شهد مدرجات مسرح باتنة الجهوي توافدا كبيرا لعائلات الاوراسية، التي استمتع عشاقها بأبي الفنون، وذلك في إطار فعاليات ليالي رمضان، حيث تم عرض مونولوج «مذكرات ماعز»، والتي أدى الدور الرئيس فيها وأخرجها المبدع حميد قوري. ركّز العرض المسرحي على معالجة حقيقة الواقع المعيش في الوقت الراهن للجزائريين، من خلال الاعتماد على التناقضات الموجودة في الأشخاص كالخير والشر، الحلم والواقع، الفقر والغنى، القناعة والطمع، وكذا العدل والانتهازية وغيرها وذلك في قالب فكاهي هزلي ممتع ومشوق صفق له الجمهور طويلا في ليلة رمضانية باردة. أشار المخرج عقب أدائه للمنولوج في ختام العرض أنه يرى ان العمل هو إسقاط لمذكرات إنسان فقير لم تنصفه الحياة أبدا ، الأمر الذي جعل من محطة قطار قديمة مأوى له وذلك بعد تجاهله من قبل المجتمع و الذي عان من ويلاته كثيرا، فهذا العمل المسرحي وبالرغم من تضمنه لإحداث فكاهية وهزلية، إلا انه يحمل رسائل إنسانية عميقة ونبيلة على غرار تجنب التفكك الأسري لما له من أضرار على الأبناء وتأثير المصالح الشخصية والأنانية على مستقبل الإنسان الطموح. تجبر وتسلط الآباء وممارسة التعنيف ضد أبنائهم وزوجاتهم، تأثير العادات والتقاليد والديانات على حياة الأشخاص بشكل سلبي، وغيرها من القضايا الأخرى التي عالجها المخرج باحترافية كبيرة. حميد قوري ومن خلال توظيفه للموسيقى والحركات التعبيرية طيلة مشاهد المونولوج، جعل المتلقي متحمّسا للأحداث المتتالية من البداية حتى النهاية دون ان يشعر بمرور الوقت كونه عاش عمق الشخصية فعلا وتأثّر بها، وهذا لم يكن ليتحقق لولا توظيف الإضاءة الممتازة والديكور.