في خرجة متوقعة لوزارة الدفاع الوطني، أبرقت هذه الأخيرة بيانا تلقت «الشعب» نسخة منه، وصفت ما يحدث في الساحة السياسية، عبر تصريحات صحفية مختلفة، لمتقاعدين من المؤسسة العسكرية، لم يصف البيان لا رتبهم ولا مهامهم السابقة، إنما أشار، أنهم، كبروا في دواليبها ودوائرها وكانت لهم الحصن المنيع من كل ضربات الحياة، وإن كان آخر تصريح عرفته الساحة الإعلامية، أطلقه اللواء المتقاعد علي غديري عبر وسيلة إعلامية مكتوبة دعا فيه إلى إنشاء ما «يعرف بالدولة المحورية» وغيرها. تأسف البيان على حد قوله، أن تكون هذه الأفعال من صنيعة بعض العسكريين المتقاعدين الذين، وبعد أن خدموا مطولا ضمن صفوف الجيش، التحقوا ببعض الدوائر التي تعمل ضد مصلحة الجزائر، واصفا إياها الدوائر بالمريبة والخفية، قصد الوصول إلى أطماع شخصية وطموحات جامحة لم يتمكنوا من تحقيقها داخل المؤسسة. في الوقت الذي يلزم فيه العسكريون ضباطا أو صف ضباط، بأي إدلاء أوتصريح يخص المؤسسة أوالدولة، وقبل ان يكون أخلاقيا فهومجسد في ميثاق شرف، يكون الفيصل بين ماضيهم ومسؤولياتهم العسكرية، فإن هؤلاء، لم يولوا أي اعتبار لواجب التحفظ الذي هم ملزمون به، بموجب القانون الذي يضعهم تحت طائلة المتابعة أمام العدالة، ولعل الامر هنا يحيلنا إلى إيداع الجنرال حسين بن حديد قائد الناحية العسكرية الثالثة ببشار سابقا، سنوات التسعينيات بالمؤسسة العقابية بالحراش، عندما ادلى بتصريحات تمس مؤسستي الرئاسة والجيش، الأمر الذي استوجب متابعته قضائيا بتهم تلزمه كعسكري سابق بواجب التحفظ، وعدم الخوض في السياسة صار من المحظور، وأحيانا نجدهم ينصبون أنفسهم، دون احترام أدنى قيمة أخلاقية، وعاظا يلقنون غيرهم الدروس. وتأتي تصريحات هؤلاء الأشخاص الذين وصفهم البيان، بمن تحركهم الطموحات المفرطة والنوايا السيئة، في أنهم منحوا أنفسهم الحق في التحدث بإسم مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، مستغلين السبل التي يرونها كفيلة بإيصال أصواتهم، وإبلاغ نواياهم الدنيئة، عبر وسائل الاعلام ،فيختار هؤلاء الاشخاص مواعيد الاستحقاقات، ليطلقوا أحكام مسبقة إزاء المؤسسة فيصفهم بالناقمين وضيقي ألأفق، لن يتوانوا في استعمال وسائل غير نزيهة، يحاولون، عبثا، التأثير في الرأي العام وادعاء مصداقية تعوزهم. يحاولون تقمص دور خبراء متعددي الاختصاصات لكن الحظ خانهم وإذ يتصرفون على هذا النحو فإن هؤلاء الأشخاص لم يحققوا أي صدى عقب مداخلاتهم الكتابية المتكررة عبر وسائل الإعلام فإنهم إذ يحاولون، دون جدوى تقمص دور خبراء متعددي الاختصاصات، وصف البيان بأن الحظ خان هؤلاء، رغم انهم يدّعون حمل رسالة ودور ليسوا أهلا لهما، ويخوضون دون حرج ولا ضمير، لعلهم مصابون بترهات وخرافات تنبع نرجسية مرضية، تجعلهم حد الادعاء بالمعرفة الجيدة للقيادة العليا للجيش، بل سمحت لهم انفسهم وبقدرتهم على استقراء موقفها تجاه الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يعتبره