يتحدث الناس والمهتمون بالأمر السياسي والمراقبون للأحداث التي تمر بها أمتنا العربية بشكل خاص والعالم كل العالم بشرقه وغربه بشكل عام، عن الإصلاح السياسي كل على صعيد بلده، والحديث عن الإصلاح يستدعي الحديث عن موجباته وأهميته، والكثيرون يشكون من فساد الأمور وتعفن الأوضاع في كثير من الأقطار والأقاليم دون تخصيص أو تحديد وهنا تستوقفنا عدة نقاط لابد من الإشارة إليها بشيء من الشفافية والدقة والجدية، بحيث نتجنب الوقوع فيما وقع فيه غيرنا من المبالغة والتطرف وسوء التقدير والتقويم أو عدم التوازن، والفساد موجود ولا شك، وعلى مستويات متفاوتة ومتباينة، وكلما تمادى المفسدون كلما اشتد الخطر وهدد الأمن والاستقرار، وخلق البؤر التي تهدد بانهيار المجتمعات والأنظمة، وللحد من تغوّله وخطره فإن التعاون على محاربته ضروري بحيث يسهم الكثيرون في العمل على القضاء على بؤره ابتداء من السلطات المعنية التي لابد وأن تعمل أولا على إعادة بناء المؤسسات بناء جديدا تراعي فيه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفقا لما يتمتع به من كفاءة عالية وإخلاص، وانتهاء بكل المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي العام، وكل حسب موقعه ومركزه وإمكاناته، وبذلك نسهم جميعا في عملية الإصلاح المنشود وترميم المؤسسات التي أصابها الفساد وهدد هيكليتها. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الوضع الدولي الراهن يعتبر عاملا مؤثرا سلبا وإيجابا، والتدخلات الخارجية وضغوطاتها التي تمارس في الخفاء والعلن، لابد من التنبه لمدى خطورتها، مما يتطلب الحذر واليقظة ومحاولة وضع حد لها ومراقبتها للتقليل من خطورتها وأنشطتها، ولكل بلد مصالحه التي باتت واضحة لا خفاء فيها وهي لا شك تتناقض مع مصالحنا، وعلينا الاعتراف بأن الفساد موجود ولا بد من تحديد مواطنه وتقدير مدى حجم التدمير الذي يمكن أن يلحقه بمؤسساتنا ويشكله من خطر عليها، ولا بد للمسؤولين من الاعتراف بوجوده واستشرائه في بلدانهم دون أن يدعي أحد منهم سهولة القضاء عليه واستئصاله.. نعم وعليهم الاعتراف بذلك ولكنهم يعربون عن رغبتهم الأكيدة في العزم على محاربته حتى لا يتخذون موقف المتفرج، ولا يدعي أحد أن بإمكانه القضاء عليه واستئصاله، وهذا ما يجعلنا نطمئن إلى أن عملية الشروع بمحاربته قد بدأت بقوة ومن مركز القوة وهي على هذا تعني أنها سوف تأتي بنتائجها المرجوة، وحتى يتحقق ذلك لابد من التعاون بين السلطات المعنية وكل من يعنيهم الأمر ويملكون القدرة والخبرة الكافية على المشاركة في عملية الإصلاح ومحاربة الفساد والتعفن، وتلك هي الطريقة الوحيدة الممكنة والمطلوبة للشروع في محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح السياسي الذي نصبو إليه ونتمناه.