ندوة وطنية في الأيام المقبلة لضبط العمليات المرتبطة بامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    العدوان الصهيوني على غزة: ثلاثة شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزلين في مخيمي البريج والنصيرات    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    بوغالي يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في أشغال المؤتمر ال6 للبرلمان العربي    وفاة صديقة الثورة الجزائرية "بريود أندري آليس جان"    الجزائر كندا.. 60 عاماً من العلاقات المميّزة    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    الولاية تؤكد قُرب الفصل في ملفاتهم : 22 مستثمرا تأخروا في تجسيد مشاريعهم بسكيكدة    القوة العسكرية الخيار الرئيس للدّفاع عن الأرض    لقاء تونس ليس موجهاً ضد أيّ طرف    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    نسرين مقداد تثني على المواقف الثابتة للجزائر    استعان بخمسة محامين للطعن في قرار الكاف: رئيس الفاف حلّ بلوزان وأودع شكوى لدى "التاس"    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    إنجاز قيس مدثر مفاجأة بطولة إفريقيا للجيدو: ذهبيتا دريس وبلقاضي تضعان الجزائر في الصدارة    اتفاقيات شراكة في إطار الرعاية الصحية: 50 منصب تكوين لنيل الدكتوراه بجامعة خنشلة    خنشلة: توقيف متهم في قضية تشهير عبر مواقع التواصل    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    لتموين بلديات الجهة الشمالية بالبرج: استغلال محطة الضخ وخزان جديد بمجمع المياه بالماين    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    مدرب مولودية الجزائر يعتنق الإسلام    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يتعثر في بسكرة وفوز ثمين للبيض وعريض للساورة    "اتصالات الجزائر" الراعي الرسمي لدورة المبارزة المؤهلة للألعاب الأولمبية 2024 بباريس    السيد بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    تحسين الخدمات البريدية وتقوية شبكة الأنترنيت في المناطق المعزولة    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    نتائج مشجعة في الخدمات المالية والتغطية البنكية    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    ميلان يفتح رسميا أبواب الرحيل أمام بن ناصر    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    حجز 27 ألف قرص "إكستازي"    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    توقيف 48 شخصا كانوا محل أوامر بالقبض    قصص إنسانية ملهمة    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطن تفتح ملف مصالح الاستعجالات في الجزائر: مصالح استعجالات تلعب على حبل الحياة والموت ابتعاد كلي عن المواصفات الدولية وأطباء يعانون التهميش
نشر في المواطن يوم 15 - 01 - 2011

بلغة الأرقام أكبر ميزانية مخصصة كل سنة هي لقطاع الصحة، بلغة الأطباء عاملة نظافة بأكبر الشركات البترولية تتقاضى أفضل منهم، بلغة المتخرجين الجدد من الأطباء "تكوين ناقص وعمال شبه الطبي يعانون الويلات بالحد الأدنى للراتب في الجزائر"، وبلغة الشارع الجزائري مستشفيات تشبه المذابح واستعجالات تقتل أحيانا عوض أن تنقذ الأرواح. لطالما اعتلت الصفحات الأولى من الجرائد قضايا وملفات خاصة بقطاع الصحة ومنها حتى الفضائح، ولطالما سمعنا خطابات ووعود من الوزراء والمسئولين الأولين القائمين على شؤون القطاع، غير أن الحال لم يصلح والمشاكل تفاقمت وصحة المواطن باتت اليوم من السيئ إلى الأسوأ، ونحن اليوم في هذا الملف أردنا التركيز أكثر على موضوع الاستعجالات الطبية في الجزائر ومطابقتها للمقاييس الدولية خاصة وأن أكبر الميزانيات تخصص أولا لهذا القطاع عندنا.

ملف: ناهد زرواطي

عيادات بلديات غير مؤهلة لاستقبال الحالات الاستعجالية
البداية كانت جولة تفقدية عبر مختلف المستشفيات الكبيرة والمهمة في الجزائر العاصمة وهي الوجهة التي يقصدها كل المواطنين من مختلف البلديات وحتى عندما تكون الحالة طارئة من مختلف ولايات الوطن وهو ما وقفنا عليه بأنفسنا، بحيث يشهد كل من مستشفى سليم زميرلي بالحراش وكذا مستشفى القبة حركة غير عادية كل يوم بسبب الحالات الحرجة التي تقصدهما غير أن الحالة الأكثر كارثية هي تلك الموجودة بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا أين يعتبر هذا الأخير بالنسبة للعام والخاص في الجزائر نقطة النهاية لكل الحالات الاستعجالية.
