مع اقتراب موعد اجتياز امتحان البكالوريا تزداد مخاوف الطلبة من عدم القدرة على تحصيل النجاح وافتكاك تأشيرة الانتقال إلى الحياة الجامعية. ولأن للتحضير النفسي دورا مهمّا في العملية، برمج المركز الثقافي الإسلامي مؤخرا، دورة علمية بعنوان: ”الاستعداد النفسي للامتحان”، نشّطتها الأستاذة فريدة حريكان، مدربة معتمدة في التنمية الأكاديمية العربية للتدريب والتطوير. وقالت الأستاذة فريدة في بداية مداخلتها، إن البعض يعتقدون أن الاستعداد النفسي للامتحان محصور في الطلبة فقط؛ على اعتبار أنهم معنيّون به بالدرجة الأولى، غير أن الأمر في الحقيقة غير ذلك، فوجود طالب في العائلة يستعد لإجراء امتحان رسمي على غرار شهادة البكالوريا، يجعل كل أفراد الأسرة يعيشون حالة من القلق والاضطراب؛ من أجل هذا ينبغي التوضيح أنه إلى جانب النصائح المهمة التي تقدَّم للطالب ليحسن التحضير وبالتالي النجاح، لا بد للعائلة أيضا أن تملك بعض المهارات لتحسّن التصرف مع الابن الذي يكون في أمسّ الحاجة إلى دعمها المعنوي. لّخصت الأستاذة فريدة الهدف من تنظيم الدورة في تحقيق غاية واحدة، وهي تحصيل التفكير الإيجابي؛ من أجل هذا أشركت الحضور في تنشيط مداخلتها بتوجيه بعض الأسئلة، حيث قالت: ”إذا سألكم شخص ما وقال غدا عندكم امتحان؟ ما هو رد فعلكم بغضّ النظر عن المادة محل الامتحان؟”، فكانت إجابة المشاركين بالدورة مختلفة، حيث قال أحدهم إن مجرد لفظ عبارة امتحان يصيبه بالقلق والارتباك والخوف، بينما قالت أخرى إن ما يخيفها ليس الامتحان في حد ذاته بل الضغط الذي يسببه المحيط الأسري، والذي يحوّل الامتحان إلى هاجس يغذّي الخوف، في حين قال رب أسرة إن الأولياء عندما يسمعون كلمة امتحان يربطونه مباشرة بضرورة النجاح والخوف من الفشل، من أجل هذا يضغطون على الأبناء، لأن نجاح أبنائهم يُعد بمثابة تقييم لمدى متابعتهم لهم. خرجت الأستاذة فريدة من كل هذه المداخلات بتكرار لفظ واحد، وهو ”الخوف”، الذي يُخلق عند الطالب نتيجة تأثره بالمحيط العام عموما، حيث قالت: ”إذا كان الخوف هو الذي يُحدث الاضطراب النفسي فالأحرى بنا أن نسأل: ممَّ نخاف؟ ثم أجابت قائلة: ”عادة، الإنسان يخاف من المجهول، غير أن ما ينبغي التنبه إليه هو أن الخوف لا بد أن لا يتجاوز الحدود؛ لأن المنطق يقضي بأن الخوف شعور طبيعي، وهو مؤشر إيجابي، يدفع بالفرد إلى بذل المزيد من الجهد. أما الخوف المرفوض فهو الخوف الذي يسيطر على الطالب ويصيبه بالهلع، ومن ثمة ينبغي معالجته عن طريق شحن الذات بالثقة اللازمة؛ من خلال الاقتناع بأن الفشل ما هو إلا تجربة، وأن النجاح يتطلب توظيف القدرات الكامنة في ذات كل فرد”. كما تحدّثت المدربة عن بعض الحقائق الهامة التي ينبغي إدراكها من طرف الطلبة لتجنّب الوقوع فريسة لها؛ لما لها من أثر سلبي في تحصيل النجاح، فقالت: ”إذا كان التوتر شعورا يصيب كل الطلاب، فينبغي أن يدركوا أن هذا الأخير يطلق كيماويات تقتل الخلايا العصبية المرتبطة بالذاكرة. وفي هذا الإطار لا أقول إن الطالب ينبغي له أن لا يتوتر ولكن لا بد له أن يحاول قدر الإمكان، التحكم في حالته بتبسيط الأمور. تعتقد المتحدثة أن التخلص من التوتر لا يتحقق إلا بإراحة النفس والشعور بالطمأنينة، هذه الأخيرة التي تتحقق بتفعيل الجانب الروحي على غرار الاستعانة بالدعاء، وأيضا بالاقتناع بأن الامتحان ما هو إلا محطة تجريبية قد تصيب وقد تخيّب. ويُعتبر الاستعداد النفسي مرادفا للتفكير الإيجابي، وكلما كان الفرد إيجابيا كانت نفسيته مستعدة لكل الاحتمالات، حسب المتحدثة، التي شرحت ذلك بالقول: ”يجب على الطالب المقبل على أي امتحان أن يبتعد عن الإيحاءات السلبية التي تصوّر له بعض الأمور، وبالتالي تُحبط من عزيمته؛ فما ينبغي للطالب العمل عليه هو توجيه تفكيره إلى كل ما هو إيجابي وأن يخدم تطلعاته، كأن يقول مثلا: لا بد لي أن أدرس جيدا لأتمكن من الالتحاق بالجامعة الفلانية، وتحقيق حلمي الفلاني؛ أي لا بد أن يكون واثقا في قدراته وأن تكون أهدافه محددة وواضحة، وأن يسعى لتحقيقها بكل إصرار”. وعدّدت المتدخلة أهداف الاستعداد النفسي لأهميتها في حياة الطالب، فقالت: ”الاستعداد النفسي يقضي على فوبيا الامتحانات، ويرفع الثقة في النفس، وينمّي التفكير الإيجابي؛ لذا أنصح الأولياء بتوفير جو مناسب لأبنائهم، وأن يبعثوا الأمل فيهم ويحفّزوهم، وهذا يكفي الطالب ليجتاز امتحانه في أحسن الظروف النفسية”.