ما تزال الحياة في مركز بلدية البوني بولاية عنابة تسير بصفة شبه عادية وذلك رغم المخاطر المرتفعة لإمكانيات فيروس كورونا الذي دفع الجهات الوصية إلى مطالبة المواطنين إلى ملازمة منازلهم، غير أن المحلات التجارية في هذه البلدية وحركة المركبات تضع أكثر من نقطة استفهام حول سبب عدم الالتزام بهذه الإرشادات.بعد الجولة التي قادتنا الأربعاء الماضي إلى وسط مدينة عنابة التي جعلتنا نقف على حالة الازدحام وعدم احترام تعليمات الوقاية في السوق المركزي وسوق الحطاب، توجهت “آخر ساعة” يوم الخميس إلى مركز بلدية البوني للوقوف على مدى التزام سكان هذه الأخيرة بالإرشادات المتعقلة بالوقاية من فيروس كورونا، حيث صادفنا عند مدخل المدينة من جهة حظيرة البلدية قيام الشرطة بغلق الطريق وترك فتحة تسع لمرور سيارة واحدة باتجاه مركز البلدية والأمر ذاته بالنسبة لمن يريد مغادرتها بمركبته، لكن ورغم ذلك، فإن حركة المركبات وكأنها في الأيام العادية، خصوصا عند تقدمنا أكثر نحو مركز البلدية أين كان هناك ازدحام مروري وحركة كبيرة للمواطنين بجوار مسجد “مسلم”، حيث كانت نسبة كبيرة من المواطنين تتجه إلى “سوبيرات” تتواجد في عين المكان والاكتظاظ فيها كبير وكأنه لا يوجد أي تحذير من تفادي التجمعات وضرورة ترك مسافة متر واحد على الأقل بين شخص وآخر، حيث اكتفى البعض فقط بوضع كمامات. إشاعة ندرة الزيت والسكر فعلت فعلتها بسكان البوني تواصلت جولتنا في مركز بلدية البوني وهي الجولة التي تكرر خلالها مشهد الاكتظاظ حتى لا نقول التدافع في كل المساحات التجارية لبيع المواد الغذائية “سوبيرات” التي مررنا عليها، إلى درجة أن بعضها ومن كثرة تواجد الزبائن فيها شعر البعض بضيق في التنفس، أما بخصوص المطلوب الأول لهؤلاء الزبائن فهو مادتي الزيت والسكر اللذين كان عليهما طلب كبير من الزبائن وذلك بعد تداول إشاعة مفادها أنه ستجسل ندرة في هاتين المادتين اللتين اختفتا من المحلات التجارية بالبوني في بضعة سويعات، رغم أنه لم يكن هناك أي تصريح رسمي بخصوص الزيت والسكر وإنما مشرد إشاعة أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وصدقتها شريحة واسعة من المواطنين، بهذا الخصوص تقربا من صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائي بالبوني الذي قال لنا: “لقد فوجئت اليوم بالإقبال الكبير للزبائن لشراء الزيت والسكر الذي وللأسف لم يعد متوفر في المحل ولكن تجار الجملة لديهم وسأعيد تزويد المحل بهما، تحدثت مع أحد الزبائن الذين أبدى تذمره من اللهفة الكبيرة ولكن هو في حد ذاته أخذ 10 كيلوغرامات من السكر فلم أجد ما أقول حيال هذا الموقف سوى التعجب”. جل المحليات التجارية التزمت بالغلق ولكن… إذا كانت جل المحلات التجارية التزم أصحابها بغلقها امتثالا لقرارات الجهات الوصية وهو ما سهر أفراد الشرطة على ضمان تطبيقه، فإن الاكتظاظ والتزاحم المسجلين في المحلات التجارية يستدعي الوقوف عنه، خصوصا وأن هذا المشهد وقفنا عليه أيضا في المخابز ولو بنسبة أقل، حيث لا يتم احترام مسافة الأمان التي يجب ألا تقل عن متر واحد وهي المسافة التي قامت صيدليات البوني بفرضها على كل من يدخل لها، بل إن إحدى الصيدليات حدد الدخول لها بشخصين اثنين فقط وبمجرد خروجهما يدخل اثنان آخران، أما من بين النقاط الإيجابية التي سجلناها في مركز بلدية البوني هو النظافة التي أصبح عليها الطريق المؤدي إلى حي بوزعرورة وذلك بعد أن قام أفراد الأمن بإجبار أصحاب طاولات بيع الخضر والفواكه إلى توقيف نشاطهم بعد أن تسببوا في تجمع كبير للمواطنين من أجل اقتناء ما يحتاجونه، كما وقفنا على غلق الشرطة لعدد من الشوارع والأزقة وذلك للحد من حركة مرور المركبات، رغم أن أصحاب هذه الأخيرة يسلكون طرقا أخرى وهو ما تسبب في زيادة نسبة تحرك المواطنين ومغادرتهم لمنازلهم، وبما أننا نتحدث عن حركة المركبات، فإن قرار توقيف نشاط النقل العمومي وسيارات الأجرة ساهم في الجهة المقابلة في ازدهار نشاط سيارات الأجرة الغير قانونية التي ما زال أصحابها يتوقفون في “محطاتهم” المعتادة على غرار أمام مقر البلدية وأمام المؤسسة الاستشفائية المتخصصة “عبد الله نواورية”. التجمعات في الأحياء تتواصل كما وقفنا أيضا بمركز بلدية البوني على أن تجمعات المواطنين ما تزال متواصلة، على غرار ما هو الحال في حي 900 مسكن، الساحة العمومية، حي 500 مسكن وحي بوخضرة 3 وخلال تقربنا من هذه التجمعات التي هي أغلبها لشباب، أكدوا ل “آخر ساعة” بأنهم لم يحتملوا البقاء في المنزل لفترة طويلة لأنهم لم يتعودوا على ذلك، أما البعض الآخر فذهب إلى أبعد من ذلك من خلال لعب كرة القدم التي أكد لنا عدد من سكان حي 900 مسكن بأن أفراد الأمن تدخلوا قبل أيام وأوقفوا مباراة لكرة القدم وطالبوهم باحترام الإجراءات المنصوص عليها للوقاية من فيروس كورونا، أما البعض الآخر فاختار الترويح عن نفسه من خلال ممارسة الرياضة، حيث وجدنا عدد كبير منهم في الطريق المزدوجة الجديدة بحي بوخضرة 3، في الوقت الذي لمسنا لدى فئة معتبرة وخصوصا كبار السن الذين تعودوا قضاء وقت كبير في المساجد حسرة كبيرة على غلق هذه الأخيرة التي تمنوا إعادة فتحها قبل حلول شهر رمضان. الصرامة أصبحت مطلوبة ما دامت التوعية لم تؤتي ثمارها خلاصة الجولة التي قادتنا إلى مركز بلدية البوني وقبلها مدينة عنابة هي أن الصرامة في التعامل مع الفئة الغير ملتزمة بالبقاء في منازلها أصبحت أكثر من ضرورة وهذه الضرورة يجب أن تكون أكبر مع أصحاب المساحات التجارية “سوبيرات” لإجبارهم عل تنظيم دخول الزبائن وتحديد كمية القصوى من المواد الغذائية الأساسية التي يسمح باقتنائها وذلك للقضاء على مظاهر الاكتظاظ والتدافع التي قد تتسبب في كارثة حال كان أحد الزبائن مصابا بفيروس كورونا.