ورغم أنه توجد عيادات عامة في كل البلديات والدوائر على المستوى الوطني خاصة بالمواطنين، إلا أن هذه الأخيرة لا تعرف للأسف التحكم في الحالات الصعبة، وأحيانا الحالات العادية البسيطة التي لا تتطلب تنقلها إلى مستشفيات أخرى، مثل الحمى أو خياطة الجرح أو حتى تجبيس الكسر.
وكمثال بسيط قصدنا العيادة العامة لبلدية براقي التي فعلا حسب ما وقفنا عليه تفتقد لأبسط شروط العمل التي تساعد الطبيب، ويكفينا كمثال آخر فقط الحالة الأخيرة التي شهدتها العاصمة وموجة الاحتجاجات والمظاهرات التي مست البلدية بحيث عجزت عن استيعاب العدد الهائل من الجرحى في تلك المظاهرات ما تمثل في ندرة الدواء وحتى الطاقم الطبي الذي كان بسيطا الأمر الذي استدعى تنقل مجموعة كبيرة من الجرحى منهم الشرطة إلى مستشفى سليم زميرلي بالحراش.
كما التقينا بذات العيادة بالأم وردة التي كانت هنالك بسبب حمى أصابت ابنتها الصغيرة، إلا أنها أبدت تذمرها ساردة لنا واقعة حدثت معها: "في شهر رمضان الماضي وقع ابني من دراجته وتضرر كثيرا من رجله وعندما أحضرته إلى هذه العيادة قام الطبيب المناوب ليلا بوضع القليل من المطهر على المكان المصاب فيه وضمدها، إلا أن حال ابني صباحا ازدادت سوء ولم يستطع تحمل الألم ما جعلني آخذه من جديد لكن هذه المرة إلى مستشفى سليم زميرلي وهنا وبخني الطبيب لأنني تركت ابني هكذا طوال الليل" لتضيف محدثتنا "غير أني أخبرت الطبيب أنني أخذته إلى عيادتنا في البلدية، وهنا لم يستطع هو بنفسه أن يتمالك مزيجا من الغضب والضحك حول من طهر جرح ابني وقال لي:هل تعلمين أن إصبع ابنك ستبقى هكذا مائلة نوعا ما خارجة عن باقي أصابع رجله" وهنا لم تتمالك السيدة وردة نفسها وهي تتحدث غاضبة عن حال ابنها أسامة ذي 13 سنة الذي يعاني ليومنا هذا من هذه الحالة في رجله وكل هذا حسب الأم والطبيب المعالج في مستشفى زميرلي بسبب عدم انتباه وكفاءة الطبيب المناوب في العيادة. وإن كانت هذه قصة واحدة من مجموع القصص التي حصلت في عيادة بلدية براقي فغيرها كثير تحصل يوميا في نظيرتها عبر مختلف مناطق وبلديات العاصمة ما أجبر المواطن البسيط على كراء السيارات ليلا والذهاب إلى المستشفيات وعدم قصد تلك العيادات التي باتت بدون لا طاقم طبي كاف، بحيث نجد ليلا طبيبا واحدا فقط وهو ما وقفت عليه المواطن في حين عدد المرضى يفوق العشرات ينتظرن في الصفوف الدور والحمى والألم والقيء و الصراخ يتمكن من الجسم التعبان طوال ليلة الانتظار.
مستشفيات تعلق الشماعة على العيادات والمراكز الطبية العامة
وإن كان هذا حال العيادات العامة والمراكز الطبية، فالمستشفات هي الأخرى لا تخلوا من نقائص فادحة يسجلها دائما قسم الاستعجالات الطبية الذي يشهد توافد المرضى إليه ليلا أكثر من عددهم نهارا، وهو ما وقفنا عليه بكل من مستشفى زميرلي بالحراش والقبة أيضا أين فوجئنا بالأعداد الهائلة للمرضى في حين لا نجد سوى طبيب واحد مناوب وطوابير من مرضى ينتظرون وأحيانا كثيرة ما تسمع شجارات من أبناء يحضرون آباءهم وينتظرون الرحمة من الطاقم الطبي الذي لا يجد أو يجيد سوى الصراخ في وجوه المرضى متحججا بعدم كفاية عدد الأطباء و أحيانا كثرة ما يطلب الممرض من المريض وهو ما وقفت عليه المواطن أيضا، أن يذهب إلى الطبيب الخاص إن لم يعجبه حال المستشفيات العامة ليصبح المواطن في بلد العزة والكرامة مضطرا للتخلي عن تلك الكرامة مقابل أن يتخلص من أوجاعه.
