مواعيد الاستطباب في أجندة كل العائلات كثيرا ما يحتار الشخص إلى أي طبيب يذهب، فيسأل الأحباب والزملاء والأهل، والكل يأتيه بعنوان لطبيب سيجد عنده الجواب الشافي، فهل وجود طبيب العائلة ممكن أن يساعدنا على تجاوز هذا المشكل، وهل طبيب العائلة ثقافة موجودة في مجتمعنا أم هوحالة استثناء؟ عائلات تتمسك به وأخرى مباهاة ... طبيب العائلة موجود لدى بعض العائلات ويرتبط هذا بفترة زمنية طويلة، كالسيدة "ك" متزوجة أستاذة جامعية، مستقرة في الجزائر أكثر من 25 سنة، تقول: "عندما كنا في فرنسا كان عندنا طبيب العائلة يأخذنا والدي عنده وعندما دخلنا إلى الوطن كان عمري تقريبا 10 سنوات، صار عندنا طبيب العائلة هوطبيب عام نقصده أولا في كل الحالات وهوالذي يوجهنا إلى الطبيب المختص .. أنا اليوم أقطن بالعاصمة ولكن عندما أمرض آتي إلى البليدة ليفحصني. هونفس الشيء بالنسبة للسيدة "م" من تلمسان : "كان عندنا طبيب العائلة يأخذنا والدي عندما نمرض وقبل أن نتوجه إلى أي طبيب مختص يأخذنا أيضا لاستشارته وأظن أن وجوده مهم وضروري للعائلة" ومن خلال إنجازنا لهذا العمل وقفنا على المستوى الثقافي أولا والاجتماعي للعائلات التي لها فعلا طبيب العائلة، فغالبا هي أسر متعلمة ومثقفة وفئة منها متشبعة بالثقافة الفرنسية، وهناك أيضا عائلات بحكم منزلتها الاجتماعية وإن كانت ليست متعلمة ولا تسكن في مناطق حضرية، إلا أنها لها طبيبها الخاص الذي كثيرا ما لا يتأخر في القدوم إلى البيت في حالة مرض أحد أفراد العائلة، ولكن سيادة ثقافة المظاهر اليوم جعل البعض يتخذ طبيبا للعائلة من باب المباهاة والتفاخر والتقليد، فطبيب العائلة أولا يدخل ضمن إمكانات العائلة وبناها التحتية الثقافية خاصة والتي من خلالها يتشكل هذا النظام الصحي عن طريق مراجعة الطبيب الخاص للعائلة . رأي الأطباء في الموضوع يقول الطبيب عبد الحق فغول، مختص في الجراحة، في هذا الموضوع: "طبيب العائلة منشأه المجتمع الكوبي حيث كان في كل حي ممرضة تهتم بصحة سكان الحي وعن طريقها يصل المريض إلى الطبيب الذي يصير بعدها طبيب العائلة وطبيب الحي، فصار هذا السلوك جزء من الثقافة الصحية للمجتمع الكوبي، أما في الجزائر فأظن بأن وجوده كثيرا ما يرتبط بصداقة تربط الطبيب بالعائلة ولكن كثقافة تحتاج إلى تحسيس وترسيخ، لأن لطبيب العائلة دور كبير وهام في توجيه المريض وهذا الذي يحتاجه أكثر المريض الجزائري اليوم وما يعرفه عن المريض وعن عائلته يساعد كثيرا في علاجه. ويرى بعض الأطباء العامين بأن فعلا طبيب العائلة في البداية يكون بسبب علاقة صداقة ربطت أحد أفراد الأسرة وكثيرا ما يكون الأب في البداية الذي بعدها يصير يصطحب أفراد عائلته الكبيرة والصغيرة، وبعد سنوات يضيف هؤلاء ينقطع الكثير منهم –أي من المرضى- عن استشارة الذي كان طبيبها ويجد الطبيب نفسه أمام مرضى جدد لسنوات أخرى مما يدل بأن طبيب العائلة في الجزائر ثقافة شبه غائبة تحتاج فعلا إلى ترسيخ. حتى تكون ظاهرة إيجابية إن طبيب العائلة بحكم متابعته ورعايته الصحية الأولية لجميع أفراد الأسرة واحتفاظه بالسجلات العائلية ومعرفته للتاريخ الصحي والمرضي للأسرة يكون ضرورة يفرضها الوعي الصحي، مما يجعل من استشارته الخطوة الأولى التي يجب أن يقوم بها المريض والشخص حتى لا يتوه في المستشفيات والعيادات الخاصة ولكن هل هذا كاف لوقف حيرة المريض والرحلات الماراطونية من أجل العلاج، أم أن الأمر يحتاج أيضا إلى تعاون حقيقي بين طبيب العائلة والطبيب المختص مثلا بعيدا عن الحسابات المادية، فطبيب العائلة الذي قد يكون الطبيب الأول الذي يحظى بثقة المريض عليه أن يكون مدركا لدوره جيدا في حياة الأسرة وكل فرد فيها.