أدت موجهة البرد القارس التي تشهدها مدن ولاية تيزي وزو في موسم الشتاء الجاري، لاسيما في القرى الواقعة بالمرتفعات الجبلية، إلى إعادة إحياء العائلات القبائلية لأطباق تقليدية كانت تقريبا منسية، بعد اقتحام أطباق عصرية مختلفة، حيث عادت العائلات إلى عهد الأجداد الذين كانوا يواجهون البرد القارس، بإعداد وتحضير أطباق خاصة تبقى أكثر طلبا خلال هذه الفترة، نظرا لأهميتها على كسب الجسم القوة والصحة. وحسب ما أكدته نا فاطمة في 85 سنة من عمرها، والتي تنحدر من أعالي منطقة بوزقان، فإنها تعمد مع حلول موسم البرد إلى طهي وتحضير أطباق تقليدية لأفراد عائلتها، تساعد الجسم على اكتساب حرارة تقاوم بها البرد لمدة أطول، مشيرة في حوارها مع ''المساء'' إلى أن الأطباق التقليدية بالمنطقة لها مكانة جوهوية لا يمكن مقارنتها بالأطباق الأخرى، حيث أن تشبت القرويين بتحضير مأكولات تقليدية لا يزال قائما إلى يومنا هذا. وذكرت المتحدثة أن هذه الأطباق المستمدة من الطبيعة ومحضرة بأعشاب تجمع من الحقول والجبال، تضفي مذاقا ونكهات خاصة على كل طبق، ما يجعلها تتميز في شكلها وفي رائحتها من طبق لآخر، كما أضافت أن هناك أطباقا تقليدية تعتبر بمثابة غذاء ودواء في نفس الوقت؛ مثل طبقي ''تابزيث''، ''ثابوبتاتس'' اللذان تُستعمل فيهما أنواع مختلفة من الأعشاب التي تساعد الجسم على كسب الحرارة، وهناك طبق ''أركول'' الذي يحضر بطحين من الشعير اللين مع الزيت والسكر، وهوطبق يمد الجسم بالقوة، كما نجد أطباقا أخرى منها ''ثحريرث'' التي تحضر بخليط من الماء والزيت والملح بالقدر، ويضاف إليها القليل من السميد شيئا فشيئا إلى أن يعقد ويقدم بإضافة قليل من زيت الزيتون، طبق ''شربة اسحيويي'' التي تحضر بخليط من الثوم، فلفل حار، ماء ويضاف السميد إليه، ويُنصح باستهلاك هذه الشربة للمصاب بالزكام ،''أشباظ'' طبق يحضر بالحليب وقليل من زيت الزيتون، وغيرها من المأكولات التقليدية. وأعقبت المتحدثة أنه في الماضي، كانت الأسرة تخزن ببيتها السميد وزيت الزيتون وبعض البقول لمواجهة برودة الشتاء، حيث كان بإمكانها تحضير عدة أطباق تقليدية كانت تتفنن النساء بكل قرية من قرى منطقة القبائل في تحضيرها، موضحة أن هناك أسرا حرصت على تعليم بناتها كيفية تحضير هذه الأطباق، كونها من جهة جزء لا يتجزأ من حياة القرويين الذين لا يستغنون عنها، وكونها غذاء وصحة في نفس الوقت، وقالت؛ إن القرويين يحرصون على زرع بعض البقول وضمان بقائها باستعمال ''لوغفار نتفوناسين '' أي''الذوبال''، وكانوا يتمتعون بصحة جيدة رغم تقدمهم في السن.