مصلحة الاستعجالات بمصطفى باشا
جدران ملطخة بالدم أسرة خارج الغرف وغرف صغيرة تحمل أكثر من 18 مريض
هو أكبر مستشفى على المستوى الإفريقي يستقبل كل الحالات المستعصية والصعبة على المستوى الوطني،ما جعله محط ثقة المواطن الجزائري لما يتمتع به من كفاءات طبية وجراحية وأساتذة معروفين على المستوى الأوروبي ،كما أن مصلحة الاستعجالات الطبية به تعد وتعتبر نقطة ومحطة النهاية لكل مريض، وهو ما وقفت عليه المواطن.
تحتوي مصلحة الاستعجالات الطبية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا على أقسام عديدة ومتعددة، لكنها تبقى مع الاسم الكبير للمستشفى والعدد الهائل المرضى الذين يقصدونه من مختلف مناطق العاصمة، غير كافية، فقسم الإنعاش مثلا يحمل ثلاثة غرف في كل غرفة من المفروض أن تكون أربعة أسرة، إلا أننا وقفنا على حال وجود أكثر من ذلك في نفس الغرف كل هذا بسبب عدد الحالات التي تستوجب الدخول إلى الإنعاش ومن باب الإنسانية يتم إدخالها ولو أن الغرفة لا تستوعب ذلك إذ أحيانا كثيرة يزيد عن 6 أسرة في الغرفة الواحدة، منها الخاص بالربو أو حوادث المرور أو حتى الحوادث الخطيرة الأخرى مثل الجلطة الدموية، ومن قسم الإنعاش يوجد أيضا غرفة فحص جراحة الأعصاب وغرفة فحص الجراحة العامة الذي يعاين الحالات التي تستوجب قيامها لعميلات جراحية ممكن أن تكون حتى فورية، وكذا قسم الإسعافات الأولية وهي غرفة تستوعب في حقيقتها 4 أسرة فقط نظرا لأنابيب الأكسيجين المتوفرة لكن الداخل إليها يجد أكثر من 13 مريض أو ربما 18 على الأقل يترامى بعضهم فوق بعض في حال أشبه بالأسواق وطبعا هنا الطبيب لا يجد من حل سوى التنقل بين هذا المريض وذات وأحيانا يضطر للقفز حتى يمر وطبعا من يصرخ أكثر يلقى العناية أولا. كما يوجد داخل نفس مصلحة الاستعجالات غرفة فحص طبي للحالات الخفيفة تقابلها غرفة قاعة العلاج التي دونما مبالغة منا لا تصلح أن تكون حتى غرفة لإخفاء مواد التنظيف، نظرا لحالتها المتدهورة أو حتى تلطخ الجدران بالدم والروائح الكريهة المنبعثة من هنا وهناك، جعلنا ونحن نقوم بهذا الملف نشعر بالألم دون أن نمرض، وبين كل تلك الغرف التي ذكرناها رواق لا يمكن المشي فيه إلا بحذر بعد أن ألقي بمريض هنا وبمريض وهناك وسرير موجود في الرواق نظرا لعدم اتساع أو امتلاء الغرف الأخرى يعني النساء يعالجن أمام الرجال وحتى أخذ عينات الدم باتت تأخذ خارج الغرفة، كل هذا في مصلحة استعجالات مستشفى كبير هو الأول إفريقيا. استقبال 650 حالة يوميا منها 20 بالمائة فقط حالات مستعجلة
عيادات ومراكز طبية عامة تثقل كاهل استعجالات المستشفيات لافتقارها للدورات التكوينية
بعد كل ما شاهدناه ووقفنا عليه، أردنا فعلا الاستفسار عن الحالة الكارثية التي وصلت إليها مصالح استعجالاتنا بالجزائر خاصة منها المستشفى الجامعي مصطفى باشا، دون أن ننسى أن المريض الذي يقصد تلك المصالح يكون أحيانا كثيرة بين الحياة والموت ولا يملك أن يدافع عن نفسه، وهنا كان لنا هذا الحديث مع رئيس وحدة الاستعجالات "بوبزاري رضا فيهري" الذي لم يخف النقاط السلبية التي تعيشها الوحدة.
