علمت "البلاد" من مصادر مؤكدة أن تحقيقات معمقة قامت بها قوات الأمن الوطني ومصالح المركز الإقليمي للبحث والتحري بعنابة، في غضون الأيام القليلة المنقضية، توصلت إلى فك خيوط شبكة دولية أخطبوطية تتاجر في النفايات الحديدية بطرق غير مشروعة عبر إبرام صفقات وتعاملات مشبوهة بين سماسرة جزائريين وشركات أجنبية تتخذ من دولتي فرنساوتركيا مقرات مركزية لإدارة هذه الصفقات. وأورد المصدر أن تحقيقات السلطات الأمنية تركزت في ورشات سرية بإقليم منطقة الحجار بولاية عنابة على خلفية وضع حد لنشاط عصابة متخصصة في سرقة أنابيب بترولية تستخدمها شركة سوناطراك في مشاريع الطاقة والمناجم بولايات الجنوب. وتجري التحريات حاليا لتحديد هوية أشخاص يتلقون عمولات خيالية مقابل العمل لحساب هذه الشبكة الأخطبوطية بولايات ورڤلة وغرداية والأغواط وإيليزي والوادي. واستنادا إلى المصدر ذاته، فإن المصالح الأمنية المشتركة وضعت أيديها على وثائق محاسباتية ثبوتية تكشف تصدير أطنان من الأنابيب على أساس أنها نفايات حديدية. وتحوم شبهات حول تورط رؤوس كبيرة من مركب أرسيلور ميتال للحديد والصلب بعنابة وفروعه بتبسة، في هذه القضية. وأماطت التحريات الأمنية حسب مصدر مطلع اللثام عن تورط 4 شركات كبرى، ثلاثة منها في تركيا وواحدة في فرنسا في إطار التحقيق حول تهريب 1800 طن من الأنابيب الناقلة للمحروقات في شكل خردة، والتلاعب في سعر بيعها من قبل شركات عمومية وخاصة. وحصل فريق التحقيق معلومات حول تنازل شركة عمومية بغرداية عن أنابيب ناقلة للنفط والغاز في الفترة بين عامي 1996 و2001 في صفة خردة ثم نقلها إلى ميناء عنابة، ومن هناك تم شحنها من قبل شركة تصدير نفايات معدنية، وكشف مصدر مقرب من التحقيق بأن المحققين حصلوا على نسخ من شهادات تقنية تؤكد بأن شحنة الأنابيب التي تم نقلها من شركة عمومية، كانت سليمة وقابلة للاستغلال، كما حصل المحققون على وثائق منها شكوى لإطارات من شركة عمومية وبيانات تؤكد تنازل عن شحنات الأنابيب دون إخضاعها للوزن بدقة. وكانت قوات الدرك الوطني ببلدية وادي الشحم في ولاية ڤالمة، قبل أيام، قد أجهضت عملية تهريب أزيد من 30 طنا من النفايات الحديدية والخردوات كان أفراد شبكة جهوية يعتزمون تحويلها بطريقة غير شرعية من ورشات سرية ببلدية الحجار في ولاية عنابة نحو بلدية أقبو في ولاية بجاية. فيما نجحت عناصر أمنية أخرى في إحباط عدة محاولات لتهريب النفايات الحديدية بولايات الجهة الشرقية للوطن، تجاوزت 60 ألف طن منذ مطلع السنة الجارية. ومعلوم أن شخصيات سياسية واقتصادية نافذة ارتبطت أسماؤها في السنوات الأخيرة بملفات الفساد والصفقات المشبوهة في مجال النفايات الحديدية، على غرار مفجر فضيحة الفلسطيني الحاصل على الجنسية الإسرائيلية سعيد مصالحة، البرلماني أحسن عريبي النائب البرلماني العائد عن ولاية سوق أهراس إلى قبة زيغود يوسف ونائب رئيس المجلس الشعبي الولائي السابق لعنابة حسان فلاح ورئيس فريق اتحاد عنابة والبرلماني السابق عيسى منادي وغيرهم كثيرون. وحسب المعلومات التي حصلت عليها ‘'البلاد"، فإن المستثمر الإسرائيلي ترك وراءه استثمارات ضخمة وتهربا ضريبيا بقيمة 195 مليار سنتيم. وكانت مصالح المركز الإقليمي للبحث والتحري للأمن العسكري سابقا، قد أوقفت هذا المستثمر الحامل لثلاث جنسيات، ‘'فلسطينية وإسرائيلية وفرنسية''، في ماي 2006 إثر ورود معلومات استخباراتية عن تورطه في قضايا نصب واحتيال في عدة دول أوروبية وعربية منها فرنسا وإيطاليا وتركيا وتونس، حيث كان محل أوامر بالقبض على مستوى هذه الدول التي ترك فيها استثمارات مفلسة وضحايا معظمهم من أقارب شخصيات نافذة من بينهم امرأة لها صلة قرابة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، كان قد نصب عليها واستولى على أموالها وفر هاربا نحو الجزائر.