التنظيمات الطلابية تشيد ب النقلة النوعية    أفقد في القائد إبراهيم رئيسي أخاً وشريكاً    تسليط الضوء على دور الجزائر في إفريقيا    تطوّر ملحوظ في قطاع السّكك الحديدية    إيران تحت الصدمة    دوفيلبان: اعتذار فرنسا للجزائر ضروري    التضامن مع غزّة أصبح جريمة عند المخزن    أبو تريكة.. نجم تاريخي ساطع في سماء الكرة    إجراءات وقائية إثر الاضطرابات الجوية    حجز 25 ألف قرص من المؤثرات العقلية    خلطات تنحيف مميتة تروَّج عبر الوسائط الاجتماعية    استلام منشآت تنموية وتنظيم نشاطات للحفاظ على الذاكرة بشرق البلاد    رعاية اليتامى وكفالتهم.. الكنز الكبير    حجّاج الجزائر يبدؤون الرحلة المقدّسة    فلسطين/اليوم العالمي للتنوع البيولوجي: حرب صهيونية على البيئة الطبيعية في غزة    وزير الفلاحة يشرف من بومرداس على إطلاق النظام الجديد لدمج الحليب الطازج منزوع الدسم    تطوير التعاون في مجال الكهرباء محور مباحثات ببرازافيل بين السيد عرقاب و وزير الطاقة الكونغولي    حوادث الطرقات: وفاة 38 شخصا وإصابة 1623 آخرين خلال أسبوع    المركز الدولي للمؤتمرات: رئيس الجمهورية يشرف على لقاء مع رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس المنتخبة    رئيس الجمهورية: الارتكاز على الكفاءات الشبانية لتجسيد جزائر منتصرة علميا و اقتصاديا بنفس جديد    قواوي : خطر التطهير العرقي يهدد 1.5 مليون فلسطيني في رفح    وصول أول فوج من الحجاج الجزائريين إلى البقاع المقدسة    وحدات الجيش الصحراوي تستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع حوزة    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز التعاون الثنائي    الرئيس - الطلبة.. رسالة قويّة    عنابة- قالمة- عنابة..مرحلة حاسمة لتحديد صاحب القميص الأصفر    الرقمنة في صميم التغيير وليست رفاهية    مانشستر سيتي يتوّج باللّقب للموسم الرابع على التوالي    وزارة الاتصال: 2 يونيو آخر أجل لإيداع ملفات التكيف مع قانوني الإعلام والصحافة المكتوبة والالكترونية    18 شهرا للشروع في تسويق منتجات "فينكس بيوتيك"    شراكة بين "كناص" و"سان دوناتو" الايطالي للتكفل بالحالات المستعصية    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    الجنائية الدولية تطلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه    عدة دول أوروبية تمضي قدما نحو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة    التشخيص المبكر أنجع وقاية من الأمراض النادرة    الاستثمار في التكوين لتطوير أداء ممارسي الصحة    صقور الجزائر.. إبهار واحترافية    إشادة بجهود الجزائر من أجل نصرة القضية الفلسطينية    استخدام الأوزون في القضاء على الفيروسات وإنتاج الزيتون    "الحمرواة" في معركة تعزيز آمال البقاء    دعوة إلى حماية التراث الفلسطيني    باتنة بحاجة إلى متحف وطني للآثار    اقتراح التسجيل في قائمة الجرد الإضافيّ    صراع بين بن زية وإدارة كاراباخ    براهيمي يتنافس على جائزة أفضل لاعب في قطر    براهيمي مرشّح لجائزة الأفضل    تقطير الزهور بمتيجة.. حرفة تقليدية واكبت احتياجات الأسر والمصنّعين    تأكيد على أهمية العلاج الوقائي من الحساسية الموسمية    بلورة حلول سياسية للأزمات التي تهدّد استقرار المنطقة    ترقية التعاون بين "سوناطراك" و"زاروبيج نفط" الروسية    الوقوف على جاهزية الجوية الجزائرية لنقل الحجاج    تعرّضت لحملة حقد وكراهية لا تطاق بفرنسا    جهود لتثمين الموقع الأثري لرجل تيغنيف القديم    جامعة الجزائر 1 تنظم احتفالية    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا مع استمرار المصالحة وأحلم أن أستقر نهائيا بالجزائر
نشر في المستقبل يوم 09 - 02 - 2009

واحد من جيل الصحافيين المخضرمين، عايش فترة الإعلام الجزائري في مرحلة الحزب الواحد، وفي فترة الإعلام التعددي، كما أنه واحد من أولئك الذين خاضوا تجارب إعلامية متنوعة وثرية، حيث اشتغل في الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون، واضطرته الظروف إلى خوض تجارب في فضائيات عربية مثل الشارقة وأبوظبي والجزيرة. إنه محمد دحو الذي يفتخر بقرويته وكونه ابن فلاح من عين الدفلى، يقودنا عبر هذا الحوار إلى مشواره المهني الثري وإلى أسفاره الكثيرة بين القاهرة وأبوظبي والشارقة والدوحة. يحمل الجزائر في قلبه الذي لا يزال يحتفظ ببراءة الأطفال،‮ ويتمنى‮ أن‮ يراها‮ شمسا‮ فوق‮ كل‮ الشموس،‮ مأخوذا‮ بحنين‮ قريته‮ عريب‮ بحقولها‮ وعصافيرها،‮ والتي‮ تعتبر‮ جزءا‮ مهما‮ من‮ ذاكرته‮ الإعلامية‮ والثقافية‮.
