مع حلول موسم الاصطياف، تفضل الكثير من العائلات العنابية، خاصة القاطنة منها على مستوى الشريط الساحلي، كراء سكناتها التي يكثر عليها الطلب من طرف المغتربين والزوار وأبناء الجنوب الذين يفضلون قصدها للترفيه عن أنفسهم وكسر الرتابة السنوية، حيث تكثر السهرات الليلية على مستوى شواطئ بونة. وتبدأ العائلات العنابية ذات الدخل المحدود في مغادرة سكناتها مع بداية شهر جوان لصالح المستأجر لمدة شهرين، إذ يحسن أصحابها لعبة السين والجيم مع الزبون، لوضع قيمة مالية للشقة أو المستودع، أو حتى البيت القصديري، المهم أن يكون بمحاذاة الشاطئ أو الغابات الخضراء. وحسب إحصائيات بلدية عنابة، فهناك 800 عائلة قامت بإخلاء شققها خلال شهر ماي الماضي، ويستغل الفقراء مثل هذه الفترات لتحويل المساحات وحتى أحواش البيوت الأرضية، المباني الهشة بالمدينة العتيقة، حي الغزالة وحتى أعالي مدينة سرايدي للتأجير على مدى شهري جويلية وأوت. وخلال جولة قادتنا إلى بعض الأحياء الشعبية لمعرفة قيمة الكراء، وجدنا أن الأسعار تختلف من مكان لآخر، حسب نوعية المكان ومستوى الغرفة، إذا كانت مجهزة أو غير ذلك، حسب ما أكده لنا السيد جمال، ليضيف أنه منذ 5 سنوات وهو يسترزق من عملية كراء شقته للمغتربين أو الأقارب، خاصة القاطنين بأقصى الجنوب، وفي هذا الشأن، قال محدثنا؛ إن ثقته كبيرة في بعض الأصدقاء وحتى الأقارب الذين تحولوا الى زبائن أوفياء له، إذ يحافظون على قدسية البيت إلى غاية انتهاء فترة التخييم . غيرنا الوجهة نحو حي المدينة العتيقة «بلاص دارم»، حيث أكد لنا الجيران أن فصل الصيف فرصة للاسترزاق، فرغم أن السكنات هشة وغير لائقة، إلا أن الشباب يحتشدون فيها، لأن هدفهم هو قضاء أكبر وقت على الشاطئ، أما عن الأسعار فتختلف من مكان لآخر، وقد تتراوح بين 4 و 9 ملايين في أغلب الأحيان، وفي هذا الشأن، قال لنا أحد المصطافين؛ إن الشقة المكيفة والمتبوعة باللواحق الضرورية تصل إلى 6 ملايين لمدة شهرين، وفيلا غير مكيفة بجانب البحر تصل قيمتها خلال الشهر الواحد إلى 9 ملايين في أكثر الأحوال. أما السكنات الهشة والمستودعات، فسعرها لا يقل عن 12 ألف دينار، ويقول أحد القاصدين إلى بونة بأن العديد من السياح يفضلون الاشتراك في كراء المساكن مع عائلات أخرى، على أن يدفع المبلغ مناصفة بينهم، هذه الظاهرة لا تقتصر على السكنات المتواجدة بالشواطئ فقط، بل تعدتها إلى السكنات الواقعة بالبلديات المحاذية للشريط الساحلي، وهنا ينخفض السعر ولا يتجاوز 3 آلاف دينار. على صعيد آخر، يشتكي المصطافون خلال السنة الجارية من الارتفاع الكبير لأسعار كراء مختلف الشقق والمنازل التي عرفت التهابا كبيرا، وهي أسعار يحددها المستأجر حسب قناعته أو بالتواطؤ مع وسطاء وسماسرة يستغلون موسم الاصطياف للربح السريع، وفي سياق آخر، أكدت لنا بعض العائلات التي خصصت شققها للكراء، أن الحاجة والعوز هي الدافع الوحيد لإخلاء بيوتها والذهاب عند الأهل أو الخروج إلى القرى البعيدة، وتشكل عملية الكراء عبئا ثقيلا على سكان هذه الشقق نظرا للفوضى، وعدم احترام مقاييس النزول فيها، حيث تتعرض سكناتها لتخريب والتهديم في أغلب الأحيان. وأبدت مديرية السياحة بعنابة ارتياحها لتوفير شقق للمصاطفين، بسبب قلة الفنادق بالمنطقة، وفي هذا الشأن، قال مدير السياحة بعنابة، السيد بونافع نورالدين؛ إنه تم تخصيص مخطط لتنظيم عملية كراء الشقق بالولاية، لكن إقبال العائلات التي تخصص شققها للكراء كان ضعيفا، حيث تفضل العمل بطرق غير شرعية، مما يسبب فوضى التخييم، مع تزايد الاعتداءات الخطيرة والسرقة.