بقلم: الشيخ أبو إسماعيل خليفة لقد أغنى الله المسلمين وأنعم عليهم بشريعة كاملة لكل مصالح الدين والدنيا وعلق السعادة في الدنيا والآخرة على العمل بها والتمسك بهديها. قال تعالى: فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى . الآية: 123 سورة طه. وقال صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيّه . رواه الإمام مالك في الموطإ. فعليكم-معاشر المسلمين-بما كان عليه الصدر الأول ففي هديهم الرشاد وفي نهجهم الفلاح والسداد وليس في اتباع طريقهم تأخر ولا رجعية بل من حاد عن مسلكهم تقاذفته الشبه والأهواء وارتطم بالفتن وانزلق في المهاوي. عباد الله: ما كان لنا وهذا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم أن نكون أتباعا لغيرنا نقلدهم في عاداتهم ونحاكيهم في سلوكهم وأعيادهم!. فنحن أهدى الناس سبيلا وأقومهم طريقا يجب أن نكون متبوعين لا تابعين وقادة لا مقودين. إنكم تعلمون أنّ المسيحيين يحتفلون في هذه الأيام بعيد رأس السنة وعيد ميلاد المسيح عليه السلام وهما عيدان يرتبطان بعقيدتهم الدينية وإن كنا نحن المسلمين نؤمن بعيسى عليه الصلاة والسلام رسولا من عند الله فإن ذلك ليس من خصائصنا ولا من تاريخنا لأن الأعياد إنما تكون نابعة من دين الأمة أو من تاريخها أو أحداث في حياتها. فما بال هؤلاء بهذا يهتمون وبأعياد الميلاد يتفننون ويفرحون ويظهرون الزينة ويستعدون لأحياء ليلة الريفيون وربما يُحضِرون إلى بيوتهم شجرة الميلاد المزعومة وقطعة الحلوى الخاصة بهذه المناسبة وربما يتحدّث الواحد منهم لأبنائه وبناته عن بابا نويل بفخر واعتزاز؟. أما سمع هؤلاء ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من نشأ في بلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة . إن هؤلاء يعملون ذلك تقديرا لغيرهم وحبًّا في الجري وراءهم مندفعين بعامل خفيّ يمكن أن يفسّره علماء النفس والإجتماع بعقدة النقص أو عقدة الإحساس بالضعف ضعف الشخصية ومحاولة تكميلها بما يظنونه كمالا حين يتشبهون بالأقوياء.. حقا: إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها * هوانا بها كانت على الناس أهونا ما صلتكم دينيا واجتماعيا وتاريخيا بعيد ميلاد المسيح حتى تتفننوا في الإحتفال به؟. قال الشيخ أبو إسحاق التلمساني صاحب الفرائض رحمه الله: دع الأعاجم تذهب في مواسمها * مذاهب اخترعتها شر مخترع إن الذي يحتذي في ذاك حذوهم * مشارك لهم في الحادث الشنع إن يقصدوا قصد ميلاد المسيح فقد * غلوا به وأتوا للكفر بالشنع لنحن أولى به لكن خلافهم * رفء لخرق متى تتركه يتسع أليس يأتون فيه كل منكرة * ويعكفون على الأصنام في البيع لا تهد فيها ولا تقبل هدية من * يهدي إليك وذر تخصيصها ودع إن مشاركة هؤلاء في إحياء مواسمهم وأعيادهم أمر يجب الإبتعاد عنه. قال الشيخ خليل رحمه الله: ولعب بنيروز قال الدردير: أي: ولا تصح شهادة شاهِد لعِب في هذا اليوم وهو أول يوم من السنة عند النصارى وسابع المسيح عليه وعلى نبينا السلام وعلل رحمه الله ذلك بأنه من فعل الجاهلية والنصارى وكذلك قاله الدسوقي رحمة الله عليه. وقال صاحب عون المعبود بعد أن ذكر حديث: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما . قال المظهر: فيه دليل على أن تعظيم النيروز والمهرجان وغيرهما من أعياد الكفار منهي عنه. قال أبو حفص الكبير الحنفي: من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى وحبط أعماله. وقال القاضي أبو المحاسن الحسن بن منصور الحنفي: من اشترى فيه شيئا لم يكن يشتريه في غيره أو أهدى فيه هدية إلى غيره فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة فقد كفر وإن أراد بالشراء التنعُم والتنزُه وبالإهداء التحابّ جريا على العادة لم يكن كفرا لكنه مكروه كراهة التشبيه بالكفرة حينئذ فيحترز عنه. قاله علي القاري . انتهى كلام صاحب عون المعبود. (الجزء الثالث صفحة88). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع فتاويه: ولا يحلّ فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك من أجل ذلك ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة . (ج:6 ص:111). وعليه أيها الكرام إنه لا يحِلّ لمسلم أن يُحييَ عيد رأس السنةِ فليسَ عيدُ أهل الإسلام وعلى تجارنا أن لا يساهموا في مظاهر هذا الاحتفال فيتشبهوا بالتجار من النصارى في نوع التجارة التي يروجون هذه الأيام وتزيين الدكاكين بالأضواءِ ونحوها.