سلطة ضبط السمعي البصري توضّح..    عطاف يشارك في الشق الثاني من الأشغال    العرباوي يترأس اجتماعاً للحكومة    صندوق النقد يثني على الجزائر    بداني يُطمئن الصيادين    اتفاقية بين مؤسسات جامعية وشركة تسيير مطار الجزائر    المجاهد تقصف اليمين الفرنسي    فلسطين.. من النكسة إلى الإبادة    أقوى امتحان للجزائر في تصفيات المونديال    رئيس الفيفا يهنئ مولودية الجزائر    انخفاض مُنتظر في أسعار الأضاحي    شرطة عين الدفلى تعالج 294 قضية إجرامية    المطالب المشروعة للمعلم..؟!    انعقاد مؤتمر العمل الدولي بجنيف :الجزائر تشارك بداية من اليوم في الدورة    مستغانم : الشرطة تعالج 744 قضية خلال ماي الماضي    ان صالح : مصالح أمن الولاية توقيف شخص بحوزته كمية من الذهب    مصرع شخصان وإصابة 202 آخر بجروح خطيرة    سفيرا إسبانيا وفلسطين يشيدان بجهود الجزائر    تلاحم الشعب وجيشه أفشل مؤامرات الإضرار بالوطن    سهرات فنية في الطابع الشعبي بمختلف بلديات العاصمة    بعنوان 2024..الإعلان عن قائمة المشاريع السينمائية التي ستستفيد من الدعم العمومي    "درع المتوسط 2024".. جاهزية ودقّة متناهية    إحباط محاولة إدخال قنطار من الكيف عبر الحدود مع المغرب    3.66 مليار دينار معاملات الجزائريين عن طريق الدفع الإلكتروني    حملة الحصاد والدرس تنطلق بالولايات الشمالية    شمال فلسطين .. جبهة ساخنة تزيد من متاعب نتنياهو    انتشال عشرات الشهداء والجرحى من وسط قطاع غزة    عدوانٌ آخر على الشعب الفلسطيني ومقدساته    تكوين حصري ومجاني لدى مصالح الجمارك    صالون دولي لخدمات الماء بداية من 10 جوان    قسنطينة.. وضع 37 شخصا رهن الحبس المؤقت    آليات تسوية المنازعات في مجال الملكية الفكرية    مهرجان الأغنية القبائلية يكرم الفنان أكلي يحياتن    مبابي يبحث عن النجمة المفقودة مع "الديوك"    معاقبة "السياسي" ب 6 مباريات بدون جمهور ومنع تنقّل أنصاره    تحقيق أفضل نتيجة ممكنة أمام "السياسي"    "الخضر"يسعون لتحقيق الفوز للبقاء في الصدارة    رئيس " الفيفا" يهنئ مولودية الجزائر    "مسيرة الأعلام" عدوان غاشم على الفلسطينيين ومقدساتهم    الصناعات التحويلية تجربة رائدة في خفض الواردات    حملة توعية ضد السمنة وسط الأطفال    جمعية "البدر" تكشف عن مشروع مركز أورام الأطفال بالبليدة    اللقى الأثرية لموقع إنسان تيغنيف تعود إلى 1.2 مليون سنة    التراث في حضرة الفخامة وعرفان لنضال الجزائرية    المهرجان الثقافي بقالمة يتواصل    المقاومة الثقافية في قصيدة « أنغام الجزائر »    تاجرا مهلوسات في قبضة الأمن    وزير الصحة يلتقي سفير كوبا    تخرّج الدفعة العاشرة للمتصرفين الرئيسيين    فضل العشر الأول من شهر ذي الحجة    من أراد الحج فليتعجّل    هيئة صحراوية تدعو الشركات الأجنبية إلى وقف نهب موارد الشعب الصحراوي والانسحاب من الإقليم المحتل    أول مصنع لإنتاج بلورات الأنسولين في إفريقيا    بحث محاور تعزيز التعاون الصحي بين الجزائر وكوبا    وصول ما يقارب 22200 حاج وحاجّة إلى مكة المكرمة    هذه أسباب تسلّط الجن على بني آدم..    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التزوير التجاري يكبّد البلاد خسائر ب 20 مليار دينار
الجزائر الثالثة عالميا من حيث استقطاب السلع المقلّدة
نشر في السلام اليوم يوم 05 - 09 - 2012

تتكبّد الجزائر خسائر ضخمة جراء استشراء التزوير التجاري، ويقدّر متخصصو الشأن الاقتصادي هذه الخسارة بما يزيد عن 20 مليار دينار، بما يعادل 236 مليون أورو، ولا يستثني تزوير العلامات التجارية والسلع المقلّدة أي مجال، وتطال بشكل رئيسي قطع غيار السيارات، التي يتم استيراد غالبيتها من الصين وتايوان.