في البداية ركز محدثنا المسئول عن مصلحة الاستعجالات، عن الأعداد الهائلة من المرضى الذين يدخلون المصلحة يوميا من مختلف مناطق وبلديات العاصمة، أين أشار إلى أن العدد يبلغ يوميا 650 حالة، إلا أن ذات الشخص عاد إلى النقاط التي جعلت من المصلحة غير قادرة نهائيا على استيعابه "أن تستقبل مصلحة صغيرة من حيث عدد الغرف وحتى الطاقم 650 حالة يوميا فهذا فعلا أمر مؤسف وإذا ما عدنا إلى الواقع فجل تلك الحالات كان من المفروض أن تعالج على مستوى العيادات أو المراكز الطبية العامة المتواجدة على مستوى البلديات، غير أن هذه الأخيرة نظرا لافتقارها للكفاءات أحيانا وأحيانا أخرى لعدم تقدريها الجيد للحالات أو ربما التخلص من الأعداد الكبيرة التي تكون بداخلها وأحيانا كثيرة أيضا افتقارها للمعدات الطبية الخاصة لا يكون أمامها سوى إرسال الحالات وتوجيهها برسائل نحونا وهو الثمن الذي ندفعه نحن". وهنا طرحت المواطن سؤالا عن التلاعب بالمواطن المريض خاصة ليلا بتوجيهه عن طريق رسالة إلى المستشفيات الأخرى رغم أن حالته أحيانا كثيرة ما تكون خطرة، ليجيبنا رئيس وحدة الاستعجالات قائلا "الذنب يقع طبعا بنسبة كبيرة على تلك العيادات والمراكز الطبية العامة التي لا تتكفل بالحالة، تخيلوا أن بعض المرضى الذين يأتون إلينا تكون حالتهم بسيطة مثل خياطة الجرح أو تجبيس القدم أو اليد أو حتى حالات الحمى والقيء، لكن كما سبق وقلت من يكون في العيادة لا يجيد التكفل بالمريض ليرسله باتجاهنا، وأحيانا كثيرة ما يرسله إلى باقي المستشفيات الأخرى التي بدورها ترفض استقباله، فتكون محطته الأخيرة مصلحتنا التي لا تملك أمامها سوى استقباله، أما الصراخ الذي ترونه عندنا فيكون لأن هذا المواطن البسيط والمريض الذي يكون معه يكون قد بقي الليل بأكمله يدور على المستشفيات الأخرى لتستقبله لكن عندما لا يجد العون ويقصدنا يكون قد فاض به الكأس ولا يجد أن يخرج غضبه إلا عندنا وكأننا نحن السبب في كل ما لحق به" وإن لم يكن محدثنا يريد الخوض أكثر في هذا الموضوع إلا أنه أرجع السبب الأول والأخير وراء الحال الذي وصلت إليه العيادات والمراكز الطبية العامة في الجزائر إلى عدم وجود الدورات التكوينية الخاصة بهم والتي تؤهلهم للتكفل بالحالات الأقل خطورة "تخيلوا كيف سيتم تخفيف الضغط على المستشفيات الأخرى". تصنيف الحالات بالألوان ونقص أفراد شبه الطبي يفرض العمل الصعب داخل الاستعجالات أما عن الطوابير الكبيرة من المرضى الذين ينتظرون دورهم وسط الألم، أشار محدثنا إلى أنه يتم فحص المريض في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة من الانتظار "في انجلترا وداخل مصلحة الاستعجالات المريض ينتظر 6 ساعات"، ليردف رئيس المصلحة أن المراقبة تكون بحسب الحالات بحيث يتم تصنيفها "مثلا هنالك حالات حمراء يعني الخطيرة وبعدها الصفراء يعني الأقل خطورة وبعدها البرتقالية والزرقاء وغيرها من التصنيفات التي تلحق بالحالات لهذا تجدون المرضى ينتظرون، يعني ليس لأننا لم نعرهم قيمة أو لم ننتبه لحالتهم لكن بعد رؤيتهم للطبيب تشخص حالتهم، سأعطيكم مثالا أحيانا تكون لدينا حالات وجع جراء الحمى أو آلام البطن وبالمقابل تكون لدينا حالة مستعجلة لحادث مرور في رأيكم أي الحالات أولى بالمعالجة، أكيد الحالة الأخيرة لأنها بين الحياة والموت والحالة الثانية يمكنها الانتظار". غير أن جواب رئيس المصلحة أخذنا لطرح سؤال آخر يتعلق بالطاقم الطبي المشرف على المراقبة الذي كما لا حظنا لا يستوعب العدد الهائل من المرضى وهنا أجاب "أكيد لا يستوعب أولا ذكرنا العدد الهائل للمرضى الذي يقصد المصلحة والذي يعد بالمئات يوميا وثانيا لدينا نقص فادح وواضح في عناصر الشبه طبي نظرا لفرارهم من المستشفيات وهذا أمر يعرفه العام والخاص حول مشكل الراتب الذي وصل الحد الأدنى من الأجور في الجزائر أي يتقاضون 15 ألف دج فقط في حين لديهم المناوبات الليلة والاستعجالات، إلا أننا رغم كل هذا نحاول تدارك الوضع وفعل ما بوسعنا لمعالجة المرض والاعتناء بهم رغم أنني لا أخفي أننا نعمل فعلا في ظروف صعبة".
