رواية في حجم صغير أو قصة في حجم كبير من منشورات دار"ميم"،مساحة الضمني فيها شاسعة، بنية السرد خطية، الراوي حاضر في الحكاية، مستويات اللغة متعددة ورجاحة ضمير المتكلم تشعرنا بالرواية السيرية ولو اختفى العقد السيري، تقص علينا الكاتبة أساطير النساء النايليات كما يحلو لقريحتها أو كما يمليها عليها وميض الرعد؛ فتجعل الكلمة لغما وتكسوها حريرا ثم تغرزها في ضفائر الصمت البليد فتنفجر وتتطاير أشلاء المسكوت عنه في كل جهة. الرواية لا تقرأ بل ترتشف كفنجان الإكسير؛ فيه اللذة وفيه الخوف من أن يتلاشى السحر بعد كل جرعة أو، بعد ذهاب النشوة، من العثور على بعض ما تخبئه الرمال في هذا الفضاء الرهيب الذي ترفس فيه النساء النجوم بالإقدام. الرواية قصيدة نثرية منتصبة في صحاري الجمال والوجع، تطأ الجروح رمالها وتبكي فيها الجِمال لأتراح النساء، زينتها من وبر المخيال، عطرها من سخاب الحيرة ومذاقها من مرارة الشيح والحنظل، تملأها رنّة خلخال ثائر وآثار من نار مقدّسة خلفها السؤال بعد غدر القمر أو ما كنا نخاله كذلك، من دخل عالم عايدة خلدون شعر بالرعد الرابض قرب قربة المألوف، فودّع الأمن وتاه لا محالة، هنا - في خيمتي عوالي وعويشة - حلاوة السكر تشعر بالغثيان والسبات ممنوع وحتى الشخير في النوم.. لابد من الحذر من اللعنات التي يجلبها تكور البطون. رائحة الحب غريبة.. فبجانب عبير القديم المستسلم يقف شامخا شذا جرأة عجيبة وأريج الحب والخزامى ممزوج بعطر الموت والعنبر.. وفيها من صنان العبث والزيف.. وكثير من القيظ والدم والحزن وبحر من رمال يغطي بشاعة الوأد.. ووديان من المرارة.. من الحب المر. تشاركنا الكاتبة في هذه الرواية بوحها الجميل وتخاطبنا بالصمت والقلق، حبات الرمل وعلامات الحذف. هي لا تكتب بل تهمس وفي حديثها سحر الشعر، فصاحة الشجن، سكينة المبضع، هبوب الريح، خرير الماء قبل الطوفان وإرهاصات الزلزال القادم. القصة قديمة متجددة، كل النساء خبرن الاستبداد.. فالكاتبة تلبس الهم القديم ثوبا جديدا لكن هذه المرة - لمتعتنا - يطرق العجب باب تصوراتنا السميك من السطر الأول إلى الآخر.. حتى يتوقف الشخير ويستعيد الحب ألوانه ورائحته الأصلية.