السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد أنا فتاة من الوسط الجزائري في الثانية والثلاثين من العمر، أعمل في محل لبيع الأدوات الكهرومنزلية، تعرفت على زبون، هذا الأخير تقرب منّي كثيرا وطلب مني أن نتعرف بغرض الزواج، فأصبح يزورني كل يوم، فتعلقت به كثيرا وبدأ يأخد منّي المال ويقول لنساعد بعضنا في بناء حياتنا وأصبح يمارس معي الفاحشة، ليس ذلك فحسب، بل كنت آخد المال من المحل وأعطيه دون مراعاة الأمانة. بعد سنة غاب عنّي وعندما سألت عنه عرفت أنه تزوج، وعندما عاد قال لي بأنّ العائلة أجبرته وأنه لا يستغني عني أبدا، لشدة حبي له أبقيت على العلاقة، بعدها خُطبت لغيره وكان سيموت من فرط الغيرة والحسرة، لكنه قال لي: "لابد أن تكون لك حياتك"، بعد سنة من زواجه طلق زوجته وعاد لي، وقفت بجانبه وأنا فرحت بعودته وفسخت خطوبتي وعدنا لعلاقتنا السابقة، أصبحت ديوني أكبر بسببه، وعندما أفتح معه موضوع الزواج يتهرب و يأتي بالحجج المختلفة، استمرت علاقتنا ثلاث سنوات، إلى أن علمت أنه تزوج ثانية، هذه المرة أصبت بانهيار كبير، لأن الأمر كان مخزيا. خُطبت مرة ثانية لإنسان صالح ويحبني كثيرا، فقطعت علاقتي به نهائيا، لكن لا أستطيع أن أكون سعيدة ولا أستطيع نسيان الأول، بين كراهيته و حبه أتعذب وأعذب خطيبي وأشعر بالنار تحرق قلبي، هذه النار عقاب من الله، ماذا أفعل أنا مدمرة فعلا ولا أدري كيف سأتزوج وأنا أحمل ماض رهيب أجيبيني بصراحة سيدة نور ولا تعاتبيني، فما أنا به أكبر عقاب من الله. فاطمة/ تيبازة الرد: هذه النار ليست عقاب من الله على ما فعلت وما تفعلين، بل هي جزاء ظلمك لنفسك،"وما ربك بظلام للعبيد، وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" فقد ظلمت نفسك مرتين أول مرة، حين استسلمت وصدقت رجلا كاذبا استغلك ماديا وجسديا، ثم ركلك بقدمه ليتزوج وينعم بحياته، والله سبحانه وتعالى لم يرد بك سوءا بل رزقك بإنسان طيب دخل بيتك من الباب يلتمس الحلال والطيب، لكن حين ظهر هذا الشيطان في حياتك مرة أخرى، وبدلا أن تأخذي حذرك وتكونين مثل المؤمن الذي لا يلذغ من جحر مرتين، زاد الإصرار والعزيمة على مواصلة الخطأ فمنعك عن التفكير واتخاذ الحيطة والحذر من هذا الثّعلب، فعدت إليه بمجرد إشارة من إصبعه وتركت خطيبك، لأنّه حتما لم يكن يستحق منك أذى، وها هو ذلك المخادع يمارس حقارته القديمة وأنت بلهاء مغيبة الفكر والعقل، استجبت مرة أخرى لخداعه، حتى إنه هذه المرة لم يركلك بقدمه فقط، بل صفعك أيضا صفعة قوية. رغم كل ذلك وفقك الله لرجل صالح فيا له من فضل كبير لمن يعرف قيمته، خطبك ليُتم معك رحلة الحياة على أساس سليم ومحترم، إلا أن إصرارك على الحياة في الوحل يأبي أن يتركك وتفكيرك في هذا الشخص غير السوي جعلك معه على نفس المنطق ونفس الفكر غير السوي، فقد صرت تفضلين الحياة العابثة الخالية من كل احترام، على الحياة الراقية المحترمة، وهذا ما اهتدى إليه تفكيرك. فأنت رغم ما بك من نعم وما حباك به الله من نعمة الستر على الأقل ونعمة الزواج الصالح، تفتقدين رجلا لم يكن له أي فضل عليك، بل ولم يكن به أي ميزة أو أية حسنة تذكرك به، فهل هي آفة بعض الناس وطبع أصيل فيهم أن يكون المفقود هو كل شغلهم، حتى لو كان الموجود أحلى وأروع وأنظف وأنقى، لكنك في إطار نظرتك الضيقة، حنينك لعلاقة أقل ما يقال عنها أنها علاقة غير نظيفة، تلك العلاقة التي يأخذك إليها الحنين الآن لم تضف إليك شيئا، بل العكس لقد أنزلتك إلى منزلة غير محترمة، وقد كان جديرا بك بعد كل ما حدث لك، أن تحمدي ربك كثيرا وتشكريه أناء الليل وأطراف النهار، على أنه سترك أولا ووهبك ثانيا رجل محترما قدرك وإن لم تقدريه. إنّ الله يمهلك كثيرا لتفكري في آلائه ونعمه، لكنك لا تبالي فلا تستهيني به، واشكريه على نعمه فالشكر على النعم يزيدها، عكس الجحود والنكران الذي يذهب النعم ويزيلها، فلا تتوقعي الآن أن يطول الحال وأن تظل حياتك هكذا بين ذهاب هذا الشخص وزواجه ثم عودته إليك. عزيزتي لا تنسي أن الله يمهل ولا يهمل، فهو يمهلنا لنفكر ونتدبر ونتراجع عن أخطائنا ونحاسب أنفسنا أولا بأول ونردها عن الضلال، وإلا فلماذا خلق لنا العقل؟ وميزنا به عن سائر مخلوقاته، لن أقول لك ما يقوله العقل في مثل حالتك، بل سوف أتركك تعيدين حساباتك من جديد، وتفكري فيما جنيت على نفسك، وكيف وأتتك الفرصة هدية من الله للحياة الكريمة المحترمة، لكنك إلى الآن تتوقين إلى غير ذلك. ردت نور