‮ في‮ البداية،‮ هل‮ كان‮ محمد‮ دحو‮ يحلم‮ بأن‮ يصبح‮ إعلاميا‮ كبيرا،‮ أم‮ القدر‮ هو‮ الذي‮ جعله‮ يلج‮ عالم‮ الصحافة‮ المكتوبة‮ وعالم‮ السمعي‮ البصري‮ فيما‮ بعد؟
إنه سؤال جميل وصعب ومركب، وقد تكون هذه الثلاثية تنطوي على كثير مما مر من عمري، ولكننا بالمفهوم الفلسفي والإبداعي كلما ابتعدنا عن زمن كلما رجعنا إليه. أرأيت كيف تسرع هامات الأشجار على طرفي الطريق حينما تكون مسافرا في سيارة أو في قطار. لم أكن وأنا حينها ذلك الفتى القروي الذي كان يأتي الربيع إلى بيته وتأتي النجوم إلى ليله ليسعد إلا بما يجمع من قصاصات الجرائد في الطرقات، أو ذلك المستمع في دهشة وحيرة إلى الراديو ولغز من يتحدثون في ذلك الجهاز العجائبي. كان من هواياتي أيضا أن أجلس على قارعة الطريق الوطني أعد رفقة أخي السيارات والشاحنات التي تمر قرب بيتنا، ولكن يبدو أن الإذاعة انتصرت في الأخير وحب الجريدة أيضا. طبعا لم أكن أفكر في الصحافة ولم أدر أن يأخذني القدر إلى عالم الصحافة، وقد كنت مفتونا بمعلم اللغة العربية وأناشيد الصباح والمساء في المدرسة. كنت شغوفا بكرة القدم‮ حيث‮ لم‮ تكن‮ الكرة‮ الصغيرة‮ تفارق‮ محفظتي،‮ لكن‮ مرة‮ أخرى‮ انتصرت‮ الإذاعة‮ وانتصرت‮ الجريدة‮.‬
‮ ما‮ المقصود‮ هنا‮ بالانتصار؟
أعني أنني وجدت نفسي في عالم الصحافة والإذاعة والتلفزيون دون أن أفكر في ذلك، لكن الذي ما يزال يشغلني بتلك البراءة والطفولة وقتها هو حيرتي وأسئلتي الملحاحة عمن كانوا يتحدثون في الراديو الذي لم يكن يصبر عليه والدي عليه رحمة الله؛ فنشرات الأخبار وصوت فلسطين بالنسبة لوالدي أهم من الطعام وأهم منا نحن أطفال البيت، والحق أنني أحببت اللغة العربية من خلال الإذاعة ونشرات الأخبار الإذاعية. كنت أقول حينها باستغراب من أين يأتي أحمد فاضلي وبرهوم بوجمعة؟ هل كانا مثلا من سكان الراديو؟..ضاحكا..ولن أنسى أبدا صورة معلم اللغة العربية الوحيد في قريتي الذي كان يتأبط جريدة الشعب. كان السؤال يومها بريئا هل سأكون معلما؟ هل سأكون قارئا لجريدة الشعب مثل معلمي، مفتخرا بذلك الاغتباط الذي يتملكني من خلال نظرات الفلاحين إلي، وقد استطعت أن أكون منافسا لمعلم العربية وقارئا للجرائد ورسائل المغتربين‮ ومن‮ يؤدون‮ واجب‮ الخدمة‮ الوطنية‮ هنا‮ وهناك‮ من‮ شباب‮ قرية‮ عريب‮ بولاية‮ عين‮ الدفلى‮.
‮ محمد‮ كان‮ يحلم‮ أن‮ يصبح‮ معلما‮ لكن‮ الأمر‮ تغير‮ فيما‮ بعد‮ كما‮ حدث‮ معك؟
هذا صحيح. فبعد التحاقي بجامعة الجزائر وجدت من الأستاذ الكاتب جيلالي خلاص فرصة الالتحاق بالمؤسسة الوطنية للكتاب عندما كان مديرا. كنت وقتها قد بدأت أنشر بعض المحاولات الشعرية والقصصية، والتي كانت بمثابة الجسر الأول بيني وبين الصحافة المكتوبة. أما البداية الحقيقية فكانت مع جريدة المساء التي كان مديرها آنذاك محمد العربي غراس، كما قمت خلال هذه الفترة بإعداد برنامج ''عالم الأطفال'' للإذاعة الجزائرية بموافقة من مدير الإذاعة آنذاك الأستاذ عبد القادر نور.
