يختار الأمريكي، آلان لايتمان، الزمن ليكون بطلا لروايته أحلام آينشتاين ، يقتفي فيها افتراضاته للأحلام والخيالات التي كانت تجتاح آينشتاين في الأشهر الأخيرة من إتمامه لنظريته النسبية. ويستحضر في ثلاثين حكاية خرافية عوالم نظرية حول الزمن، تلك التي يتخيل أنها كانت مواضيع أحلام آينشتاين في ليال كثيرة. يحدّد لايتمان، وهو عالم فيزياء شهير، الزمن بسنة 1905 في مدينة بيرن السويسرية، ويكسر صيغ الرواية الكلاسيكية لصالح إعطاء البطولة للزمن، حيث كان ألبرت آينشتاين، الذي قد أوشك على الانتهاء من نظرية النسبية، موظف براءات اختراع شابا يحلم أحلاما مدهشة عن طبيعة الزمن حتى كأنه أصبح كائنا زمنيا مكونا من تركيبة مختلفة عن غيره، يقوده الحلم ويدفعه الخيال. ويصف لايتمان في روايته، التي نشرتها منشورات طوى في لندن بترجمة أسامة إسبر (2015)، حالة دخول الشاب آينشتاين إلى مكتبه، شعره غير ممشط، وبنطاله فضفاض، يحمل بيده عشرين صفحة مجعدة تحوي نظريته الجديدة في الزمن التي سيرسلها إلى مجلة الفيزياء الألمانية. ويسرد كيف كانت أحلام آينشتاين قد هيمنت على بحثه وأنهكته واستنفدته بحيث إنه لا يستطيع أحيانا أن يميز بين نومه ويقظته. ينقل الروائي طلب افتراضه أن الزمن دائرة تكرر نفسها، وكيف سيكون العالم حينها بدقة وبلا نهاية. ويفترض انطلاقا من الافتراض نفسه أن الأشياء التي تحدث تكون قد حدثت مليون مرة من قبل. وأن هناك قلة من البشر في كل بلدة، تدرك بغموض في أحلامها أن كل شيء حصل في الماضي. ويصف هؤلاء البشر بأنهم ذوو الحياة الشقية الذين يشعرون أن خطل محاكماتهم وأفعالهم الخاطئة وحظهم السيء حدث في دورة الزمن السابقة. ثم يصف لايتمان الزمن بأنه كمثل دفقة ماء، يزيحه أحيانا بعض الحطام أو نسيم عابر، وأنه بين فينة وأخرى يسبب إزعاجا كونيا مما بسبب انحراف جدول من الزمن عن التيار الرئيسي، ليحدث اتصالا مع التيار الخلفي. ويقول إنه حيث يحدث هذا فإن الطيور والتربة والبشر العالقين في الرافد المتفرع يجدون أنفسهم فجأة محمولين إلى الماضي. ثم يصف هيئات أولئك المسافرين إلى الماضي وأشكالهم وحركاتهم وسرعة تمييزهم عن غيرهم، لأنهم يسيرون في اتجاه معاكس. يشير الروائي الأمريكي إلى أنه حين يجب أن يتحدث مسافر من المستقبل فإنه لا يتحدث بل يهمس أصواتا معذبة، يتألم لأنه إذا أحدث أدنى تبديل في أي شيء من المحتمل أن يدمر المستقبل. ويلفت أنه في الوقت نفسه يكون مجبرا على أن يشهد أحداثا دون أن يكون جزءا منها، ودون تغييرها، وأنه يحسد البشر الذين يعيشون في زمنهم الخاص ويستطيعون التصرف وفق مشيئتهم، غافلين عن المستقبل جاهلين تأثيرات أعمالهم، لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا. إنه غاز هامد، شبح، ورقة بلا روح. إنه منفيّ الزمن. ويحرّض الروائي على تخيل عالم تحكم فيه العشوائية السبب والنتيجة، فتارة يسبق السبب النتيجة وطورا تأتي النتيجة قبل السبب، أو ربما يكمن السبب دائما في الماضي بينما تكون النتيجة في المستقبل، ويتشابك الماضي والمستقبل. ويحكي أن الفنانين فرحون في هذا العالم، فالغموض هو حياة لوحاتهم وموسيقاهم ورواياتهم، فيستمتعون بأحداث لم تُكتنه بعد، وبحوادث غير مشروحة، وباستعادة الماضي. ويشير لايتمان إلى أن كل فعل هو جزيرة في الزمن ويجب أن يحكم عليه بذاته، واصفا الزمن الحاضر بأنه عالم اندفاع، عالم إخلاص، عالم تتحدث فيه الكلمة المنطوقة مع هذه اللحظة فقط، تمتلك كل نظرة معنى واحدا فقط ولا تملك كل لمسة ماضيا أو مستقبلا، وأن كل قبلة هي قبلة مباشرة. تقتفي الرواية حالة آينشتاين وهو مع صديقه بيسو، يسير إلى جانبه ببطء، يحدثه عن نقاط من نظريته، يعيش معه زمنه النسبي الخاص، ويشرح له لماذا يريد أن يعرف الزمن، لكنه لا يقول شيئا عن أحلامه. ويحكي كيف أنه لم يكن يكترث للشهرة ولا يبحث عنها، إذ كان يضيف تحسينات إلى ما يتلقاه من أفكار، ويرسل اقتراحاته إلى أولئك الذين يقدمون طلباتهم لبراءات الاختراع.