضات''. تهافت على المنتجات الطبيعية زائر آخر كان رفقة أفراد عائلته أشار إلى أن المعرض تميّز بالتنظيم المحكم وأن عدة معروضات نالت إعجابه وأفراد عائلته، لكن المؤسف هو أن العديد من المنتجات التي استقطبته غير معروضة للبيع، وإنما الغرض منها هو التعريف بها فحسب..''وجدنا المنتجات العلاجية الطبيعية التي كنا نبحث عنها، لكن للأسف لم نتمكن من اقتنائها'' يقول الزائر. لكن الملاحظ هو أن هذا المواطن ليس الوحيد الذي استقطبته المنتجات العلاجية الطبيعية لاسيما تلك المعروضة بجناح مؤسسة جميل القدسي، والمتمثلة في خل التفاح الطبيعي بخلاصة الأعشاب وأنواع من الزيوت الطبيعية منها زيت الزيتون بخلاصة الأعشاب.. ففي هذا الجناح سجلنا تهافتا كبيرا من طرف الزوار الذين كانوا يبحثون عن حلول علاجية لمشاكلهم من رحم الطبيعة. ربة بيت من العاصمة عبّرت عن ذلك بقولها: ''فرحت كثيرا عندما عرفت أن منتجات الدكتور جميل القدسي موجودة في المعرض، ولقد جئت خصيصا للإطلاع عليها خاصة أنها طبيعية''. كثيرون تأسفوا لكون الكميات المعروضة غير موجّهة للبيع.. وبهذا الخصوص أوضحت ممثلة عن الوكيل الرسمي لهذه الشركة ذات المنتجات العلاجية الطبيعية أن معروضات الجناح مجرد عيّنات لإطلاع الزوار الذين طالما شاهدوها عبر الفضائيات على طبيعتها ولإعلامهم حول فوائدها العلاجية، أما مسألة اقتنائها فمن المحتمل أن تصبح ممكنة ابتداء من الشهر المقبل، حيث ينتظر أن تدخل الأسواق الجزائرية. ولعلّ إصرار العديد من الزائرين على الحصول على تلك المنتجات الطبيعية العلاجية والتجميلية يوحي بأنه رغم التطور المبهر المتواصل الحاصل في عالم الصناعات الحديثة، يبدو أن العودة إلى الجذور تشدّ الكثيرين ممن يحنون إلى زمن المواد الطبيعية وفن العيش ضمن النظام الطبيعي وإلى ما يعيد التوازن إلى أجسادهم بعيدا عن حياة العصر التي غلب عليها كل ما هو صناعي...