‮ وماذا‮ عن‮ جريدة‮ الشعب‮ التي‮ كانت‮ جزءا‮ من‮ ملامح‮ طفولتك؟
جريدة الشعب هي ذاكرة الصحافة الجزائرية. كانت همزة وصل بين الثورة والاستقلال، بكل ما في المشهدين من زخم في الأحداث لتاريخ الجزائر المعاصر. كان شعورا عظيما أن أنتسب لهذه الجريدة التي تفتحت فيها موهبتي. وكانت لي طريقا جديدا سلكته نحو آفاق أخرى وعناوين أخرى في‮ الصحافة‮ الجزائرية‮ مثل‮ السلام‮ وغيرها‮.‬
‮ أول‮ ما‮ نشر‮ لك‮ في‮ جريدة‮ الشعب؟
أتذكر أن الأستاذ أحمد دوغان الشاعر السوري كان يشرف على البريد الأدبي لجريدة الشعب، وكنت أراسله وأنا طالب في الثانوية، وقد علق مرة على محاولاتي في الكتابة بما معناه إن محمد دحو قد يكتب شيئا ذا بال في المستقبل. فتمسكت بهذه الجملة كثيرا وعملت على تحقيقها، وقد‮ تحققت‮ والحمد‮ لله‮. أما‮ أول‮ مقال‮ فلا‮ أتذكر‮ ذلك‮. ربما‮ خانني‮ الحب‮ الأول‮ وربما‮ خانتني‮ ذاكرتي‮ بعد‮ هذا‮ الزمن‮ الطويل‮.‬
‮ مقال‮ كتبته‮ وأثار‮ صدى‮ واسعا‮ في‮ الجريدة؟
كان ذلك طبعا في جريدة الشعب. لم يكن مقالا بل كان تحقيقا عن شخصية فلاحية مستبدة بعين الدفلى، كانت تستعمل نفوذها للحصول على الأراضي الفلاحية، بحكم علاقاتها الواسعة مع المسؤولين آنذاك. وقد أثار هذا التحقيق الذي نشر في حلقتين لغطا واسعا بين الفلاحين في الولاية. وقد اعتاظت تلك الشخصية الفلاحية كثيرا، لما كشفته الشهادات المذكورة في التحقيق من تسلط يذكرني الآن برواية ''محمد النحيف'' للكاتب التركي الكبير الروائي كمال ياشار التي تتحدث عن قسوة الإقطاع في تركيا في مرحلة تاريخية معينة.
‮ وماذا‮ عن‮ تجربتك‮ في‮ التلفزيون‮ الجزائري؟
لم أكن أبدا أفكر في العمل بالتلفزيون الجزائري، ولكن ذلك حدث أيضا عن طريق الصدفة. كنت وقتها في جريدة السلام كرئيس للقسم الثقافي، وحدث أن اختلفت مع مديرها الأستاذ محمد عباس في بعض الأشياء، فاستقلت ومكنني صديقي العزيز عبد الكريم سكار من العمل معه في المجلة الثقافية بالتلفزيون الجزائري، إلى أن هاجر فاستلمت الإشراف على المجلة الثقافية من حيث الإعداد والتقديم. كما كنت أعد تقارير ثقافية لنشرات الأخبار، فضلا عن حوارات وتحقيقات ميدانية في المجال الفكري والثقافي والديني.
‮ لماذا‮ كان‮ اهتمامك‮ منصبا‮ على‮ الثقافة‮ بدل‮ السياسة‮ التي‮ كانت‮ محط‮ اهتمام‮ زملائك‮ من‮ الصحافيين؟
طبعا هذا من أثر معلم اللغة العربية وحبي للثقافة والفكر، ثم إن العمل في هذا المجال مهم لأنه يعني الوعي ويعني العقل، وقد أسأنا كثيرا في مؤسستنا الإعلامية للثقافة والمثقفين، وصنعنا حاجزا بين السياسة والثقافة وهذا أمر مشين للغاية. صحيح إن العمل الإعلامي في المجال السياسي هو أكثر المناطق سخونة وإقبالا بين الناس نتيجة للهموم السياسية التي نعانيها في مجتمعاتنا المتخلفة، حتى ليمكن القول إن الإنسان العربي هو كائن سياسي، ولكن الأهم أيضا أن يكون للثقافة السياسية دور في العمل الإعلامي سواء كان في الجريدة أو الشاشة، لأن‮ الإنسان‮ بحاجة‮ إلى‮ تحقيق‮ حالة‮ من‮ التوازن‮ بين‮ الوعي‮ السياسي‮ والوعي‮ الثقافي‮.‬
‮ ما‮ هي‮ الصعوبات‮ التي‮ واجهتك‮ في‮ التلفزيون؟
أنت تعرف أن المؤسسات الرسمية والحكومية تخضع دائما لكثير من البيروقراطية ليس في الجزائر فقط ولكن في كل دول العالم الثالث، خاصة جهاز التلفزيون الذي يتميز بالكثير من الحساسية والأهمية لسلطة الصورة وتأثيرها في المجتمع، وبين العاملين والمسؤولين في هذا الجهاز. وعلى الرغم من أنني كنت محظوظا في التحاقي بالتلفزيون، لكن الطامة الكبرى ظلت تحول دون توظيفي بشكل رسمي، حيث عملت لفترة طويلة كمتعاون. إلى أن وظفت بشكل رسمي وصارت لي صورة ''الباج'' الذي يسمح بالدخول إلى مبنى التلفزيون دون مراقبة أو مساءلة.
