إنها أيام صالحات مباركات جمعت الخير من أطرافه فهي خير الأيام وأعلاها مقاما أقسم الله بها في كتابه لعظم مكانتها قال تعالى: (والفجر وليال عشر) قال غير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة ورفع النبي النبي صلى الله عليه وسلم من قدرها فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر فقالوا: يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) (أخرجه البخاري) قال الحافظ ابن حجر في الفتح موضحا فضل هذه الأيام: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره).ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من جهاد لم يذهب فيه نفسه وماله. وأفضل العبادات في هذه الأيام هو الدعاء والذكر فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد (أخرجه أحمد وصحّح إسناده الشيخ شاكر) يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: كان صلى اللَّه عليه وسلّم يكثر الدعاء في عشر ذي الحجة ويأمر فيه بالإكثار من التهليل والتكبير والتحميد. فحري بنا أن نستغل هذه الأيام فنسدّ الخلل ونستدرك النقص ونعوض ما فات يقول ابن رجب في كتابه لطائف المعارف: ما من موسم من هذه المواسم الفاضلة إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف الطاعة يتقرب بها العباد إليه ولله تعالى فيها لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته. فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من طاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات.