بقلم: خلدون الشيخ ربما كان لافتاً في السنوات الأخيرة مدى التطور الهائل في كرة قدم السيدات إلى درجة ان أرقاماً قياسية حُطمت في أعداد الحضور في مختلف المسابقات ان كان على صعيد الأندية أو المنتخبات ما يعكس الاهتمام الشعبي والإعلامي الكبيرين لكن ما حدث أيضاً في الأيام الأخيرة أكد أن المرأة صارت جزءاً أصيلا من اللعبة الرقم واحد في العالم. تاريخ الكرة الإنكليزية سطر صفحة جديدة قبل أيام عندما أصبحت هانا دينغلي أول مدربة لفريق رجال ضمن فرق الدرجات الأربع المحترفة بقيادتها فوريست غرين الهابط من الدرجة الثالثة إلى الرابعة في هرم الكرة الإنكليزية لتصبح أول سيدة تقود فريقاً من الرجال علماً أن غرين معروف بكسره الحواجز فهو أول ناد نباتي بحيث لا يبيع أي مأكولات فيها مشتقات الحيوانات داخل أسواره وأول ناد صديق للبيئة وأول ناد يسافر أعضاؤه بحافلة كهربائية إلى ملاعب الخصوم لتكسر دينغلي القاعدة العامة بعدما نجحت السيدات بأخذ أماكن الرجال في تدريب الفرق النسائية بل حتى نجحن في إدارة مباريات الرجال كحكمات ساحة أو حاملات راية. كرة القدم عموماً اشتهرت بكونها لعبة رجالية ترفض النساء على اعتبار انها لعبة شاقة وخشنة إلى درجة ان الاتحاد الإنكليزي منع السيدات في 1921 من استخدام ملاعب كرة القدم بل طالب بعدم تشجيعهن على ممارسة اللعبة لكنه عاد بعدها بخمسين سنة وتحديدا في 1971 ليرفع هذا الحظر وأنشأ اتحاد السيدات قبلها بخمس سنوات قبل ان يأتي الاعتذار الرسمي من الاتحاد في 2008 ربما لأهداف اقتصادية بعد التحول الكبير في الفكر الاحترافي ودخول رؤوس الأموال في تملك الأندية ليكون النصف الثاني من الجنس البشري مهما جداً لتشجيعه. ومع تعاظم شعبية اللعبة لدى السيدات ووجودهن بين روابط المشجعين وفي ادارات الأندية من الأجهزة الطبية والفنية والإدارية صار لهن صيت بين المحللين والمذيعين بالإضافة إلى دورهن في عالم التحكيم وإدارة المباريات وكله في فرق الرجال أي أن خبرتهن زادت إلى حد كبير. دينغلي التي انضمت إلى اكاديمية فوريست غرين في 2019 تستنكر استغراب الكثيرين لمنصبها الجديد: كبرت وأنا أعشق كرة القدم وأشعر بانني أعرف كل شيء عنها فعندما جاءتني الفرصة لم أتردد في قبولها فأنا لم أصح من النوم اليوم لأقرر تدريب فريق للرجال فأنا أدرب العديد من الرجال لأكثر من 20 عاماً في فرق الهواة والصغار والاكاديميات . يذكر ان دينغلي حاصلة على الرخصة الاحترافية المعترف بها من اليويفا. وصادف أن أعلن نادي برينتفورد الذي يلعب فريقه الأول في الدرجة الممتازة عن تعيين مدربة نادي ليستر للسيدات سابقاً ليديا بيدفورد مدربة لفريق الناشئين للذكور تحت 18 عاماً. *تحول كبير هذا التحول الهائل يتماشى مع السياسات الشرسة التي تتبعها الحكومات الغربية في تحقيق المساواة بين الجنسين بل بين الاجناس المختلفة ويقوم الاعلام بترويجها بكثرة لتصبح حقيقة واقعة ومقبولة. لكن في المقابل عانى الفيفا في بيع حقوق بث مباريات كأس العالم للسيدات التي ستقام في استراليا ونيوزيلندا في 20 الجاري لأن القنوات الرياضية الغربية لم تكن واثقة من أن قيمة الحقوق الكبيرة ستكون بحجم المشاهدات المتوقعة كون الفيفا حاول معاملة البطولة ككأس العالم للرجال في حين دعت ميلي برايت قائدة منتخب إنكلترا للسيدات إلى إعادة النظر بجدول المباريات مؤكدة أن اللاعبات ليسوا روبوتات . وشددت على أن اللاعبات دائما تعاني من الإرهاق . وباتت هناك اتحادات وطنية تدفع للاعبات منتخبها مثل المكافآت التي يتقاضاها الرجال فالامريكيات ساندتهن الأرقام عندما حضر أكثر من 23 مليون مشجع مباراتهن ضد اليابان وهو رقم أكبر من الذي حضر نهائي دوري السلة الأمريكي للمحترفين للرجال وفي مونديال 2019 في فرنسا شاهد مباريات البطولة ما مجموعه 1 12 مليار شخص حول العالم كما شهد 385 مليون شخص منافسات أمم أوروبا في إنكلترا في 2022 وهو رقم قياسي. ورغم أن دينغلي ليست أول مدربة لفريق رجالي في العالم حيث سبقتها كثيرات وبينهن مدربة عربية من السودان حيث أصبحت سلمى المجيدي أول سيدة عربية مسلمة تدرب فريقاً للرجال خصوصا في بلد متحفظ جدا مثل السودان حيث عشقت اللعبة من أخوتها الأكبر سناً فدرست كيف كانوا يتدربون وشاهدت الكثير من المباريات على التلفزيون قبل أن تأتيها الفرصة بتدريب فريقي تحت 13 سنة وتحت 16 في نادي الهلال العريق قبل ان تنجح سلمى المولودة في 1990 في الحصول على التراخيص المحلية والقارية في عالم التدريب ليشيع صيتها وتأتيها الفرصة الكبيرة لتدريب النصر في أم درمان في الدرجة الثالثة في 2015 لتصبح أو سيدة عربية وأفريقية تدرب فريقا للرجال في أي فئة لتتبع هذه الفرصة بتدريب فرق الدرجة الثانية النيل حلفا والموردة والنهضة. فربما وجود السيدات في عالم الكرة الرجالية أعمق بكثير مما يعتقد بل أصبحن يقتحمن عالم اللعبة بلا هوادة أو حواجز.