سيارتان للإسعاف خاصة بمصلحة الاستعجالات وفرق بدون دورات تكوينية
وإن كانت مصالح الاستعجالات تعتمد بشكل كبير على سيارات الإسعاف التي تنقل الحالات المستعجلة والتي من المفروض أن تتكفل بها لحين وصولها إلى المستشفى، خاصة وحركة المرور والفوضى التي تعرفها العاصمة والطرقات، إلا أن هذه النقطة بالذات تعد من أكبر المشاكل التي تواجه قطاع الصحة والمستشفيات وذات المصالح الاستعجالية، بحيث أن أكبر مستشفى على المستوى الإفريقي لا تمتلك مصلحته الاستعجالية سوى سيارتين للإسعاف بدون حتى طاقم طبي مختص بالتكفل مثلما هو معمول به في البلدان المتقدمة. وهنا أشار رئيس وحدة الاستعجالات "بوبزاري رضا فيهري"،أن الخلل أيضا يكمن في التكوينات "من المعمول به في الدول المتقدمة هو أن يتكفل طاقم طبي بالمريض في حالة استعجاليه ومنهم حتى السائق الذي يعرف كيفية رفع المريض وإخراجه من سيارة الإسعاف بحيث لا تنسوا أن جل الحالات تكون تلك التي تعرضت لحوادث المرور والتي يكون الجسم فيها غير قابل لأي خطأ مثل الكسر أو الارتجاجات وغيرها، إلا أن قسمنا لم يتلق أي تكوين في هذا المجال ما يجعله غير مخول لنقل تلك الحالات الاستعجالية"، وعن عمل سيارتي الإسعاف اليوم الخاصة بمصلحة الاستعجالات الطبية قال محدثنا إنها تعمل على نقل المريض داخل المستشفى كون المصلحة لا تمتلك كل شيء بداخلها مثل الأشعة أو العمليات وبعض الفحوصات الأخرى التي تستدعي نقل المريض من عمارة إلى أخرى داخل نفس المستشفى وهو عمل السيارة "لكن الحالات الخطيرة للمرضى يتم حاليا التكفل بها من طرف الحماية المدنية التي باتت المسئول الأول عن جلب المرضى وهذا لتوفرها على شروط التكفل بالمريض قبل وصوله ودخوله مصلحة الاستعجالات عندنا".
ظروف صعبة لا تشجع على العمل
وإن كانت سيارات الإسعاف لا تمتلك المؤهلات فإن هذا فتح باب للتساؤلات عندنا في حال التدهور والتقصير الذي يعيشه قطاع الصحة خاصة ما تعلق بمصلحة قسم الاستعجالات الذي أحيانا كثيرة ما تحيي وتميت، لهذا طرحنا سؤالا على رئيس مصلحة الاستعجالات بذات المستشفى عن إذا ما كانت مصالحنا تطابق المواصفات الدولية المعمول بها، وهنا تنفس محدثنا وغيره من المسئولين في القطاع وحتى من داخل المستشفى الصعداء محاولين إخفاء الضحكات التي أريد لها أن تتحول على ضحك هستيري وكأنهم أرادوا أن يقولوها لنا بطريقة غير مباشرة "كيف تتحدثين عن المواصفات الدولية في الجزائر وخاصة قطاع الصحة ومصالح الاستعجالات".