‮ ألم‮ تواجهك‮ صعوبات‮ مع‮ المسؤولين‮ على‮ القسم‮ الثقافي‮ بالتلفزيون؟
‮ ليست‮ كثيرة‮ ولم‮ تكن‮ في‮ العمل‮ ولكنها‮ كانت‮ في‮ اختلاف‮ الرؤية‮ الثقافية‮. ولكنني‮ كنت‮ أجد‮ كثيرا‮ من‮ الدعم‮ في‮ عملي‮ وكثيرا‮ من‮ الغيرة‮ بين‮ الزملاء‮.‬
‮ إتقانك‮ للغة‮ العربية‮ هل‮ كان‮ لك‮ أم‮ عليك؟
‮ أنا‮ معروف‮ بين‮ أصدقائي‮ بحبي‮ للغة‮ العربية‮ واستعمالي‮ لها‮ في‮ علاقاتي‮ وأحاديثي‮ اليومية،‮ وربما‮ صنفني‮ البعض‮ في‮ خانة‮ المعربين‮ وأنا‮ أفتخر‮ بهذه‮ القسمة‮ كثيرا،‮ وأعدها‮ نعمة‮ ربانية‮.‬
‮ كيف‮ ذلك؟
لك أن تعرف الفرق في ذلك، عندما أتذكر أن كثيرا من الأصدقاء الصحافيين الذين تركوا الجزائر في سنوات الدم والألم نحو فرنسا وبعض العواصم الأوربية الأخرى، لكنهم لم يجدوا مكانا للعمل، لم يجدوا أيضا سندا لهم رغم التعاطف الدولي مع الصحافيين الجزائريين في تلك المرحلة، وقد لا يخفى عليك أن كثيرا من الزملاء الصحافيين الذين هاجروا إلى أوربا اضطروا للعمل في غير اختصاصهم الإعلامي، على عكس الذين قصدوا قنوات عربية، وقد تبوأوا والحمد لله وظائف مشرفة لهم وللغة العربية في الجزائر ولمهنتهم كصحافيين جاءوا من بلد الكل يعتقد أن أهلها لا يتقن اللغة العربية، فكيف يعملون بها ويباهون بها أقرانهم وزملاءهم من الدول العربية الأخرى. كما أن اللغة العربية هي حامل كبير لثقافة وتراث عربي إنساني عظيم. ويكفي قبل وبعد ذلك أنها لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة.
‮ لنعد‮ إلى‮ أول‮ خرجة‮ لك‮ على‮ التلفزيون‮ الجزائري،‮ كيف‮ تتذكر‮ ذلك؟
قصتي مع التلفزيون غريبة وطريفة، وما أجمل تلك الأيام التي كنا نتحلق فيها نحن أطفال بلدية عريب في بيوت بعض من كانوا محظوظين باقتناء أجهزة تلفزيونية لمتابعة المقابلات الرياضية، وكان ذلك منبت فرح واعتزاز لنا في تلك السن. أما أول جهاز تلفزيوني اقتنيناه في عائلتنا فكان يشغل بالبطاريات، وذلك بفضل والدتي التي اشترته بما وفرته من دنانير معدودات جمعتها من بيعها للدجاج والبيض حينذاك. ولك أن تتصور كيف يمكن لهذا القروي الصغير الذي لم يكن يجد مصباحا للكهرباء يراجع به دروسه أن يظهر بعد سنوات في التلفزيون. كان الأمر أشبه‮ بعرس‮ وبفرح‮ كبير‮ بين‮ الأهل‮ الذين‮ ما‮ لبثوا‮ أن‮ أصبحوا‮ يفاخرون‮ بولدهم‮ على‮ الشاشة‮ دون‮ أن‮ يفهموا‮ ربما‮ ما‮ كنت‮ أقول‮ أو‮ أقدم‮.‬
‮ وما‮ هي‮ انطباعات‮ معلميك‮ وأصدقائك‮ القرويين‮ وهم‮ يشاهدونك‮ على‮ التلفزيون؟
لقد كنت دائما التلميذ المتميز في مراحله الدراسية حتى خلال دراستي الجامعية، الأمر الذي جعل كثيرا من معلمي الذين أصبحوا فيما بعد أصدقاء أعزاء على قلبي يشعرون بالاعتزاز والفخر، لأن النبتة التي زرعوها أثمرت وأن تعبهم وتضحياتهم لم تذهب سدى، فشكرا لكل من علمني حرفا، وشكرا لكل من فتّح أمام عيني الطريق ليس في مجال التعليم فقط ولكن كل الشكر والتقدير لمن نصحني ووجهني وأعانني وعلمني أن أكون إنسانا طموحا، غير ناكر لجميل الذين كانوا معي. أما الأصدقاء فهم العمر لي. هم الذكرى. هم زمن الصفاء. هم الطفولة. هم ذلك النهر العذب الذي نظل نستمد منه القوة والطاقة التي تجعلنا كائنات طيبة لا تخون الماضي ولكنها تحن إليه وتخلص له مهما تغيرت الأيام والصفات والمناصب. أصدقائي كانوا يشجعونني كثيرا وكانوا يتمنون لي الخير والنجاح.
