ابتسمت و هي تنتظر زبون سرير ، فقد تذكرت يوم زفافها ، كان عمرها آنذاك 25 سنة و كان يصغرها هو بعشرة أعوام ، مرت أمام عينيها صورته و هو يرقص و يهز جسده النحيل تجاوبا مع موسيقى الراي و زغاريد الخالات و العمات فوق سطح بنايتهم الطاعنة بالتشققات ، كان ثملا بفرح أخته الكبرى بالرغم من أنها ستهديه إلى اليتم مرة أخرى ، فقد ماتت أمه قبل أن يشبع من حليبها ، فتولت هي تربيته دون أن تفطمه من حنانها في الوقت الذي كانت بأمس الحاجة إلى من يكفلها و يتكفل بها ، فالحرمان رقاها إلى رتبة أم في عز طفولتها. سألتها الحياة عن سبب وقوفها في طابور المحرمات فضحكت ملء الفاه ثم صاحت باكية [ ليس ذلك العربيد المسجون من قتل حبيبي بل أنا من أنهيت حياته ، سأعذب نفسي و أجلدها بسياط الأسى فيما بقي لي من عمر ، ليتني بقيت في منزلي و تحملت إهانات و اعتداءات ذاك السكير ، لو لم أذهب إليه طالبة حماه لكنت اليوم منشغلة بتحضيرات عرسه ، لقد قتلته بتسرعي و نفاذ صبري ، لما وصلت إلى بيتي العائلي صعق شقيقي لمنظر الدماء التي أخفت ملامح وجهي و غيرت ألوان ملابسي ، ارتجف غضبا على الحال الذي وصلت إليه مربيته و أقسم بأشد الأيمان أنني لن أعود إلى بيت ذلك الحيوان و قبل أن يكمل قسمه طرق المارق الباب فدخل أخي معه في مناوشات سرعان ما تحولت إلى عراك بالأيدي و لما تغلب عليه ابني الذي ولدته أمي استل الجبان خنجرا من تحت معطفه ووجه له طعنتين تقتلني في كل لحظة و آن... اليوم أنا بنت العراء و سيدة البغاء و خليلة السفهاء و أم لثلاثة لقطاء ] .