في مدرسة رمضان مضى النصف.. والنصف سيمضي * اغتنموا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب ما أشبه الليلة بالبارحة! بالأمس كنا نستقبل رمضان وها نحن نودع أسبوعين كاملين مضيا بما فيهما من الطاعات والأعمال الصالحة من صيام وقيام وتلاوة قرآن وها هي أيامه الجميلة ولياليه الطاهرة تمشي الهوينى لكي تطوي علينا هذا الشهر المبارك. وما ضاع من أيامنا هل يقوَّم * فهيهاتَ والأزمانُ كيف تقوم ويومٌ بأرواح يباع ويشترى * وأيام وقت لا تسام بدرهم وهكذا الأيام تترى والليالي تنقضي وهي تعمل فينا بالنقص وكثير منا يعمل في نفسه النقص أيضا ولا يعمل في الأيام ليكمل!. ها هو اليوم قد انتصف ونحن لم ننتصف من أنفسنا وبعضنا لم ينصف القرآن!. ترحَّلَ من شهرِنا شطرُهُ * وأعلن عن نأيهِ بدرُهُ فجودوا وجِدّوا ولا تكسلوا * فما زال في شهرِنا خيرُهُ إن الأيام الجميلة تعدو مسرعة والخيَّال البارع هو من يجاريها ويستغلها والعبرة في النهاية لديك فرصة لتلحق بالركب وتتوج بالفوز في رمضان. قال ابن رجب: وما في هذه المواسم الفاضلة موسمٌ إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات . وروى الطبراني عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده . مضى النصف والنصف سيمضي.. وهو يقول لنا بلسان الحال من كان مقصراً فما زال هناك متسع ومن كان مذنباً فأبواب الجنان ما زالت مفتحة وأبواب النيران مغلقة فليستغفر وليتب وليستدرك ما بقي. وعسى أن يكون آخِر هذا الشهر خيراً من أوله وعسى أن يجعل الله خير أعمالنا خواتيمها. لقد مضى من رمضان صدره وانقضى منه شطره واكتمل منه بدره فاغتنموا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب وادخلوا قبل أن يُغلق الباب .. فيا أيها المحسن فيما مضى منه دم على طاعتك وإحسانك.. ويا أيها المسيء وبّخ نفسك على التفريط ولمها.. وإذا خسرنا في هذا الشهر متى نربح؟. وإذا لم نسافر فيه نحو الفوائد فمتى سنبرح؟ قال ابن رجب -رحمه الله-. في لطائف المعارف: ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد انصرف فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف ؟! جعلني الله وإياكم ممن يستدرك هذه الأيام بالطاعات ويتعرض للنفحات ويفوز بالجنات.. آمين آمين آمين.