*الشيخ راغب السرجاني ونحن نتابع حال العالم قبل البعثة المحمدية لا بد من النظر في حالة أوربا قبل البعثة النبوية وظهور الإسلام وفي ذلك يذكر المؤرخ الفرنسي رينو حال أوربا قبل الإسلام فيقول: طفحت أوربا في ذلك الزمان بالعيوب والآثام وهربت من النظافة والعناية بالإنسان والمكان وزخرت بالجهل والفوضى والتأخُّر وشيوع الظلم والاضطهاد وفشت فيها الأمية . ويصف البكري بعض أصناف الصقالبة سكان المناطق الشمالية في أوربا فيقول: لهم أفعال مثل أفعال الهند فيحرقون الميت عند موته وتأتي نساء الميت يقطعن أيديهن ووجوههن بالسكاكين وبعض النساء المحبَّات لأزواجهن يشنقن أنفسهن على الملأ ثم تُحرق الجثة بعد الموت وتوضع مع الميت. أمَّا الأمم الأوربية المتوغِّلة في الشمال والغرب فكانت تتسكَّع في ظلام الجهل المطبق والأمية الفاشية والحروب الدامية لم ينبثق فيها فجر الحضارة والعلم بعدُ ولم تظهر على مسرحها الأندلس الإسلامية لتُؤَدِّيَ رسالتها في العلم والمدنية ولم تصهرها الحوادث وكانت بمعزل عن جادَّة قافلة الحضارة الإنسانية وكانت بين نصرانية وليدة ووثنية شائبة ولم تكن بذات رسالة في الدين ولا بذات راية في السياسة. يقول ه. ج. ويلز في كتابه (التاريخ المختصر للعالم): ولم تكن في أوربا الغربية في ذلك العهد أمارات الوحدة والنظام ويقول روبرت بريفولت في كتابه (صناعة الإنسان The Making of Humanity): لقد أطبق على أوربا ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر (بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل القرن السابع الميلادي) وكان هذا الليل يزداد ظلامًا وسوادًا. وكانت همجية ذلك العهد أشدَّ هولًا وأفظع من همجية العهد القديم لأنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفَّنت وقد انطمست معالم هذه الحضارة وقُضي عليها بالزوال وقد كانت الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها هذه الحضارة وبلغت أوجها في الماضي كإيطاليا وفرنسا فريسة الدمار والفوضى والخراب .