أصبحت ظاهرة غسل السيارات في الطرقات، أمام المنازل والمرشات وكذا المساجد، تعرف انتشارا واسعا، في ظل غياب الرادع، في الوقت الذي يُسجّل نقص في بعض الجهات لمياه الشرب، أضحت هذه النعمة تتعرض للإسراف والتبذير الواضحين من قبل البعض، وإذا كان بعض المواطنين يرون أن هذه الحالة إساءة للذوق العام وهدر لنعمة الماء، وهي حالة مرفوضة، يجد البعض الآخر في هذه العملية حلا لمشكله مع محلات تنظيف وغسل السيارات التي تكلفهم مصاريف إضافية. لا تزال هذه الظاهرة تشكل صداعا مزمنا، وتنذر بانتشار الأمراض بعد تسرب المياه الملوثة إلى ممرات وطرقات الشوارع، وأكد إمام مسجد ببلدية برج الكيفان ل”المساء”، أنه تطرق في العديد من المناسبات في خطبه، إلى استعمال مياه المساجد في غسل السيارات، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال منتشرة، فالبعض يستغل أوقات الصلاة لغسل مركباتهم، مضيفا أنه حتى الأشجار لم تسلم من هذه العملية، إذ تعلق عليها أدوات الغسيل. وأردف قائلا؛ إنها ظاهرة أصبحنا نشاهدها يوميا، وطلب من الجهات المختصة العمل على الحد من هذه الظاهرة التي تعكس مظهرا غير حضاري، وأضاف قائلا: ”ألا تعلمون قول الله تعالى: ”إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا”، يعني أنك إذا أسرفت في استعمال المياه بشكل مفرط، فكأنك اجتمعت مع الشياطين في هواية واحدة وود واحد، واكتسبت صفات واحدة، وهي التبذير. وللتوقف عند هذه الحالة، ومتابعتها عن كثب، استطلعت ”المساء” آراء بعض المواطنين بشأن هذه الظاهرة السلبية، فكانت لها وقفات مختلفة، ويقول أحد المواطنين ببلدية بئر خادم؛ إن هذه الظاهرة ليست دخيلة على المجتمع، وإنما مارسها العديد من المواطنين منذ سنوات عديدة، وأصبحت لصيقة بهم وكأنها فعل عادي لا يستلزم أي عقاب، إنما هو هدر للمياه الصالحة للشرب، وقال: ”كيف يعقل أن تتشارك السيارات مع المواطنين في المياه الصالحة التي تعد أكسير حياة الإنسان، مؤكدا أن غسيل السيارات بغير آليات تنظمه، يعتبر هدرا للمياه بشكل عشوائي، وأضاف أن المجتمع بحاجة إلى حملات توعية -ابتدءا من المدارس- لأهمية المياه وشحها وضرورة ترشيد استهلاكها، لأن هذه الثقافة تشحن منذ الطفولة. أفادتنا مواطنة أنها سئمت من هذا التهاون من قبل الجهات الوصية، وأصبح الوضع مترديا جدا من حيث اتساخ الشوارع وتسرب المياه العالقة بها بقايا الزيوت من السيارات، إضافة إلى ذلك، يستغل شباب الحي وقت غسل مركباتهم في رفع صوت مذياع سياراتهم، مما يثير الصخب ليلا نهارا، مضيفة أن غسل السيارات في الشوارع العامة يعد من الظواهر السلبية التي تستوجب الغرامة، لما فيها من عدم مراعاة لقواعد السير، وحقوق الآخرين في استخدام الشوارع، زيادة إلى هدر الماء وتلوث الشوارع وتحويلها إلى محطات لغسل السيارات، وقالت؛ ”إن هذه الظاهرة لا تمت بصلة إلى الثقافة، وإنما تدل على التخلف وقلة الوعي”. لا تستغل المياه الناتجة عن عملية غسل السيارات في شيء آخر، بل تذهب هدرا إلى مجاريها، حبذا لو كان ممكنا إعادة استغلالها لغسل مركبات أخرى، أو أن يعاد تكريرها باستمرار، هذا ما قاله شاب كان يغسل سيارته عند أحد محلات غسل السيارات ببلدية بباب الزوار. وأفادنا مواطن آخر كان يغسل سيارته في الشارع أمام مرش، أنه يجلب المياه من بيته، وهو المسؤول عنها ولا يحق لأحد التدخل، لأنه هو الذي يدفع فاتورة مياه بيته، وأكد أنه يغسلها مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا، أي بمعدل 12 مرة شهريا، مما يعني أنه يستهلك لترات عديدة من المياه قد تغطي متطلبات حي كامل لمدة شهر، فلو أجرينا مقارنة بسيطة، لرأينا أن بعض المواطنين لا يستهلكون كل هذه الكمية في بيوتهم!