دخل المخرج الشاب كريم موساوي مساء الاربعاء غمار المنافسة بفيلم "في انتظار السنونوات" الذي شارك في مسابقة "نظرة ما" بمهرجان "كان" السينمائي منذ اشهر. وفاجا المخرج جمهور قاعة المغرب بطرح ذكي تمثل في تقديم اربع قصص متقاطعة تشترك في فكرة ارتباط الحاضر بالماضي وعجز الانسان عن تحمل مسؤولية خيارته في الحياة . غاص الفيلم على مدار 113 دقيقة في عمق المجتمع الجزائري وحاول ان يلامس مختلف الشرائح والمشاكل التي قد تختلف في جوهرها ولكنها تتشابه في امكانية اسقاطها في اي زمان ومكان بما ان التركيبة النفسية والاجتماعية للجزائريين متشابهة. بدا الفيلم بسرد حكاية رجل مسن يعيش حياة عائلية غير مستقرة رغم ثرائه وامتلاكه مقومات الحياة الرغيدة. رجل مستقيل من الحياة يلهث وراء نزواته وانانيته ولا يلتفت الى من حوله حتى اصبحوا غرباء عنه لا يكترثون لأمره مما دفعه الى ادعاء اصابته بالمرض للفت الانتباه والخروج من العزلة التي يعيشها. القصة الثانية هي قصة مراهقين فرقتهما ظروف الحياة ثم التقيا على طريق اخرى لم تكن كلها اشواكا ولا كلها ورود.الخيارات محدودة ولغة العقل معطلة مما دفع المراهقين الى المواجهة المكشوفة التي افضت الى ان لا شيئ ولا ظرف معين يحول دون ترسيم العلاقة وانما هي افكار راودت كل واحد منهما ،فحسم التردد والخوف الامر الى الفراق الذي ادى بهما الى وقوع في المحرم ساعات فقط قبل عقد قرانها بمدينة بسكرة. تجولت كاميرا كريم موساوي الذي كتب السيناريو ايضا ودافع عن خياره بين عدة مناطق من الجزائر العميقة فحطت في بومرداسوبسكرة والعاصمة، وكانت خلال جولتها تلاحق جمال الطبيعة وتعري قبح الانسان فينا من خلال مشاهد للمزابل والاراضي المهملة والمراحيض . وتوقف الفيلم عند موضوع" ابناء الجبل" او ثمرة اغتصاب الفتيات خلال العشرية السوداء من خلال قصة شابة تم اختطافها واغتصابها من طرف الارهابيين الذين كانوا قد خطفوا ايضا طبيبا لمعالجة المصابين. الطبيب بقي عاجزا وفشل في مساعدة الفتاة التي تلاحقه فيما بعد وتطالبه بالتعويض عن تقصيره في حقها بتسجيل ابنها المريض في الحالة المدنية واعطائه لقبه العائلي حتى يتمكن من مواصلة حياته. الطبيب الذي ادى دوره الفنان حسان كشاش يرفض تقديم المساعدة ثم يراجع نفسه بعد التخلص من بعض ضغوطات الحياة وفي مقدمتها مشكلة الزواج من ابنة عمه ويقرر التوجه الى منزل المرأة التي تعيش في حي فوضوي ويقرر مساعدة ابنها بتوفير العلاج المناسب لحالته. ويختار كريم موساوي ان تكون النهاية مفتوحة من خلال مشهد مغادرة شقيق ضحية العشرية السوداء للمنزل بعد مجيء الطبيب لينطلق في رحلة خاصة به ومثله شباب كثير لكل واحد حكاية وتفاصيل واسرار يمكن ان تتحول الى مادة سينمائية.