الرئيس تبون يؤكد أن المسألة غير قابلة للتنازل أو المساومة: المصداقية والجدية مطلب أساسي لاستكمال معالجة ملف الذاكرة    رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل يؤكد: الاستعمار كان يهدف لتعويض الشعب الجزائري بشعب أوروبي    القمة الإفريقية حول الأسمدة بنيروبي: رئيس الجمهورية يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة عالميا    خلال اجتماع اللجنة المشتركة: تأكيد على ضرورة تكثيف التعاون الجمركي بين الجزائر وتونس    تحذيرات من كارثة إنسانية جراء هذه الخطوة    أطلقتها مديرية الحماية المدنية: قافلة لتحسيس الفلاحين بطرق الوقاية من الحرائق    باتنة: الدرك يطيح بعصابة سرقة المنازل بمنعة    والي خنشلة يكشف: مشاريع البرنامج التكميلي وفرت 5852 منصب عمل    الرئيس تبون يؤكد على ضرورة التجنّد لترقية صورة البلاد    على هامش لقاء سوسطارة والكناري حسينة يصرح: ملفنا قوي و"التاس" ستنصفنا    بسبب نهائي كأس الرّابطة للرديف: رقيق وعويسي خارج حسابات مدرب وفاق سطيف    وفاة الأسيرة الصهيونية "جودي فانشتاين"    الجزائر تدين بشدة تنفيذ الاحتلال الصهيوني لعمليات عسكرية في رفح    استراتيجية جديدة للتعليم والتكوين عن بُعد السنة المقبلة    اتفاقية بين ألنفط و إيكينور    دورة جزائرية تركية    دور ريادي للجزائر في تموين السوق الدولية بالأسمدة    بدء التوغل العسكري الصهيوني في رفح    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    تكريم الفائزين في مسابقة رمضان    الجزائر تضطلع بدور ريادي في مجال الأسمدة وتطوير الغاز    مشروع مبتكر لكاشف عن الغاز مربوط بنظام إنذار مبكر    قسنطينة تستعد لاستقبال مصانع التركيب    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    دريس مسعود وأمينة بلقاضي في دائرة التّأهّل المباشر للأولمبياد    16 موزعا الكترونيا جديدا لتحسين الخدمة قريبا    تأكيد على دور حاضنات الأعمال في تطوير المؤسسات الناشئة    دعوات دولية لإتمام اتفاق وقف القتال    دعمنا للقضية الفلسطينية لا يعني تخلينا عن الشعب الصحراوي    زعماء المقاومة الشّعبية..قوّة السّيف وحكمة القلم    3 مراحل تُنهي الحرب وتُعيد النازحين وتُطلق سراح الأسرى    الحجز الإلكتروني للغرف بفنادق مكة ينطلق اليوم    ترحيل 141 عائلة من "حوش الصنابي" بسيدي الشحمي    بن رحمة هداف مجددا مع ليون    وزير التربية:التكوين عن بعد هي المدرسة الثانية    حجام يتألق في سويسرا ويقترب من دوري الأبطال    الأهلي المصري يرفع عرضه لضم بلعيد    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    صيد يبدع في "طقس هادئ"    طرح تجربة المقاهي ودورها في إثراء المشهد الثقافي    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تفكيك جماعة إجرامية مختصة في السرقة    دعوة لإعادة النظر في تخصص تأهيل الأطفال    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    أولاد جلال : حجز 72 كلغ من اللحوم غير صالحة للاستهلاك    أم البواقي : أسعار الأضاحي تلتهب والمواطن يترقب تدخل السلطات    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    هول كرب الميزان    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم قبل الإسلام..
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 08 - 2020


*الشيخ راغب السرجاني
مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة فالخلاف بين المذهب الأرثوذكسي والكنيسة الشرقية من ناحية والمذهب الكاثوليكي والكنيسة الغربية من ناحية أخرى كان خلافًا حادًا أسفر عن حروب مدمرة قتل فيها عشرات الألوف.
