يشهد قطاع الموارد المائية في السنوات الأخيرة ببجاية تطورا ملحوظا بفضل الإصلاحات التي بادرت إليها الدولة، بهدف عصرنه القطاع وتحديث الوسائل التي التحكم في مختلف شبكة القنوات الرئيسية منها والفرعية، ويعتبر إنجاز سد تيشحاف مشروع القرن في نظر المختصين، إذ أن التحسن المسجل في توفير هذه المادة الحيوية يعود الفضل له إلى السد المذكور. ساهم سد تيشي حاف في تجاوز الأزمة الحادة التي كانت تعاني منها الولاية وبالأخص ما يقارب 25 بلدية، وأصبحت عملية التزويد تزيد عن 80 بالمائة، والبقية تجري الأعمال بها في مشاريع قد سطرت لهذا الغرض، والجدير بالذكر أن التحسن الملحوظ يتجلى في مدة تزويد المواطنين بالمياه الصالحة للشرب، فقد تم رفع المدة من 6 ساعات في اليوم إلى قرابة 18 ساعة دون انقطاع، كما يجري حاليا العمل لنقل هذه الوثبة إلى كامل الولاية، إلا أن هناك العديد من المشاكل ما تزال تفرض نفسها على أرض الواقع بما يتعلق عدم تسوية المشتركين وضعيتهم المالية وتقدر قيمة المديونية 65 مليار سنتيم، وهذا العجز يؤثر بطريقة أو بأخرى على مواصلة مشاريع عصرنة الشبكة ومعالجة المشاكل التي تظهر من حين لآخر. وقد عبرت الجزائرية للمياه عن تذمرها الكبير إزاء عزوف المشتركين عن دفع فواتير الاستهلاك، وتناشدهم تسوية هذا المشكل بصورة نهائية، وهو ما يساهم مستقبلا في تحسين الخدمات وتوفير المادة بالكمية المطلوبة، خاصة في موسم الاصطياف والجفاف، أين تسجل أكبر كمية الاستهلاك، نظرا للحاجة الملحة من قبل العائلات، والجديد في هذا المجال هو شروع القطاع في تجديد شبكة القنوات، وإصلاح تلك التي تعاني من التسرب، حيث أن نسبة التسرب كانت في السنوات الماضية في حدود 35 بالمائة، لكن وبفضل مجهودات القائمين على القطاع قد تم معالجتها بصورة شبه نهائية، وفي هذا الشأن تم رفع عدد اللجان التقنية العاملة في البلديات المختلفة وتلك التي تعمل تحت إشراف الجزائرية للمياه على مستوى البلديات، وذلك بغية التدخل المناسب لمعالجة النقائص المسجلة والتي تكون محل طلب من قبل المواطنين، لذا فإن السكان يثمنون هذه المجهودات المضنية والتي تعبّر حقا عن نجاح الإصلاحات التي تمس قطاع الموارد المائية، لكن علينا أن نشير إلى أن بعض المناطق في العديد من البلديات لا سيما النائية والريفية منها ما تزال تعاني من مشكل التموين بالمياه الصالحة للشرب، لكن ما هو أكيد هو أن الجهات المسؤولة سواء على مستوى البلديات أو الجزائرية للمياه أو مديرية الري بالولاية، أنها عازمة على تحقيق الأهداف المنشودة من خلال القضاء النهائي على أزمة الماء الشروب، وحتى المياه المسقية، إذ أن القطاع الفلاحي هو الآخر قد استفاد من إجراءات رفع كميات المياه الموجهة للسقي، حيث أن الفلاحين وأصحاب المستثمرات الفلاحية، قد لمسوا التحسن المسجل، والأمل باق لرفع من مستوى الخدمات، حتى تكتمل جميع المواصفات والمعايير التي تدعم منظور الخدمة العمومية في هذا القطاع، ولا شك أن هذا العمل الجبار يصاحبه استثمار مبالغ مالية معتبرة من قبل الدولة الحريصة بالدرجة الأولى على خدمة مواطنيها بالدرجة الأولى، أضف إلى ذلك أن عصرنة قطاع الموارد المائية، يعتبر مجالا مساعدا للاستثمار، لذا فإن السياسة المنتهجة حاليا من قبل الدولة أعطت نتائج إيجابية للغاية، وهناك جانب آخر يتمثل في توسيع قاعدة الاستثمار الصناعي للمياه المعدنية، إذ أن ولاية بجاية تزخر بمياه جوفية وباطنية تضمن وفرة المياه حسب الأرقام الرسمية إلى ما بعد سنة 2025، وهذا يعني أن الاستثمار في هذا المجال، يمنح للقطاع أولوية لتدعيم الاستثمار من جهة، وتطوير القاعدة الاقتصادية للولاية، وتجدر الإشارة إلى أن مستقبل القطاع في الولاية يضمن تأمين الموارد المائية تزامنا مع سقوط كميات من الأمطار خلال موسم الشتاء وبالحجم المناسب، وفي هذا الشأن تمّ تزويد مناطق من ولاية سطيف المجاورة من سد خراطة والآبار المتواجد ببرج ميرة، وأصبحت تلك المناطق حاليا تتوفر على المياه الصالحة للشرب بصورة على الأقل توفر حاجيات سكانها، ويجري التفكير حاليا في إنشاء قواعد صناعية جديدة في إنتاج المياه المعدنية، وملفات المستثمرين قيد الدراسة، لذا فإن عصرنة قطاع الموارد المائية يشكل طفرة نوعية في خدمة المواطن من جهة، وتحسين الخدمة العمومية، إلا أن الحفاظ على هذه المادة من خلال التحكم في الاستهلاك، يعتبر جانبا من الجوانب التي يجب العناية بها مستقبلا بواسطة حملات تحسيس وتوعية، لأن الاقتصاد في الاستهلاك هو ضمان أساسي للمستقبل.