‮ لنعد‮ إلى‮ سنوات‮ الدم‮ في‮ الجزائر،‮ هل‮ أثرت‮ سلبا‮ على‮ عملك‮ بالتلفزيون؟
حين استقلت من جريدة السلام كانت الجزائر تمشي إلى ظروف سياسية صعبة، ولا أخفيك أن مجرد الظهور في التلفزيون كان بمثابة انتحار، وكنت وأنا المشتغل آنئذ بالعمل الثقافي في التلفزيون أظنني بعيدا مما أصاب بعض الأصدقاء الصحافيين يرحمهم الله، أعني العاملين في مجال الأخبار السياسية، لكن تبين لي فيما بعد أن آلة الإرهاب كانت عمياء. وقد أنجاني الله مرتين من الموت المحتم. مرة عند حاجز مزيف بين مدينة الخميس وخميس مليانة في العام 1994، ومرة ثانية عندما حوصر بيتنا فجرا برجال ملثمين جاءوا يسألون عني وعن ذلك الذي وصفوه بالشيوعي (أستغفر الله أن أكون كذلك) لكنّ صلوات أمي وأبي ودعاءهما كان أقوى من مكرهم. لم أكن متواجدا ببيتي والدي الذي أخذوا منه سيارته يرحمه الله عنوة وطلبوا منه مالا لكنه لم يعطهم. وجاءني إخوتي وأبي في ذلك اليوم إلى مقر التلفزيون بشارع الشهداء دون أن يخبروني بما‮ حدث،‮ ولكنهم‮ حذروني‮ من‮ أن‮ يستعمل‮ من‮ أخذوا‮ سيارتنا‮ وسيلة‮ للإيقاع‮ بي‮ إذا‮ أنا‮ ركبت‮ معهم‮.‬
‮ وما‮ ذا‮ حدث‮ معك‮ فيما‮ بعد؟
طبعا توجست من الأمر خيفة، خاصة وأن أبي الذي كان يحبني ويعزني ويقدرني كثيرا نصحني بالهجرة إلى خارج البلد، وقال لي وعيناه في السماء ''يا وليدي إذا حبيت تربح سافر خارج البلاد''، وفعلا غادرت الجزائر بعد أيام قليلة من الحادثة باتجاه القاهرة ثم الإمارات العربية ولم أعد إلى الجزائر إلا بعد ما يقارب السبع سنوات. وأذكر أن والدي الذي جاءني رفقة أمي إلى الشارقة بعد ثلاث سنوات من الهجرة بكى وأخبرني بما أخفاه عني ليلة الهجوم على بيتنا، وروى لي تفاصيل تلك الليلة بقوله كنت نهضت وأمك لصلاة الفجر كعادتنا حين سمعنا نباحا في الخارج، فخرجت فوجدت البيت محاطا برجال ملثمين جاءوا للقضاء عليك، ولما قلت لهم إن ولدي قد غادر الجزائر قالوا لي بغلظة ولم أتبين ملامحهم لشدة الظلام (سنحضر لك جمجمته قريبا). وبعد سنوات طويلة التقيت أحد رجال الدرك ممن يعرفونني فأخبرني أنه وجد اسمي ضمن قائمة‮ المطلوبين‮ آنذاك‮ في‮ وثائق‮ الجماعات‮ المسلحة‮ التي‮ كانت‮ تنشط‮ بمنطقتنا‮.‬
‮ هل‮ كنت‮ مقتنعا‮ بفكرة‮ الهجرة‮ إلى‮ الخارج؟
قبل سنوات الأزمة لم أكن أفكر البتة في الهجرة، لكن تسارع وتيرة الأحداث الصعبة والمؤلمة في بلدي وعملا بنصيحة والدي، قصدت القاهرة وكان الأستاذ الدكتور مصطفى شريف قد عين وقتها سفيرا للجزائر بالقاهرة، فعرض علي العمل معه بمصر وفعلا قصدت القاهرة مرورا بتونس، لكن وزارة الخارجية رفضت توظيفي في سفارة الجزائر لأسباب أجهلها، وقد فتح الله علي فعملت معدا ومقدما لبرامج بقناة راديو وتلفزيون العرب، كما عملت مسؤولا للصفحة الثقافية بجريدة الشرق الأوسط اللندنية بمكتبها من القاهرة.