بل في داخل الدولة الرومانية الأرثوذكسية الشرقية ذاتها اشتعلت الخلافات العقيمة بين طائفة الملكانية وتعتقد بازدواجية طبيعة المسيح وطائفة المنوفيسية وهم أهل مصر والحبشة ويعتقدون بطبيعة إلهية واحدة للمسيح وكانت طائفة الملكانية تقوم بتعذيب الطائفة الأخرى تعذيبًا بشعًا فيحرقوهم أحيانًا ويغرقوهم أحيانًا أخرى مع أنهم جميعًا أبناء مذهب واحد هو الأرثوذكسية.
وقد ظلت هذه الخلافات العقائدية مستعرةً حتى جاء الفتح الإسلامي لمصر فشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم.
كما لم تنج حياة الرومان في داخل دولتهم من القسوة فقد فرضت الدولة الضرائب الباهظة على كل سكان البلاد وكان أكثرها وأثقلها على الفقراء دون الأغنياء وكان المجتمع الروماني ينقسم إلى أحرار وهم السادة وعبيد وهم ثلاثة أضعاف الأحرار من حيث العدد ولا يتمتعون بأية حقوق بل مصيرهم في أيدي سادتهم كما أنهم ليس لهم أي احترام وسط المجتمع لدرجة أن الفيلسوف أفلاطون نفسه صاحب فكرة المدينة الفاضلة كان يرى أنه يجب ألا يُعطَى العبيدُ حقَّ المواطنة!!. ولم تكن القسوة مع العبيد والفقراء فقط بل وصلت – وبقوة - إلى المرأة الرومانية ذاتها ففي رومية اجتمع مجمع كبير بحث في شئون المرأة فقرر بعد عدة اجتماعات أن المرأة كائن لا نفس له وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية وأنها رجس ويجب ألا تأكل اللحم وألا تضحك ومنعوها من الكلام حتى وضعوا على فمها قُفلاً من الحديد فكانت المرأة من أعلى الأُسر وأدناها تروح وتغدو في الطريق أو في دارها وعلى فمها قُفلٌ.
*الوضع في الدولة الفارسية
كان الوضع في تلك الدولة يمثل مأساة حضارية بكل المقاييس في كل الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والدينية على السواء فقد كان الشعب في المجتمع الفارسي يخضع لنظام شديد الطبقية وفيه مهانة كبيرة للإنسانية فكان المجتمع مقسمًا إلى سبع طبقات أدناهم عامة الشعب وهم أكثر من 90 من مجموع سكان فارس ومنهم العمال والفلاحين والجنود والعبيد وهؤلاء ليس لهم حقوق بالمرة لدرجة أنهم كانوا يربطون في المعارك بالسلاسل كما فعلوا في موقعة الأُبلَّة أولى المواقع الإسلامية في فارس بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه.
الوضع في أوروبا الشمالية
يذكر المؤرخ الفرنسي رينو[4] حال أوروبا قبل الإسلام فيقول: طفحت أوروبا في ذلك الزمان بالعيوب والآثام وهربت من النظافة والعناية بالإنسان والمكان وزخرت بالجهل والفوضى والتأخر وشيوع الظلم والاضطهاد وفشت فيها الأمية[5]. ويصف البكري[6] بعض أصناف الصقالبة سكان المناطق الشمالية في أوروبا فيقول: لهم أفعال مثل أفعال الهند فيحرقون الميت عند موته وتأتي نساء الميت يقطعن أيديهن ووجوههن بالسكاكين وبعض النساء المحبات لأزواجهن يشنقن أنفسهن على الملأ ثم تُحرق الجثة بعد الموت وتوضع مع الميت.
*اليهود
وفي سنة (610) ميلادية (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتصر الفرس على الروم {غُلِبَتِ الرُّومُ}[الرُّوم: 2] فانقلب اليهود على نصارى الشام وقد ضعفت جيوش الروم فخرَّبوا الكنائس وقتلوا الرهبان وظهرت لهم شوكة وتَكَبُّر لعدة سنوات. ثم انتصر الروم على الفرس {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}[الرُّوم: 3] فذهب اليهود إلى هرقل وتذلَّلوا له فقبل منهم وأعطاهم العهد بالأمان ولكن أتى رهبان الشام فذكروا لهرقل ما فعله اليهود وقت هزيمة الروم فغضب هرقل وأراد معاقبة اليهود ولكن منعه العهد الذي أعطاه إياهم فجاء رهبان النصارى وقالوا لهرقل: لا عليك من العهد اقتلهم وسنصوم عنك جمعة كل سنة أبد الدّهر فقبل هرقل وعذب اليهود عذابًا شديدًا حتى لم يفلت إلا الذي هرب من الشام.
