عادة ما ينظر إلى فئة الشباب حين تَقرع المواعيدُ السياسية طبولَ دخولها ميدان المنافسة على أنّها مساحة اكتساح لابد من تعبيد الطريق للوصول إليها سريعا ، و بالتالي تصيّد غنيمة بزاد سمين تدخل صندوق الاقتراع ، رغم أنّه في عاديات الأيّام يقول « الكبار « أنّ السياسة مساحة للرجال ذوي الخبرة ، و بالتالي وجود الشباب في مناصب صنع القرار لا يزال بعيدا. و في المقابل و رغم ما يبدو من احجام من طرف الشباب عن السياسة و التي عنوانها البارز عادة ما يكون الانتخابات و رغم تأكيد سبر الآراء و الاستطلاعات أن الانتخابات لا « تستهوي « الشباب عندما تكون محلية أو نيابية فالرئاسيات تقلب ميزان القوّة لأنّ الأمر يتعلّق بانتخاب مؤسسة دستورية اسمها رئيس الجمهورية و بالتالي الوضع يختلف . و يرى الشباب أنّ اختيار القاضي الأول في البلاد مساهمة في أحد الأنشطة السياسية الأكثر تأثيرا في عملية صنع القرار أو اتخاذه، والتي تشمل التعبير عن رأي في قضية عامة، جوهرية و مصيرية. و إذا كانت الطبقة السياسية التي تريد انجاح المواعيد الانتخابية « تتحايل « من أجل حمل هذه الفئة لدخول مراكز الاقتراع ، فاليوم و وعيا من الشباب الذي تأكد أنّه لزام عليه الأخذ بزمام الأمر و عدم ترك الساحة بفجوات قد تملأها التجاوزات و الشغور ، صار يقدم مرشحين و يذود في الدفاع عن برامجهم في هبّة وطنية تتقصى التغير الهادئ و التأكيد أنّ البناء تتكاثف حوله كل السواعد ، و لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تكون هذه الفئة مجرد رقم ضائع في معادلة غير محسومة . الانتخابات الرئاسية المشاركة السياسية في أي مجتمع تتظافر في تحديد بنية المجتمع ونظام السلطة وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ ديمقراطية المشاركة التي صارت معلماً رئيسياً في « محاسبة « الرأي العام العالمي لأيّ بلد . وأكثر من ذلك ووعيا من الشباب أنّ الانخراط في الأحزاب ، معارضة أو موالية ، لم يعد يلبي التطلّع بعد أنّ تفطّن الجميع أنّ جري هذه الأحزاب وراء الفئة الشابة تحصيل رقم و نزولا عند إملاء الدستور الذي خرج بمواد جديدة تصر على مبدأ المحاصصة و عدم اهمال أيّ فئة من المجتمع ، صار الشباب واعيا بمعرفة الاختيار بتشكيل أحزاب جديدة أو النشاط خارج الأحزاب و المنظمات التي تصف نفسها بالجماهيرية ، و ليس ثمة أكبر دليل على هذا القول من هبّة الشباب الأخيرة المطالبة بالتغيير ، الهبّة التي انخرط فيها الشعب أيضا أعادت الانتخابات الرئاسية إلى العلن موقف الشباب من الاستحقاق فتصدّر المشهد و المنافسة و أكد أنّ المصير المشترك تصنعه الهبّة المشتركة و لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تعزل الظروف الاجتماعية و الاقتصادية الشباب عن المواعيد السياسية الحاسمة ، التي تمهد الطريق إلى التغيير و إضافة أركان جديدة في بناء الديمقراطية وفق نموذجنا الجزائري دون املاء .