تتواصل الحرب على الفساد على أكثر من قدم وساق وتشمل كل المجالات والجبهات ، فبعد مرحلة مثول رجال الدولة من رؤساء حكومات ووزراء سابقين، وكذا رجال الأعمال الذين صالوا وجالوا خلال فترة النظام السابق أمام قضاة التحقيق ،تتجه العدالة نحو معالجة المزيد من قضايا فساد ارتكبها الولاة ورؤساء المجالس الشعبية البلدية الأميار- الذين لم يتأخروا عن وليمة نهب العقار في العديد من مناطق الوطن، وتعاونوا مع رجال الأعمال الفاسدين في منح امتيازات غير قانونية لهؤلاء ضمن منظومة الفساد التي كانت تسير الدولة، وتحت مظلة إدارة شعارها البيروقراطية والمحاباة، وتكييف القوانين لتتلاءم مع مصالح فئة الفاسدين، ليصبح القانون في خدمة هؤلاء . إن المتأمل لما يحدث في أسفل هرم الدولة لا يمكنه أن يتعجب ولا أن يندهش لأن الفساد كأسلوب تسيير وإدارة قد ألقى بظلاله القاتمة على كل الإدارات ومراكز اتخاذ القرار إلى درجة أن القائمين على هذه الإدارات قد تأقلموا وتكيفوا مع هذا النهج من التسيير مادام الفساد هو الوسيلة التي كانت تسير بها الصفقات والمعاملات في أعلى هرم الدولة ،إننا هنا لسنا بصدد الدفاع عن الفاسدين ، بل نوضح أن سوء التسيير وفق قوانين وقواعد الفساد ظل هو النمط الموحد المنتهج على كل مستويات ،و كان الناس يلاحظونه و يرونه رأي العين ويسمعون عن قضايا وفضائح فساد كبيرة ، ونهب للعقار الفلاحي والصناعي، والصفقات العمومية المشبوهة وغيرها من التجاوزات والانتهاكات للقوانين واستغلال المنصب و كسب ثروة، ولا يمكننا فصل بعض رؤساء المجالس البلدية عن منظومة الفساد إن لم نقل دولته المنظمة التي طالت سلطتها كل المجالات و تسبب بذلك و عرقلة المسار السليم للتنمية و مبدأ دولة القانون والتطبيق النزيه و الشفاف للتشريعات والمحافظة على المال العام و العقار الفلاحي و العقار الصناعي الذي عاث فيه الفاسدون فسادا، و استولوا علية بغير وجه حق بدعم ممن يملكون سلطة القرار ، وتبقى قضايا الفساد كثيرة وواسعة حيث يكشف لنا كل يوم جديد شخصيات ذات صلة بشبكة الفساد العملاقة.