‮ كم‮ دامت‮ إقامتك‮ بالقاهرة،‮ وكيف‮ قضيت‮ هذه‮ الفترة؟
عشت بمصر سنتين كانتا جميلتين وصعبتين. كان رفيق دربي ومعيني في غربتي الأستاذ الإعلامي الكبير الهادي بن يخلف الذي كنت أجلس إليه في لحظات فرحي وقلقي، بمكتب وكالة الأنباء الجزائرية بالقاهرة الذي كان مقرا للحكومة الجزائرية المؤقتة. تعرفت خلال هذه الفترة على أدباء مصر وكتابها وشعرائها، وتعرفت على حاراتها وأحيائها، وكانت لي علاقات طيبة مع كثير من مبدعيها ومثقفيها من أمثال الناقد الدكتور سمير سرحان الذي كان رئيسا للهيئة المصرية للكتاب وللأستاذ إبراهيم المعلم صاحب دار الشروق، كما تعرفت على الكاتب الراوائي الكبير نجيب محفوظ، وحاورت الكثير من المثقفين والمبدعين المصريين، كما تعرفت على الشيخ الداعية الكبير محمد متولي الشعراوي الذي أجريت معه حوارا خاصا للتلفزيون الجزائري من صديقي الأستاذ مصطفى شريف لم يبث حتى الآن. كما تعرفت على شيخ الأزهر السابق جاد الحق كما وعلى ثلة من‮ نجوم‮ الفن‮ والمسرح‮ في‮ مصر‮.‬

‮ كيف‮ كانت‮ نظرة‮ هذه‮ النخبة‮ للجزائر‮ ولأزمتها‮ أنذاك؟
الجزائر بثورتها وأبطالها تمثال في قلب العرب، ولقد وجدت لدى النخبة المصرية احتراما كبيرا لهذا الرصيد، ووجدت أيضا أمنيات عظيمة بأن تتجاوز الجزائر القوية في ضمائرهم أزمتها. كما لقيت لديهم بعض الحيرة وبعض السؤال والقلق عما يجري في هذه البلاد الكبيرة التي لا يعرفون عنها إلا الثورة والشهداء، وكنت إذا تحدثت في ندوة أو في حوار بلغة عربية سليمة تعجبوا لذلك، ويسألونني هل درست في القاهرة، ولكنني كنت أقول لهم يكفي الجزائر فخرا في تاريخها الثقافي المعاصر أنها أنجبت صاحب ''الأجرومية'' العالم القبائلي الزواوي الجزائري التي تضاهي ألفية بن مالك في النحو العربي. والمشكلة الكبرى أن المشارقة لا يعرفون كنوز الجزائر ولا يعرفون تاريخها الثقافي المجيد، والمشكلة الأكبر أن المؤسسات الثقافية والإعلامية في الجزائر لا تعير هذا أدنى اهتمام، حتى الذين يقبضون رواتبهم بالدولار كملحقين وعاملين‮ ببعض‮ السفارات‮ الجزائرية‮ بالخارج‮ لا‮ يقدمون‮ مع‮ الأسف‮ مقدار‮ جملة‮ مفيدة‮ لبلدهم،‮ وهذا‮ مما‮ يعمق‮ الهوة‮ بيننا‮ كجزائريين‮ مع‮ إخواننا‮ في‮ المشرق‮ العربي‮.‬
‮ أليست‮ النزعة‮ الاستعلائية‮ للنخبة‮ المصرية‮ هي‮ التي‮ جعلتهم‮ يتجاهلون‮ المنجزات‮ الثقافية‮ لبلدنا‮ ولدول‮ المغرب‮ العربي؟
لا يمكن تعميم هذه العبارة حتى وإن كانت موجودة بين بعض المثقفين، فالجزائريون تاريخيا ساهموا في بناء القاهرة، وكان لهم دورهم العلمي الثقافي البارز داخل الأزهر الشريف مع العلامة الجزائري الشيخ البشير الإبراهيمي وغيره. كما كان لبعض علماء دلس أثر كبير في النهضة العربية الثقافية في بلاد الشام أمثال الشيخ طاهر الجزائري، لكن المشكلة أننا نحن كجزائريين خاصة الجيل الحالي لا يعرف هذا التاريخ المشرق. أما ما سميته