تتسع دائرة المخاوف إزاء تفاقم ظاهرة تزوير العلامات التجارية التي ظلت تنخر جسد الاقتصاد الوطني، رغم شروع الجزائر في مكافحة الظاهرة عام 1997 فى مكافحة ظاهرة التقليد والقرصنة.
وبلغة الأرقام، تصنّف هيئات دولية الجزائر الثالثة عالميا من حيث استقطابه السلع المقلّدة، تعاني الجزائر الأمرّين جرّاء إغراقها بالعلامات التجارية المزوّرة التي تستنزف الملايير من الخزينة العمومية كل عام.
وفي هذا الملف الذي أعدته “السلام” مع خبراء ومسؤولين، تقدّر مراجع مطلعة، أنّ هذا التزوير المتنامي طال قرابة نصف العلامات التجارية المتداولة وطنيا، ووفق تقارير رسمية، فإنّ دوائر الرقابة حجزت خلال العام الأخير ما يربو عن الأربعة ملايين قطعة مقلدة، ما جعل تقرير أمريكي حديث يدرج الجزائر بعد الصين وروسيا ضمن قائمة الدول المصنّفة على اللائحة الحمراء.
الاستيراد غير الشرعي بوابة المقلّدين
يفيد تحقيق ميداني أنّ أكثر من 80 بالمائة من المنتجات المزورة مصدرها الاستيراد غير الشرعي الذي يعد النافذة الرئيسة لولوج السلع المقلدة إلى البلاد من خلال من يُعرفون ب«تجار الحقائب”، المنتشرين عبر أسواق بومعطي، دبي بباب الزوار والطحطاحة بوهران، وغيرها من النقاط التي تمثل أقطابا كبيرة للسلع المقلدة.
كما يكشف “عمار رمضاني” مدير محاربة الغش على مستوى إدارة الجمارك الجزائرية، أنّ غالبية البضائع المقلّدة آسيوية المنشأ (55 بالمائة) لاسيما الصين (52 بالمائة)، تايوان وتايلندا، متبوعة بدول أوروبا الشرقية (35 بالمائة) خاصة روسيا وأوكرانيا، في حين تمثل السلع المنتجة في الجزائر والمقلدة “ثلث” المنتجات المتداولة، مع الإشارة أنّه في الخمس سنوات الأخيرة شهدت رواج المنتجات المقلدة القادمة من إيطاليا وتركيا.
ويشير الخبير “أنيس بن مختار” إلى أنّ ظاهرة البضائع المقلّدة لم يسلم منها أي قطاع، إذ مست قطع الغيار بحدود 50 بالمائة وهو ما يفسر وقوع بعض الحوادث التي تكون السبب الرئيس فيها قطع غيار مزورة، كما يلفت “أ.بن مختار” أنّ التقليد طال أيضا السجائر بنسبة 60 بالمائة من مجموع السجائر المتداولة في السوق الجزائرية، وكذا المواد الكهرومنزلية وتجهيزات الإعلام الآلي ب12 بالمائة، ناهيك عن قدر غير قليل من الأدوية والمنتجات الصيدلانية المقلدة.
بهذا الصدد، يذهب “فريد بلحمري” رئيس الجمعية الجزائرية للصيدلة، إلى أنّ ثمة محذور حاصل يتمثل في تسريب كميات من “الأدوية المقلّدة” والتي عادة ما يتكفل تجار “الشنطة” بإدخالها خفية إلى الجزائر سواء بطرق ملتوية كتهريبها عبر الحدود، ويشير “أ.بلحمري”، إلى أنّ هذه الأدوية المقلّدة يتم جلبها من دول آسيوية في الغالب كالصين، وتشمل الأدوية المقلّدة، بحسبه، المضادات الحيوية والأدوية المضادة للسرطان وضغط الدم.
