تصنع أعباء المدارس استنفارا مضاعفا في مدينة وهران، مع بداية العد التنازلي للدخول المدرسي 2012- 2013، حيث يواجه كثير من سكان عروس الباهية هاجس النفقات المرهقة استعدادا لرحلة البحث عن الأدوات المدرسية، ويسابقون الزمن لنيل مرادهم. وإذا كانت العائلات المقتدرة ماديا لا تفكر كثيرا في هذا الأمر بسبب قدرتها على تغطية احتياجات أبنائها، إلا أن العائلات الفقيرة باتت تحسب لهذا الموعد ألف حساب بسبب كثرة المصاريف خلال شهر رمضان والعيد، الشيء الذي أثر بالسلب على ميزانية هذه الأسر وجعل قدرتها على تغطية نفقات الدخول المدرسي أمرا يتطلب العديد من المجهودات التضحيات. وفي جولة قادت “السلام” إلى سوق المدينة الحديدة في وهران، التي صنع بها مشهد تراص طاولات بيع الكتب المدرسية التي تربعت على مساحات واسعة من السوق، وحلت محل طاولات بيع لوازم الحلويات وكتب الطبخ لتشكل مصدر اهتمام آخر من طرف الزبائن، وقد لاحظنا الانتشار الكبير للسلع الصينية التي عرضت بأثمان بخسة للغاية وتتناسب نوعا ما مع مدخول العائلات البسيطة، ولاحظنا تنوع كبير في الأدوات المدرسية المعروضة وأشكالها الجذابة وكذا ألوانها، فيما يبقى موقف العائلات موحدا، حيث أجمع جلهم وأكدوا لنا غلاء الأسعار وهذا ما أجبر بعض الأسر مضطرة إلى الاستدانة أو اللجوء لشراء الأدوات المدرسية على دفعات أو بالتقسيط من عند صاحب المحل. الأسر ذات الدخل الضعيف بين خيار الاستدانة أو الشراء بالتقسيط وإن كانت الأسواق تعد أقل تكلفة وأكثر مناسبة لجيوب الجزائريين، إلا أن المكتبات المترامية عبر شوارع مدينة وهران تستغل الموسم لتحقيق فرصتها من الربح، رغم توفيرها على أجود السلع وأرقى الخدمات، وتعد هذه المكتبات من أبرز المحلات التي يرتادها المواطنون، حيث التقينا بأحد المواطنين وهو على أهبة الاستعداد لشراء الأدواء المدرسية ويقوم بالمقارنة بين الأسعار، حيث أكد لنا السيد مرزوق، أنه زار العديد من المحال التجارية المخصصة لبيع الأدوات المدرسية بغية الاضطلاع على الأسعار قصد تخصيص ميزانية الأدوات، خصوصا أن له أربعة أطفال كلهم في سن التمدرس بينما أكدت وفي سياق متصل، السيدة بشيري فاطمة، أنها زبونة دائمة لهذا المحل، حيث تطلب الأدوات التي تحتاجها وتدفع ثمنها بالتقسيط لصاحب المتجر، وأضافت أنها خدمة لا يستفيد منها إلا الزبون الدائم الذي يكون عادة أهلا للثقة. وبعد انقضاء ثلاث مناسبات هي رمضان، عيد الفطر والدخول المدرسي، مما أثقل كاهلها ينفرد دخول هذا الموسم بميزات أهمها التهاب أسعار الأدوات المدرسية، لتنضم بذلك المستلزمات المدرسية إلى قائمة الأساسيات التي شهدت ارتفاعا جنونيا على غرار المواد الاستهلاكية وملابس العيد. أسعار الأدوات تلتهب مع اقتراب موعد العودة لمقاعد الدراسة خلال جولتنا قمنا برصد آراء بعض المواطنين الذين لم يضمروا سخطهم وغضبهم بعد ارتفاع أسعار مختلف المستلزمات المدرسية، والغريب أنها التهبت قبل حلول الدخول المدرسي بكثير، وحسب ما أكده لنا محمد، الذي يبلغ من العمر 44 سنة، وهو أب لأربعة أطفال متمدرسين، حيث قال أن محلات بيع الأدوات المدرسية أعلنت حربها على المواطن البسيط وألهبت أسعار المستلزمات المدرسية، فيما قالت لنا السيدة خيرة، والتي أكدت أن الدخول المدرسي لهذا الموسم سيقضي على كل مدخرات العائلات الجزائرية التي ستعلن إفلاسها على حد تعبيرها، خصوصا وأن الفترة الحالية ميزتها كثرة المصاريف. وأضافت قائلة “خرجنا للتو من رمضان ومصاريفه اللامتناهية وملابس عيد الفطر وغلائها لتحل علينا الآن كارثة الدخول المدرسي”، دخلنا بعد ذلك بعض المحلات لنرصد بعض أسعار الأدوات المدرسية، التي وإن تباينت أسعارها من محل لآخر، إلا أنها اتفقت على الزيادة مقارنة بالسنوات الماضية، فسعر المئزر يتراوح بين 600 و1000 دج في مختلف الأطوار التعليمية، ونفس الشيء بالنسبة للمحافظ، فالعادية منها قارب سعرها 1500 دج، أما الكراريس والأقلام وباقي المستلزمات الأخرى فقد عرفت هي الأخرى أسعارها ارتفعا محسوسا هذه السنة، فكراس 96 صفحة وصل سعره 35 دج بعدما حدد سعره ب30 دج السنة الماضية، أما كراس 288 صفحة فقد قارب سعره 100 دج، كما عرفت الأدوات المدرسية الأخرى زيادات في الأسعار. وحسب ما أكده لنا بعض أولياء التلاميذ فأن الشكوك باتت تراودهم حول مسألة نوعية الأدوات المدرسية التي أغرقت الأسواق الجزائرية قبيل الدخول المدرسي، وهي صينية الصنع والتي تتميز بأسعارها المنخفضة نسبيا، مثلما قالت السيدة حليمة، التي علقت بشأن المآزر قائلة “إن أسعار المآزر ملتهبة بالنظر إلى نوعيتها الرديئة و القماش المستخدم لخياطتها والذي تغلب عليه مادة “البوليستر” والخيوط المصنوعة من مادة “النايلون” التي تسببت في حدوث التهابات جلدية وحكة لدى بعض التلاميذ في الموسم المنصرم، والتي كان الإقبال عليها بسبب ثمنها المنخفض، حيث بيعت ب300 دج للمئزر الواحد، ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للأدوات المدرسية”. أولياء التلاميذ يحذرون من السلع المغشوشة وافتقارها لمعايير التصنيع من جانبهم، حذر بعض أولياء التلاميذ ممن قبلوا التحدث الينا من مغبة الإقبال على بعض السلع المدرسية المغشوشة التي تمكنت من دخول الأسواق في ظل نقص الرقابة المفروضة على هذه الأخيرة، مؤكدين أن الظاهرة التي عرفوها في الموسم الماضي تكررت هذه السنة، وأكدوا أنهم متخوفون من الدخول المدرسي المقبل، ومن اكتساح نوعية رديئة من الأدوات المدرسية المستوردة من البلدان الأسيوية، التي تعتبر غير خاضعة للقوانين الصحية العالمية، وتغيب عنها الرقابة، فنوعية الأدوات المدرسية المتواجدة حاليا في الأسواق تسبب مشاكل صحية للتلاميذ. الموسم الدراسي يأتي في ظرف صعب صنع مشهده الارتفاع الجنوني للأسعار وغياب المراقبة الدورية بالأسواق لمصالح مراقبة النوعية.