النزعة الاستعلائية فهذا أمر موجود وبنسب متفاوتة لأكثر من سبب، منها الجهل بهذه البلاد وهو الأمر كما تعرف الذي دعا المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني إلى تأليف كتابه الشهير عن تاريخ الجزائر. كما أن هناك من يبدي هذا التجاهل ربما بقصد أو غير قصد ليس فقط في المجال الثقافي والتاريخي والاقتصادي والاجتماعي، حتى الرياضة لم تسلم من ذلك، حتى أغنية الراي لم تسلم من ذلك، فمورسلي‮ على‮ أيام‮ نجاحاته‮ وشهرته‮ العالمية‮ هو‮ في‮ بعض‮ الصحف‮ المصرية‮ عداء‮ مغاربي‮ وكفى،‮ وأمراء‮ أغنية‮ الراي‮ هم‮ مواطنون‮ فرنسيون‮ وحتى‮ زين‮ الدين‮ زيدان‮ لا‮ تذكر‮ جزائريته‮ إلا‮ نادرا‮.‬
‮ هل‮ ذاق‮ دحو‮ مرارة‮ الغربة‮ خارج‮ الوطن؟
كثيرا يا صديقي. والأمرّ منه صورة الألم والدم التي كانت تأتينا عبر الصحف ووكالات الأنباء العالمية. لقد بكيت ذات صباح في ميترو لندن، وأنا أتصفح إحدى الجرائد العربية التي كانت تتحدث عن نجاح الانتخابات الجزائرية آنذاك. ويضيف مراسل الجريدة إن الجزائريين قد شوهدوا يومها شرطة وعسكرا ومدنيين يتعانقون جميعا. مرارة غربتي كانت بسبب الحنين إلى وجه أمي وأبي وإخوتي وبيتنا الترابي الذي صار أطلالا، بعد أن رحلت العائلة لأسباب أمنية قاهرة عن بيتنا القديم. مرارة غربتي أيضا كانت بسبب ما كتبه البعض عن هجرة الصحافيين الجزائريين‮ كونها‮ كانت‮ هروبا‮ (‬سامحهم‮ الله‮). مرارة‮ غربتي‮ أيضا‮ عن‮ أشجار‮ تنبت‮ في‮ غير‮ مكانها‮ وعن‮ أشجار‮ أخرى‮ تزرع‮ في‮ غير‮ تربتها‮.‬
‮ أنت‮ الآن‮ تقدم‮ حصة‮ على‮ الجزيرة‮ مباشر،‮ حيث‮ حاورت‮ العديد‮ من‮ الشخصيات‮ السياسية‮ والإعلامية‮ خلال‮ الحرب‮ الإسرائيلية‮ على‮ غزة،‮ هل‮ أثْرَتْ‮ هذه‮ التجربة‮ مسارك‮ الإعلامي؟
سعدت بمحاورة الكثير من الشخصيات السياسية العربية والإسلامية والعالمية خلال تغطية قناة الجزيرة مباشر لأحداث غزة الأليمة. كنت أولا مواطنا جزائريا يعرف معنى أن تغتصب الأرض ومعنى أن يسلب الحق ومعنى أن يقتل الطفل ومعنى أن ينكل بالنساء والشيوخ العزل. كنت أيضا جزائريا أقدر معنى الشهادة من أجل الوطن ومعنى المقاومة من أجل الحرية. طبعا استفدت كثيرا من هذه الحوارات المباشرة على الهواء التي تتطلب الإعداد الجيد والتحضير القوي، والاستفادة من دفق المعلومات التي تأتي تباعا، والمهم كيف نوظف هذه المعلومات والأخبار وصياغتها‮ في‮ أسئلة‮ تختلف‮ من‮ سياسي‮ إلى‮ رجل‮ دين‮ إلى‮ مواطن‮ يتصل‮ عبر‮ الهواء،‮ أو‮ رسالة‮ قصيرة‮.‬
‮ شهادة‮ من‮ أرض‮ المعركة‮ وأثّرت‮ في‮ نفسك؟
كانت شهادة امرأة فلسطينية من أرض المعركة تتحدث على الهاتف، وتصف القصف البري والبحري والجوي بكثير من العزيمة والإرادة. كانت تقول الحمد لله الحمد لله، ثم كان صوت ابنتها أيضا الذي كان شعلة للفداء والمقاومة ورمزا للإباء. ومن يسمع مثل هذه الأصوات وأخرى كثيرا يعرف‮ أن‮ الضعفاء‮ ينتصرون‮ على‮ كل‮ الهمجيات‮ كيفما‮ كانت‮ لأنهم‮ على‮ حق‮ والحق‮ أكبر‮ من‮ كل‮ الدبابات‮ والصواريخ‮ والأكاذيب‮ الإسرائيلية‮ التي‮ لا‮ تلبث‮ أن‮ تذوب‮ كالثلج‮ مع‮ أول‮ خيط‮ لشعاع‮ الشمس‮ والفجر‮.‬