البيان انحرافا جسيما ينّم عن درجة متقدمة وخطيرة من اللاوعي الذي لا يُحدثه إلا الطموح الأعمى. انه بحكم ان مؤسسة الجيش الوطني الشعبي تستند مسعاها ونهجها إلى طابعها، الشرعي والجمهوري في ظلّ احترام النظام الدستوري، هوفي غنى تامٍ عن أي دروس يُقدمها له أشخاص لا وجود لهم إلا من خلال الدوائر التي تتحكم فيهم. تضارب يفضح نواياهم الحقيقية ويعري مقاربتهم العرجاء ان خرجة هؤلاء جاءت غير منسجمة في خطابها لما يسوقونه، خاصة عندما تعلق الامر بقضية يتناولونها بإلحاح، في اشارة إلى السماح للشباب، بتبوء مناصب المسؤولية في أعلى هرم الدولة، إنما منطلقها هي أوامر وتعليمات عرابوهم، والأمر حسب «البيان» هوتضارب يفضح نواياهم الحقيقية ويعري مقاربتهم العرجاء، ذلك أن هذه المسالة بالذات غير مطروحة أصلا باعتبار أن غالبية الوظائف العليا في الدولة يشغلها حاليا إطارات من جيل ما بعد الاستقلال، هذا التمثيل وتقاسم المسؤوليات هومكرس ميدانيا وفعليا، وتبقى طبعا معايير الاستحقاق والكفاءة هي المعتمدة في اسناد تلك المسؤوليات في السياق ذاته أشار البيان ان دعوة الفريق ڤايد صالح إلى تحمل مسؤولياته، فيبدو انهم عاجزون عن الدور الريادي الذي يقوم به عبر مختلف النواحي العسكرية في متابعة البرامج التكوينية للمنظومة العسكرية، وسهره على انجازات القوات المختلفة، ناهيك الدور الذي تقوم به مفارز الجيش في القضاء على الارهاب ومحاربة الجريمة المنظمة، إضافة إلى مهام أخرى جعلت هذه المؤسسة في أوج قوتها وعطاءاتها أنموذجا. الدعوة إلى تعزيز المكتسبات الديمقراطية، خطاب تهويلي نواياه سيئة أما انهم يدعونه إلى تعزيز المكتسبات الديمقراطية، فإن ذلك خطاب تهويلي لا غير نواياه سيئة، لأن التحايل على أعرق مؤسسة نظامية هو تعدي صارخ على الدستور وأن مسعاهم، غير الفردي المستند إلى مبررات واهية وزائفة، يبدو جليا أنه وليد خطة مبيتة ومؤامرة دبرتها دوائر مستترة. يواصل البيان، ان التلميح بمفهوم الدولة المحورية في نظر دعاة التنظير، انما هوتحليل لا يتقن أصحابه أبجديات المجال الجيوسياسي، بل انهم يتشدقون فقط بالإلمام بخباياه لا أكثر، بل ان الأمر يقلل من مفهوم الدولة المحورية ويقزمها، لأن الواقع يقول عكس ذلك، بفضل المكتسبات التي تم تحقيقها بفضل الاستراتيجية الأمنية التي تتبناها القيادة العليا، بما في ذلك التعاون الإقليمي والدولي الذي يتم تجسيده في إطار الاحترام التامّ لنصوص التشريع الوطني. سيما في مجال مكافحة الإرهاب، أين أصبحت الإستراتيجية والأنماط العملياتية المنتهجة مثالا يُحتذى ونموذجا يُدرّس في المدارس والمعاهد في الأخير نوه البيان إلى ان مثل هذه التصرفات المتكررة، قد تجاوزت في تماديها وتأليب الواقع، لذلك وجب الأمر، أن يكون هناك تطبيق الإجراءات القانونية الملائمة، في أن تحتفظ المؤسسة العسكرية بحقها في المتابعة القضائية ضد كل من تسول له نفسه التمادي في مثل هذه السلوكات المشينة.