بين من يصنفه في خانة «استفاقة الشعب» وبين من يقول أن « أيادي خارجية أو داخلية تحاول بث الفوضى والااستقرار» في الجزائر، عرفت البلاد منذ حوالي أكثر من شهر جملة من المسيرات كانت بدايتها من ولايات بجاية، تلمسان، قسنطينة، تبسة، شلف، للتطوّر وتتسع رقعتها أكثر في كامل التراب الوطني شرقا، غربا، شمالا وجنوبا، كلّها ضد ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، ورغم استجابة الرئيس لهذا المطلب إلا أن المسيرات لم تتوقّف ليطالب المتظاهرون في آخر مسيرة بتغيير النظام ورحيله. أوّل جمعة خصّصت للمسيرات كانت جمعة ال 22 فيفري، أين خرج المتظاهرون كلّهم كلمة واحدة، وهي عدم ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، وهو الحراك الذي ردّت عنه السلطة بجمع الاستمارات وإيداع ملف الرئيس لدى المجلس الدستوري، ليكون الرد أقوى من الشعب خلال جمعة الفاتح مارس، بخروج الآلاف من الشباب، النساء، الرجال وحتى الأطفال، مطالبين بعدول الرئيس المنتهية صلاحيته عن الترشّح وسحب الملف، ليخرج الرئيس هذه المرّة برسالة للشعب تحمل الكثير من الإصلاحات وأهمها عقد ندوة جامعة لجميع أطياف المجتمع معارضة وموالاة، شباب وجمعيات وغيرها للخروج بحل بديل لما يحدث في الشارع. ليرد، الشارع هذه المرّة بمسيرة حاشدة العنوان الأكبر فيها هو « المرأة»، مسيرة الثامن مارس، خرجت الآلاف من النسوة والشباب والأطفال رافضين الاصلاحات والقرارات، ليكون الرد أقوى من السلطة، يعلن الرئيس في رسالة بعد عودته من جنيف عدم ترشّحه لعهدة جديدة واستكمال المسار لغاية تسليم المشعل، وهو القرار الذي رأى فيه الكثير من المحللين السياسيين مخرجا لجزائر اليوم، ولكن رغم القرار القوي، واصل الشعب مسيراته، في جمعة رابعة، كان عنوانها «لا للتمديد ونعم للتغيير». الإبداع في الاقتراحات وهو ما أرجعه الكثير من المتتبعين لكون استجابة السلطة لم ترق بعد لمطالب الشارع، داعين إلى أن تكون الحكومة المقبلة حكومة اتصال قادرة على تقديم حلول حقيقية وواقعية لمطالب الشعب، كما أنه من الضروري في الوقت الحالي أن تسترجع الأحزاب السياسية مكانتها في الفضاء السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتخرج من الصالونات للشارع للاحتكاك وجس نبض الشارع الجزائري. كما، يرى محللون آخرون أنه من الضروري تأطير الحراك الشعبي واختيار ممثليه يفوضون باسمه مع تقديم اقتراحات وحلول حقيقية يمكن تجسيدها على أرض الواقع، وأن الشعب الذي أبدع في المسيرات السلمية عليه أن يبدع أيضا في تقديم اقتراحات ملموسة وعملية للخروج من الأزمة، لأن مصير الجزائر بين أيدي أبنائها ومن الواجب التفكير في مصيرها وأمنها ومستقبل شعبها.