‮ كمواطن‮ جزائري‮ مقيم‮ في‮ الخارج،‮ كيف‮ تنظر‮ إلى‮ رئاسيات‮ 9002‬؟
ما يهمني كمواطن جزائري هو أن تستمر سياسة المصالحة بين الجزائريين، وأن يذهب بها أصحابها إلى أقصى حد ممكن دون سوء استعمال لهذا المبدأ. ما يهمني أيضا هو أن يحترم صوت الناخب الجزائري وأن تحترم إرادة الجزائريين أمام صناديق الاقتراع التي تشكل في الأنظمة الحديثة‮ الفيصل‮ الأساس‮ في‮ العملية‮ الديمقراطية‮. ما‮ يهمني‮ دائما‮ أن‮ يقول‮ الجزائريون‮ رأيهم‮ واختيارهم‮ بكل‮ حرية‮ وديمقراطية‮ من‮ أجل‮ جزائر‮ قوية‮ في‮ مستوى‮ عظمة‮ ثورتها‮ المجيدة‮ وفي‮ مستوى‮ عظمة‮ أمانة‮ الشهداء‮.‬
‮ هل‮ يفكر‮ محمد‮ دحو‮ في‮ العودة‮ والاستقرار‮ نهائيا‮ في‮ الجزائر؟
أحلم بذلك أكثر من حلم الأطفال بأغلى الأمنيات والأحلام العذبة، وأتمنى دائما أن أرى بلدي شمسا فوق كل الشموس. الغلبة فيه لحقوق الإنسان ولحرية التعبير وديمقراطية الكلمة المسؤولة، وللتساوي بين أبناء الجزائريين جميعا في الحقوق والواجبات، وأن نتنافس على حب الجزائر‮ لا‮ أن‮ نتحارب‮ على‮ المناصب‮ والثروات‮.‬
‮ عندما‮ تنزل‮ بالمطار،‮ ما‮ هو‮ أول‮ شيء‮ تحبذ‮ القيام‮ به‮ في‮ الجزائر؟
أحمد الله أولا على سلامة الوصول وأحمد الله أيضا الذي أعطانا هذه الجزائر العظيمة الكبيرة المعطاء. ولا أخفيك أنني أفكر في ملك اللوبيا بحي ''طنجة''، أفكر أيضا في أن أتمشى قليلا في شوارع الجزائر العاصمة، وفي أن أنظر إلى البريد المركزي وزرقة السماء البديعة، وأن‮ أرى‮ تمثال‮ الأمير‮ عبد‮ القادر‮ على‮ فرسه‮ وبسيفه‮ المقاوم،‮ وأن‮ أرى‮ علم‮ الجزائر‮ يرفرف‮ في‮ سماء‮ بلادي،‮ وأن‮ أجلس‮ في‮ زاوية‮ من‮ زوايا‮ المقاهي‮ القديمة‮ وأشرب‮ الشاي،‮ وأعود‮ إلى‮ زمن‮ القصص‮.‬
‮ أي‮ زمن‮ وأي‮ قصص‮ تقصد؟
‮ زمن‮ القصة‮ القصيرة‮ التي‮ لا‮ أصبر‮ عنها،‮ وقد‮ كتبت‮ ''‬زمن‮ القصص‮'' مجموعتي‮ القصصية‮ الثالثة‮ بين‮ الغربة‮ وبين‮ أزمنة‮ جزائرية‮ تتوزعها‮ الأشواق‮ والآلام‮ والأحلام‮.‬
‮ أنت‮ ابن‮ فلاح،‮ ماذا‮ بقي‮ من‮ زمن‮ الفلاحة‮ والفلاحين‮ فيك؟
بقي موسم الزرع وتلك الصورة الجميلة لوالدي الذي كان فلاحا يحب أرضه ويحب أبناءه. بقي أيضا أن أعود لذلك الزمن الذي كنت أجري فيه وراء الطيور، واليوم أجري فيه كلما عدت إلى الجزائر وراء طفولة عذبة هي الحياة كما قال أبو القاسم الشابي.
‮ كلمة‮ أخيرة؟
‮ منذ‮ سنوات‮ لم‮ أركب‮ حافلة‮ النقل‮ وسط‮ العاصمة،‮ أتمنى‮ أن‮ يتاح‮ لي‮ ذلك‮ لأرى‮ الجزائر‮ الحقيقية‮ وأسمع‮ أصوات‮ الجزائريين‮ وأستمتع‮ بفن‮ الحكي‮ والشفهية‮ المليئة‮ بالكتابة‮ والحياة‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.