في سياق متصل، يركّز المختص “عبد القادر عزوز” على مستحضرات التجميل والعطور، إذ أنّ 43 بالمائة من مجموع هذه المنتجات مقلدة في الأسواق الجزائرية، وهي حقيقة أكدتها وزارة التجارة، على لسان مسؤولها السابق “الهاشمي جعبوب” بكشفه أنّ نصف مستحضرات التجميل المسوّقة في الجزائر “مقلّدة”، وهو ما تسبب في ظهور العديد من الأمراض الجلدية.
وتشمل السلع المقلدة الملابس والأحذية، وهي تمثل 30 بالمائة من مجموع السلع المتداولة في السوق المحلية، ويشدد “الراغ بن عمر” وهو مسؤول مركزي على مستوى الجمارك الجزائرية، على أنّه غالبا ما ترتكب هذه المخالفات من قبل متعاملين يستوردون بضائعهم من الصين.
من جهتها، تقول “نبيلة قادري” المديرة العامة للمعهد الجزائري للملكية الصناعية، أنّ هاجس البضائع المقلّدة يغلّف كذلك الإنتاج الفني، حيث أنّ أعمال القرصنة فتكت ب37 بالمائة من الأشرطة السمعية، و72 بالمائة من الأقراص المضغوطة، فضلا عن 75 بالمائة من أشرطة الفيديو، هذه المعطيات جعلت الجزائر تتواجد في المرتبة السابعة عالميا في مجال إنتاج البرمجيات المقلدة بنسبة 83 بالمائة.
ظاهرة تربك المستهلكين
من جانبهم، لا يتردد “حسين”، “معمر”، “هيثم”، “فريدة” وغيرهم من المستهلكين عن إبداء ذعرهم إزاء طغيان التقليد على البضائع المسوّقة ببلادهم، وهو ما جعل “جمال” يشدّد على أنّه يلتزم الحذر في مشترياته ويفضل اقتناء السلعة الجيدة والأصلية حتى وإن غلا ثمنها، بينما يضرب “سيد أحمد” كفا بكف حسرة على الأموال التي دفعها لأجل شراء قطع غيار مزيفة.
ولا ينفي عبد الرزاق ووليد أنّ تراجع المستوى المعيشي العام للمواطنين يضطرهم على الرغم منهم لاستهلاك بضائع مقلّدة لا لشيء سوى ل«أسعارها المنخفضة”، وهو ما يبرزه جلول: “لست أهتم بما يقال عن النوعية السيئة للبضائع المقلّدة، كيف لي أن أعيل عائلتي بعشرين ألف دينار”.
السوق الموازية: مصدر كل القلاقل
يقول “الطاهر بولنوار” المتحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، أنّ تفاقم حدة السلع المقلدة ناجم أساسا عن ظاهرة الأسواق الموازية أو ما يُطلق عليها “الأسواق الفوضوية” التي فرضت نفسها بقوة في الجزائر رغم حظرها.
وتشهد الأسواق الموازية نموا مطرّدا ومتسارعا، بشكل جعلها تستقطب 60 بالمائة من إجمالي التجار على المستوى المحلي، ناهيك عن آلاف الآخرين من اليد العاملة الناشطة في هذه الأسواق، علما إنّ تقديرات الهيئات المتخصصة، تتحدث عن تشغيل السوق الموازية لحوالي مليوني شخص، وهو ما حوّل السوق الموازية إلى قوة ضاربة وعنصر محرك لقطاع هام من التوازنات التجارية في البلاد، بحكم سيطرتها لوحدها على 40% من الكتلة النقدية المتداولة.
ويمكن للمتجول في مدن عديدة بدءا من الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية مرورا بولايات داخلية، وصولا إلى مدن الجنوب الكبير، أن يلحظ عشرات التجمعات الاقتصادية المتناثرة هنا وهناك، هذه الأخيرة تسيرها مجموعة من يُطلق عليهم مصطلح (البارونات)، لها قوانينها الخاصة بعيدا عن أي وصاية من طرف الدولة التي أعيتها الحيل فيما يبدو، إذ استمرّ بقاء السوق الموازية لسنوات طويلة في الجزائر رغم توالي 13 حكومة، ما يعدّ مؤشرا على سطوة هذه السوق وقوة عرّابيها، علما أنّ “إبراهيم بن جابر” الذي سبق له إدارة الغرفة الجزائرية للصناعة والتجارة، يقدّر قيمة (رقم أعمال) هذه السوق الموازية بحدود عشر ملايير دينار، تدور في فلك لا يعترف بالتحصيل الضريبي.
