منذ أول يوم من رمضان تتسلّح المرأة بكل أنواع الأسلحة النفسية لتتمكّن من إنهاء صيامها بأقل الأضرار الممكنة التي غالبا ما تكون مرتبطة بصيام أحد أفراد أسرتها، فهذا زوج فرض عليه الصيام قهرا ما يعطيه الذريعة لفعل ما يشاء من تكسير، سب، شتم وفي بعض الأحيان ضرب للكائن الذي يراه ملائما لصب جام غضبه من ضرورة صيامه، ولن يكون سوى زوجة وضع لها المجتمع منذ قرون صورة نمطية تجعلها تتلقى الطباع الحادة للرجل الصائم على اختلاف علاقتها به بكل هدوء بل حولتها إلى ما يشبه أخطبوط آلي عمله الوحيد خدمة الرجل الصائم أو لنقل «المرمضن». وبالفعل هي ملزمة بالطبخ والغسل، إضافة إلى دوام العمل الذي أصبح من الضروريات، وهكذا تحولت يوميات المرأة الرمضانية إلى مجرد واجبات والتزامات أبعدتها عن روحانية الشهر وغنائمه الربانية. يتحول المطبخ بمجرد حلول الشهر الفضيل إلى ثكنة عسكرية لا تتركها إلا بعد ساعتين أوثلاث من الإفطار، كل ذاك الجهد المبذول من المرأة سواء كعاملة أو زوجة أو أمّ ملزمة بتحمّل «ترمضين» الرجل الصائم لأنه عاجز عن تجاوز حاجته إلى السجائر أو الأكل أو «الشرب». المهم أنه «صايم بسيف»، ولا بد أن يتحمله المجتمع كما هو خاصة المرأة وكأني به مسكين بحاجة إلى عطف وشفقة. في المقابل ذاك الأخطبوط الآلي الذي اصطلح على تسميته امرأة؟؟! محروم من حق إبداء الرأي لأنها مرغمة على مجارات تلك الصورة النمطية للمرأة المطيعة وال «سوبرهيرو» دون أن يتساءل من حولها عن حاجتها إلى بعض من الراحة أو كلمة طيبة تثمّن المجهود الذي تقوم به من أجل محيطها، بل الأدهى والأمر أن بعضهن تنال السب والشتم بسبب أحد الأطباق التي اختل توازن الملح فيها، أو أنها نسيت تحضير سلطة «الحميس»، أو أنها فشلت في أن تبرد كل ملعقة يغترفها زوجها من طبق الشربة، أعرف إحداهن كسّر جميع أثاث منزلها حتى التلفاز من طرف زوجها لسبب بسيط وتافه جدا هو «رنّ هاتفها وهو نائم». في خضم كل هذه اليوميات يتناسى الجميع أن تلك المرأة تصوم مثلهم بل أكثر منهم لأنّهم يجلسون على مائدة الإفطار وهي ما تزال في المطبخ تحضّر تلك الأطباق التي تقدم ساخنة، وأنها تنهض للسحور قبلهم لأنها من يحضره لهم، وهي أيضا تعمل حسب دوام عمل هي ملزمة باحترامه، لذلك كان عليها النهوض باكرا لتحضير بعض الأطباق حتى لا تتأخر عن موعد الإفطار عند عودتها من العمل. هذا الكائن «السوبر» ينام أحيانا وهو واقف بسبب كل تلك الأعباء التي هي في الأصل غير ملزمة بمجملها، وعليه علينا جميعا أن نعلم أنّ الله تعالى فرض الصيام على كل من استوفى شروطه من رجل أو امراة، وهما ملزمان بواجباته سواسية دون أي إنقاص من عبادة أحدهما.