ما كشفه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الاسبوع الماضي عن عثور السلطات على خمس مائة ألف مليار دينار لدى إحدى العائلات، لا يحبس الأنفاس و لا نبض القلب فقط، بل يوقف الكرة الأرضية عن الدوران للحظة لتعد مع العادين كم شاحنة يمكنها حمل هذا المبلغ و كم طن من ورق طبعت فيه هذه النقود، و كم كلم ستأكل هذه الأموال من مسافات لو فرشناها على الأرض و كم جبلا يمكننا ان نغلفه بها، و قد تضاربت الحسابات بين الناس عند تحويلها إلى الدولار فهناك من رأى انها تقدر بأربعة و ثلاثين مليار دولار ونصف و هناك من رآها أكثر من ذلك، و هذا المبلغ في حد ذاته هو ميزانية مجموعة من الدول ذات الدخل المتوسط، ما يعني أن عائلة واحدة كانت تملك مداخيل دول، و إن كانت عائلة واحدة حصدت كل هذه الاطنان و الكيلومترات المربعة من أموال البلاد، فماذا عن باقي العائلات؟ السؤال في حد ذاته مخيف و يحيلنا الى ما تم طرحه من قبل عن تبخر الف و خمس مائة مليار دولار في عهد سعادة هذه العائلة و أمثالها و تعاسة شعب و رجال يحاولون اليوم استرجاع ما يمكن استرجاعه ؟ هذه الأموال التي لا تستطيع حتى النيران التهامها، لم يكن اصحابها يفعلون بها الكثير ففي الوقت الذي اختارت كبار العائلات في دول اخرى التنازل عن اغلب ثروتها للمؤسسات الخيرية لانها عاجزة عن التصرف فيها و تركت فقط بعض الملايين من الدولارات للورثة التي ستكفيهم و تكفي من يأتي بعدهم رغم أنها أموال استثمار و ليس نهب، و فضلت بعض العائلات اقتسام المصانع و المجمعات مع العمال بسبب الثروة الكبيرة، فضلت العائلة هنا عندنا تكديس هذه الاموال و هم لا يدرون انهم يكدسون مجرد ورق، لأن المال الذي لا يستغل مجرد ورق للف اللحم او الدجاج، و بعد ان وصلنا الى هذه المرحلة أكاد أجزم ان بعض الذين في بطونهم التبن ربما شرعوا في حرق الأموال المخزنة قبل ان تصلهم آلة الحصاد فتقطف رؤوسهم، لكن هل يمكنهم حرق تلك الملايير التي لا تلتهمها النار دون أن يثير دخانها ورائحة الحريق الانتباه، لقد صارت الملايير المتلتلة المخبأة في الأقبية و الحاويات و في أعماق البحار و الكهوف و في صحاري الجن عذاب يطارد أصحاب الخبز الحرام، فاعتبروا يا ذوي الألباب. الوسوم قلم المسار