بدوره، يربط “أنيس نواري” تزوير العلامات التجارية، بانتهاج الجزائر لسياسة السوق المفتوحة، وتفشي ظواهر سلبية مثل ما يُعرف ب«إيجار السجلات التجارية بأسماء مستعارة” وما ترتب عنها من إفراط في استيراد منتجات مقلدة.
ويرى الخبير المالي “عبد الحق لعميري”، إنّ ظاهرة “تزوير العلامات التجارية” كانت لها ولا تزال تداعيات اقتصادية كارثية، خصوصا مع اتساع رقعة السوق السوداء وتفريعاتها الغير مشروعة، ويلفت لعميري إلى كون التأثيرات السلبية للبضائع المقلدة، برزت للعيان مع ما رافق مسار انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، وهي الخطوة المتعثرة منذ سنوات طويلة، بسبب فرض الطرف الأوروبي التعامل مع الجزائر، وفق قواعد صارمة في مجال حماية الملكية الفكرية لخفض النسب العالية للتقليد والقرصنة.
قمع التزوير التجاري بالمتابعة الصارمة
حتى يتم إيقاف زحف البضائع المقلدة، يقترح عموم الخبراء تعزيز الرقابة الحدود البرية والمطارات والموانئ وتشديد عمليات تفتيش جميع السلع المستوردة، والتي كثيرا ما تكون مغشوشة، وذلك باستعمال كل الوسائل العلمية والتكنولوجية المتاحة.
ويلزم المشرع الجزائري مزورّي البضائع، بإلزامية دفع فارق القيمة المضافة وسداد غرامات مالية تعادل ضعف مقابل قيمة البضاعة بالنسبة للأشخاص الماديين وأربعة أضعاف بالنسبة للأشخاص المعنويين، علما أنّ الجزائر شرعت منذ العام 1997 في مكافحة ظاهرة التقليد التجاري، إلاّ أنّ الأستاذ “عبد الحميد غرناوط” يسجل أنّ الجزائر مازالت متأخرة في مواجهة المنتجات المغشوشة الني يسميها الجزائريون (سلع تايوان).
وينبّه مختصون إلى أهمية تعجيل قمع ظاهرة تدفق المنتجات المغشوشة، ويدعون إلى صياغة منظومة قانونية متكاملة لمعالجة هذه الظاهرة، بالمقابل، يحيل “حسن زنتار” نائب مدير النوعية بوزارة التجارة الجزائرية، إلى مشروع قانون لقمع التقليد والقرصنة وما يواكب تزوير العلامات التجارية.
ويهدف هذا المشروع المستحدث إلى تحجيم ظاهرة المنتجات المقلدّة من خلال تكثيف الرقابة على المنتجات المسوقة في السوق الوطنية ومدى مطابقتها لمقاييس الجودة والنوعية، بيد أنّ الأستاذ “أنيس بن مختار” يقلل من أثر القانون المُرتقب، طالما أنّ الجزائر بحاجة إلى فعالية من نوع مغاير، وليس لها نقص تشريعي بحكم تمتعها بترسانة خارقة على الورق، بيد أنّ الإشكال يظل في تطبيقاتها.
ويحذر عموم الخبراء من النتائج السلبية المترتبة عن استمرار المنتجات التجارية المغشوشة سيما مع تزايد نشاط الشركات الأجنبية في الجزائر.ويقدّر “عبد الرحمان مبتول” أنّ تطويق هذه المشكلة يقتضي تعاونا دوليا جادا يتجاوز في أبعاده وأهدافه البرامج الوطنية التي عجزت باعتراف الخبراء عن إيقاف زحف هذه الكارثة الاقتصادية، بينما يطرح مختصون قضية تعزيز مراقبة الحدود البرية والمطارات والموانئ وتشديد عمليات التفتيش بخصوص السلع والمنتجات المستوردة والتي كثيرا ما تكون مغشوشة، وذلك باستعمال كل الوسائل العلمية والتكنولوجية المتاحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.