أولا يقول رئيس المصلحة "إن التكوين بالنسبة للأطباء والعاملين في القطاع خاصة على مستوى مصالح الاستعجالات يتلقون دورات تكوينية مكثفة، إلا انه عندنا منذ الثمانينات لم نتلق أي دورة فما بالكم بالتطورات والتكنولوجيات التي شهدها العالم بعد هذه الفترة"، ليضيف "كذلك حسن التسيير والتحكم في القطاع فمثلا عند الدول المتقدمة لا يتم إرسال المريض من المنطقة التي يقطن بها باتجاه مناطق مختلفة تمتلك نفس العيادات العامة أي يتم التكفل بالحالة في بلدته أما نحن فيأتوننا من كل المناطق والله حتى الولايات وعلى مستوى مصالح الاستعجالات أقصد".
رغم أن البلدان الأخرى تعطي أولوية كبيرة للطبيب المناوب
أطباء مناوبون في الجزائر يتقاضون 700 دج بالليلة ويتصلون من هواتفهم الخاصة كما تحدث المسئول الأول عن ذات المصلحة عن أجور الأطباء في تلك الدول المتقدمة خاصة منها المتعلق بالذين يعملون في مصالح الاستعجالات بحيث يكون الضغط المستمر عليهم وحتى العمليات الجراحية الليلية والأعداد الكبيرة للمرضى ما يجعل للطبيب امتيازات أخرى وهو عكس المعمول به في الجزائر". وهنا علينا الإشارة فقط أن المواطن اقتربت من العديد من أطباء المناوبات الليلية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا الذين وإن لم يذكروا أسمائهم فقد ذكروا معاناتهم داخل القطاع الذي اعتبروه قطاعا يحتضر، وطبيب لا يحترم رغم أنه يعمل في المناوبة لمدة 24ساعة وهذا منافي للمواصفات الدولية وعمل الطبيب في باقي دول العالم، مثل فرنسا التي يناوب فيها الطبيب لمدة 12 ساعة فقط، إلا أن الطبيب عندنا فوق ذلك العمل يتقاضى 700دج فقط على مناوبته الليلة رغم أنه يترك منزله وأولاده وأحيانا كثيرة في المناسبات مثل الأعياد في سبيل العمل، ومع كل هذا بأتفه حتى لا نقول أبسط الأجور، رغم أن مناوبة 24ساعة يقوم فيها الطبيب بإجراء مختلف أنواع العمليات التي أحيانا كثيرة تصل لأربع عمليات، كما يكون هو المسئول عن جلب المريض من مصلحة الاستعجالات باتجاه غرفة العمليات في عمارة أخرى ويقوم بالوقوف على عملية التخدير، وفي حال كان هنالك طبيب واحد في نفس المصلحة والتخصص فإن المريض الثاني الذي يكون في حالة كارثية ربما مطعون بخنجر عليه أن ينتظر دوره وأحيانا كثيرة ما يتم التكاتف بين الأطباء والمساعدة فيما بينهم من باب الضمير المهني والعمل الإنساني لا غير.
وللعودة فقط إلى رئيس مصلحة الاستعجالات فقط أسر لنا أنه أحيانا يصل الأمر بالأطباء المناوبين إلى دفع مبالغ فيما بينهم تصل إلى 3000 دج مقابل عدم القيام بالمناوبة الليلية نظرا للتعب الذي يكون فيها وحتى الظروف السيئة التي لا تسمح بالعمل، منها أنه أحيانا كثيرة لا تكون سيارة الإسعاف موجودة ما يجعل الطبيب يساعد أهل المريض في حمله وإخراجه من مصلحة الاستعجالات باتجاه بناية أخرى لإجراء العملية كما يقوم الطبيب بالاتصال من تكلفته الخاصة أي هاتفه النقال بطبيب آخر لتجهيز غرفة العمليات هذا كله لأن أكبر مستشفى إفريقيا لا يملك نظام الهواتف داخل المكاتب أي أن كل طبيب داخل نفس المستشفى خاصة ليلا يتحدث مع رفقائه حول الحالات من هاتفه الخاص. وهنا طرح رئيس المصلحة مشكلة العيادات الخاصة التي لا تقوم بالمناوبات الليلية، وهي القضية المهمة المطروحة حاليا والتي وجب فعلا دراستها من طرف الوزارة الوصية.
