هي أيام قلائل ويهّل علينا هلال الرحمة والتوبة والغفران سيدنا رمضان المكرم . إلا أن هذا الشهر و كلما حل علينا تتغير فيه موازن الأسواق و تنقلب 180 درجة بلا حسيب و لا رقيب و تتعالى فيه الأصوات من هنا و هناك على قدوم شبح اسمه ارتفاع الأسعار يلتهم كل ما هو في طريقة و لا يفرق بين الوضعيات الحرجة التي تعيشها معظم الأسر الجزائرية و لا حتى من ردع جيوش المراقبة و قمع الغش التي تستعد بكل ما تملك من قوة الأوراق و الأقلام لمجابهة الشبح إلا أنها دائما و كما ألفناها تفشل في تحقيق ما ينادي به شعيب الخديم و السلطة الوصية بعينها ليس في الحقيقة تقصيرا في أداء الواجب أو المهمة بل أنها تحتار عمن تخول نفسها للمحاماة، هل عن التاجر الذي يشوي الجيوب في ظل البطون الجائعة الملهوفة أم عن المواطن الذي يأتي على الأخضر واليابس ولا يشعر بالغلاء الفاحش إطلاقا بل تجده يحبذ مهانة الطابور على كماليات الأمور و العجب العجاب وجدناه في العديد من المرات ضمن المصطفين المترادفين وهو لا يدري . المهم انه متواجد بحكم الغريزة و الشهية و تلبية رغبة البطن التي أضحت لا تقنع ولا تشبع . من المتسبب الأول في رفع الأسعار سواء اللحوم و المواد الغذائية في مثل هذا الشهر المبارك الم يكن المواطن نفسه هو من يشعل هذا اللهيب التي تداوله الألسنة صباحا ومساء هو المتسبب لأنه لا يتحكم في بطنه الاستهلاكي ولا يقاوم تلك العزيزة التي أصبحت في نظره لا تصد ولا ترد ومن زاوية أخرى تكذب بحق تلك الأرقام التي تقول أن قائمة الفقراء تزداد من سنة إلى أخرى كيف قي ظل هذا الإقبال المكثف على اللحوم، على التمور بأثمان خيالية، على الكيوي على ما ألذ وطاب . الكثير من أهل الرأي السديد ضد تدخل الحكومة و فرق المراقبة لتحفيظ الأسعار لماذا لا يقوم المواطن هو نفسه بمقاطعة تلك المواد التي زاد عليها الإقبال أكثر من اللزوم فزادت أسعارها أكثر اشتعالا . لو يمتنع هذا المواطن الذي وجدناه أمام شبابيك البلدية يطالب بحقه في قفة رمضان وجدناه كذلك أمام دكان الجزار يتحمل شراء لحم الخروف ب1000 دج للكيلوغرام لو امتنع هذا وذاك لمدة أسبوع عن شراء مادة اللحم الم يراجع هذا التاجر حساباته و ينزل نزول الخائف إلى مطلب العام والخاص لكن هيهات أن تتراجع الأسعار و تنخفض مدام المواطن مولعا بما تحمله القفة و الدليل رغم هذا الغلاء الفاحش كما يصفونه إلا أن أسواقنا تعاني من الندرة لان كثرة الطلب فاقت كل الحدود والدليل زيارة أي سوق بعد الخامسة مساء تجده صحراء قاحلة لان شعيب الخديم لا يترك لا الصالحة ولا الفاسدة قفته تتحمل كل شيء. ألا يستطيع هذا المواطن أن يقاطع و يقلم أظافر هؤلاء التجار المتهمون بالجشع أبدا ليسوا التجار إنما المواطن هو من يتحمل مسؤولية انقلاب الموازن وارتفاع الأسعار لأنه اتبع أهواء نفسه وشهيته وقفته لنتركه يشتعل إلى غاية أن يصوم صومة الصائم كما ورد رمضان مبارك كل عام وانتم بخير .