لِمَ تنتظرين حُب الخلق واهتمامهم بكِ واشتياقهم وافتقادهم لكِ. ما انتظر أحدٌ ودادَ خلق إلا كُسر وخُذل وما سعى أحدٌ إلى ودادِ الخالقِ إلا عزّ وجُبر الله يحبكِ ولا يريدُ منكِ مقابلاً وإن تقربتِ منه تقربّ إليكِ. بل وإن وجدكِ زغتِ عن طريقه سرعان ما أمهلكِ وحلمَ عليكِ ولطفَ بكِ ورأفَ بحالكِ وردّكِ إليه. إن قصّرت وأذنبتِ وعصيتِ غفرَ لكِ وتابَ عليكِ وعفا عنكِ إن رأى منكِ صدقَ الإقبال والإنابةِ إليه. لنْ يُملأ قلبكِ بمثل حبِ الله ياحبيبة ولن ترتوي روحكِ إلا بقربه. لذلكَ دعي من يذهب يذهب. ومن يخذل يخذل ولا تعبئي بهجر أو جفاء. أو تعكّرِ صفاء وقلة وفاء. {ما دُمتِ مع ملكِ السماواتِ والأرض وأودعتِ قلبكِ للودود - سبحانه- فلا تخافي ولا تحْزني}. جاهدي إلى الله وابتغي إليه الوسيلة. وبادري إلى حبِّه سبحانه ودينه وكتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم). ستجدينَ السعادةَ وانشراح الصدر والأمن والأمان والسلام والاطمئنان والهُدى والتقى والفلاح في الدنيا والآخرة. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ يونس 9 وانظري إلى كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله- إن في القلب شعث - لا يلمه إلا الإقبال على الله وعليه وحشة- لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته وفيه حزن - لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته وفيه قلق - لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه وفيه نيران حسرات - لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه وفيه طلب شديد - لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب وفيه فاقة (حاجة) - لا يسدها الا محبته ودوام ذكره والاخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا! [فبقربهِ تنعمُ القلوب والأرواح]. ولتكنْ في حنايا قلبكِ هذه الآية العظيمة التي اختصرت معنى الحبِّ الحقيقي يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ المائدة54. فحب الله هو قرةُ العيون والسعادة الدائمة والفلاح في الدنيا والآخرة.