أول عمارة استعجالات على المستوى الوطني بثلاث طوابق
أكثر من 100طبيب سيعملون على علاج المسعفين يبقى المستشفى الجامعي مصطفى باشا ينتظر في الأخير حلم فتح عمارة الاستعجالات التي تعد الأولى من نوعها على المستوى الوطني،حيث أسرت مصادر موثوقة من داخل بيت وزارة ولد عباس أن هذا الأخير من المتوقع أن يدشنها على أقصى تقدير العشرة ايام القادمة،وهذا نظرا لمجموعات الرتوش الأخيرة التي لازال العمال يقومون بها على مستوى المبنى، خاصة منها المتعلق بجناح العمليات، كما يلاحظ المار من تلك الناحية مجموعة الأجهزة التي يتم استقدامها وحتى رائحة الطلاء المنبعثة نحو الخارج. وحول هذا المشروع الأول من نوعه على المستوى الوطني كشفت ذات المصادر أنها جاءت لتطابق المواصفات الدويلة بعدما لوحظ النقص الفادح على مستوى المصالح الاستعجالية في العاصمة وخاصة بمصلحة المستشفى، ما استدعى القيام بهذه الخطوة التي فاقت الأشغال بها العامين، إلا أنها ستكون عمارة واحدة لا يخرج المريض في حال حرجة منها أين سيعمل الطاقم الطبي على التكفل به عبر مختلف الطوابق الموجودة هناك.
هذه النقطة الأخيرة، وفي استفسار حول الموضوع أكثر من المواطن، تبين أن ذات العمارة التي كتبت عليها لافتة "مصلحة الاستعجالات"،ستحمل 3 ثلاث طوابق، الطابق الأول سيخصص للاستعجالات الخطيرة التي لا تحتمل الصعود وتلعب على ربح الوقت لهذا خصص لها الأول، أما الطابق الثاني فقد خصص حسا ذات المصادر لقاعات العمليات التي حددت ب5 قاعات، يليها الطابق الثالث الخاص بالإنعاش. وعن مصير مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، أكدت مصادرنا من وزارة الصحة أنها ستبقى ملحقة تابعة لذات العمارة غير أن الضغط الكبير والأول سيكون على المبنى الجديد، أما الملحقة فسيكون دورها تصنيف وتقدير الحالات التي تستوجب نقلها لباقي التخصصات وكذا الحالات البسيطة والإصابات الطفيفة.
وبالعودة على عمارة الاستعجالات الجديدة فستحمل حسب ما تحصلت عليه المواطن، طب العظام وجراحة الأعصاب وغيرها من التخصصات الأخرى المهمة وحتى التي لم تكن من قبل موجودة في المصلحة الحالية وهي تخصصات أساسية ستسمح بعدم تكرار سيناريو الطوفان بين أقسام المستشفى الكبير مصطفى باشا. وفي الأخير فمن المتوقع أن تحمل عمارة الاستعجالات الطبية أكثر من 100 طبيب متخصص ما بين مناوب و ومستقر.
الخلاصة
كخلاصة فقط يجب أن نقولها في هذا الملف، هي أن قطاع الصحة فعلا من القطاعات التي تحتضر في الجزائر رغم كل ما يخصص لها سنويا من ميزانيات وهذا بالطبع لا يقع إلا على ظهر المواطن البسيط والطبيب الذي ترفض ليومنا هذا الوزارة زيادة راتبه أو الاستماع إلى انشغالاته رغم أن مطالبه جاءت رسمية وفي حركات احتجاجية تحت إطار نقابي، كما تبقى مصالح الاستعجالات عندنا من المصالح التي تثير غضب المواطن المريض وتزيده هما حتى أن البعض الآخر منهم يفضل الاحتضار في بيته على الذهاب إليها، كل هذا يجعلنا نرى سوء التسيير التي تتفاقم يوم بعد يوم في هذا القطاع التي تؤدي في الأخير إلى عدم الوصول إلى حلول فعلا تنجد المواطن البسيط، ويكفينا مثالا فقط أنه لو مرض وزير أو إطار سام عندنا في الدولة أو حتى لاعب في منتخبنا الوطني فإن وجهته حتى وإن كان في حال خطيرة هي تذكرة ثم طائرة ثم أحضان مستشفى في بلد ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.