تمركز اليهود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في شمال المدينة المنورة وكانوا - كعادتهم - قومًا غِلاظ الطباع قساة القلوب منحرفي الأخلاق يعيشون على الرِّبا وإشعال الفتن والتكسب من بيع السلاح وعلى إيقاع السادة في الفضائح الأخلاقية وتهديدهم بها وعلى السيطرة على الجهال بكتبهم المحرفة وأفكارهم الضالة.
أما المرأة فقد وُصفت في التوراة المحرَّفة على هذا النحو: درتُ أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمةً وعقلاً ولأعرف الشر أنه جهالة والحماقة أنها جنون فوجدتُ أَمَرَّ من الموت المرأة التي هي شِباكٌ وقلبها شِراك ويداها قيود .
*حالة العرب في الجزيرة العربية قبل البعثة
رغم إيمان العرب بالله عز وجل إلا أنهم اتخذوا إليه شفعاء ووسطاء وقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى}[الرُّوم: 30]. وبمرور الأيام أصبحوا يعتقدون أنَّ هذه الأصنام الشفعاء تملك قدرة ذاتية على النفع والضر والخير والشر فأصبحوا يتوجهون إليها بعبادة مباشرة. وقد كان لكل مدينة صنم بل كان لكل قبيلة صنم فمكة - مثلاً - كان أعظم أصنامها (هُبَل) بينما كان (اللات) أعظم أصنام الطائف وهكذا..
وتفشت في العرب أدواء أخلاقية كثيرة كشرب الخمر والميسر وانتشر الرِّبَا بشكل فاحش كما كان للزِّنا صور بشعة في المجتمعات العربية قبل الإسلام وتصف ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كما جاء في صحيح البخاري فتبين أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: ثلاثة منها تدور على الزنا والدعارة وواحد فقط هو الزواج الشرعي الذي نمارسه الآن فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم[14].كما انتشرت عادة من أشد العادات قسوة في التاريخ وهي عادة وأد البنات ومعناها: دفن البنت حيةً وكان هذا الوأد يُفعَل لأسباب كثيرة أهمها: خشية الفقر وخوف العار والعيوب الخلقية أو اختلاف اللون كمن وُلِدَت سوداء وادعاؤهم - كذبًا وزورًا - أن الملائكة بنات الله فقالوا: أَلحِقوا البنات به تعالى فهو أحق بهن.
وكذلك كان من صفاتهم المذمومة العصبية والتي كانت تقود إلى الحروب المستمرة بين القبائل وهكذا كانت الإغارة على الغير عادة عند بعض القبائل وكانت الحروب تشتعل لأتفه الأسباب ويتساقط الضحايا بالمئات والآلاف ومن أشهر حروبهم حرب داحس والغبراء كذلك يوم بعاث.
* هكذا كان الوضع في جزيرة العرب ومثله في العالم كله لم يكن على الحقِّ في هذه البلاد وفي كل هذه الحضارات (إن جاز أن نسمي هذه التجمعات بالحضارات) إلا أفراد قلائل وقلائل جدًّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن عياض ابن حمار والذي يوضح حال الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ .
فقد وصل حال الناس إلى درجة من الانحطاط جلبت عليهم مقت الله سبحانه وتعالى والمقت هو شدة الكراهية.
واستخدام الرسول صلى الله عليه وسلم لكلمة (بقايا) يوحى بالأثرية أي كأنهم آثار من عهود سحيقة لا قيمة لها في واقع الناس ومن جانب آخر فإنَّ هذه البقايا لم تشكل مجتمعات كاملة بل كانت أفرادًا معدودين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.