تلجأ العديد من العائلات الجزائرية خاصة أولئك الذين يعانون من مختلف الأمراض إلى البحث عن الدواء الشافي لما يعانون منه من أجل القضاء التام على الآلام أو التخفيف منها من خلال استعمال جميع الطرق من الأعشاب الطبيعية، إلى جانب الأدوية الطبية التي ينصح بها الأطباء، وفي نفس الوقت نجد آخرين جعلوا من الحمامات المعدنية ملاذهم الأول والأخير بعد أن عرفوا قيمتها الصحية، حيث أصبحت وجهة الجزائريين المفضلة، إذ تلقى يوميا رواجا وإقبالا كبيرا غير منقطع للزائرين، حيث تعرف تزايد كبيرا خلال هذه الفترة قبل حلول فصل الشتاء. ومن خلال جولتنا إلى أحد هذه الحمامات المعروفة بصحة مياهها وبالضبط ب(حمام ملوان) المعروف بحماماته المعدنية ومناظره الخلابة بولاية البليدة والذي أصبح قبلة للعائلات التي تقصد المكان من داخل وخارج الوطن للراحة والاستجمام والتداوي في نفس الوقت من الأمراض المستعصية، والعديد منهم أصبحوا يقصدونه اليوم للاستحمام بمياهه لأنها تقضي على الأمراض المزمنة كأمراض المفاصل (الروماتيزم) ومختلف الأمراض الجلدية المتنوعة التي تظهر على جلد الإنسان، ولعل الأمر الذي لفت انتباهنا حقا أثناء تواجدنا بالمكان أن معظم العائلات التي كانت متواجدة بالمكان لا تزال لحد الآن تمارس به الطقوس والعادات المتوارثة عن الأجيال خاصة من طرف النسوة اللواتي كن حاضرات بالمكان، الأمر الذي أعطى جوا مميزا هناك مع ذلك الحجم الكبير للزوار، غير أن الملاحظ أن النساء هن الأكثر توافدا حيث يحملن معهن أثناء دخولهن إلى الحمام الشموع والحنة، هذا إلى جانب تلك الزغاريد التي تعم أرجاء المكان مما يجعل منها عرسا حقيقيا، إذ تجدهن يتزاحمن اتجاه المنبع الذي تتدفق منه المياه المعدنية، معتقدات أن بركات مياه (حمام ملوان) تشفي من جميع الأمراض. وفي هذا الشأن لاحظنا توافدا كبيرا للعائلات التي قصدت المكان بسيارتها الخاصة واستقرت هناك من أجل قضاء أيام عطلتها حسب ما أفادتنا به إحدى السيدات التي كانت متواجدة بالمكان من خلال قولها: (إنني أفضل قضاء عطلتي بالحمامات المعدنية من أجل العلاج والاستمتاع بالمناظر الخلابة في نفس الوقت، لذا أتعمد كل عام الحضور لهذا المكان خلال بدايات الخريف المعروف باعتدال الجو، حيث تنخفض درجات الحرارة العالية التي تحرم علينا متعة الاستمتاع حتى نستطيع التمتع بالطبيعة الخلابة وما تحتويه من جمال، كما أننا نقوم بالتوجه إلى النهر الذي هيئ بخيم خشبية، حيث أفضل أنا وعائلتي تناول الغداء على ضفته على صوت خرير المياه والهواء الطلق مما يبعث الراحة والطمأنينة). وأمام هذا التوافد الكبير للسكان فقد أصبح من الصعب الظفر بمكان لركن السيارات أو حتى الظفر بخيمة شاغرة لمن لم يسعفه الحظ في الوصول باكرا إلى المكان، وما إن تستقر بالمكان حتى يحوم من حولك أطفال صغار في عمر الزهور يعرضون عليك سلعهم المتنوعة المصنوعة في البيت من خبز المطلوع والبيض المغلي وبعض الأعشاب الطبيعية الطبية مثل الزعتر والشيح، إلى جانب كل هذا نجد إبريق الشاي المتجول ذهابا وإيابا لتقديم الشاي للحاضرين، كما استغل بعض المواطنين الفرصة لعرض منتجاتهم اليدوية وأخرى فخارية ومنها التحف الفنية التي يقتنيها زوار الحمام لأخذها معهم كذكرى عن المكان، والأمر الملفت للانتباه هو تزيين حافة الطريق الرئيسي للمنطقة وهو ما زاد المنطقة حركية بمجرد أن تطأ أقدام الزائرين مدخل المنطقة مما يجعل من المنطقة قطبا سياحيا جديرا بالزيارة والإعجاب إذا تم الاهتمام به وتهيئته من جميع الجوانب حتى تضمن راحة المرضى والسياح في آن واحد.